الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ونبوتهما شَيْئا من الدّفع وَفِيه تَنْبِيه على أَن الْعَذَاب يدْفع بِالطَّاعَةِ لَا بالوسيلة {وَقيل} أَي يُقَال لَهما فِي الْآخِرَة أَو عِنْد مَوْتهمَا {ادخلا النَّار مَعَ الداخلين} أَي من أهل الْكفْر والمعاصي
قَالَ يحيى بن سَلام ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا يحذر بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة من الْمُخَالفَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين تظاهرتا عَلَيْهِ وَمَا أحسن مَا قَالَ فَإِن ذكر امْرَأَتي النَّبِيين بعد ذكر قصتهما على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرشد أتم إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إِلَى أَن المُرَاد تخويفهما مَعَ سَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَبَيَان أَنَّهُمَا وَإِن كَانَتَا تَحت عصمَة خير خلق الله وَخَاتم رسله فَإِن ذَلِك لَا يُغني عَنْهُمَا من الله شَيْئا وَقد عصمهما الله سُبْحَانَهُ من ذَنْب تِلْكَ المظاهرة بِمَا وَقع مِنْهُمَا من التَّوْبَة الصَّحِيحَة الْخَالِصَة
183 -
بَاب مَا نزل فِي امْرَأتَيْنِ مؤمنتين
قَالَ تَعَالَى {وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن} هِيَ آسِيَة بنت مُزَاحم وَكَانَت ذَات فراسة صَادِقَة آمَنت بمُوسَى عليه السلام فعذبها
فِرْعَوْن بالأوتاد الْأَرْبَعَة أَي جعل الله حَالهَا مثلا لحَال الْمُؤمنِينَ ترغيبا لَهُم فِي الثَّبَات على الطَّاعَة والتمسك بِالدّينِ وَالصَّبْر فِي الشدَّة وَأَن وصلَة الْكفْر لَا تَضُرهُمْ كَمَا لم تضر امْرَأَة فِرْعَوْن وَقد كَانَت تَحت أكفر الْكَافرين وَصَارَت بإيمانها بِاللَّه فِي جنَّات النَّعيم وَفِيه دَلِيل على أَن وصلَة الْكفْر لَا تضر مَعَ الْأَيْمَان {إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله} أَي من ذَاته الخبيثة وشركه وَمَا يصدر عَنهُ من أَعمال الشَّرّ وَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس من عمله يَعْنِي جمَاعَة وَعَن سلمَان قَالَ كَانَت امْرَأَة فِرْعَوْن تعذب بالشمس فَإِذا انصرفوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانَت ترى بَيتهَا فِي الْجنَّة {ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ الْكَلْبِيّ هم أهل مصر وَقَالَ مقَاتل هم القبط فَفرج الله لَهَا عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة فرأته وَقبض الله روحها قَالَ الْحسن وَابْن كيسَان نجاها الله أكْرم نجاة ورفعها إِلَى الْجنَّة فَهِيَ تَأْكُل وتشرب وَفِيه دَلِيل على أَن الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه والالتجاء إِلَيْهِ وَمَسْأَلَة الْخَلَاص مِنْهُ عِنْد المحن والنوازل من سير الصَّالِحين والصالحات وديدن الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِيَوْم الدَّين وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد وأضجعها وَجعل على صدرها رحى واستقبل بهَا عين الشَّمْس فَرفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء وَقَالَت {رب ابْن لي} الْآيَة {وَمَرْيَم ابْنة عمرَان} مثل الْمُؤمنِينَ بامرأتين كَمَا مثل حَال الْكفَّار بامرأتين وَالْمَقْصُود من ذكرهَا أَن الله سُبْحَانَهُ جمع لَهَا بَين كَرَامَتِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة واصطفاها على نسَاء الْعَالمين مَعَ كَونهَا بَين قوم كَافِرين {الَّتِي أحصنت} أَي حفظت {فرجهَا} عَن الْفَوَاحِش وَالرِّجَال فَلم يصل إِلَيْهَا رجل لَا بِنِكَاح وَلَا بزنى قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المُرَاد بالفرج هُنَا الجيب {فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا} المخلوقة لنا وَذَلِكَ أَن جِبْرِيل عليه السلام نفخ