الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
466 -
بَاب مَا ورد فِي الْوَعيد على تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب إِذا لم يؤدين زَكَاته
عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنة لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب فَقَالَ لَهَا أتعطين زَكَاة هَذَا قَالَت لَا قَالَ أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار قَالَ فخلعتهما فألقتهما إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَت هما لله وَلِرَسُولِهِ رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني نَحوه أَن امْرَأتَيْنِ أتتا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي أَيْدِيهِمَا سواران من ذهب فَقَالَ لَهما أتؤديان زَكَاته قَالَتَا لَا فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أتحبان أَن يسوركما الله بسوارين من نَار قَالَتَا لَا قَالَ فأديا زَكَاته رَوَاهُ النَّسَائِيّ مُرْسلا ومتصلا وَرجح الْمُرْسل المسكة محركة وَاحِدَة الْمسك وَهُوَ سوار من ذبل أَو قرن أَو عاج فَإِذا كَانَ من غير ذَلِك أضيف إِلَيْهِ
قَالَ الْخطابِيّ فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما سِوَارَيْنِ من نَار إِنَّمَا هُوَ تَأْوِيل قَوْله عز وجل {يَوْم يحمى عَلَيْهَا فِي نَار جَهَنَّم فتكوى بهَا جباههم وجنوبهم} سُورَة التَّوْبَة انْتهى
قلت الْآيَة فِي الْكَنْز فَإِن ثَبت أَن الأسورة مِنْهُ صَحَّ التَّأْوِيل كَمَا قَالَ الْخطابِيّ وَإِلَّا فَلَا
وَعَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرَأى فِي يَدي فتخات من ورق فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة فَقلت صنعتهن لأتزين لَك يَا رَسُول الله قَالَ أتؤدين زكاتهن قلت لَا أَو مَا شَاءَ الله قَالَ هِيَ حَسبك من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارقطني وَفِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب الغافقي وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا وَلَا اعْتِبَار بِمَا ذكره الدَّارقطني
من أَن مُحَمَّد بن عَطاء مَجْهُول فَإِن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء نسب إِلَى جده وَهُوَ ثِقَة ثَبت روى لَهُ أَصْحَاب السّنَن وَاحْتج بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحهمَا
الفتخات جمع فتخة وَهِي حَلقَة لَا فص لَهَا تجعلها الْمَرْأَة فِي أَصَابِع رجلهَا وَرُبمَا وَضَعتهَا فِي يَدهَا وَقَالَ بَعضهم هِيَ خَوَاتِم كبار كَانَت النِّسَاء يتختمن بهَا
قَالَ الْخطابِيّ وَالْغَالِب أَن الفتخات لَا تبلغ بانفرادها نِصَابا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن يضم إِلَى بَقِيَّة مَا عِنْدهَا من الْحلِيّ فتؤدي زَكَاتهَا فِيهِ
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت دخلت أَنا وخالتي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعلينا أسورة من ذهب فَقَالَ لنا أتعطيان زَكَاته قَالَت فَقُلْنَا لَا فَقَالَ أما تخافان أَن يسوركما الله أسورة من نَار أديا زَكَاته رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن
وَعَن ثَوْبَان قَالَ جَاءَت هِنْد بنت هُبَيْرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدهَا فتخ من ذهب أَي خَوَاتِم ضخام فَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يضْرب يَدهَا فَدخلت على فَاطِمَة تَشْكُو إِلَيْهَا الَّذِي صنع بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فانتزعت فَاطِمَة سلسلة فِي عُنُقهَا من ذهب قَالَت هَذِه أهداها لي أَبُو حسن فَدخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا فَاطِمَة أَيَسُرُّك أَن يَقُول النَّاس إِنَّك إبنة رَسُول الله وَفِي يدك سلسلة من نَار ثمَّ خرج وَلم يقْعد فَأرْسلت فَاطِمَة السلسلة إِلَى السُّوق فباعتها واشترت بِثمنِهَا غُلَاما وَقَالَ مرّة عبدا وَذكر كلمة مَعْنَاهَا فأعتقته فَحدث بذلك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أنجى فَاطِمَة من النَّار رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيّمَا امْرَأَة تقلدت قلادة من ذهب قلدت فِي عُنُقهَا مثلهَا من النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَأَيّمَا امْرَأَة جعلت فِي أذنها خرصا من ذهب جعل فِي أذنها مثله من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد
قَالَ الْمُنْذِرِيّ هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي ورد فِيهَا الْوَعيد على تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب تحْتَمل وُجُوهًا من التَّأْوِيل
أَحدهمَا أَن ذَلِك مَنْسُوخ فَإِنَّهُ قد ثَبت إِبَاحَة تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب ا
لثاني أَن هَذَا فِي حق من لَا يُؤَدِّي زَكَاته دون من أَدَّاهَا وَيدل على هَذَا حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَعَائِشَة وَأَسْمَاء وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فَروِيَ عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنه أوجب فِي الْحلِيّ الزَّكَاة وَهُوَ مَذْهَب عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير وَعبد الله ابْن شَدَّاد وَمَيْمُون بن مهْرَان وَابْن سِيرِين وَمُجاهد وَجَابِر بن زيد وَالزهْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَاخْتَارَهُ ابْن الْمُنْذر وَمِمَّنْ أسقط الزكاه فِيهِ عبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَعَائِشَة وَالشعْبِيّ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَق وَأَبُو عُبَيْدَة قَالَ ابْن الْمُنْذر وَقد كَانَ الشَّافِعِي يَقُول بِهَذَا إِذْ هُوَ بالعراق ثمَّ وقف عَنهُ بِمصْر وَقَالَ هَذَا أستخير الله تَعَالَى فِيهِ
وَقَالَ الْخطابِيّ الظَّاهِر من الْآيَات يشْهد بقول من أوجبهَا والأثر يُؤَيّدهُ وَمن أسقطها ذهب إِلَى النّظر وَمَعَهُ طرف من الْأَثر وَالِاحْتِيَاط أَدَاؤُهَا وَالله أعلم
الثَّالِث أَنه فِي حق من تزينت بِهِ وأظهرته وَيدل لهَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن ربعي بن خرَاش عَن امْرَأَته عَن أُخْت لِحُذَيْفَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا معشر النِّسَاء أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين بِهِ أما إِنَّه لَيْسَ مِنْكُن امْرَأَة تتحلى ذَهَبا وتظهره إِلَّا عذبت بِهِ وَأُخْت حُذَيْفَة اسْمهَا فَاطِمَة وَفِي بعض طرقه عَن النَّسَائِيّ عَن ربعي عَن امْرَأَة عَن أُخْت لِحُذَيْفَة وَكَانَ لَهُ أَخَوَات أدركن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ النَّسَائِيّ بَاب الْكَرَاهَة للنِّسَاء فِي إِظْهَار حلي الذَّهَب ثمَّ صَدره
بِحَدِيث عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوهما فِي الدُّنْيَا وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا
الرَّابِع من الِاحْتِمَالَات أَنه إِنَّمَا منع مِنْهُ فِي حَدِيث الأسورة والفتخات لما رأى من غلظه فَإِنَّهُ مَظَنَّة الْفَخر وَالْخُيَلَاء وَبَقِيَّة الْأَحَادِيث مَحْمُولَة على هَذَا وَفِي هَذَا الِاحْتِمَال شَيْء وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن عبد الله ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن لبس الذَّهَب إلامقطعا
وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا عَن أبي قلَابَة عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن ركُوب النمار وَعَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا وَأَبُو قلَابَة لم يسمع من مُعَاوِيَة لَكِن روى النَّسَائِيّ أَيْضا عَن قَتَادَة عَن أبي شيخ أَنه سمع مُعَاوِيَة فَذكر نَحوه وَهَذَا مُتَّصِل وَأَبُو شيخ ثِقَة مَشْهُور
وَفِي التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وصحيح ابْن حبَان عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعَلِيهِ خَاتم من حَدِيد فَقَالَ مَالِي أرى عَلَيْك حلية أهل النَّار الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ من أَي شَيْء أتخذه قَالَ من ورق وَلَا تتمه مِثْقَالا وَالله أعلم انْتهى كَلَام الْمُنْذِرِيّ
قلت وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من أحب أَن يحلق حَبِيبه حَلقَة من نَار فليحلقه حَلقَة من ذهب وَمن أحب أَن يطوق حَبِيبه طوقا من نَار فليطوقه طوقا من ذهب وَمن أحب أَن يسور حَبِيبه بِسوار من نَار فليسوره بِسوار من ذهب وَلَكِن عَلَيْكُم بِالْفِضَّةِ فالعبوا بهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح وَفِي رِوَايَة كَيفَ شِئْتُم