الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووكل بكم الكرام الكاتبين، يعلمون ما تفعلون.
ئم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجلٍ قد غُيبَ عنكم علمه، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عملٍ لله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فيردَّكم إلى أسوء أعمالكم؛ فإن أقوامًا جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم، فالوَحَاءَ الوَحَاءَ، والنجاء النجاء؛ فإنَّ وراءكم طالباً حثيثاً مَرُّهُ سريع (1).
فقد جعل أبو بكر رضي الله عنه قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ (90)} [الأنبياء: 90] الآية، راجعاً إلى زكريا وأهله، وجعله غيرُه عائداً على كل الأنبياء المذكورين قبل كما سبق.
وعلى كل قول فإنَّ الأنبياء عليهم السلام جميعهم متخلقون بهذه الأخلاق الكريمة.
45 - ومنها: المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى الأعمال الصالحات
.
قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ (90)} [الأنبياء: 90]، والخيرات شاملة لكل طاعة وأدب صالح وخلق كريم.
وقال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)} [طه: 84].
(1) تقدم تخريجه قريبًا، لكنه ذكره مختصراً، وذكره هنا تاماً.
وروى أبو الشيخ في كتاب "العقيقة" عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه رحمهما الله: أنَّ إبراهيم عليه السلام أُمِرَ أن يختتن وهو ابن ثمانين سنة، فعجل واختتن بالقدوم، فاشتدَّ عليه الوجع، فدعا ربه، فأوحى إليه أنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته، قال: يا رب! كرهت أن أُؤخر أمرك (1).
وقال تعالى لهذه الأمة: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا (148)} [البقرة: 148].
وفسَّر أبو العالية الاستباق في الآية بالمسارعة (2).
وقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (133)} [آل عمران: 133]؛ أي: إلى ما يؤدي إليها.
أمر سبحانه هذه الأمة بما مدح به النبيين.
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن عمر رضي الله عنه قال: التؤدة في كل شيء خيرٌ إلا ما كان من أمر الآخرة (3)؛ أي: فإنَّ المسارعة فيه خير.
وأخرجه أبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (4).
(1) ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 385)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 326).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(1/ 257).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 119)، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35619).
(4)
تقدم تخريجه.