الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفسي بيده أرجو (1) أن تكونوا رُبع أهل الجنة"، فكبّرنا، فقال: "أرجو أن تكونوا ثُلُثَ أهل الجنة"، فكبرنا، قال: "أرجو أن تكونوا نصفَ أهلِ الجنة"، فكبرنا، فقال: "ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثورٍ أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود".
الغريب:
"الرَّدْمُ": السد؛ لأنه رُدِمَ. و"يأجوج ومأجوج": أُمَّتان عظيمتان، وهم أكثر الأمم، وإنما خص آدم بأن قيل: أخرِجْ بعثَ النار؛ لأن اللَّه تعالى قد جمع له جميع نَسَمِ بنيه المتوالدين منه إلى يوم القيامة، ودليل ذلك: أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد رأى آدم ليلة الإسراء في سماء الدنيا، وعن يمينه أَسْوِدة أهل اليمين، وعن يساره أَسْوِدَة أهل الشمال.
وقوله: "ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض"؛ يعني: في المحشر، وأما في الجنة فهم نصف أهل الجنة، وكل من يدخلها من سائر الأمم النصف الآخر.
* * *
(6) باب في ذكر إبراهيم وإسماعيل وأمه، وقول اللَّه تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، وقوله عز وجل:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]
قال أبو ميسرة: الرحيم بلسان الحبشة.
(1) في "صحيح البخاري": "إني لأرجو".
1544 -
من حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنكم محشورون عُرَاة حفاة غُرْلًا"، ثم قرأ:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم. . . " الحديثَ وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى.
1545 -
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يلقى إبراهيم أباه آزرَ يوم القيامة، وعلى وجه آزر قَتَرَةٌ وغَبَرَة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب! إنك وعدتني ألَّا تخزيَني يوم يبعثون، فأي خِزْيٍ أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول اللَّه (1): إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم! ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بِذِيخٍ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيُلْقَى في النار".
1546 -
وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما رأى الصُّوَر في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمُحِيَتْ، ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما
(1) في "صحيح البخاري": "اللَّه تعالى".
_________
1544 -
خ (2/ 459)، (60) كتاب أحاديث الأنبياء، (8) باب قول اللَّه تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، وقوله:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} ، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} ، من طريق سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، رقم (3349)، أطرافه في (3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526).
1545 -
خ (2/ 459)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به، رقم (3350)، طرفاه في (4768، 4769).
1546 -
خ (2/ 460)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس به، رقم (3352).
الأزلام، فقال:"قاتلهم اللَّه، واللَّه إنِ استقسما بالأزلام قط".
1547 -
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اختتن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم (1) وهو ابن ثمانين سنة بالقَدُّوم": مشددة الدال، وفي رواية (2): قال أبو الزناد: بالقَدُومِ مخففة.
1548 -
وعن أبي هريرة: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات: ثنتين منهما في ذات اللَّه عز وجل قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، وقوله {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} ، وقال: بينا هو ذاتَ يومٍ وسارة؛ إذ أتى على جَبَّارٍ من الجبابرة، فقيل له: إن ههنا رجلًا معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه يسأله (3) عنها، فقال: من هذه؟ قال: أختي، فأتى سارّة، فقال: يا سارة! ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإن هذا سألني، فأخبرته: أنك أختي، فلا تكذبيني، فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخِذَ، فقال: ادْعِي اللَّه لي ولا أَضُرُّكِ، فدعت اللَّه، فاُطْلِقَ، ثم تناولها ثانية (4)، فأُخِذَ مثلها أو أَشَدّ،
(1) في "صحيح البخاري": "إبراهيم عليه السلام".
(2)
خ (2/ 461)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد به، رقم (3356).
(3)
في "صحيح البخاري": "فسأله. . . ".
(4)
في "صحيح البخاري": "الثانية".
_________
1547 -
خ (2/ 461)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق مغيرة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به، رقم (3356)، طرفه في (6298).
1548 -
خ (2/ 461)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد -هو ابن سيرين- عن أبي هريرة به، رقم (3358).
فقال: ادْعِي اللَّه لي ولا أضرك، فدعت، فأُطْلِقَ، فدعا بعضَ حَجَبَتِهِ، فقال: إنك لم تأتني بإنسان (1)، إنما أتيتني (2) بشيطان، فأَخْدَمَهَا هاجر، فأتته وهو قائم يصلي، فأومأ بيده: مَهْيَمْ (3)؟ قالت: رَدَّ اللَّهُ كيدَ الكافر -أو الفاجر- في نحره، وأخدم هاجر.
قال أبو هريرة: تلك أمُّكم يا بني ماء السماء (4).
1549 -
وعن أبي هريرة قال: أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا بلحم، فقال:"إن اللَّه يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُسْمِعُهم الداعي، ويُنْفِذُهُم البصر، وتدنو الشمس منهم -فذكر حديث الشفاعة- فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبي اللَّه، وخليله من أهل الأرض، اشفع إلى ربك -ويقول (5): وذكر كذباته- نفسي نفسي نفسي (6)، اذهبوا إلى موسى".
تابعه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) في "صحيح البخاري": "إنكم لم تأتوني بإنسان".
(2)
في "صحيح البخاري": "أتيتموني".
(3)
(مَهْيَمْ؟ ) يقال: إن إبراهيم هو أول من قال هذه الكلمة، ومعناها: ما الخبر؟
(4)
(يا بني ماء السماء): خاطب بذلك العرب؛ لكثرة ملازمتهم للفَلَوات التي بها مواقع القطر؛ لأجل رعي دوابهم، وقيل: أراد بماء السماء زمزم؛ لأن اللَّه أنبعها لهاجر، فعاش ولدها بها، فصاروا كأنهم أولادها.
(5)
في "صحيح البخاري": "فيقول".
(6)
في "صحيح البخاري": "نفسي نفسي".
_________
1549 -
خ (2/ 462)، (60) كتاب أحاديث الأنبياء، (9) باب:{يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَان في المَشْي، من طريق أبي أسامة، عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة به، رقم (3361).
1550 -
وعن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: أول ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أم إسماعيل؛ اتخذت مِنْطَقًا؛ لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، عند دَوْحَةٍ فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعها هنالك، ووضع عندها جِرَابًا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قَفَّى إبراهيم منطلقًا، فتَبِعَتْهُ أمُّ إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس (1) ولا شيء؟ فقالت ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آللَّه أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يُضَيِّعنا -في رواية (2): حتى لما بلغوا كَدَاءَ نادته من ورائه: يا إبراهيم! إلى من تتركنا؟ قال: إلى اللَّه، قالت: رضيت، قال: - فرجعت (3)، فانطلق إبراهيم، حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، ورفع يديه، فقال:{رَبَّنَا (4) إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} . . . حتى بلغ: {يَشْكُرُونَ} ، وجعلت أم إسماعيل ترضع
(1) في "صحيح البخاري": "إنس".
(2)
خ (2/ 465 - 466)، (60) كتاب أحاديث الأنبياء، (9) باب:{يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَان في المَشْي، من طريق إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، رقم (3365).
(3)
في "صحيح البخاري": "ثم رجعت".
(4)
"ربنا" كذا في "صحيح البخاري"، وهو الموافق للتلاوة، وفي الأصل:"رب".
_________
1550 -
خ (2/ 462 - 464)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق أيوب السختياني، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، رقم (3364).
إسماعيل، وتَشْرَبُ من ذلك الماء حتى إذا نفَدَ ما في السِّقَاءِ، عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يَتَلَوَّى أو قال يَتَلَبَّطُ (1) -وفي رواية (2): كأنه ينشغ بالموت- فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبلٍ في الأرض إليها (3)، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرف دِرْعِها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، فنظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات".
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فلذلك (4) سعى الناس بينهما، فلما أشرفت على المروة، سمعت صوتًا، فقالت: صَهٍ -تريد: نفسها- ثم تسَمَّعَتْ فسمعت (5) أيضًا، فقالت: قد أسْمَعْتَ إن كان عندك غواث؛ (فإذا هي بالمَلَكِ) (6) عند موضع زمزم، فبحث بعَقِبه -أو قال: بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تُحَوِّضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف".
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يرحم اللَّه أم إسماعيل؛ لو تركت
(1)(يتلبَّط) معناه: يتمرغ، ويضرب بنفسه الأرض.
(2)
خ (2/ 465 - 466)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن عبد اللَّه بن عباس به، رقم (3365).
(3)
في "صحيح البخاري": "يليها".
(4)
في "صحيح البخاري": "فذلك".
(5)
"فسمعت" ليست في "صحيح البخاري".
(6)
ما بين القوسين أثبتناه من "الصحيح"، وفي الأصل:"فادن مني بالماء".
زمزم -أو قال- لو لم تغرف من الماء، لكانت زمزم عَيْنًا مَعِينًا" -وفي رواية (1): أنها قالت بعد السَّبعْ: لو ذهبت فنظرت ما فعل؛ فإذا هي بصوت، فقالت: أَغِثْ إنْ كان عندك خير؛ فإذا جبريل، قال: فقال بعَقِبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض- قال: فانبثق الماء، فدَهَشت (2) أم إسماعيل، فجعلت أم إسماعيل (3) تَحْفِر"، قال: فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "لو تركَتْهُ كان الماء ظاهرًا".
قال (4): فشربتْ وأرضعتْ ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضَّيْعَة؛ فإنَّ ههنا بيت اللَّه، يبنيه (5) هذا الغلام وأبوه، وإن اللَّه لا يضيع أهله -وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله (6)، فكانت كذلك، حتى مرت بهم رُفْقَةٌ من جُرْهُمْ، أو أهل البيت من جُرْهم مقبلين من طريق كَدَاء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرًا عَائِفًا، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لَعَهْدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جَرِيًّا أو جرييّن؛ فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا وأم
(1) خ (2/ 465 - 466)، (60) كتاب أحاديث الأنبياء، (9) باب {يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَان في المشي، من طريق إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، رقم (3365).
(2)
"فدهشت" من "الصحيح"، وفي الأصل:"فذهبت".
(3)
"أم إسماعيل" ليست في "صحيح البخاري".
(4)
رجع إلى الرواية الأولى.
(5)
في "صحيح البخاري": "يبني".
(6)
في "صحيح البخاري": "عن يمينه وشماله".
إسماعيل (1) عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أنْ ننزل عندك؟ قالت (2): نعم، ولكن لا حَقَّ لكم في الماء، قالوا: نعم.
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأَلْفَى ذلك أمَّ إسماعيل وهي تُحِبُّ الأُنْس، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبياتٍ منهم، وشبَّ الغلام، وتعلم العربية منهم، وأَنْفَسَهُمْ وأعجبهم حيث شب، فلما أدرك زَوَّجُوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تَرِكتهُ، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عَيْشِهِمْ؟ (3) فقالت: نحن بِشَر، نحن في ضيق وشدة، وشكت (4) إليه، قال: فإذا جاء زوجك اقرئي (5) عليه السلام، وقولي له: يُغيِّر عتبةَ بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا، فقال: هل جاء (6) من أحدٍ؟ قالت: نعم، جاءني شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته: أنَّا في جَهْدٍ وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: أمرني (7) أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غَيِّر عتبة بابك، قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك، فطلقها، وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم
(1) في "صحيح البخاري": "قال: وأم إسماعيل. . . ".
(2)
في "صحيح البخاري": "فقالت".
(3)
في "صحيح البخاري": "عن عيشهم وهيئتهم".
(4)
في "صحيح البخاري": "فشكت".
(5)
في "صحيح البخاري": "فاقرئي".
(6)
في "صحيح البخاري": "هل جاءكم. . . ".
(7)
في "صحيح البخاري": "قالت: نعم، أمرني. . . ".
ما شاء اللَّه، ثم أتاهم بعدُ فلم يجده، ودخل (1) على امرأته، فسألها عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهمتهم (2)؟ فقالت: نحن بخير وسَعَةٍ، وأثنت على اللَّه، قال (3): ما طعامكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يكن لهم يومئذ حَبٌّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه -قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه- قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومُرِيه يُثَبِّت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل، قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتاني شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني: كيف عيشنا؟ فأخبرته: أنَّا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبتَ عتبة بابك، قال: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك، ثم لبث عنهم ما شاء اللَّه، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نَبْلًا له تحت دَوْحَة قريبًا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال: يا إسماعيل! إن اللَّه أمرني بأمرٍ، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن اللَّه أمرني أن أبنيَ ههنا بيتًا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما
(1) في "صحيح البخاري": "فدخل".
(2)
في "صحيح البخاري": "وهيئتهم".
(3)
في "صحيح البخاري": "فقال".
يقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].
وفي رواية قال: حتى ارتفعَ البناء، وضعف الشيخ عن نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة، ويقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
الغريب:
"غُرْلًا": غير مختونين. والغُرْلَة: ما يقطعه الخاتن، وهي القُلْفَة. و"الذِّيخ": بالذال والخاء المعجمتين من فوقهما- ذَكَر الضَّبْعَان. "يُناولها": بضم الياء؛ أي: يعطيها يده لتواقعه. و"تَنَاوَلَها": بالتاء باثنتين من فوقها، مد يده ليأخذها، واللَّه أعلم.
و"المِنْطَقُ": الثوب يشد على الوسط، وربما ينجر على الأرض. و"تُعْفِّي": تخفى وتمحو لأجل غيرة سارة، "قَفَّى": ولاها قفاه، وهي مشددة الفاء. و"كُدَاءَ": الأول موضع بأسفل مكة، وهو بضم الكاف، والقصر كذلك. و"كَدَاء": الثاني ثَنِيّة بأعلى مكة، وهي بفتح الكاف والمد.
و"يَنْشَغُ للموت": يشهق وتضيق نفسه. و"المجهود": الذي بلغ منه التعب والجهد. "صه": اسكت، تقول ذلك لنفسها. "فبحث": يحك بجناحه ويمسح.
و"تُحَوِّضُه": تُصَيِّرُه كالحوض، وهو مجتمع الماء.
"مَعينًا": بفتح الميم، كثيرًا طيبًا. و"عائفًا": طالبًا للماء هنا. و"الدوحة": الشجرة العظيمة. و"أَنْفَسهم": أي: صار نفيسًا فيهم؛ أي: رفيعًا بحيث يتنافس في الوصول إليه.