الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير (1)، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يَرُعْني إلَّا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضحًى، فأسلمنني (2) إليه، وأنا يومئذٍ بنت تسع (3).
* * *
(6) باب الهجرة إلى أرض الحبشة
1791 -
عن عائشة: أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير. . .، قد تقدم.
1792 -
وعن أبي موسى قال: بَلَغَنَا مخرجُ النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب عنده، فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لكم أهلَ السفينة هجرتان"، وقد تقدم حديث أبي هريرة بموت النجاشي، والصلاة عليه.
* * *
(1) في "صحيح البخاري": "على الخير والبركة. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "فأسلمتني".
(3)
في "صحيح البخاري": "تسع سنين".
_________
1791 -
خ (3/ 61)، (63) كتاب مناقب الأنصار، (37) باب هجرة الحبشة، من طريق يحيى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة به، رقم (3873).
1792 -
خ (3/ 61)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق أبي أسامة، عن بُرَيْد ابن عبد اللَّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى به، رقم (3876).
باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة
وقال عبد اللَّه بن زيد وأبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار"، وقال أبو موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"رأيت في المنام أني مهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، وَهَلِي إلى أنَّها اليمامة أهجر (1)؛ فإذا هي المدينة يثرب".
1793 -
وعن عروة بن الزبير: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبويَّ قطّ إلَّا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلَّا يأتينا فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ بَرْكَ الغِمَاد لقيه ابن الدَّغِنَةِ -وهو سيد القَارَّةِ- فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض، وأعبد ربي، فقال ابن الدَّغِنَّة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يَخْرج ولا يُخْرج، إنك تَكْسِب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ وتَقْرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع فارتحل معه ابن الدَّغِنَّة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلًا
(1)"أو هَجَر" أثبتناها من "الصحيح" ومكانها بالمخطوط بياض.
_________
1793 -
خ (3/ 68 - 69)، (63) كتاب مناقب الأنصار، (45) باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة ابن الزبير، عن عائشة به، رقم (3905).
يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكَلَّ، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة (1)، وقالوا لابن الدغنة: مُرْ أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصلِّ فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به؛ فإنا نخشى أن يَفْتِنَ نساءَنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر كذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ في غير داره، ثم (2) بدا لأبي بكر، فابتنى مسجدًا بفناء داره، وكان يصلِّي فيه، ويقرأ القرآن، فيتقذَّفُ (3) عليه نساءُ المشركين وأبناؤهم يَعْجَبُون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكَّاءً، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجدًا بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنَّا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فَانْهَهُ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبي إلَّا أن يعلن بذلك، فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نُخْفِرَك (4)، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان، قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر، فقال: لقد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أم تُرجع إلي ذمتي؛ فإنّي لا أحب أن تسمع العرب أني أُخْفِرْتُ
(1)"الدغنة" من "الصحيح"، وليست بالمخطوط سوى كلمة "ابن".
(2)
"ثم" من "الصحيح".
(3)
(فيتقذَّف)؛ أي: يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض، فيكاد ينكسر.
(4)
(نخفرك)؛ أي: نغدر بك، يقال: خفره: إذا حفظه، وأخفره: إذا غدر به.
في رجل عقدت له، فقال أبو بكر: فإنّي أردُّ إليك جوارك، وأرضى بجوار اللَّه عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ بمكة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين: "إنِّي رأيت دار هجرتكم، ذات نخل، بين لابتين، وهما الحرتان"، فهاجَرَ من هاجر قِبَل المدينة، ورجع عامة من هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قِبَل المدينة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"على رِسْلِك؛ فإنّي أرجو أن يؤذن لي"، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال: "نعم"، فحبس أبو بكر نفسه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السَّمُر -وهو الخَبَطُ- أربعة أشهر، قالت عائشة (1): فبينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متقنعًا في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فدًى له أبي وأمي، واللَّه ما جاء به في هذه الساعة إلَّا أمرٌ، قالت: فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاستأذن فأُذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"أَخْرِجْ مَنْ عندك"، فقال أبو بكر: إنَّما هم أهلك بأبي أنت يا رسول اللَّه، قال:"فإنّي قد أُذن لي في الخروج"، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول اللَّه؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم"، قال أبو بكر: فَخُذْ بأبي أنت يا رسول اللَّه إحدى راحلتيَّ هاتين، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"بالثمن"، قالت عائشة: فجهَّزْنَاهُمَا أحث (2) الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعتين من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فلذلك سميت ذات النطاقين، ثم لحق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور،
(1) في "صحيح البخاري": "قال ابن شهاب، قال عروة، قالت عائشة. . . ".
(2)
(أحث الجهاز) الحث: هو الإسراع، والجهاز: هو ما يُحتاج إليه في السفر.
فمكثا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما فيه عبد اللَّه بن أبي بكر، وهو غلام شاب ثَقِيفٌ (1) لَقِنٌ (2)، فَيُدْلج من عندهما بسَحَرٍ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يُكادان (3) به إلَّا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فُهَيْرة مولى أبي بكر مِنْحَة (4) من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رِسْلٍ -وهو لبن منيحتهما ورضيفهما (5) - حتى يَنْعِقَ لها عامر (6) بغَلَسٍ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، واستأجر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيل، وهو من بني عبد بن عدي هاديًا خِرِّيتًا -والخريت الماهر بالهداية-، قد غمس حلفًا في (7) العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش، فأَمِنَاهُ ودفعًا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فُهيرة والدليل، فأخذ بهم طريق الساحل (8).
(1) في "صحيح البخاري": (ثقف) ومعناه: الحاذق، يقال: ثقفت الشيء: إذا أقمت عوجه.
(2)
(لقن) كذا في "صحيح البخاري"، والمعنى: سريع الفهم، وفي المخطوط:(لسن).
(3)
كذا في المخطوط، وفي (ق):(يُكتادان).
(4)
(منحة) المنحة: تطلق على كل شاة تمنح لينتفع بلبنها.
(5)
(ورضيفهما): هو اللبن المرضوف؛ أي: التي وضعت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النَّار لينعقد، وتزول رخاوته.
(6)
في "صحيح البخاري": "عامر بن فهيرة".
(7)
في "صحيح البخاري": "حلفًا في آل العاص. . . ".
(8)
في "صحيح البخاري": "السواحل".
1794 -
قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي -وهو ابن أخي سُراقة بن جُعْشُمٍ (1) -: أن أباه أخبره أنَّه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أَسَرَهُ، فبينا (2) أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مُدْلِج؛ إذ أقبل رجل منهم حتى قدم علينا ونحن جلوس، فقال: يا سُراقة! إنِّي قد رأيت آنفًا أَسْوِدَةَ بالساحل، أُراه محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأَعْيُننَا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، وأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهي من وراء أَكَمَةٍ، فتحبسها عليَّ، وأخذت رمحي، فخرجت به من ظهر البيت، فخَطَطْتُ بزُجِّهِ الأرض، وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي، فركبتها فرفعتها تُقَرِّبُ بي حتى دنوت منهم، فَعَثَرَتْ بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، واستقسمت بها، أَضُرُّهُم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة؛
(1) في "صحيح البخاري": "ابن مالك بن جعشم. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "فبينما".
_________
1794 -
خ (3/ 69 - 71)، (63) كتاب مناقب الأنصار، (45) باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من طريق ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن مالك المدلجي، عن أبيه، عن سراقة بن جُعشُم به، رقم (3906).
إذا غبار ساطع (1) في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد النَّاس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني (2) شيئًا، ولم يسألاني إلَّا أن قال:"أخفِ عنَّا"، فسألته أن يكتب لي كتاب أَمْنٍ، فأمر عامر بن فُهيرة، فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقي الزبيرَ في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسى الزبيرُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غَدَاةٍ إلى الحرة ينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أوَوْا إلى بيوتهم، أَوْفَى رجلٌ من يهود على أُطُمٍ من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبيَّضِينَ يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب! هذا جَدُّكم (3) الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو ابن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للنَّاس، وجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صامتًا، وطفق من جاء من الأنصار ممن لم يَر رسول اللَّه
(1) في "صحيح البخاري": "إذا لأثر يديها غُثَان ساطع. . . "، والغثان: هو الدخان.
(2)
(فلم يرزآني)؛ أي: لم ينقصاني مما معي شيئًا.
(3)
(هذا جَدُّكم)؛ أي: حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه.
-صلى الله عليه وسلم يحيى أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فلبث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أُسس على التقوى، وصلى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم ركب راحلته، فسار (1) معه الناس، حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذٍ رجال من المسلمين، وكان مِرْبَدًا للتمر لسُهيل وسهل، غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زُرَارة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته:"هذا إن شاء اللَّه المنزل"، ثم دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الغلامين، فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدًا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول اللَّه، فأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقبله هبة منهما (2)، ثم بناه مسجدًا، وطفق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبِن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن:
هذا الحِمَالُ لا حِمالُ خَيْبَر
…
هذا أَبَرُّ رَبَّنَا وأَطْهَر
وهو يقول (3):
اللَّهم إنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخره
…
فارحم الأنصار والمُهَاجِرَه
يتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يُسَمَّ لي، قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات.
(1) في "صحيح البخاري": "فسار يمشي معه الناس. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "أن يقبل منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدًا. . . ".
(3)
في "صحيح البخاري": "ويقول".
1794/ م- وعن أنس بن مالك قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر -وأبو بكر شيخ يعرف- والنبي صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجلُ أبا بكر، فيقول: يا أبا بكر! من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، قال: فيحسب الحاسب أنَّه إنَّما يعني الطريقَ، وإنَّما يعني سبيلَ الخير، فالتفت أبو بكر؛ فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول اللَّه! فارس (1) قد لحق بنا، فالتفت نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"اللَّهم اصرعه"، فصرعه فرسه، ثم قامت تُحَمْحِمُ، فقال: يا نبي اللَّه! مُرْني بما شئت، قال:"قف مكانك، لا تتركن أحدًا يلحق بنا"، قال: وكان أول النهار جاهدًا على نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مَسْلَحة له، فنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جانب الحرة، ثم بعث إلى الأنصار، فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فسلموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنَيْن مُطَاعَيْن، فركب نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وحفُّوا دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبي اللَّه، جاء نبي اللَّه (2)، فأشرفوا ينظرون، ويقولون: جاء نبي اللَّه، جاء نبي اللَّه، فأقبل يسير، حتى نزل بجانب دار أبي أيوب، فإنَّه ليحدث أهله؛ إذ سمع به عبدُ اللَّه بن سَلَام وهو في نخلٍ لأهله يخترف (3) لهم، فَعَجِلَ أن يضع الذي يخترف لهم فيها،
(1) في "صحيح البخاري": "هذا فارس. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم".
(3)
(يخترف)؛ أي: يجتني من الثمار.
_________
1794/ م- خ (3/ 72 - 73)، (63) كتاب مناقب الأنصار، (45) باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من طريق عبد الصمد هو ابن عبد الوارث بن سعيد، عن أبيه، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك به، رقم (3911).
فجاء وهي معه، فسمع من نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أي بيوت أهلنا أقرب؟ "، فقال أبو أيوب: أنا يا نبي اللَّه، هذه داري وهذا بأبي، قال:"فانطلق فهيئ لنا مقيلًا"، قال: قومًا على بركة اللَّه، فلما جاء نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، جاء عبد اللَّه بن سلام، فقال: أشهد أنك رسول اللَّه، وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت؛ فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت، قالوا فيَّ ما ليس فيَّ، فأرسل نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدخلوا عليه، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا معشر اليهود! ، ويلكم، اتقوا اللَّه، فواللَّه الذي لا إله إلَّا هو، إنكم لتعلمون أني رسول اللَّه حقًّا، وأني جئتكم بحق، فأَسْلِمُوا"، قالوا: ما نعلمه، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم قالها ثلاث مرار، قال:"فأيُّ رجل فيكم عبد اللَّه بن سلام؟ " قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قالوا: حاشا للَّه، ما كان ليسلم، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قال: حاشا للَّه، ما كان ليسلم، قال "يا ابن سلام (1)! أخرج عليهم"، فخرج فقال: يا معشر اليهود! اتقوا اللَّه، فوالذي لا إله إلَّا هو، إنكم لتعلمون أنَّه رسول اللَّه، وأنَّه جاءنا بالحق، فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
1795 -
وعن أنس، عن أبي بكر قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار،
(1) في "صحيح البخاري": "قال: أفرأيتم إن أسلم، قالوا: حاشا للَّه، ما كان ليسلم، قال: يا ابن سلام".
_________
1795 -
خ (3/ 75)، (63) كتاب مناقب الأنصار، (45) باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من طريق همام، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بكر به، رقم (3922).
فرفعت رأسي؛ فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي اللَّه! لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال:"اسكت يا أبا بكر، اثنان اللَّه ثالثهما".
1796 -
وعن أبي سعيد قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن الهجرة، فقال:"ويحك، إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال:"فتعطي صدقتها؟ " قال: نعم، قال "فهل تمنح منها؟ " قال: نعم، قال "فتحلبها يوم وِرْدِها؟ (1) " قال: نعم، قال:"فاعمل من وراء البحار، فإن اللَّه لن يَتِرَكَ من عملك شيئًا".
الغريب:
وَ"هَل"(2): بفتح الهاء، وَهْمِي. "بَرْكَ الغِمَاد": موضع أسيح في الأرض، أذهب فيها لعبادة اللَّه، وقد تقدم القول على قوله:"تصل الرحم. . . "، الكلام إلى آخره في أول الكتاب.
و"يتقذَّف عليه": يترامون عليه مزدحمين، وهو معنى:"يتَقَصَّفُ" الذي رواه الأصيلي. "نُخْفِرك": مضموم النون رباعيًا، ننقض جوارك. و"نَخْفِرُك": ثلاثيًا: مفتوح النون، بخيرك. و"الذّمّة": العهد. "على رِسْلك": على رفقك. و"الظَّهِيرة": شدة حر وسط النهار. و"نَحْرُها": أولها.
(1) في "صحيح البخاري": "ورودها".
(2)
كذا في المخطوط، وفي الرواية:"وَهَلى"؛ ولذا فسرها بياء المتكلم، وكذلك:"يتقذف" بعده.
_________
1796 -
خ (3/ 75)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري به، رقم (3923).
"أَحَثَّ الجهاز": أسرعه. و"ثَقِفٌ": كيِّس. و"لَقِن": فَهِمٌ للأمور. و"يَدّلِجُ": مشدد، يسير من آخر الليل. و"أدلج": من أوله. و"المِنْحَةُ والمَنِيحَةُ": التي تعطى ليشرب لبنها. و"الرِّسْل": اللبن الحليب. و"الرَّضِيفُ" منه: هو ما ألقي فيه الحجارة المحماة، لتكسر برده، قاله الخطابي.
و"يَنْعِقُ بالغنم": يصيح بها يدعوها. و"غَمِسَ حِلْفًا": عقد عهدًا وجوارًا، وسمى ذلك غمسًا؛ لأنهم كانوا يؤكدون أيمانهم بغمسهم أيديهم في طيب أو دم. و"خَفَضْتُ عاليه"؛ أي: أملته، وهززته نشاطًا. و"الأَزْلَام": القِدَاح التي يضربون بها عند عزومهم على الأفعال، وكانت ثلاثة، في أحدها: افعل، وفي الثاني: لا تفعل، والآخر لا شيء فيه، فإذا خرج أعادوا الضرب حتى يخرج افعل، أو لا تفعل.
و"تُقَرِّبُ بي"؛ يعني: الفرس. و"سَاخَت": ذهبت غرقًا. و"العُثَان": الغبار، وربما يكون معه إعصار، وهو الدخان. و"لم يرزآني شيئًا": لم يأخذا شيئًا من ذلك، فينقصا فيه. و"قَافِلين": راجعين من سفرهم. و"الأُطُم": حائط القصر، وهو الأُجُم أيضًا.
و"يزول بهم السراب"؛ أي يحول ويضطرب. و"جَدُّكُم": سَعْدُكُم.
و"طَفِقَ": أخذ وجعل. و"المِرْبَدُ": الموضع الذي يجمع فيه التمر، وهو الجَرِين كالأندر (1) للبُرِّ.
"فالحِمال": بكسر الحاء، الحِمْل، ويقال على أجرة الحمل، وهو هاهنا محتمل للأمرين. و"مَسْلَحَةٌ"؛ أي: سلاحًا؛ أي: يدافع عنه، كما
(1)"كالاندر" كذا في المخطوط.