الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
646 - باب العين حق
ذكر فيه حديث أبي هريرة: "اْلعَيْنُ حَقٌّ" ونهى عن الوشم.
قال (ح): لم تظهر في المناسبة بين هاتين الجملتين، وكأنّهما حديثان مستقلان، ولهذا حذف مسلم وأبو داود الجملة الثّانية من روايتهما مع أنّهما أخرجاه من الطريق الذي أخرجه البخاريّ وهي عبد الرزّاق عن معمر عن همام عنه.
ويحتمل أن يقال: المناسبة بينهما اشتراكهما في أن كلًا منهما يحدث في العضو لونًا غير لونه الأصلي (1206).
قال: في كل ذلك نظر.
أمّا قوله: حديثان مستقلان رجم بالظن {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} واستدلاله على هذا الظن بعدم إخراج مسلم وأبي داود الجملة الثّانية استدلال فاسد، لأنّه يلزم منه نسبة رواية البخاريّ إلى زيادة لم يقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ونسبة مسلم وأبي داود إلى شيء فيه قاله عليه السلام، بل هذا حديث مستقل كما رواه البخاريّ والإقتصار في رواية مسلم وأبي داود من الرواة.
وأمّا قوله: ويحتمل
…
الخ احتمال بعيد، لأنّ دعواه المناسبة بين الجملتين بالاستدراك المذكور غير مطردة، لأنّ أحداث العين اللون غير اللون
(1206) فتح الباري (10/ 203).
الأصلي غير مقتصر على عضو واحد، بل إحداثها يعم البدن كله، والوجه في المناسبة بين الجملتين أن يقال: الظّاهر أن قومًا سألوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن العين، وقومًا سألوه عن الوشم في مجلس واحد، فأجاب لمن سأله عن العين بقوله:"اْلعَيْنُ حَقٌّ" ونهى عن الوشم تنبيهًا. لمن سأله عنه بأنّه لا يجوز، فحصل الجوابان في مجلس واحد، ورواه أبو هريرة بالجملتين، ويحتمل أن يكون أبو هريرة سمع من النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"اْلعَيْنُ حَقٌّ" وحضر في مجلس آخر سألوه فيه عن الوشم فنهى عنه، ثمّ إنَّ أبا هريرة رواه بمثل روايته بالجمع بينهما لكونه سئل هل له علم من العين والوشم فقال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "اْلعَيْنُ حَقٌّ" ونهى عن الوشم (1207).
قلت: فنسأل هذا المعترض عن قوله: الظّاهر هو أن قومًا
…
إلى آخر كلامه هل ما ذكره من ذلك باليقين أو بالظن؟ فإن قال: باليقين كذب جهارًا، وإن قال: بالظن فجوابه ما أجاب هو به أولا {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} ، وأمّا سائر ما اشتمل عليه كلامه في هذا الفصل فيطول الرد فيه حتَّى يمل، وما علمتني غير ما القلب عالم.
(1207) عمدة القاري (21/ 267).