الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 -
بَاب مَا نزل فِي النِّسَاء الْمُحرمَات على الرِّجَال
قَالَ تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن فَإِن لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} بَين الله سُبْحَانَهُ فِي هَذِه الْآيَة مَا يحل وَمَا يحرم من النِّسَاء فَحرم سبعا من النّسَب وستا من الرَّضَاع والصهر وألحقت السّنة المتواترة تَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَين الْمَرْأَة وخالتها وَوَقع عَلَيْهِ الْإِجْمَاع
والسبع الْمُحرمَات من النّسَب الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات والعمات والخالات وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت
والمحرمات بالصهر وَالرّضَاع الْأُمَّهَات من الرضَاعَة وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة وَأُمَّهَات النِّسَاء والربائب وحلائل الْأَبْنَاء وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فَهَؤُلَاءِ سِتّ وَالسَّابِعَة منكوحات الْآبَاء وَالثَّامِنَة الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها
قَالَ الطَّحَاوِيّ وكل هَذَا من الْمُحكم الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَغير جَائِز نِكَاح
وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِالْإِجْمَاع إِلَّا أُمَّهَات النِّسَاء اللواتي لم يدْخل بِهن أَزوَاجهنَّ قلت وَيدخل فِي لفظ الْأُمَّهَات أمهاتهن وجداتهن وَأم الْأَب وجداته وَإِن علون لِأَن كُلهنَّ أُمَّهَات لمن ولد من ولدنه وَإِن سفل وَيدخل فِي لفظ الْبَنَات بَنَات الْأَوْلَاد وَإِن سفلن وَالْأَخَوَات يصدقن على الْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَحَدهمَا والعمة إسم لكل أُنْثَى شاركت أَبَاك أَو جدك فِي أصليه أَو أَحدهمَا وَقد تكون الْعمة من جِهَة الْأُم وَهِي أُخْت أبي الْأُم وَالْحَالة اسْم لكل أُنْثَى شاركت أمك أَو جدتك فِي أصليها أَو أَحدهمَا وَقد تكون الْخَالَة من جِهَة الْأَب وَهِي أُخْت أم أَبِيك وَبنت الْأَخ إسم لكل أُنْثَى لأخيك عَلَيْهَا ولادَة بِوَاسِطَة ومباشرة وَإِن بَعدت وَكَذَلِكَ بنت الْأُخْت
وَأُمَّهَات الرضَاعَة مُطلق مُقَيّد بِمَا ورد فِي السّنة من كَون الرَّضَاع فِي الْحَوْلَيْنِ إِلَّا فِي مثل قصَّة إِرْضَاع سَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَظَاهر النّظم القرآني أَنه يثبت حكم الرَّضَاع بِمَا يصدق عَلَيْهِ الرَّضَاع لُغَة وَشرعا وَلكنه ورد تَقْيِيده بِخمْس رضاعات فِي أَحَادِيث صَحِيحَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَتَقْرِير ذَلِك وتحقيقه يطول جدا
وَالْأُخْت من الرَّضَاع هِيَ الَّتِي أرضعتها أمك بلبان أَبِيك سَوَاء أرضعتها مَعَك أَو مَعَ من قبلك أَو بعْدك من الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَيلْحق بذلك
بِالسنةِ الْبَنَات مِنْهَا وَمن أرضعتهن موطوءته والعمات والخالات وَبَنَات الْأُخْت مِنْهَا لحَدِيث يحرم الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَالْأُخْت من الْأُم هِيَ الَّتِي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر وَأُمَّهَات النِّسَاء من نسب أَو رضَاع
والربيبة بنت امْرَأَة الرجل من غَيره سميت بذلك لِأَنَّهُ يُرَبِّيهَا فِي حجره قَالَ الْقُرْطُبِيّ اتّفق الْفُقَهَاء على أَن الربيبة تحرم على زوج أمهَا إِذا دخل بِالْأُمِّ وَإِن لم تكن الربيبة فِي حجره وَاخْتلف أهل الْعلم فِي معنى الدُّخُول الْمُوجب لتَحْرِيم الربائب فَروِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره أَنه الْجِمَاع وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة إِذا لمس بِشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ ابْنَتهَا
وَالَّذِي يَنْبَغِي التعويل عَلَيْهِ فِي مثل هَذَا الْخلاف هُوَ النّظر فِي معنى الدُّخُول شرعا أَو لُغَة فَإِن كَانَ خَاصّا بِالْجِمَاعِ فَلَا وَجه لإلحاق غَيره بِهِ من لمس أَو نظر أَو غَيرهمَا وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ أوسع من الْجِمَاع بِحَيْثُ يصدق على مَا حصل فِيهِ نوع استمتاع كَانَ منَاط التَّحْرِيم هُوَ ذَلِك وَحكم الربيبة فِي ملك الْيَمين هُوَ حكم الربيبة الْمَذْكُورَة وَأجْمع الْعلمَاء على تَحْرِيم مَا عقد عَلَيْهِ الْآبَاء على الْأَبْنَاء وَمَا عقد عَلَيْهِ الْأَبْنَاء على الْآبَاء سَوَاء كَانَ مَعَ العقد وَطْء أم لم يكن لعُمُوم هَذِه الْآيَة قَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع كل من يحفظ عَنهُ الْعلم من عُلَمَاء الْأَمْصَار أَن الرجل إِذا وطىء امْرَأَة بِنِكَاح فَاسد تحرم على أَبِيه وإبنه وعَلى أجداده وَكَذَا إِذا اشْترى جَارِيَة فلمس أَو قبل حرمت على أَبِيه وإبنه وَلَا أعلمهم يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَأما زَوْجَة الابْن من الرَّضَاع فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهَا تحرم على أَبِيه وَقد قيل إِنَّه إِجْمَاع
وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي وَطْء الزِّنَى هَل يَقْتَضِي التَّحْرِيم أم لَا فَقَالَ أَكثر أهل الْعلم إِذا أصَاب رجل امْرَأَة بزنى لم يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا بذلك وَكَذَلِكَ لَا تحرم عَلَيْهِ امْرَأَته إِذا زنى بأمها وابنتها فحسبه أَن يُقَام عَلَيْهِ الْحَد وَكَذَلِكَ يجوز لَهُ عِنْدهم أَن يتَزَوَّج بِأم من زنى بهَا وبابنتها وَقَالَت طَائِفَة
إِن الزِّنَى يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن رجل زنى بِامْرَأَة فَأَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا أَو ابْنَتهَا فَقَالَ لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال وَاحْتج المحرمون بِقصَّة جريج فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ يَا غُلَام من أَبوك فَقَالَ فلَان الرَّاعِي فنسب الابْن نَفسه إِلَى أَبِيه من الزِّنَى وَهَذَا احتجاج سَاقِط
ثمَّ اخْتلفُوا فِي اللواط هَل يَقْتَضِي التَّحْرِيم أم لَا فَقَالَ الثَّوْريّ إِذا لَاطَ بِالصَّبِيِّ حرمت عَلَيْهِ أمه وَهُوَ قَول ضَعِيف
وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ يَشْمَل الْجمع بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْء بِملك الْيَمين وَذهب الْعلمَاء كَافَّة إِلَى أَنه لَا يجوز الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ بِملك الْيَمين فِي الْوَطْء بِالْملكِ وَجوزهُ الظَّاهِرِيَّة وَأَجْمعُوا على أَنه يجوز الْجمع بَينهمَا فِي الْملك فَقَط وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز عقد النِّكَاح على أُخْت الْجَارِيَة الَّتِي تُوطأ بِملك الْيَمين فَمَنعه الْأَوْزَاعِيّ وَجوزهُ الشَّافِعِي
وَهل التَّحْرِيم فِي قَوْله {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} تَحْرِيم العقد عَلَيْهِنَّ أَو تَحْرِيم الْوَطْء فِيهِ خلاف وإشكال وَلَا يَصح الْحمل على العقد وَالْوَطْء جَمِيعًا لِأَنَّهُ من بَاب الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَهُوَ مَمْنُوع أَو من بَاب الْجمع بَين معنيي الْمُشْتَرك وَفِيه الْخلاف الْمَعْرُوف فِي الْأُصُول فَتدبر