الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
779 - باب النفخ المنام
قوله في حديث أبي هريرة في حديث السوارين: "فَأوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَين اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا".
هذا ظاهر في أنّهما كانا حين فسر هذه الرؤيا موجودين، وهو كذلك، لكن وقع في رواية ابن عبّاس:"يَخْرُجَانِ بَعْديِ" والجمع بينهما: أن المراد بخروجها بعده ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة نقله النووي عن العلماء.
وفيه نظر، لأنّ ذلك كله قد ظهر للأسود بصنعاء في حياته صلى الله عليه وسلم فادعى النبوة وعظمت شوكته وحارب المسلمين وفتك فيهم وغلب علي البلد إلى أن قتل في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما قدمت ذلك واضحًا في أواخر المغازي، وأمّا مسيلمة فكان ادعى النبوة في حياة النّبيّ لكن لم تعظم شوكته ولم تقع محاربته إِلَّا في عهد أبي بكر رضي الله عنه فإما أن تحمل البعدية على التغليب وإما أن تكون مراده بعدي أي بعد بعثتي بالنبوة (1556).
قال (ع): في نظره نظر، لأنّ خروج مسيلمة بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمّا كلامه في حق الأسود فمن حيث أن أتباعه ومن لاذ به منعوا مسيلمة وقووا شوكته، فأطلق عليه الخروج من بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم بهذا الاعتبار (1557).
(1556) فتح الباري (12/ 275).
(1557)
عمدة القاري (24/ 165) وانظر مبتكرات اللآلي والدرر (ص 387 - 389).
قلت: أفلح من تكلم بعلم أو سكت بحلم، أصحاب الأسود كانوا معه بصنعاء، ولما قتل افترقوا فرقتين فرقة راجعت الإسلام وفوقة استمرت على الخلاف، فحوصروا بالحصن المعروف بصنعاء إلى أن نزلوا على حكم أبي بكر رضي الله عنه، ولم يكن أحد منهم مع مسيلمة، ولا بلدهم مجاور لبلادهم، ولا قبيلتهم، وهذا أمر بين عبر من صنف في الردة وفي الفتوح والتاريخ من حيث لا يخفى منه شيء على من مارس أخبار النَّاس، وكنا نتعجب من الرد بالصدر إلى أن انتقلنا إلى الدفع بالبهت فالله المستعان.