الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
699 - باب علامة الحب في الله تعالى لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}
ذكر فيه: " اْلمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ".
قال الكرماني: يحتمل أنّه يريد بالترجمة محبة الله للعبد، أو محبة العبد لله، أو المحبة بين العباد في ذات الله، بحيث لا يشوبها شيء من الرياء، والآية مساعدة للأولين، واتباع الرسول علامة للأولى، لأنّها مسببة للاتباع، والثّانية لأنّها سببه. انتهى.
ولم يتعرض لمطابقة الحديث للترجمة، وقد توقف فيه غير واحد، والمشكل منه جعل ذلك علامة للحب في الله، حتّى قال ابن المنير: الآية مطابقة للترجمة، وفي مطابقة الأحاديث للترجمة عسر، وكأنّه عول على الاحتمال الثّالث الذي أبداه الكرماني، فإن المراد علامة حب الله، فدلت الآية أنّها لا تحصل إِلَّا باتباع الرسول، وأن اتباع الرسول وإن كان الأصل أنّه لا يحصل إِلَّا بامتثال جميع ما أمر به، فإنّه قد يحصل ثمرة اتباع الرسول باعتقاد ذلك من طريق الفضل، وإن لم يقع العمل بجميع مقتضاه، بل محبة من يفعل بذلك كافية في حصول أصل النجاة، والكون مع العامل بذلك إذا كانت محبتهم لأجل طاعتهم لله، والمحبة من أعمال القلوب، وأثاب الله محبَّهم على معتقده، إذ النية هي الأصل والعمل تابع لها، والحاصل أن اعتقاد وجوب ما أوجبه الرسول إجمالًا لا يحصل به أصل الاتباع، فإن وقع التقصير
في التفضيل وليس من لازم المعية استواء الدرجات (1342).
قال (ع): أطال الكلام في هذا الموضع بما لا يجدي شيئًا، ولو كان توقف مثل ما توقف غيره لكان أولى، وأقول: إنَّ مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، لأنّ قوله: من أحب أعم من أنّه يحب الله ورسوله، وأن يحب عبدًا في ذات الله بالإِخلاص، فكما أن الترجمة تحتمل العموم بتلك الأوجه الثّلاثة، فكذلك الحديث يحتمل الأوجه المذكورة بدليل قوله "من" وبأن ضمير المفعول في أحب محذوف، وتقديره من أحبه، وهو يرجع إلى كلمة "من" فيكتسب العموم منها، فافهم فإنّه موضع دقيق لاح لي من الأنوار الرَّبَانية (1343).
(1342) فتح الباري (10/ 559).
(1343)
عمدة القاري (22/ 197).
700 -
باب قول الرجل جعلني الله فداك
قال (ح): وقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، وهو طرف من حديث لأبي سعيد تقدم في مناقب أبو بكر الصديق (1344).
قال (ع): ليس كذلك بل هو تقوية [تنويه] للطالب، لأن الذي في مناقب أبي بكر من حديث أبي سعيد أوله خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وليس فيه لفظ: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، بل هو في باب الهجرة (1345).
قلت: كأنه نظر في متن البخاري في مناقب أبي بكر فما وجد هذا اللفظ في حديث أبي سعيد، ولو راجع الشرح المسمى فتح الباري لوجده بعينه، فإن المراد بقوله، تقدم، أي شرحه، والحديث واحد له طرق في بعضها ما ليس في بعض، وعادة الفتح أن يجمع ألفاظ الطرق في الموضع الذي يشرحه فيه، ويكتفي في الموضع الآخر أو الموضع بالحوالة عليه، فليس فيه تنويه على الطالب الحاذق، وبهذا يظهر أن جزمه بالرد حيث قال: قلت: ليس كذلك.
(1344) فتح الباري (10/ 569).
(1345)
عمدة القاري (22/ 205).