الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
171 -
بَاب مَا نزل فِي المصدقين والمصدقات
{إِن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يُضَاعف لَهُم وَلَهُم أجر كريم}
قَالَ تَعَالَى {إِن المصدقين والمصدقات} قرىء بِالتَّاءِ وبعدمها فَالْأول من الصَّدَقَة وَالثَّانِي من الصدْق {وأقرضوا الله قرضا حسنا} وَهُوَ عبارَة عَن الْإِنْفَاق فِي سَبِيل الله مَعَ خلوص نِيَّة وَصِحَّة قصد واحتساب أجر {يُضَاعف لَهُم} أَي ثوابهم {وَلَهُم أجر كريم} وَهُوَ الْجنَّة
172 -
بَاب مَا نزل فِي الظِّهَار وكفارته
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة المجادلة {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا}
وتشتكي إِلَى الله وَالله يسمع تحاوركما) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ نزلت فِي خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة وَزوجهَا أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ بِهِ لمَم فَاشْتَدَّ بِهِ لممه ذَات يَوْم فَظَاهر مِنْهَا ثمَّ نَدم على ذَلِك وَكَانَ الظِّهَار طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة وَقيل هِيَ خَوْلَة بنت حَكِيم وَاسْمهَا جميله وَالْأول أصح
رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب مر بهَا فِي زمن خِلَافَته وَهُوَ على حمَار وَالنَّاس حوله فاستوقفته ووعظته فَقيل لَهُ أتقف لهَذِهِ الْعَجُوز هَذَا الْموقف فَقَالَ أَتَدْرُونَ من هَذِه الْعَجُوز هِيَ خوله بنت ثَعْلَبَة سمع الله قَوْلهَا من فَوق سبع سموات أيسمع رب الْعَالمين قَوْلهَا وَلَا يسمعهُ عمر
وَقد أخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهم عَن عَائِشَة قَالَت تبَارك الَّذِي وسع سَمعه كل شَيْء إِنِّي لأسْمع كَلَام خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة ويخفي عَليّ بعضه وَهِي تَشْتَكِي زَوجهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي تَقول يَا رَسُول الله أكل شَبَابِي وَنَثَرت لَهُ بَطْني حَتَّى إِذا كبر سني وَانْقطع وَلَدي ظَاهر مني اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك قَالَت فَمَا بَرحت حَتَّى نزل جِبْرِيل عليه السلام بهؤلاء الْآيَات
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُوسُف ابْن عبد الله قَالَ حَدَّثتنِي خوله بنت ثَعْلَبه قَالَت فِي وَالله وَفِي أَوْس بن الصَّامِت أنزل الله صدر سُورَة المجادلة قَالَت كنت عِنْده وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد سَاءَ خلقه فَدخل عَليّ يَوْمًا فراجعته بِشَيْء فَغَضب فَقَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قومه سَاعَة ثمَّ دخل عَليّ فَإِذا هُوَ يراودني عَن نَفسِي قلت كلا وَالَّذِي نفس خوله بِيَدِهِ لَا تصل إِلَيّ وَقد قلت مَا
قلت حَتَّى يحكم الله وَرَسُوله فِينَا ثمَّ جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَمَا بَرحت حَتَّى نزل الْقُرْآن فتغشى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يتغشاه ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ لي يَا خَوْلَة قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبك ثمَّ قَرَأَ عَليّ {قد سمع} إِلَى قَوْله {عَذَاب أَلِيم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مريه فليعتق رَقَبَة قلت يَا رَسُول الله مَا عِنْده مَا يعْتق قَالَ فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت وَالله أَنه لشيخ كَبِير مَا بِهِ من صِيَام قَالَ فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا وسْقا من تمر قلت وَالله مَا ذَاك عِنْده قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَنا سأعينه بعرق من تمر فَقلت وَأَنا يَا رَسُول الله سأعينه بآخر قَالَ قد أصبت وأحسنت فاذهبي وتصدقي بِهِ ثمَّ استوصي بِابْن عمك خيرا قَالَت فَفعلت وَفِي الْبَاب أَحَادِيث {الَّذين يظاهرون} الظِّهَار شرعا أَن يَقُول الرجل لامْرَأَته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي وَأَنت مني أَو معي أَو عِنْدِي كَظهر أُمِّي وَلَا خلاف فِي كَون هَذَا ظِهَارًا فَإِن قَالَ كَظهر ابْنَتي أَو أُخْتِي وَنَحْوهمَا من ذَوَات الْمَحَارِم فَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة إِلَى أَنه ظِهَار وَقَالَ قوم بل يخْتَص الظِّهَار بِالْأُمِّ وَحدهَا وَالظَّاهِر أَنه إِذا قصد بذلك وَبِقَوْلِهِ أَنْت عَليّ كرأس أُمِّي أَو يَدهَا أَو رجلهَا أَو نَحْو ذَلِك الظِّهَار كَانَ ظِهَارًا {مِنْكُم من نِسَائِهِم مَا هن أمهاتهم إِن أمهاتهم إِلَّا اللائي ولدنهم} والمرضعات ملحقات بِهن بِوَاسِطَة الرَّضَاع وَكَذَا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لزِيَادَة حرمتهن وَأما الزَّوْجَات فأبعد شَيْء من الأمومة {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا وَإِن الله لعفو غَفُور} إِذْ جعل الْكَفَّارَة عَلَيْهِم مخلصة لَهُم من هَذَا الْكَذِب {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا} اخْتلف فِي تَفْسِير الْعود على أَقْوَال فَقيل هُوَ الْعَزْم على الْوَطْء وَقيل هُوَ الْوَطْء نَفسه وَقيل هُوَ تَكْرِير الظِّهَار
بِلَفْظِهِ وَقيل هُوَ الْعود إِلَيْهِ بِالنَّقْضِ وَالرَّفْع والإزالة وَإِلَى هَذَا الِاحْتِمَال ذهب أَكثر الْمُجْتَهدين وَقيل هُوَ السُّكُوت عَن الطَّلَاق بعد الظِّهَار وَقيل النَّدَم فيرجعون إِلَى الألفة {فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} التمَاس هُنَا الْجِمَاع فَلَا يجوز لَهُ الْوَطْء حَتَّى يكفر قَالَ ابْن عَبَّاس أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنِّي ظَاهَرت من امْرَأَتي ثمَّ رَأَيْت بَيَاض خلْخَالهَا فِي ضوء الْقَمَر فَوَقَعت عَلَيْهَا قبل أَن أكفر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ألم يقل الله من قبل أَن يتماسا قَالَ قد فعلت يَا رَسُول الله قَالَ أمسك عَنْهَا حَتَّى تكفر وَأخرج نَحوه أهل السّنَن وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَنهُ
ثمَّ قَالَ تَعَالَى {فَمن لم يجد} الرَّقَبَة فِي ملكه وَلَا تمكن من قيمتهَا {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} لَا يفْطر فيهمَا فَإِن أفطر اسْتَأْنف إِن كَانَ لغير عذر وَإِن كَانَ لعذر مرض أَو سفر فيبني وَلَا يسْتَأْنف {من قبل أَن يتماسا} فَلَو وطأ لَيْلًا وَنَهَارًا عمدا أَو خطأ اسْتَأْنف {فَمن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} لكل مِسْكين مدان وهما نصف صَاع وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَقيل مد وَاحِد وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَالظَّاهِر من الْآيَة أَن يُطعمهُمْ حَتَّى يشبعوا مرّة وَاحِدَة أَو يدْفع إِلَيْهِم مَا يشبعهم وَلَا يلْزمه أَن يجمعهُمْ مرّة وَاحِدَة بل يجوز لَهُ أَن يطعم بعض السِّتين فِي يَوْم وَبَعْضهمْ فِي يَوْم آخر
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَغَيرهم عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ قَالَ كنت رجلا قد أُوتيت من جماع النِّسَاء مَا لم يُؤْت غَيْرِي فَلَمَّا دخل رَمَضَان ظَاهَرت من امْرَأَتي حَتَّى يَنْسَلِخ رَمَضَان فرقا من أَن أُصِيب مِنْهَا فِي ليلِي فأتتابع فِي ذَلِك وَلَا
أَسْتَطِيع أَن أنزع حَتَّى يدركني الصُّبْح فَبَيْنَمَا هِيَ تخدمني ذَات لَيْلَة إِذْ انْكَشَفَ لي مِنْهَا شَيْء فَوَثَبت عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على قومِي فَأَخْبَرتهمْ خبري فَقلت انْطَلقُوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بأَمْري فَقَالُوا لَا وَالله لَا نَفْعل نتخوف أَن ينزل فِينَا الْقُرْآن أَو يَقُول فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مقَالَة يبْقى علينا عارا وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت فَاصْنَعْ مَا بدا لَك قَالَ فَخرجت فَأتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته خبري فَقَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ قَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ قَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ وَهَا أَنا ذَا فَامْضِ فِي حكم الله فَإِنِّي صابر لذَلِك قَالَ أعتق رَقَبَة فَضربت عنقِي بيَدي وَقلت لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أَصبَحت أملك غَيرهَا قَالَ فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقلت هَل أصابني مَا أصابني إِلَّا فِي الصّيام قَالَ فاطعم سِتِّينَ مِسْكينا قلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد بتنا ليلتنا هَذِه وحشا مَا لنا عشَاء قَالَ اذْهَبْ إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فَقل لَهُ فليدفعها إِلَيْك فاطعم عَنْك مِنْهَا وسْقا سِتِّينَ مِسْكينا ثمَّ اسْتَعِنْ بسائرها عَلَيْك وعَلى عِيَالك فَرَجَعت إِلَى قومِي فَقلت وجدت عنْدكُمْ الضّيق وَسُوء الرَّأْي وَوجدت عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم السعَة وَالْبركَة أَمر لي بصدقتكم فادفعوها إِلَيّ فدفعوها إِلَيْهِ