الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
110 -
بَاب مَا نزل فِي الجائين بالإفك فِي حق النِّسَاء ورميهن
{إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين} {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} سُورَة النُّور
قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك} وَهُوَ أَسْوَأ الْكَذِب وأفحشه وأقبحه فالإفك هُوَ الحَدِيث المقلوب لكَونه مصروفا عَن الْحق وَقيل هُوَ الْبُهْتَان وَأجْمع الْمُسلمُونَ على أَن المُرَاد بِمَا فِي الْآيَة مَا وَقع من الْإِفْك على عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا وَصفه الله بِأَنَّهُ إفْك لِأَن الْمَعْرُوف من حَالهَا رضي الله عنها خلاف ذَلِك {عصبَة مِنْكُم} وَهِي الْجَمَاعَة من الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَالْمرَاد بهم هُنَا عبد الله بن أبي رَأس الْمُنَافِقين وَزيد بن رِفَاعَة وَحسان بن ثَابت ومسطح بن أثاثه وَحمْنَة بن جحش وَمن ساعدهم
وَقد أخرج الشَّيْخَانِ وَأهل السّنَن وَغَيرهم حَدِيث عَائِشَة الطَّوِيل فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَات بِأَلْفَاظ مُتعَدِّدَة وطرق مُخْتَلفَة حَاصله أَنَّهَا خرجت من هودجها تلتمس عقدا لَهَا من جزع انْقَطع فرحلوا وهم يظنون أَنَّهَا فِي هودجها فَرَجَعت وَقد ارتحل الْجَيْش والهودج مَعَهم فأقامت فِي ذَلِك الْمَكَان وَمر بهَا صَفْوَان بن الْمُعَطل مُتَأَخِّرًا عَن الْجَيْش فَأَنَاخَ رَاحِلَته وَحملهَا عَلَيْهَا فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْإِفْك قَالُوا مَا قَالُوا فبرأها الله مِمَّا قَالُوا هَذَا حَاصِل الْقِصَّة مَعَ طولهَا وتشعب أطرافها
{لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم} بِسَبَب تكَلمه بالإفك {وَالَّذِي تولى} أَي تحمل {كبره} أَي معظمه {مِنْهُم} فَبَدَأَ بالخوض فِيهِ وأشاعه وَهُوَ ابْن أبي {لَهُ عَذَاب عَظِيم} إِلَى قَوْله {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} أَي العفائف بالزنى {الْغَافِلَات} أَي اللَّاتِي غفلن عَن الْفَاحِشَة بِحَيْثُ لَا تخطر ببالهن وَلَا يفْطن لَهَا وَقيل هن السليمات الصُّدُور النقيات الْقُلُوب اللَّاتِي لَيْسَ فِيهِنَّ دهاء وَلَا مكر لِأَنَّهُنَّ لم يجربن الْأُمُور فَلَا يفْطن لما تفطن لَهُ المجربات وَكَذَلِكَ البله من الرِّجَال الَّذين غلبت عَلَيْهِم سَلامَة الصُّدُور وَحسن الظَّن بِالنَّاسِ أغفلوا أَمر دنياهم فجهلوا حذق التَّصَرُّف فِيهَا وَأَقْبلُوا على آخرتهم فشغلوا نُفُوسهم بهَا {الْمُؤْمِنَات} بِاللَّه وَرَسُوله {لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} وَالْآيَة نَص على كَون الرافضة ملعونين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لأَنهم يرْمونَ من هِيَ أفضل الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات أقمأهم الله تَعَالَى قيل هَذَا خَاصَّة فِي عَائِشَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم دون سَائِر الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات فَمن قذف إِحْدَاهُنَّ فَهُوَ من أهل هَذِه الْآيَة وَلَا تَوْبَة لَهُ وَمن قذف غَيْرهنَّ فَلهُ التَّوْبَة وَقيل تعم كل قَاذف ومقذوف من الْمُحْصنَات والمحصنين وَهُوَ الْمُوَافق لما قَرَّرَهُ أهل الْأُصُول من أَن الِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَنزل ثَمَانِي عشرَة آيَة فِي بَرَاءَة عَائِشَة الصديقة رضي الله عنها تَنْتَهِي بقوله سُبْحَانَهُ {أُولَئِكَ مبرؤون}