الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل تعلم أنه تَغَيَّبَ عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم، قال: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم، قال: اللَّه كبر، قال ابن عمر: تعالَ أُبَيِّنُ لك، أما فراره يوم أُحُد فأشهد أن اللَّه قد عفا عنه وغفر له، وأما تغيّبه عن بدر فإنه كان (1) تحته بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه"، وأما تغيُّبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد ببطن مكة أعز من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عثمان، فكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى:"هذه يد عثمان"، فضرب بها على يده، فقال:"هذه لعثمان"، فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك.
* * *
(42) باب مقتل عمر بن الخطاب، والاتفاق على بيعة عثمان رضي الله عنهما
-
1673 -
عن عَمرو بن ميمون قال: رأيتُ عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حُنَيْف قال: كيف
(1) في "صحيح البخاري": "فإنه كانت. . . ".
_________
1673 -
خ (3/ 19 - 21)، (62) كتاب فضائل الصحابة، (8) باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفيه مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، من طريق أبي عوانة، عن حُصَيْن، عن عمرو بن ميمون به، رقم (3700).
فعلتما؟ أتخافا (1) أن تكونا قد (2) حملتما الأرضَ ما لا تطيق (3)؟ قالا: حَمَّلْنَاهَا أمرًا هي له مُطِيقة ما فيها كبيرُ فَضْلٍ، قال: انظرا أنْ تكونا حَمَّلْتُمَا الأرضَ ما لا تطيق؟ قال (4): قالا: لا، فقال عمر: إنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ تعالى لأدَعَنَّ أراملَ أهل العراق لا يَحْتَجْنَ إلى رجل بعدي أبدًا، قال: فما أتت عليه رابعة حتى أُصِيبَ، قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد اللَّه بن عباس غداةَ أصيب، وكان إذا مَرَّ بين الصَّفَّيْنِ قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن (5) خللًا تَقَدَّمَ فكَبَّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناسُ -فما هو إلا أَنْ كَبَّر فسمعتُه يقول: قَتَلَنِي -أو أكلني- الكلبُ حين طَعَنَهُ العِلْجَ بسكين ذات طرفين، لا يمر على أَحَدٍ يمينًا وشمالًا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلًا مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرْنُسًا، فلما ظَنَّ (6) العِلْجُ أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرَى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرونَ، غير أنهم فقدوا (7) صوتَ عمر وهم يقولون: سبحان اللَّه سبحان
(1) في "صحيح البخاري": "أتخافان".
(2)
"قد" ليس في "صحيح البخاري".
(3)
(حملتما الأرض ما لا تطيق) الأرض: المشار إليها هي أرض السواد، وكان عمر بعثهما يضربان عليها الخراج، وعلى أهلها الجزية.
(4)
"قال" ليست في "صحيح البخاري".
(5)
في "صحيح البخاري": "فيهم".
(6)
"ظن" أثبتناها من "صحيح البخاري"، وفي المخطوط:"طعن".
(7)
في "صحيح البخاري": "قد فقدوا".
اللَّه (1)، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف (2) صلاةً خفيفةً، فلما انصرفوا، قال: يا ابن عباس! انظر من قتلني (3)، فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة، قال: الصَّنَع؟ قال: نعم، قال: قاتله اللَّه، لقد أَمَرْتُ به معروفًا، الحمد للَّه الذي لم يجعل مِيتتي على يد رَجُلٍ يَدَّعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تُحِبَّان أن تَكْثُرَ العُلُوج بالمدينة -وكان العباس أكثرهم رقيقًا- فقال: إن شئت فعلت -أي: إنْ شئت قَتَلْنَا- فقال: كَذَبْتَ، بعدما تكلموا بلسانكم، وصَلُّوا قبلتكم، وحَجُّوا حجكم، فاحتُمِل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأنَّ الناس لم تصبهم مصيبة قبلَ يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأُتِىَ بنبيذٍ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أُتِي بلبن فشرب، فخرج من جُرْحِهِ، فعرفوا أنه مَيِّت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى اللَّه لك من صحبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقَدَمٍ في الإسلام ما قد علمت، ثم وُلِّيتَ فعَدَلْتَ، ثم شهادة، قال: وَدِدْتُ أنَّ ذلك كِفَافٌ لا عليَّ ولا لي، فلما أدبر؛ إذا إزاره يَمَسُّ الأرض، قال: رُدُّوا عليَّ الغلام، قال: يا ابنَ أخي! ارفع ثويك؛ فإنه أبقى لثويك، وأتقى لربك، يا عبد اللَّه ابن عمر! انظر ما عليَّ من الدَّيْنِ، فحَسَبُوه فوجدوه ستة وثمانين ألفًا أو نحوه، قال: إنْ وَفَى له مال آل عمر فَأَدِّهِ من أموالهم، وإلا فسَلْ بني عدي ابن كعب، فإن لم تفِ أموالُهم فَسَلْ في قريش، ولا تَعْدُهم إلى غيرهم، وأَدِّ عَنِّي (4)
(1)"سبحان اللَّه" الثانية ليست في "صحيح البخاري".
(2)
"ابن عوف" ليست في "صحيح البخاري".
(3)
في "صحيح البخاري": "من قتلني"، وفي المخطوط:"ما قتلني".
(4)
في "صحيح البخاري": "فأدِّ عني".
هذا المال، انطلق إلى عائشة أمّ المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمرُ السلام، ولا تقلُ: أمير المؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر ابن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسَلَّمَ واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدةً تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يُدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأُوثِرَنَّه اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل هذا عبد اللَّه بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أَذِنَتْ، قال: الحمد للَّه ما كان (1) شيء أَهم إليَّ من ذلك، فإذا أنا قُبِضْتُ (2)، فاحملوني، ثم سَلِّمْ فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن رَدَّتني ردوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة، والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلًا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا: أَوْصِ يا أمير المؤمنين، استخلف، فقال: ما أَحَدٌ (3) أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر -أو الرهط- الذين توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى عليًّا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يَشْهَدُكم عبد اللَّه بن عمر وليس له من الأمر شيء -كهيئة التعزية له- فإن أصابت الإمرة سعدًا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أُمِّرَ، فإني لم أعزله عن (4) عجز ولا خيانة، وقال: أوصي
(1) في "صحيح البخاري": "ما كان من سيء. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "قضيت".
(3)
في "صحيح البخاري" وهامش المخطوط "ما أجد. . . ".
(4)
في "ص": "من عجز".
الخليفة (1) بعدي بالمهاجرين الأَوَّلين أن يعرفَ لهم حقَّهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأنْ يُعْفَى عن مسيئهم، وأُوصيه بأهل الأمصار خيرًا؛ فإنهم رِدْءَ الإسلام، وجُبَاة المال وغيظ العدو أنْ لا يؤخذ منهم إلا فضلَهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا، فإنهم أصل العرب ومادَّة الإسلام؛ أن يؤخذ من حواشي أموالهم ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة اللَّه وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُوَفِّي لهم بعهدهم، وأن يقاتل مِنْ ورائهم، ولا يكلّفوا إلا طاقتهم، فلما قُبض خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسَلَّم عبد اللَّه بن عمر قال: يستأذن عمر ابن الخطاب قالت: أدخلوه، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فُرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: أجمعوا أمركم إلى ثلاثة منكم، قال الزبير: قد جعلتُ أمري إلى على، فقال طلحة (2): قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن (3)، فقال عبد الرحمن: أيّكما تَبَرَّأ من هذا الأمر فنجعله إليه، واللَّه عليه (4) والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فَأُسْكِتَ الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ، واللَّهُ عليَّ لا آلو من (5) أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما،
(1) في "صحيح البخاري": "من بعدي. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري"، و"ق":"طلحة" كما أثبتنا، وفي "ص":"فقال عليٌّ. . . "، وهو خطأ.
(3)
في "صحيح البخاري": "عبد الرحمن بن عوف".
(4)
في "ق": "واللَّه عليك".
(5)
في "صحيح البخاري": "عليَّ أن لا آلو عن. . . ".