الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
140 -
بَاب مَا نزل فِي نفي الْحَرج عَن أَزوَاج الأدعياء
قَالَ تَعَالَى {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك} هُوَ زيد بن حَارِثَة أنعم الله عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وأنعم عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِأَن أعْتقهُ من الرّقّ وَكَانَ من سبي الْجَاهِلِيَّة اشْتَرَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّة وَأعْتقهُ وتبناه قَالَ جمَاعَة إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقع مِنْهُ اسْتِحْسَان لِزَيْنَب وَهِي فِي عصمَة زيد وَكَانَت حريصة على أَن يطلقهَا زيد فيتزوجها النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ إِن زيدا أخبر بِأَنَّهُ يُرِيد فراقها شكا مِنْهَا غلظة القَوْل وعصيان الْأَمر والأذى بِاللِّسَانِ والتعظم بالشرف قَالَ لَهُ {وَاتَّقِ الله} فِي أمرهَا وَلَا تعجل بِطَلَاقِهَا وَأمْسك عَلَيْك زَوجك {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} وَهُوَ نِكَاحهَا إِن طَلقهَا زيد وَقيل حبها وَلكنه فعل مَا يجب عَلَيْهِ من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ {وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} فِي كل حَال وَهَذَا التَّقْرِير أحسن مَا قيل فِي هَذِه الْآيَة {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا} أَي حَاجَة سَمَّاهُ الله فِي الْقُرْآن حَتَّى صَار اسْمه يُتْلَى فِي المحاريب ونوه بِهِ غَايَة التنويه {زَوَّجْنَاكهَا} فَدخل عَلَيْهَا
بِغَيْر إِذن وَلَا عقد وَلَا تَقْدِير صدَاق وَلَا شَيْء مِمَّا هُوَ مُعْتَبر فِي النِّكَاح فِي حق أمته وَهَذَا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أحد بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَكَانَ تزَوجه بِزَيْنَب سنة خمس من الْهِجْرَة وَقيل سنة ثَلَاث وَهِي أول من مَاتَ بعده من زَوْجَاته المطهرات مَاتَت بعده بِعشر سِنِين عَن ثَلَاث وَخمسين سنة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهم عَن أنس قَالَ جَاءَ زيد بن حَارِثَة يشكو زَيْنَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول اتَّقِ الله وَأمْسك عَلَيْك زَوجك فَنزلت {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} فَتَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا أولم على امْرَأَة من نِسَائِهِ مَا أولم عَلَيْهَا ذبح شَاة وَأطْعم النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى تَرَكُوهُ فَكَانَت تفتخر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَقول زوجكن أهليكن وزوجني الله من فَوق سبع سماوات وَكَانَت تَقول لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم جدي وَجدك وَاحِد وَلَيْسَ من نِسَائِك من هِيَ كَذَلِك غَيْرِي وَقد أنكحنيك الله والسفير فِي ذَلِك جِبْرِيل قَالَه الخازن {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} أَي فِي التَّزَوُّج بِأَزْوَاج من يجعلونه ابْنا كَمَا كَانَت تَفْعَلهُ الْعَرَب وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيد بن حَارِثَة وَكَانَ يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزل قَوْله سُبْحَانَهُ {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} {إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطرا} بِخِلَاف ابْن الصلب فَإِن امْرَأَته تحرم على أَبِيه بِنَفس العقد عَلَيْهَا {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} أَي قَضَاءَهُ فِي أَمر زَيْنَب أَن يَتَزَوَّجهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاضِيا مَوْجُودا فِي الْخَارِج لَا محَالة
وَعَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زَيْنَب قَالُوا تزوج حَلِيلَة ابْنه فَأنْزل الله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم