الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
176 -
بَاب مَا نزل فِي طَلَاق النسْوَة لعدتهن
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الطَّلَاق {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} خطاب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِلَفْظ الْجمع تَعْظِيمًا لَهُ أَو خطاب لَهُ ولأمته {فطلقوهن لعدتهن} المُرَاد بِالنسَاء الْمَدْخُول بِهن ذَوَات الْأَقْرَاء وَأما غير الْمَدْخُول بِهن فَلَا عدَّة عَلَيْهِنَّ بِالْكُلِّيَّةِ وَأما ذَوَات الْأَشْهر فَسَيَأْتِي ذكرهن فِي قَوْله {واللائي يئسن} وَالْمعْنَى مستقبلات لعدتهن أَو فِي قبل عدتهن أَو لقبل عدتهن أَو لزمان عدتهن وَهُوَ الطُّهْر
وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ من أَرَادَ أَن يُطلق للسّنة كَمَا أمره الله فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا فِي غير جماع وَعَن ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَذكر ذَلِك عمر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ ثمَّ قَالَ ليراجعها ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا قبل أَن يَمَسهَا فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن تطلق لَهَا النِّسَاء وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا وَفِي الْبَاب أَحَادِيث {وأحصوا الْعدة} أَي احفظوها واحفظوا الْوَقْت الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق حَتَّى تتمّ الْعدة وَهِي ثَلَاثَة قُرُوء مستقبلات كوامل لَا نُقْصَان فِيهِنَّ وَالْخطاب
للأزواج لغفلة النِّسَاء وَقيل لِلزَّوْجَاتِ وَقيل للْمُسلمين عَامَّة وَالْأول أولى لِأَن الضمائر كلهَا لَهُم وَلَكِن الزَّوْجَات داخلات فِي هَذَا الْخطاب بالإلحاق بالأزواج لِأَن الزَّوْج يحصي الْعدة ليراجع وَينْفق أَو يقطع ويسكن أَو يخرج وَيلْحق نسبه أَو يقطع وَهَذِه كلهَا أُمُور مُشْتَركَة بَينه وَبَين الْمَرْأَة وَقيل أَمر بإحصاء الْعدة لتفريق الطَّلَاق على الْأَقْرَاء إِذا أَرَادَ أَن يُطلق ثَلَاثًا وَقيل للْعلم بِبَقَاء زمَان الرّجْعَة ومراعاة أَمر النَّفَقَة وَالسُّكْنَى {وَاتَّقوا الله ربكُم} فِي تَطْوِيل الْعدة عَلَيْهِنَّ والإضرار بِهن {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ} أَي الَّتِي كُنَّا فِيهَا عِنْد الطَّلَاق مَا دمن فِي الْعدة {وَلَا يخْرجن} من تِلْكَ الْبيُوت مَا دمن فِي الْعدة إِلَّا لأمر ضَرُورِيّ قَالَ أَبُو السُّعُود وَلَو بِإِذن من الْأزْوَاج فَإِن الْإِذْن بِالْخرُوجِ فِي حكم الْإِخْرَاج وَقَالَ الْخَطِيب لِأَن فِي الْعدة حَقًا لله تَعَالَى فَلَا يسْقط بتراضيهما وَهَذَا كُله عِنْد عدم الْعذر أما إِذا كَانَ لعذر كَشِرَاء من لَيْسَ لَهَا على المفارق نَفَقَة فَيجوز لَهَا الْخُرُوج نَهَارا وَإِذا خرجت من غير عذر فَإِنَّهَا تَعْصِي وَلَا تنْتَقض عدتهَا {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} هِيَ الزِّنَى وَذَلِكَ أَن تَزني فَتخرج لإِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا ثمَّ ترد إِلَى منزلهَا وَقيل هِيَ الْبذاء فِي اللِّسَان والاستطالة بهَا على من هُوَ سَاكن مَعهَا فِي ذَلِك الْبَيْت قَالَ ابْن عَبَّاس فَإِذا بذأت عَلَيْهِم بلسانها فقد حل لَهُم إخْرَاجهَا لسوء خلقهَا {وَتلك حُدُود الله وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} خلاف مَا فعله الْمُتَعَدِّي قَالَ أهل التَّفْسِير أَرَادَ بِالْأَمر هُنَا الرَّغْبَة فِي الرّجْعَة وَالْمعْنَى التحريض على الطَّلَاق الْوَاحِد أَو الْمَرَّتَيْنِ وَالنَّهْي عَن الثَّلَاث فَلَا يجد إِلَى الْمُرَاجَعَة سَبِيلا
وَعَن محَارب بن دثار أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا أحل الله شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق أخرجه أَبُو دَاوُد مُرْسلا