الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جيد أَن عمر نهى النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فاعترضت لَهُ امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت أما سَمِعت مَا أنزل الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَقَالَ اللَّهُمَّ غفرا كل النَّاس أفقه من عمر فَركب الْمِنْبَر فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب قَالَ أَبُو يعلي وَأَظنهُ قَالَ فَمن طابت نَفسه فَلْيفْعَل قَالَ ابْن كثير إِسْنَاده جيد قوي وَقد رويت هَذِه الْقِصَّة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة هَذَا أَحدهَا وَقيل الْمَعْنى لَو جعلتم ذَلِك الْقدر لَهُنَّ صَدَاقا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا وَذَلِكَ أَن سوء الْعشْرَة إِمَّا أَن يكون من قبل الزَّوْج أَو من قبل الزَّوْجَة فَإِن كَانَ من قبل الزَّوْج وَأَرَادَ طَلَاق الْمَرْأَة فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ شَيْئا من صَدَاقهَا وَإِن كَانَ النُّشُوز من قبل الْمَرْأَة جَازَ لَهُ ذَلِك
{أتأخذونه بهتانا وإثما مُبينًا وَكَيف تأخذونه وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} قَالَ الْهَرَوِيّ والكلبي هُوَ إِذا كَانَا فِي لِحَاف وَاحِد جَامع أَو لم يُجَامع وبنحوه قَالَ الْفراء وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَاخْتَارَهُ الزّجاج هُوَ فِي هَذِه الْآيَة الْجِمَاع وَلَكِن الله يكنى بِهِ {وأخذن مِنْكُم ميثاقا غليظا} هُوَ عقد النِّكَاح وَقيل هُوَ الْإِمْسَاك والتسريح وَقيل هُوَ الْأَوْلَاد وَكَانَ ابْن عمر إِذا نكح قَالَ نكحتك على مَا أَمر الله بِهِ إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان
41 -
بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن نِكَاح نسَاء الْآبَاء
قَالَ تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} نهى عَمَّا كَانَت
عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة من نِكَاح نسَاء آبَائِهِم وَالْمرَاد آباؤكم من نسب أَو رضَاع {إِلَّا مَا قد سلف} فِي الْجَاهِلِيَّة فَاجْتَنبُوهُ وَدعوهُ فَإِنَّهُ مغْفُور {إِنَّه كَانَ فَاحِشَة ومقتا} وَقد كَانَت الْجَاهِلِيَّة تسميه نِكَاح المقت وَهَذِه الْجُمْلَة دلّت على أَنه من أَشد الْمُحرمَات وأقبحها قَالَ ثَعْلَب سَأَلت ابْن الْأَعرَابِي عَن نِكَاح المقت فَقَالَ هُوَ أَن يتَزَوَّج رجل امْرَأَة أَبِيه إِذا طَلقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَيُقَال لهَذَا الضيزن وَيُسمى الْوَلَد من امْرَأَة أَبِيه مقيتا وَكَانَ مِنْهُم الْأَشْعَث بن قيس وَأَبُو معيط
وَعَن الْبَراء رضي الله عنه قَالَ لقِيت خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَة قلت أَيْن تُرِيدُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده فَأمرنِي أَن اضْرِب عُنُقه وَآخذه مَاله رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه {وساء سَبِيلا} أَي ذَلِك النِّكَاح لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى مقت الله وَقيل مقولا فِي حَقه سَاءَ سَبِيلا فَإِن أَلْسِنَة الْأُمَم كَافَّة لم تزل ناطقة بذلك فِي الْأَمْصَار والأعصار قيل مَرَاتِب الْقبْح ثَلَاث وَقد وصف الله هَذَا النِّكَاح بِكُل ذَلِك فَقَوله فَاحِشَة مرتبَة قبحه الْعقلِيّ وَقَوله مقتا مرتبَة قبحه الشَّرْعِيّ وَقَوله سَاءَ سَبِيلا مرتبَة قبحه العادي وَمَا اجْتمعت فِيهِ هَذِه الْمَرَاتِب فقد بلغ أقْصَى مَرَاتِب الْقبْح أعاذنا الله مِنْهُ