الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِيَدِهِ الطَّلَاق وَالنِّكَاح وَالرَّجْعَة وَإِلَيْهِ الإنتساب وَغير ذَلِك من الْأُمُور فَكل هَذَا يدل على فضل الرِّجَال على النِّسَاء {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} فِي مهورهن وَفِي الْجِهَاد وَالْعقل وَالدية والأرث وَالْكِتَابَة وَقد اسْتدلَّ جمَاعَة من الْعلمَاء بِهَذِهِ الْآيَة على جَوَاز فسخ النِّكَاح إِذا عجز الزَّوْج عَن نَفَقَة زَوجته وكسوتها وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا {فالصالحات} أَي المحسنات العاملات بِالْخَيرِ من النِّسَاء {قانتات} أَي معطيات لله قائمات بِمَا يجب عَلَيْهِنَّ من حُقُوق أَزوَاجهنَّ {حافظات للغيب} أَي عِنْد غيبَة أَزوَاجهنَّ عَنْهُن من حفظ نفوسهن وفروجهن وَحفظ أموالهن {بِمَا حفظ الله} أَي بِحِفْظ الله إياهن ومعونته وتسديده أَو حافظات لَهُ بِمَا استحفظن من أَدَاء الْأَمَانَة إِلَى أَزوَاجهنَّ على الْوَجْه الَّذِي أَمر الله بِهِ أَو حافظات لَهُ بِحِفْظ الله لَهُنَّ بِمَا أوصى بِهِ الْأزْوَاج فِي شأنهن من حسن الْعشْرَة وَقَالَ السّديّ تحفظ على زَوجهَا مَاله وفرجها حَتَّى يرجع كَمَا أَمر الله تَعَالَى
47 -
بَاب مَا نزل فِي علاج النَّاشِزَة
قَالَ تَعَالَى {واللاتي تخافون نشوزهن} هَذَا خطاب للأزواج والنشوز الْعِصْيَان ودلالته قد تكون بالْقَوْل وَالْفِعْل بِأَن رفعت صَوتهَا عَلَيْهِ أَو لم تجبه إِذا دَعَاهَا وَلم تبادر إِلَى أمره إِذا أمرهَا أَو لَا تخضع لَهُ إِذا خاطبها أَو لَا تقوم لَهُ إِذا دخل عَلَيْهَا
{فعظوهن} أَي ذكروهن بِمَا أوجب الله عَلَيْهِنَّ من الطَّاعَة وَحسن المعاشرة ورغبوهن إِذا ظهر مِنْهُنَّ أَمَارَات النُّشُوز وَهُوَ أَن يَقُول لَهَا اتقِي الله وخافيه فَإِن لي عَلَيْك حَقًا وارجعي عَمَّا أَنْت عَلَيْهِ واعلمي أَن طَاعَتي فرض عَلَيْك وَنَحْو ذَلِك فَإِن أصرت على ذَلِك هجرها فِي المضجع كَمَا قَالَ تَعَالَى {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} يُقَال هِجْرَة أَي تبَاعد مِنْهُ والمضجع هُوَ مَحل الِاضْطِجَاع أَي لَا تدخلوهن تَحت مَا تجعلونه عَلَيْكُم حَال الضجعة من الثِّيَاب وَقيل هُوَ أَن يوليها ظَهره عِنْد الضجعة فِي الْفراش وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن ترك جِمَاعهَا وَقيل لَا يبيت مَعهَا فِي الْبَيْت الَّذِي يضطجع فِيهِ قَالَ حَمَّاد يَعْنِي النِّكَاح أخرجه أَبُو دَاوُد {واضربوهن} إِن لم ينزعن بالهجران ضربا غير مبرح وَلَا شائن وَظَاهر النّظم القرآني أَنه يجوز للزَّوْج أَن يفعل جَمِيع هَذِه الْأُمُور عِنْد مَخَافَة النُّشُوز وَقيل حكم الْآيَة مَشْرُوع على التَّرْتِيب وَإِن دلّ ظَاهر الْعَطف بِالْوَاو على الْجمع لِأَن التَّرْتِيب مُسْتَفَاد من قرينَة الْمقَام وسوق الْكَلَام للرفق فِي إصلاحهن وإدخالهن تَحت الطَّاعَة فالأمور الثَّلَاثَة مرتبَة لِأَنَّهَا لدفع الضَّرَر كدفع الصَّائِل فَاعْتبر فِيهَا الأخف فالأخف وَقيل إِنَّه لَا يهجرها إِلَّا بعد عدم تَأْثِير الْوَعْظ فَإِن أثر الْوَعْظ لم ينْتَقل إِلَى الهجر وَإِن كَفاهُ الهجر لم ينْتَقل إِلَى الضَّرْب قيل هُوَ أَن يضْربهَا بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه قَالَ الشَّافِعِي الضَّرْب مُبَاح وَتَركه أفضل
وَفِي حَاشِيَة الْجمل على الجلالين إِن كلا من الهجر وَالضَّرْب مُقَيّد بِعلم النُّشُوز وَلَا يجوز بِمُجَرَّد الظَّن {فَإِن أطعنكم} كَمَا يجب وقمن بِوَاجِب حقكم وتركن النُّشُوز {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} أَي لَا تتعرضوا لَهُنَّ بِشَيْء مِمَّا يكْرهُونَ لَا بقول وَلَا بِفعل وَقيل الْمَعْنى لَا تكلفوهن الْحبّ لكم فَإِنَّهُ لَا يدْخل تَحت اختيارهن {إِن الله كَانَ عليا كَبِيرا} إِشَارَة إِلَى الْأزْوَاج بخفض الْجنَاح ولين الْجَانِب أَي وَإِن كُنْتُم تقدرون عَلَيْهِنَّ فاذكروا قدرَة الله عَلَيْكُم فَإِنَّهَا فَوق كل قدرَة وَهُوَ بالمرصاد لكم
قَالَ ابْن عَبَّاس يضْربهَا ضربا غير مبرح وَلَا يكسر لَهَا عظما وَلَا يجرح بهَا جرحا وَعنهُ قَالَ يهجرها بِلِسَانِهِ ويغلظ لَهَا بالْقَوْل وَلَا يدع الْجِمَاع
وَعَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد خطْبَة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِيهَا أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوار عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
وَعَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أيضرب أحدكُم امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الأولى ترك الضَّرْب للنِّسَاء فَإِن احْتَاجَ فَلَا يوالي بِالضَّرْبِ على مَوضِع وَاحِد من بدنهَا وليتق الْوَجْه لِأَنَّهُ مجمع المحاسن وَلَا يبلغ بِالضَّرْبِ عشرَة أسواط وَقيل يَنْبَغِي أَن يكون الضَّرْب بالمنديل وَالْيَد