المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الوقوف والإفاضة

- ‌الرمي، والحلق، والتحلل

- ‌الهَدْي

- ‌الإحصار والفوات والفدية والاشتراط

- ‌دخول مكة والخروج منها والتحصيب

- ‌النيابة في الحج وحج الصبى

- ‌التكبيرُ أيام التشريق، وخطبه صلى الله عليه وسلم وعدد حجه، واعتماره، وغير ذلك

- ‌فضل مكة والكعبة وما ورد في حرمها وزمزم والأذان بها والحجابة والسقاية

- ‌ما جاء في عمارة البيت وبنائه وهدمه وما يتعلق بذلك

- ‌كتاب الأضاحي

- ‌كتاب الصيد

- ‌كتاب الذبائح

- ‌المحرم والمكروه والمباح من الحيوانات

- ‌ما ورد قتله وعدمه من الحيوانات

- ‌العقيقة والفرع والعتيرة

- ‌كتاب اليمين

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب النكاح

- ‌ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ببعض نسائه رضي الله عنهن

- ‌الحث على النكاح والخطبة والنظر وغيرها من آداب النكاح

- ‌الأولياء والشهود والاستئذان والكفاءة

- ‌الصداق والوليمة وإجابة الدعوة

- ‌موانع النكاح وفيه الرضاع

- ‌نكاح المتعة والشغار ونكاح الجاهلية وما يفسخ فيه النكاح وما لا

- ‌العدل بين النساء والعزل والغيلة والنشوز والشرط والاختصاء وغير ذلك

- ‌حق الزوج على الزوجة وحق الزوجة على الزوج

- ‌الغيرة والخلوة بالنساء والنظر إليهن

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ألفاظه والطلاق قبل الدخول وقبل العقد وطلاق الحائض

- ‌طلاق المكره والمجنون والسكران والرقيق وغير ذلك

- ‌الخلع والإيلاء والظهار

- ‌اللعان وإلحاق الولد واللقيط

- ‌العدة والاستبراء والإحداد والحضانة

- ‌كتاب البيوع

- ‌الكسب والمعاش وما يتعلق بالتجارة

- ‌ما لا يجوز بيعه من النجاسات وما لم يقبض، وما لم يبد صلاحه والمحاقلة والمزابنة إلا العرايا وغير ذلك

- ‌ما لا يجوز فعله في البيع كالشرط والاستثناء والخداع وإخفاء العيب والنجش

- ‌بيعُ الغررِ والحصاةِ والمضطرِ والملامسةِ والمنابذةِ والحاضرِ للبادي، وتلقى الركبان، وبيعتينِ في بيعةِ، والتفريقُ بين الأقارب

- ‌الربا في المكيل والموزون والحيوان

- ‌بيع الخيار والرد بالعيب وثمر النخل ومال العبد المبيعين والحوائج

- ‌الشفعة والسلم والاحتكار والتسعير

- ‌الدين وآداب الوفاء والتفليس وما يقرب منها

- ‌العارية والعمرى والرقبى والهبة والهدية

- ‌الشركة والضمان والرهن والإجارة والوكالة والقراض والغصب

- ‌المزارعة وكراء الأرض وإحياء الموات واللقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌القضاء المذموم والمحمود وآدابه وكيفية الحكم

- ‌الدعاوى والبينات والشهادات والحبس وغير ذلك

- ‌الوقف والصلح والأمانة

- ‌كتاب العتق

- ‌فضله وآداب الملكية

- ‌عتق المشترك وولد زنا ومن مثل به وعند الموت وغير ذلك

- ‌أمُّ الولدِ والمدَبَّرُ والمكاتَبُ

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب الفرائض

- ‌الولاء ومن لا وارث له وميراثه صلى الله عليه وسلم وبعض متاعه

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحث على إقامة الحدود ودرئها والشفاعة فيها والتعزير

- ‌إثم القتل، وما يبيحه، وقاتل نفسه

- ‌القصاص في العمد والخطأ وبين الولد والوالد والجماعة والواحد والحر والعبد والمسلم والكافر

- ‌القتل في الجنون والسكر وبالمثقل والطب والسم وقتل الزانى وجناية الأقارب وما هو جِبار

- ‌قصاص ما دون النفس والعفو والقسامة وإحسان القتلة

- ‌الديات في النفس والأعضاء والجوارح والجنين وما يتعلق بذلك

- ‌حد الردة وسب النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌حد الزنا في الحر والعبد والمكره والمجنون والشبهة وبمَحرم

- ‌الحد في أهل الكتاب وفي اللواط والبهيمة والقذف

- ‌حد السرقة وما لا حد فيه

- ‌حد الشرب

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌آلات الطعام، وآداب الأكل: من تسمية، وغَسْلٍ، وباليمين، ومما يلي، ولعق وغير ذلك

- ‌ما ورد في أطعمة مخصوصة من مدح وإباحة وكراهة وحكم المضطر وغير ذلك

- ‌كتاب الأشربة

- ‌الشرب قائما ومن فم السقاء والتنفس عند الشرب وترتيب الشاربين وتغطية الإناء وغير ذلك

- ‌الخمور والأنبذة

- ‌الانتباذ في الظروف وما يحل منه وما يحرم وحكم الأوانى

- ‌كتاب اللباس

- ‌الزينة الذهب والحرير والصوف والشعر ونحوهما

- ‌آداب اللبس وهيئته

- ‌أنواع من اللباس وألوانها حيث يطلب اللبس وتركه

- ‌لبس الخاتم

- ‌الحلى والطيب

- ‌الشعور من الرأس واللحية والشارب

- ‌الخضاب للشعر واليدين والخلوق

- ‌الختان وقص الأظفار ونتف الإبط والاستحداد والوشم وغير ذلك

- ‌الصور والنقوش والستور

- ‌كتاب الخلافة والإمارة وما يتعلق بذلك

- ‌ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضى الله عنهم

- ‌طاعة الإمام ولزوم الجماعة وملوك الجور

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فضل الرباط والجهاد في سبيل الله

- ‌فضل الشهادة والشهداء

- ‌وجوب الجهاد وصدق النية فيه وآدابه

- ‌أحكام وأسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الأمان والهدنة والجزية ونقض العهد والغدر

- ‌الغنائم والغلول ونحوه

- ‌النفل والخُمس

- ‌الفيء وسهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌السّبق والرمي وذكر الخيل

- ‌كتاب السير والمغازي

- ‌كرامة أصل النبي صلى الله عليه وسلم وقدم نبوته ونسبه وأسماءه

- ‌مولده صلى الله عليه وسلم ورضاعه وشرح صدره ونشوءه

- ‌بدء الوحي وكيفية نزوله

- ‌صبر النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغه على أذى قومه وكسره الأصنام

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وعرضه نفسه على القبائل والعقبة الأولى

- ‌ذكر العقبة الثانية والثالثة

- ‌هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

- ‌عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وما كان قبل بدر

- ‌غزوة بدر

- ‌من سمى من أهل بدر في البخاري

- ‌غزوة بنى النضير وإجلاء يهود المدينة وقتل كعب بن الأشرف وأبى رافع

الفصل: ‌ ‌غزوة بدر

‌غزوة بدر

ص: 563

6451 -

أنسٌ: أنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبالُ أبي سفيان، فتكلم أبو بكرٍ، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد ابن عبادة، فقال: إيانا تريدُ يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، فندب صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا، ووردت عليهم روايًا قريش وفيهم غلامٌ أسود فأخذه أصحابه صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه، فيقول: ما لي علمٌ بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهلٍ وعتبة وشيبة وأمية بن خلفٍ. فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم هذا أبو سفيان. فإذا تركوه فسألوه، قال ما لي بأبي سفيان علمٌ، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلفٍ في الناس. فإذا قال هذا أيضًا ضربوه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يصلي، فلمَّا رأى ذلك انصرف، وقال:((والذي نفسي بيده لتضربونه إذا صدقكم، وتتركونهُ إذا كذبكم، هذا مصرع فلانٍ، ويضع يده على الأرض ههنا وههنا))، فما ماط أحدٌ عن موضع يده. لأبي داود ومسلمٍ بلفظه (1).

(1) مسلم (1779)، وأبو داود (2681).

ص: 563

6452 -

عروة: كانت عاتكة بنت عبد المطلب قالت لأخيها العباس: رأيت رؤيا وقد خشيتُ منها على قومك، قال: وما رأيت؟ قالت: تُعاهدني أن لا تذكرها؟ فإنهم إن سمعوها آذونا. فعاهدها، فقالت: رأيتُ راكبًا أقبل من أعلى مكة يصيحُ بأعلى صوته، يا آل غدرٍ يا آل فجرٍ اخرجوا من ليلتين أو ثلاثٍ إلى مصارعكم، ثم دخل المسجد فصرخ ثلاث صرخاتٍ، ومال عليه رجالٌ ونساء وصبيانٌ فزعين، ثم مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصرخ بمثل ذلك ثلاث صرخات حتى أسمع من

⦗ص: 564⦘

بين الأخشبين، ثم نزع صخرةً عظيمةً من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة، حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت فلا أعلم بمكة بيتًا إلا دخلتها فلقةٌ منها، ففزع منها عباس فخرج فلقي الوليد بن عتبة وكان خليله، قصَّها عليه وأمره أن لا يذكره لأحدٍ، فذكرها الوليد لأبيه وذكرها عتبة لأخيه شيبة، وارتفع حديثها حتى بلغ أبا جهلٍ، فلمَا أصبحوا غدا العباس يطوف فناداه أبو جهلٍ في نفرٍ: يا أبا الفضل، إذا قضيت طوافك فأتنا. فلما فرغ أتى فجلس، فقال أبو جهل: يا أبا الفضل ما رؤيا رأتها عاتكة؟

قال: ما رأت من شيءٍ. قال: بلى، أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء، إنَّا كنَّا وأنتم كفرسيِّ رهانٍ فاستبقنا المجد منذ حينٍ، فلمَّا حاذت الركبُ قلتم منا نبيُّ، فما بقى إلا أن تقولوا منا نبيةٌ، لا أعلم أهل بيتٍ أكذب رجلاً ولا امرأةً منكم، وقال: زعمت عاتكة أنَّ الراكب قال: اخرجوا في ليلتين أو ثلاثٍ فلو قد مضت هذه الثلاث تبين لقريش كذبكم، وكتبنا سجلاً ثم علقناه بالكعبة، أنكم أكذبُ بيتٍ في العرب رجلاً وامرأة، أما رضيتم يا بني قصيٍّ أنكم ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء حتى جئتمونا بنبيٍّ؟ فآذوهُ يومئذٍ أشد الأذى، وقال له عباس: مهلاً يا مصفر استه، فإنَّ الكذب فيك وفي أهل بيتك. فقال من حضر يا أبا الفضل ما كنت بجاهلٍ ولا خرقٍ. ونال عباسٌ من عاتكة أذى شديدًا فيما أفشى من حديثها، فلمَّا كان الليلة الثالثة جاءهم الراكبُ الذي بعث أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري، فقال: يا آل غدرٍ انفروا فقد خرج محمدٌ وأصحابهُ يتعرضون لأبي سفيان، ففزعت قريشٌ أشد الفزع، وأشفقوا من رؤيا عاتكة، ونفروا على كل صعبٍ وذلولٍ. للكبير بلين وإرسال (1).

(1)((الكبير)) 24/ 346 - 347 برقم (860)، قال الهيثمي 6/ 71: رواه الطبراني مرسلا، وفيه: ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن.

ص: 563

6453 -

مصعب بن عبد الله وغيره: أنَّ عاتكة قالت في صدق رؤياها بعد:

ألم تكن الرؤيا بحق ويأتكم

بتأويلها فل من القوم هاربُ

رأى فأتاكم باليقين الذي رأى

بعينيه ما تفري السيوف القواضبُ

⦗ص: 565⦘

فقلتم ولم أكذب: كذبتِ وإنما

يكذبني بالصدق من هو كاذبُ

في أبياتٍ. للكبير (1).

(1)((الكبير)) 24/ 348 برقم (861)، قال الهيثمي 6/ 72: رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات.

ص: 564

6454 -

أنسٌ: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بُسيسة عينا ينظر ما صنعت عيرُ أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحدٌ غيري وغيره صلى الله عليه وسلم، قال: لا أدري استثنى بعض نسائه، قال: فحدثه الحديثُ فخرج صلى الله عليه وسلم، فقال:((إنَّ لنا طلبةٌ فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا)). فجعل رجالٌ يستأذنونهُ في ظهرانهم في علو المدينة، فقال: لا، إلا من كان ظهره حاضرًا، فانطلق صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدرٍ، وجاء المشركون، فقال صلى الله عليه وسلم:((لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا أؤذنه))، فدنا المشركون، فقال:((قوموا إلى جنة عرضها السمواتُ والأرض)). فقال عمير ابن الحمام الأنصاريِّ: يا رسول الله، جنةٌ عرضها السمواتُ والأرض؟ قال:((نعم)) قال: بخٍ بخٍ يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:((ما يحملك على قولك بخٍ بخ؟)) قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءً أن أكون من أهلها، قال:((فإنك من أهلها)). فأخرج تمراتٍ من قرنه فجعل يأكلُ منهن، ثم قال: لئن حييتُ حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلةٌ، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. لمسلم (1).

(1) مسلم (1901).

ص: 565

6455 -

ابن عباسٍ: حدثني عمر لما كان يوم بدرٍ نظر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألفٌ وأصحابهُ ثلاثمائةٍ وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مدَّ يديه فجعل يهتفُ بربه يقولُ:((اللهمَّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمَّ آتني ما وعدتني، اللهمَّ إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض))، فما زال يهتفُ بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكرٍ فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال يا نبي الله: كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ

⦗ص: 566⦘

رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] فأمدَّهُ الله بالملائكة، قال سماكُ: فحدثني ابنُ عباسٍ قال: بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتدُّ في أثر رجلٍ من المشركين أمامه، إذ سمع ضربةً بالسوط فوقه، وصوتُ الفارس يقولُ: أقدم حيزومُ، فنظر إلى المشرك أمامه خرَّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشقَّ وجهه كضربة السوط (فاخضرَّ)(1) ذلك أجمع فجاء الأنصاريُّ فحدث بذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:((صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة)) فقتلوا يومئذٍ سبعين، وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلمَّا أسروا الأسارى، قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكرٍ وعمر:((ما ترون في هؤلاء الأسارى)

فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فديةً فتكون لنا قوةً على الكفار، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم:((ما ترى يا ابن الخطاب))؟ قال: (لا والله)(2) يا رسول الله، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًا من عقيلٍ فيضربُ عنقه، وتمكنني من فلانٍ نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، فإنَّ هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكرٍ ولم يهو ما قلتُ، فلمَّا كان من الغد جئتُ فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ قاعدين يبكيان، فقلت يا رسول الله أخبرني من أيّ شيءٍ تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيتُ لبكائكما. فقال:((أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْض} [الأنفال: 67] إلى قوله {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} [الأنفال: 69] فأحلَّ الله الغنيمة لهم)). للترمذي ومسلم بلفظه (3).

(1) في (أ): فأحضر، والمثبت من ((صحيح مسلم)).

(2)

زيادة من (ب).

(3)

مسلم (1763) والترمذي (3081).

ص: 565

6456 -

ابنُ مسعودٍ: شهدتُ من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون أنا صاحبهُ أحب إلىَّ مما عدل به، أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين يوم بدرٍ، فقال: يا رسول الله، إنَّا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أشرق

⦗ص: 567⦘

وجههُ وسرَّهُ (1).

(1) البخاري (3952).

ص: 566

6457 -

ابنُ عباسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: يوم بدٍ هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب (1).

(1) البخاري (3995).

ص: 567

6458 -

وعنه: أنه صلى الله عليه وسلم خرج من القبَّة وهو يقولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر:46]. هي للبخاري (1).

(1) البخاري (2915).

ص: 567

6459 -

ابن عمرو بن العاص: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدرٍ في ثلاثمائةٍ وخمسة عشر رجلاً، فما انتهينا إليها، قال:((اللهمَّ إنهم حفاةٌ فاحملهم، اللهم إنهم عراةٌ فاكسهم، اللهمَّ إنهم جياعٌ فأشبعهم)) ففتح الله لهم يوم بدرٍ، فانقلبوا ما منهم رجلٌ إلا وقد رجع بجملٍ أو جملين، واكتسوا وشبعوا. لأبي داود (1).

(1) أبو داود (2747) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي 2/ 132 - 133، قالا: صحيح على شرط الشيخين، وحسن الألباني سنده في ((صحيح سنن أبي داود)) (2386).

ص: 567

6460 -

البراءُ: كنَّا أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم نتحدثُ أنَّ عدة أصحاب بدرٍ على عدة أصحاب طالوت الذي جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة. للترمذي والبخاري بلفظه (1).

(1) البخاري (3958)، والترمذي (1598).

ص: 567

6461 -

وله: استصغرتُ أنا وابن عمرٍ يوم بدرٍ وكان المهاجرون يوم بدر نيفًا على الستين، والأنصارُ نيفًا وأربعين ومائتين. للبخاري (1).

(1) البخاري (3956).

ص: 567

6462 -

أبو أسيد) قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ حين صففنا لقريشٍ: ((إذا أكثبوكم - يعني: غشوكم- فارموهم واستبقوا نبلكم)) (1).

(1) البخاري (3984 - 3985).

ص: 567

6463 -

وفي روايةٍ: ((فارموهم ولا تسلُّوا السيوف حتى يغشوكم)). للبخاري وأبي داود (1).

(1) أبو داود (2664). وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (569).

ص: 567

6464 -

سعدُ بن معاذ: أنه كان صديقًا لأمية بن خلفٍ، وكان أمية إذا مرَّ بالمدينة نزل على سعدٍ، وكان سعدٌ إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فانطلق سعدٌ معتمرًا، فنزل على أمية، وقال له: انظر لي ساعة خلوةٍ لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبًا من نصف النهار فلقيهما أبو جهلٍ، فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال: هذا سعدٌ، فقال له: أبو جهلٍ: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم؟ أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا. فقال له سعدٌ ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشدُ عليك منه، طريقك على المدينة، فقال له أميةُ: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:((إنه قاتلك)). قال: بمكة؟

قال: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعًا شديدًا، فلمَّا رجع إلى أهله قال: يا أم صفوان ألم ترى ما قال لي سعدٌ؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أنَّ محمدًا أخبرهم أنه قاتلي، فقلت له: بمكة؟

قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة. فلمَّا كان يوم بدرٍ استنفر أبو جهلٍ الناس، قال: أدركوا عيركم. فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهلٍ، فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناسُ قد تخلفت وأنت سيدُ أهل الوادي تخلفوا معك. فلم يزل به حتى قال: أما إذا غلبتني، فوالله لأشترينَّ أجود بعيرٍ بمكة، ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربيُّ؟ قال: لا، وما أريدُ أن أجوز معهم إلا قريبًا، فلمَّا خرج أميةُ أخذ لا ينزلُ منزلاً إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى قتله الله ببدرٍ. للبخاري (1).

(1) البخاري (3950).

ص: 568

6465 -

وللبزار برجال الصحيح عن ابن مسعودٍ: قال: كان عتبهُ بن ربيعة صديقًا لسعدِ بن معاذ، فإذا قدم عتبة المدينة نزل على سعدٍ، وإذا قدم سعدٌ مكة نزل على عتبة

⦗ص: 569⦘

(1)، بمثل الحديث المتقدم في جميع فصوله ولا مخالفة بينهما، إلا أنَّ صديق سعدٍ في الأول أمية بن خلفٍ، وفي هذا عتبة بن ربيعة، والله أعلم.

(1) البزار كما في ((كشف الأستار)) (1758)، وقال الهيثمي: هو في الصحيح أنه نزل على أمية بن خلف، وأما ذكر عتبة فلم أره. وقال في ((المجمع)) 6/ 72: رجاله رجال الصحيح.

ص: 568

6466 -

عبد الرحمن بن عوفٍ: كاتبتُ أمية بن خلفٍ كتابًا أن يحفظني في صاغيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلمَّا ذكرتُ الرحمن قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان لك في الجاهلية، فكاتبته عبد عمرو، فلمَّا كان يوم بدرٍ خرجتُ إلى جبلٍ لأحرزهُ حين نام الناسُ فأبصره بلالٌ فخرج حتى وقف على مجلسٍ من مجالس الأنصار، فقال: يا معشر الأنصار أمية بن خلفٍ، لانجوت إن نجا أميةُ، فخرج معه فريقٌ من الأنصار في أثرنا، فلمَّا خشيتُ أن يلحقونا خلفتُ لهم ابنه لأشغلهم به، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان أمية رجلاً ثقيلاً، فلمَّا أدركونا قلت له ابرك فبرك فألقيتُ عليه نفسي لأمنعه فيخلُّوه فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه فأصاب أحدهم رجلي بسيفه، وكان عبد الرحمن يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه (1).

(1) البخاري (2301).

ص: 569

6467 -

وفي روايةٍ: فلمَّا كان يوم بدرٍ وحصل لي درعان، فلقيني أمية فقال: خذني وابني فأنا خيرٌ لك من الدرعين افتدى منك، فرآه بلالٌ فقال: أمية رأسُ الكفر، لا نجوت إن نجا أمية، فقتلهما، فكان ابن عوفٍ يقول: يرحم الله بلالاً فلا درعي ولا أسيري. للبخاري (1).

(1) البخاري (3971).

ص: 569

6468 -

وعنه: إني لواقفٌ في الصف يوم بدرٍ، فنظرتُ عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيتُ أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: أي عم هل تعرف أبا جهل؟

قلت نعم، فما حاجتك إليه يا ابن أخي؟

قال: أخبرتُ أنه يسبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارقُ سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فعجبتُ لذلك، وغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهلٍ يجولُ في الناس، فقلتُ: ألا تريان، هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، فابتدراهُ بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال:((أيكما قتله؟)) فقال كل واحدٍ منهما أن قتلته، فقال: ((هل

⦗ص: 570⦘

مسحتما سيفيكما))؟

قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال:((كلاكما قتله))، وقضى صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمر بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء (1).

(1) البخاري (3141) ومسلم (1752).

ص: 569

6469 -

وفي روايةٍ: فشدَّا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء (1).

(1) البخاري (3988).

ص: 570

6470 -

أنسُ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ: ((من ينظر لنا ما صنع أبو جهل))، فانطلق ابنُ مسعودٍ فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبو جهلٍ؟

قال: وهل فوق رجلٍ قتلتموه أو قال قتله قومه (1).

(1) البخاري (3962).

ص: 570

6471 -

وفي رواية: قال أبو جهلٍ فلو غير أكار قتلني. هما للشيخين (1).

(1) البخاري (4020)، ومسلم (1800).

ص: 570

6472 -

ابنُ مسعودٍ: مررت فإذا أبو جهلٍ صريعٌ قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهلٍ قد أخزى الله الآخر، ولا أهابه عند ذلك، فقال: أبعد من رجلٍ قتله قومهُ، فضربتهُ بسيفٍ غير طائلٍ، فلم يغن شيئًا حتى سقط سيفه من يديه، فضربته حتى برد. لأبى داود (1).

(1) أبو داود (2709)، قال المنذري في ((مختصر)) 4/ 38: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2357).

ص: 570

6473 -

ولرزين: فضربته بسيفي فلم يغن شيئًا فبصق إلى وجهي وقال: سيفك كهامٌ، خذ سيفي فاحتز به رأسي من عرشي، فأجهزت عليه فنفلني صلى الله عليه وسلم سيفه لما أجهزت عليه، وكان قد أثخن، وكان عتبةُ قد أشار على أبي جهل بالانصراف، فقال له أبو جهل: قد انتفخ سحره من الخوف، فقال له عتبة سيعلم مصفرُ استه أينا انتفخ سحرهُ.

ص: 570

6474 -

الزبيرُ: لقيتُ يوم بدرٍ عبيدة بن سعيدٍ بن العاص، وهو مدججٌ لا يرى منه إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرش، فقال أنا أبو ذات الكرش، فحملتُ عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات، ولقد وضعتُ رجلي عليه، ثم تمطيت فكان الجهدُ أن نزعتها وقد انثنى طرفاها، قال عروةُ فسأله إياها

⦗ص: 571⦘

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها، فلما قبض أخذها، ثم طلبها أبو بكرٍ فأعطاه إياها، فلمَّا قبض أبو بكرٍ سألها إياه عمر فأعطاه إياها، فلمَّا قبض عمر أخذها ثمَّ طلبها عثمان فأعطاه إياها، فلمَّا قُتل وقعت عند آل علىٍّ فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل. للبخاري (1).

(1) البخاري (3998).

ص: 570

6475 -

عليٌ: لما كان يوم بدرٍ تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه وأخوه، فنادى من يبارز؟

فانتدب له شبابٌ من الأنصار، فقال: ممن أنتم؟

فأخبروه فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمِّنا، فقال صلى الله عليه وسلم:((قم يا حمزة، قم يا على، قم يا عبيدة بن الحارث))، فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة، واختلفت بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحدٍ منهما صاحبهُ، ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة. لأبي داود (1).

(1) أبو داود (2565)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2321).

ص: 571

6476 -

أبو طلحة: لمَّا كان يومُ بدرٍ وظهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمر بأربعةٍ وعشرين رجلاً من صناديد قريش فألقوا في طوىّ من أطواء بدرٍ خبيثٍ مخبثٍ، وكان إذا ظهر على قومٍ أقام بالعرصة ثلاث ليالٍ، فلمَّا كان ببدرٍ اليوم الثالث أمر براحلته فرحلت، ثم مشى واتبعه أصحابه، حتى قام على شفة الرَّكىِّ، فجعل يُناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ((أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا))، فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجسادٍ لا أرواح لها؟

فقال: ((والذي نفس محمدٍ بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)) قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقمةً وحسرةً وندمًا. للشيخين (1).

(1) البخاري (3976)، ومسلم (2875).

ص: 571

6477 -

أنسٌ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا، ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم، فقال: ((يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلفٍ، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة

⦗ص: 572⦘

بن ربيعة)) بنحوه. وفي آخره: ثمَّ أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدرٍ. لمسلم (1).

(1) مسلم (2874).

ص: 571

6478 -

جبيرُ بنُ مطعم: لمَّا أسر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أسر يوم بدرٍ، قال:((لو كان المطعم بن عدىٍّ حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له)). للبخاري وأبي داود (1).

(1) البخاري (3139)، وأبو داود (2689).

ص: 572

6479 -

علي رفعهُ: ((إنَّ جبريل، قال لي: خيِّر أصحابك في أسارى بدرٍ، إمَّا القتلُ وإمَّا الفداءُ، على أن يُقتل منهم قابلٌ مثلهم، فقالوا اخترنا الفداء، ويُقتلُ منا فنستشهد)) (1). للترمذي.

(1) الترمذي (1567)، وقال: حسن غريب من حديث الثوري، لا نعرفه إلى من حديث ابن أبي زائدة. وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1272).

ص: 572

6480 -

ابنُ عباسٍ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ: ((من فعل كذا وكذا فله من النَّفل كذا وكذا))، فتقدَّم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها، فلمَّا فتح الله عليهم قالت المشيخةُ كنَّا ردءًا لكم لو انهزمتم فئتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم دوننا، فأبى الفتيان وقالوا جعله صلى الله عليه وسلم لنا، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَال} [الأنفال: 1] إلى قوله {لكارهون} ، يقولُ: فكان ذلك خيرًا لهم، فكذلك أيضًا، فأطيعوني فإني أعلمُ بعاقبة هذا منكم، فأصلحوا ورضى كلٌ بقسم الله فيه. لأبي داود (1).

(1) أبو داود (2737)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2376).

ص: 572

6481 -

وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدرٍ، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحدٍ (1).

(1) الترمذي (1561)، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة (2808)،وقال الألباني في صحيح الترمذي (1266): حسن الإسناد.

ص: 572

6482 -

ابن مسعود: لمَّا كان يومُ بدر وجيء بالأسارى، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:((ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟))

فذكر في الحديث قصةً فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا ينفلتنَّ أحدٌ منهم إلا بفداءٍ أو ضرب عنق))، قال عبد الله، فقلتُ

⦗ص: 573⦘

يا رسول الله إلا سهل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام فسكت، فما رأيتني في يومٍ أخوف أن تقع علىَّ حجارةٌ من السماء مني في ذلك اليوم، حتى قال صلى الله عليه وسلم:((إلا سهلُ بن بيضاء))، ونزل القرآن بقول عمر {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال: 67] إلى آخر الآيات. هما للترمذي (1).

(1) الترمذي (3084)، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (598).

ص: 572

6483 -

ومن تلك القصة عند أحمد والكبير: أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تقولون في هؤلاء الأسارى)

فقال أبو بكرٍ: قومك وأهلك استفدهم، ولعل الله أن يتوب عليهم، وقال عمر: أخرجوك وكذبوا بك، نضربُ أعناقهم، وقال ابن رواحة: انظروا واديًا كثير الحطب فادخلهم فيه ثم أضرمه عليهم نارًا، فدخل صلى الله عليه وسلم ثم خرج، فقال:((مثلك يا أبا بكرٍ كمثل إبراهيم قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] وكمثل عيسى قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] ومثلك يا عمر كمثل نوحٍ قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} [نوح: 26] وكمثل موسى {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] أنتم عالةٌ، فلا ينفلتنَّ أحدٌ إلا بفداءٍ وضرب عنقٍ)) (1).

(1) أحمد 1/ 383 - 384، والطبراني 10/ 143 (10257).

ص: 573

6484 -

ابنُ عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدرٍ أربعمائةً. لأبي داود (1).

(1) أبو داود (2691)، وقال الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2340): صحيح دون الأربعمائة.

ص: 573

6485 -

أنسٌ: أنَّ (رجالاً)(1) من الأنصار استأذنوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباسٍ فداءه، فقال:((لا تدعوا منه درهمًا)). للبخاري (2).

(1) من (ب).

(2)

البخاري (2537).

ص: 574

6486 -

عائشةُ: لما بعث أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب فداء زوجها أبي العاص، وبعثت فيه بقلادةٍ لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص، فلمَّا رآها صلى الله عليه وسلم رقَّ لها رقةً شديدةً، وقال:((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها)) فقالوا: نعم، وكان صلى الله عليه وسلم أخذ عليه ووعده أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار، فقال:((لهما كونا ببطن يأجج حتى تمرَّ بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها)). لأبي داود (1).

(1) أبو داود (2692)، وحسنه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2341).

ص: 574

6487 -

ابنُ عباس: لمَّا فرغ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بدرٍ قيل له عليك العير ليس دونها شيءٌ، فناداه العباس من وثاقه، لا تصلح لك لأنَّ الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك الله ما وعدك، قال:((صدقت)). للترمذي (1).

(1) الترمذي (3080)، قال الألباني في ضعيف الترمذي (596): ضعيف الإسناد.

ص: 574

6488 -

عائشةُ: تزوج أبو بكرٍ امرأةً من كلبٍ يُقالُ لها أمَّ بكرٍ، طلقها فتزوجها ابن عمها، هذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة وهو أبو بكرٍ بن الأسود يرثي كفار قريشٍ:

وماذا بالقليب قليب بدرٍ.

من الشيزا تزين بالسنام.

وماذا بالقليب قليب بدرٍ.

من القينات والشرب الكرام.

تُحييَّ بالسلامة أمَّ بكرٍ.

وهل لي بعد قومي من سلام.

يحدثنا الرسول بأنَّ سنحيى.

وكيف حياة أصداءٍ وهام.

للبخاري (1).

(1) البخاري (3921).

ص: 574

6489 -

وعنها: خرج صلى الله عليه وسلم قبل بدرٍ فلمَّا كان بحرة الوبرة أدركه رجلٌ تُذْكَرُ منه جرأة، ففرح الصحابة

⦗ص: 575⦘

حين رأوه، فقال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال:((تؤمن بالله ورسوله؟)) قال: لا، قال:((فارجع فلن أستعين بمشركٍ)) ثمَّ مضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرةٍ، وقال صلى الله عليه وسلم: مثل أول مرةٍ ثمَّ مضى، ثمَّ رجع فأدركه بالبيداء، فقال له صلى الله عليه وسلم:((أتؤمن بالله ورسوله؟)) قال: نعم، قال: فانطلق. للترمذي وأبي داود ومسلمٍ بلفظه (1).

(1) مسلم (1817)، وأبو داود (2732)، والترمذي (1558).

ص: 574