الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
139 -
بَاب مَا نزل فِي عدم خيرتهن بعد قَضَاء الله وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم
قَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} قَالَ الْقُرْطُبِيّ لفظ مَا كَانَ وَمَا يَنْبَغِي وَنَحْوهمَا مَعْنَاهُ الْحَظْر وَالْمَنْع من الشَّيْء والإخبار بِأَنَّهُ لَا يحل شرعا أَن يكون وَقد يكون لما يمْتَنع عقلا كَقَوْلِه {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا} سُورَة النَّمْل وَمعنى الْآيَة أَنه لَا يحل لمن يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يخْتَار من أَمر نَفسه مَا شَاءَ بل يجب عَلَيْهِ أَن يذعن للْقَضَاء وَيُوقف نَفسه تَحت مَا قضى الله وسوله عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ لَهُ وَيجْعَل رَأْيه تبعا لرأيه وَجمع الضَّمِير فِي قَوْله لَهُم وأَمرهم لِأَن مُؤمنا ومؤمنة وَقعا فِي سِيَاق النَّفْي فهما يعمان كل مُؤمن ومؤمنة {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} فِي أَمر من الْأُمُور وَشَيْء من الْأَشْيَاء وَمن ذَلِك عدم الرِّضَا بِمَا قضى الله بِهِ فِي كِتَابه أَو رَسُوله صلى الله عليه وسلم فِي سنته {فقد ضل ضلالا مُبينًا} ظَاهرا وَاضحا لَا يخفى فَإِن كَانَ الْعِصْيَان عصيان رد وَامْتِنَاع عَن الْقبُول كحالة بعض أهل الرَّأْي وَأَصْحَاب الْفُرُوع فَهُوَ ضلال كفر وَإِن كَانَ عصيان فعل مَعَ قبُول الْأَمر واعتقاد الْوُجُوب كحالة بعض أهل التَّوْحِيد فَهُوَ ضلال خطأ وَفسق
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثه فَدخل على زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية فَخَطَبَهَا قَالَت لست بناكحته قَالَ بلَى فانكحيه قَالَت يَا رَسُول الله أؤامر نَفسِي
فَبَيْنَمَا هما يتحدثان إِذْ أنزل الله هَذِه الْآيَة على رَسُوله صلى الله عليه وسلم قَالَت قد رضيته لي ناكحا قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا أعصي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكحته نَفسِي أخرجه ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه
وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِزَيْنَب إِنِّي أُرِيد أَن أزَوجك زيد بن حَارِثَة فَإِنِّي قد رضيته لَك قَالَت يَا رَسُول الله لكني لَا أرضاه لنَفْسي وَأَنا أيم قومِي وَبنت عَمَّتك فَلم أكن لأَفْعَل فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن} يَعْنِي زيدا {وَلَا مُؤمنَة} يَعْنِي زَيْنَب {إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} يَعْنِي النِّكَاح فِي هَذَا الْموضع {أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} خلاف مَا أَمر الله بِهِ قَالَت قد أطعتك فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَزَوجهَا زيدا وَدخل عَلَيْهَا أخرجه ابْن مرْدَوَيْه
وَعَن ابْن زيد قَالَ نزلت فِي أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وَكَانَت أول امْرَأَة هَاجَرت فَوهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَزَوجهَا زيد بن حَارِثَة فَسَخِطَتْ هِيَ وأخوها وَقَالا إِنَّمَا أردنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَزَوجهَا عَبده وَكَانَ تزوج زيد بِزَيْنَب قبل الْهِجْرَة بِنَحْوِ ثَمَان سِنِين وَبعد مَا طلق زيد زَيْنَب زوجه صلى الله عليه وسلم أم كُلْثُوم وَكَانَ زوجه قبلهَا أم أَيمن وَولدت لَهُ أُسَامَة وَكَانَت وِلَادَته بعد الْبعْثَة بِثَلَاث سِنِين وَقيل بِخمْس وَفِي شرح الْمَوَاهِب أَن أم أَيمن هِيَ بركَة الحبشية بنت ثَعْلَبَة أعْتقهَا عبد الله أَبُو النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقيل بل أعْتقهَا هُوَ صلى الله عليه وسلم وَقيل كَانَت لأمه صلى الله عليه وسلم أسلمت قَدِيما وَهَاجَرت الهجرتين وَمَاتَتْ بعده صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَة أشهر وَقيل بِسِتَّة قَالَ أهل الْعلم دلّت الْآيَة على لُزُوم اتِّبَاع قَضَاء الْكتاب وَالسّنة وذم التَّقْلِيد والرأي وَعدم خيرة الْأَمر فِي مُقَابلَة النَّص من الله وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم وَإِن كَانَ السَّبَب خَاصّا فَإِن الِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب