الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن يُرَاجِعهَا فَمنعهَا معقل كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَاسْمهَا جميلَة وَاسم زَوجهَا عَاصِم بن عدي فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة كفر عَن يَمِينه وأنكحها إِيَّاه وَتَمام الْقِصَّة فِي البُخَارِيّ
19 -
بَاب مَا نزل فِي إِرْضَاع الوالدة الْوَلَد والفصال
قَالَ تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} تَأْكِيد للدلالة على أَن هَذَا التَّقْدِير تحقيقي لَا تقريبي وَفِيه رد على أبي حنيفَة فِي قَوْله إِن مُدَّة الرَّضَاع ثَلَاثُونَ شهرا وعَلى زفر فِي قَوْله إِنَّهَا ثَلَاث سِنِين ذَلِك {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} فِيهِ دَلِيل على أَن إِرْضَاع الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ حتما بل هُوَ التَّمام وَيجوز الِاقْتِصَار على مَا دونه وَلَيْسَ لَهُ حد مَحْدُود وَإِنَّمَا هُوَ على مِقْدَار إصْلَاح الطِّفْل وَمَا يعِيش بِهِ وَالْآيَة تدل على وجوب الرَّضَاع على الْأُم لولدها وَقد حمل ذَلِك على مَا إِذا لم يقبل الرَّضِيع غَيرهَا {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ} أَي على الْأَب الَّذِي يُولد لَهُ وآثر هَذَا اللَّفْظ دون قَوْله وعَلى الْوَالِد للدلالة على أَن الْأَوْلَاد للآباء لَا للأمهات وَلِهَذَا ينسبون إِلَيْهِم دونهن كَأَنَّهُمْ ولدن لَهُم فَقَط ذكر مَعْنَاهُ فِي الْكَشَّاف
{رزقهن} أَي الطَّعَام الْكَافِي الْمُتَعَارف بِهِ بَين النَّاس {وكسوتهن} أَي مَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ أَيْضا {بِالْمَعْرُوفِ} أَي على قدر الميسرة وَفِي ذَلِك دَلِيل على وجوب ذَلِك على الْآبَاء للأمهات المرضعات وَهَذَا فِي المطلقات طَلَاقا بَائِنا وَأما غير المطلقات فنفقتهن وكسوتهن وَاجِبَة على الْأزْوَاج من غير إرضاعهن لأولادهن وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَظْهر أَن الْآيَة فِي الزَّوْجَات فِي حَال بَقَاء النِّكَاح لِأَنَّهُنَّ المستحقات للنَّفَقَة وَالْكِسْوَة أرضعن أَو لم يرضعن وهما فِي مُقَابلَة التَّمْكِين لَكِن إِذا اشتغلت الزَّوْجَة بالإرضاع لم يكمل التَّمْكِين وَلَا التَّمَتُّع بهَا فقد يتَوَهَّم أَن هَذِه النَّفَقَة تسْقط حَالَة الْإِرْضَاع فَدفع هَذَا التَّوَهُّم بقوله {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ} ثمَّ قَالَ فِي مَحل آخر وَفِي هَذِه الْآيَة دَلِيل على وجوب نَفَقَة الْوَلَد على الْوَالِد لعَجزه وَضَعفه وَنسبه تَعَالَى للْأُم لِأَن الْغذَاء يصل إِلَيْهِ بواسطتها فِي الرَّضَاع وَأجْمع الْعلمَاء على أَنه يجب على الْأَب نَفَقَة أَوْلَاده الْأَطْفَال الَّذين لَا مَال لَهُم انْتهى {لَا تكلّف نفس} أَي من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة {إِلَّا وسعهَا لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا} أَي لَا تضار من زَوجهَا بِأَن يقصر عَلَيْهَا فِي شَيْء مِمَّا يجب عَلَيْهِ أَو ينْزع وَلَدهَا مِنْهَا بِلَا سَبَب {وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده} أَي لَا يضار الْأَب بِسَبَب الْوَلَد بِأَن تطلب مِنْهُ مَا لَا يقدر عَلَيْهِ من الرزق وَالْكِسْوَة هَذَا إِذا قريء على الْبناء للْمَفْعُول وَأما إِذا قريء على الْبناء للْفَاعِل فَالْمَعْنى لَا تضر وَالِدَة بوالدها فتسيء تَرْبِيَته أَو تقصر فِي غذائه وَلَا وَالِد بِأَن يفرط فِي حفظ الْوَلَد وَالْقِيَام بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وقدمها لفرط شفقتها وأضيف الْوَلَد تَارَة إِلَى الْأَب وَتارَة إِلَى الْأُم للاستعطاف لَا لبَيَان النّسَب
إِذْ لَو كَانَت لَهُ لم تصح إِلَّا للوالد لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الْوَلَد {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قيل هُوَ وَارِث الصَّبِي إِذا مَاتَ أَبوهُ كَانَ عَلَيْهِ إرضاعه قَالَه أَحْمد وَأَبُو حنيفَة على خلاف بَينهمَا هَل يكون الْوُجُوب على من يَأْخُذ نَصِيبا من الْمِيرَاث أَو على الذُّكُور فَقَط أَو على كل ذِي رحم لَهُ وَإِن لم يكن وَارِثا
وَقيل وَارِث الْأَب تجب عَلَيْهِ نَفَقَة الْمُرضعَة وكسوتها بِالْمَعْرُوفِ إِذا لم يكن للصَّبِيّ مَال فَإِن كَانَت أخذت أُجْرَة رضاعه من مَاله وَقيل هُوَ الصَّبِي نَفسه أَي عَلَيْهِ من مَاله إِرْضَاع نَفسه إِذا مَاتَ أَبوهُ وَورث من مَاله وَقيل هُوَ الْبَاقِي من وَالِدي الْمَوْلُود بعد موت الآخر مِنْهُمَا فَإِذا مَاتَ الْأَب كَانَ على الْأُم كِفَايَة الطِّفْل إِذا لم يكن لَهُ مَال وَقيل وَارِث الْمُرضعَة يجب عَلَيْهِ أَن يضع بالمولود كَمَا كَانَت الْأُم تَصنعهُ بِهِ من الرَّضَاع والخدمة والتربية {فَإِن أَرَادَا فصالا} أَي فطاما عَن الرَّضَاع والتفريق بَين الصَّبِي والثدي {عَن ترَاض مِنْهُمَا} أَي على اتِّفَاق من الْوَالِدين إِذا كَانَ قبل الْحَوْلَيْنِ (وتشاور) يشاورون أهل الْعلم فِي ذَلِك حَتَّى يخبروا أَن الْفِطَام قبل الْحَوْلَيْنِ لَا يضر بِالْوَلَدِ {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا} فِي ذَلِك الفصال {وَإِن أردتم} خطاب للآباء لَا للأمهات {أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم} غير الوالدة فَلَا جنَاح {إِذا سلمتم} إِلَى الْأُمَّهَات {مَا آتيتم} من أجرهن بِحِسَاب مَا قد أرضعن لكم وَقيل إِذا سلمتم مَا أردتم إعطاءه إِلَى المرضعات {بِالْمَعْرُوفِ} مستبشري الْوُجُوه ناطقين بالْقَوْل الْجَمِيل مطيبين لأنفس المراضع بِمَا أمكن