الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو صحَّ حديث أنس لكان محمولاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المرأة لأحسن أزواجها خلقاً، ثم أعلم بأنها لآخرهما.
وروى أَبو نعيم عن عروة بن رويم رحمه الله قال: قالت الصفراء امرأة موسى عليهما السلام لموسى: بأبي أنت وأمي! أنا أيم منك منذ كلمك ربك.
قال: فكأن موسى لن يأتي النساء منذ كلمه ربه، وكان قد ألبس على وجهه حريرة أو برقعاً، وكان أحد لا ينظر إليه إلا مات، فكشف لها عن وجهه فأخذها من حسنه مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها على وجهها وخرَّت له ساجدة، فقالت: ادعُ الله أن يجعلني زوجتك في الجنة، فقال: ذاك إن لم تزوجي بعدي؛ فإنَّ المرأة لآخر أزواجها.
قالت: فأوصني، قال: لا تسألي الناس شيئاً (1).
ومن هنا نذكر أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
-:
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 121).
روى البخاري في "الأدب"، والنسائي، وصححه الحاكم، عن يزيد بن بَابَنُوسَ قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: كيف كان خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان خُلُقُه القرآن، ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين؟ فقرأ حتى بلغ العشر، فقالت: هكذا كان خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وروى الحاكم عن أبي أمامة رضي الله عنه: أنَّ الله تعالى أنزل على إبراهيم عليه السلام مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ} إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112]، و {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله:{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 - 11]، {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] الآية، والتي في:{سَأَلَ} [المعارج: 1]{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23]، إلى قوله:{وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج: 33] فلم يَفِ بهذه السهام إلا إبراهيم، ومحمد صلى الله عليهما وسلم (2).
وقال البراء بن عازب رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً. رواه الخرائطي بسند حسن (3).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً. رواه
(1) رواه البخاري في "الأدب المفرد"(308)، والنسائي في "السنن الكبرى"(11350)، والحاكم في "المستدرك"(3481).
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(4021).
(3)
ورواه البخاري (3356)، ومسلم (2337).
مسلم، وأبو داود (1).
وقال بريدة رضي الله عنه: كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نرفع رؤوسنا إليه إعظاماً له (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد لم يرفع أحد منا إليه رأسه غير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإنهما كانا يبتسمان إليه ويبتسم إليهما (3).
وقال البراء رضي الله عنه: جلس رسول الله وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير (4).
وقال أسامة بن شريك رضي الله عنه: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنده كأن على رؤوسهم الطير. رواه الحاكم (5).
وقال أنس رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال في أفٍ قط، وما قال لشيءٍ صنعته: لِمَ صنعته، ولا لشيءٍ تركته: لِمَ تركته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، ولا مسَسْتُ خزاً قط ولا حريراً قط ولا شيئاً كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ
(1) رواه مسلم (2307)، وأبو داود (4773). وكذا رواه البخاري (2665). لم يقل البخاري ومسلم "وجهاً"، وعند أبي داود:"خلقاً" بدل "وجهاً".
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(415)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1526).
(3)
رواه الترمذي (3668) وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث الحكم ابن عطية، وقد تكلم بعضهم في الحكم بن عطية.
(4)
رواه النسائي (2001).
(5)
رواه الحاكم في "المستدرك"(416).
مسكاً قط ولا عطراً كان أطيب من عَرَقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وعنه أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده رجل به أثر صُفرة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه أحداً بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم:"لَوْ قُلْتُمْ لَهُ يَدَعُ هَذِهِ الصُّفْرَة". رواهما الترمذي في "الشمائل"(2).
وقال رضي الله عنه: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبَّاباً، ولا لَعَّاناً، ولا فَحَّاشاً، كان يقول لأَحدِنا عند المَعْتَبَة:"مَا لَهُ تَرِبَ جَبِيْنُهُ؟ ". رواه الإمام أحمد (3).
وقال: إن كانت الوليدة من ولائد المدينة تجيء فتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت.
رواه أَبو الشيخ بن حيان (4).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه حتى يكون هو المنصرف. رواه ابن ماجه (5).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيه الرجل فصافحه لا ينزع يده من
(1) رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 285)، روى البخاري (5691) طرفاً منه.
(2)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 286).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 144)، وكذا رواه البخاري (5699).
(4)
رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 138)، وكذا البخاري (5724)، والإمام أحمد في "المسند"(3/ 174)، وابن ماجه (4177).
(5)
رواه ابن ماجه (3716).
يده حتى يكون الرجل يدع. رواه الترمذي (1).
وقال: ما رأيت رجلاً التقم أذن النبي صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي يدع أذنه. رواه أَبو داود (2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال:"لَبَّيْكَ"، فلذلك أنزل الله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. رواه أَبو الشيخ (3).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه الإمام أحمد، والترمذي (4).
وقالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بيده امرأة قط ولا خادماً. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "المداراة"(5).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرَّ الناس، وأكرم الناس، ضحَّاكاً
(1) رواه الترمذي (2490) وقال غريب. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(4/ 113): وهذا الحديث ضعيف من الطريقين - يعني طريق الترمذي وابن ماجه - لأن مدار الحديث على زيد العمي، وهو ضعيف.
(2)
رواه أَبو داود (4794).
(3)
رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 75).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 174)، والترمذي (2016) وصححه.
(5)
رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(ص: 139).
بسَّاماً. رواه أَبو الشيخ (1).
وقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سترني بردائه وأنا انظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا أسأم فأقعد؛ فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن. رواه الشيخان (2).
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه يذكرون عنده الشِّعر وأشياء من أمورهم فيضحكون ويبتسم. رواه الإمام أحمد (3).
وقال أنس رضي الله عنه: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد! مر لي من مال الله الذي عندك؟ فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء. رواه البخاري (4).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له قط، ولا ضرب بيده إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه إلا أن تُنْتهك محارم الله فينتقم لله عز وجل، وما عُرض عليه أمران، أحدهما أيسر من الآخر إلا أخذ بأيْسرهما إلا أن
(1) رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 130).
(2)
رواه البخاري (4938)، ومسلم (892).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 86).
(4)
رواه البخاري (2980)، وكذا مسلم (1057).
يكون مأثماً، فإن كان مأثماً كان أبعد الناس منه. رواه الإمام أحمد هكذا مجموعاً، ومسلم مفرقاً (1).
وقالت له صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحد؟ قال: "قَدْ لَقِيْتُ مِنْ قَوْمِكِ [ما لقيت]، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيْتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى [ابن عبد ياليل] بْنِ عَبْدِ كُلَال، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، [فَانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ على وَجْهِي فلم أَسْتَفِقْ إلا وأنا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ] فَرَفَعْتُ رَأسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيْهَا جِبْرِيْلُ عليه السلام فَنَادَانِي: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوْا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيْهِمْ، فَنَادَانِيْ مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلىَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! ذَلِكَ كَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ، قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِن أَصْلَابِهِم مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً. رواه البخاري (2).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لما كان يوم حُنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أُناساً في القِسْمة .. الحديث، فقال رجلٌ: والله إنَّ هذه لقسمة ما عُدِلَ فيها وما أُريد بها وجه الله، فقلت: والله لأُخبرنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته فقال: "مَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُوْلُهُ؟ رَحِمَ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوْذِيَ
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 130)، ومسلم (2327) و (2328)، وكذا روى البخاري (3367) طرفاً منه.
(2)
رواه البخاري (3059)، وكذا مسلم (1795).
بَأَكْثَر مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". رواه البخاري (1).
وقال أَبو هريرة رضي الله عنه: قيل: يا رسول الله! ادعُ على المشركين، فقال:"إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لعَّاناً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً، وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَابًا"(2).
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما أَنا رَحْمةٌ مُهْداةٌ". رواه الحاكم، وصححه (3).
وقال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في شيء، فأعطاه شيئاً ثم قال:"أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ " قال: لا، ولا أجملت، قال: فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا، ثم قام فدخل منزله، ثم أرسل إلى الأعرابي فدعاه إلى البيت؛ يعني: فأعطاه فَرضِي، فقال:"إِنَّكَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِيْ أَنْفُسِ المُسْلِمِيْنَ شَيءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيْهِمْ مَا قُلْتَهُ بَينَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْ صُدُوْرِهِمْ مِا فِيْهَا عَلَيْكَ"، قال: نعم، فلما كان الغداء أو العشاء جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كانَ جَائِعًا، فَسَأَلَنَا فَأَعْطَيْنَاهُ فَقالَ ما قالَ، وَإِنَّا دَعَوْناَهُ إِلَى البَيْتِ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ، أَكَذَلِكَ؟ "، قال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً.
(1) رواه البخاري (2981)، وكذا مسلم (1062).
(2)
رواه مسلم (2599).
(3)
رواه الحاكم في "المستدرك"(150). قال الترمذي في "العلل"(ص: 369): سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: يروون هذا عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلا إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذا الأَعْرابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كانَتْ لَهُ ناقَةٌ فَشَردَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَها النَّاسُ فَلَمْ يَزِيْدُوها إِلَاّ نُفُوراً، فَناداهُمْ صاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْني وَبَيْنَ ناقَتِي فَأَنا أَرْفَقُ بِها، فَتَوَجَّهَ لَها صاحِبُ النَّاقَةِ بَيْنَ يَدَيْها، فَأَخَذَ لَها مِنْ قُمامِ الأَرْضِ فَجاءَتْ فَاسْتَأْنَسَتْ، فَشَدَّ عَلَيْها رَحْلَها فَاسْتَوَى عَلَيْها، وَإِنيِّ لَوْ تَرَكْتُكُمْ حِيْن قالَ ما قالَ فَقَتَلْتُمُوْهُ دَخَلَ النَّارَ". رواه أَبو الشيخ (1).
وروى أيضاً عن عبد الرحمن بن أبزى رحمه الله مرسلاً - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم من أَحْلم الناس، وأَصْبرهم، وأكظمهم للغيظ (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كُسِرَت رَباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، فجعل يسيل الدم على وجهه وهو يمسح الدم ويقول:"كَيْفَ يُفْلحُ قَوْمٌ خَضَبُوْا وَجْهَ نَبِيِّهِم بِالدَّمِ وَيدْعُوْهُم إِلَى اللهِ؟ " فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] رواه مسلم، وعلقه البخاري (3).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُبلِّغْنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا؛ فَإِنِّىْ أُحِبُّ أَنْ لا أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلَاّ وَأَنَا سَلِيْمُ
(1) رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 472).
(2)
رواه أَبو الشيخ في: أخلاق النبي وآدابه" (1/ 472). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء" (1/ 678).
(3)
رواه مسلم (1791)، والبخاري (4/ 1493) معلقاً.
الصدرِ". رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي (1).
وقال أنس رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنِّيْ لأَدْخُلُ فِيْ الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيْدُ أُنْ أُطِيْلَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِيْ صَلَاتِيْ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ [شدة] وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ". رواه الإمام أحمد، والشيخان (2).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً بالعيال. رواه الطيالسي، وابن أبي الدنيا في "المداراة"، ولفظه: ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً، وكان لا يأتيه أحد إلا وعَدَه وأنجز له إن كان عنده. رواه البخاري في "الأدب"(4).
وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم عندها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول:"غارَتْ أُمُّكُم"، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 395)، وأبو داود (4860)، والترمذي (3896).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 109)، والبخاري (677)، ومسلم (470).
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "العيال"(ص: 338)، وكذا رواه مسلم (2316).
(4)
رواه البخاري في "الأدب المفرد"(278).
الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. رواه البخاري (1).
وقال أَبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه. رواه الشيخان (2).
وقال سهل بن سعد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُسْأَلُ شيئاً إلا أعطى. رواه أَبو الشيخ (3).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج فصلَّى. رواه البخاري (4).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفل ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. رواه أَبو نعيم (5).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز
(1) رواه البخاري (4927).
(2)
رواه البخاري (5751)، ومسلم (2320).
(3)
رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 227)، وكذا رواه الدارمي في "سننه"(71).
(4)
رواه البخاري (5692).
(5)
رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 331)، وكذا رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 256)، وابن حبان في "صحيحه"(5675).
الشعير. صححه الحاكم (1).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يردف خلفه، ويضع طعامه على الأرض، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار. صححه أيضاً (2).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويأتي دعوة المملوك، ويركب الحمار، ولقد رأيته يوماً على حمار عليه خطامه ليف. رواه ابن الجوزي في "الوفا"(3).
وقال أَبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ دُعِيْتُ إِلَىْ ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَو أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ لقَبِلْتُ". رواه الإمام أحمد، والبخاري (4).
وروى ابن شاهين عن قيس بن أبي حازم رحمه الله مرسلاً: أنَّ رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلما قام بين يديه استقبلته رعدة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12494)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8193). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 20): رواه الطبراني وإسناده حسن.
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(7128). ورواه أيضا الترمذي (1017)، وابن ماجه (4178) مع بعض الاختلاف.
(3)
انظر: "الوفا بأحوال المصطفى" لابن الجوزي (ص: 440)، ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 371).
(4)
رواه البخاري (2429).
"هَوِّنْ عَلَيْكَ؛ فَإِنِّيْ لَسْتُ مَلِكًا، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ القَدِيْدَ (1) "(2).
وأخرجه الحاكم وصححه البيهقي، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود رضي الله عنه: أن رجلاً كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فأخذته الرعدة، فقال صلى الله عليه وسلم:"هَوِّنْ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّما أَنا ابْنُ امْرَأَةٍ كانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيْدَ"(3).
ثم أخرجه البيهقي عن قيس - مرسلاً - بنحو لفظ ابن شاهين، وقال: المرسل هو المحفوظ (4).
وقالت عائشة رضي الله عنها: قلت: يا رسول الله! كُلْ - جعلني الله فداك - مُتكئاً؛ فإنه أَهْون عليك، قال:"لا، آكُلُ كَمَا يَأكُلُ العَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ". رواه أَبو الشيخ (5).
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يحدث أن الله تعالى أرسل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ملكاً من الملائكة معه جبريل عليهم السلام، فقال الملك: يا رسول الله!
(1) القديد: هو اللحم المملح المجفف في الشمس.
(2)
ورواه ابن ماجه (3312) عن أبي مسعود رضي الله عنه موصولاً، وكذا رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1260) عن جرير موصولاً.
(3)
رواه الحاكم في "المستدرك"(4366)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(5/ 69).
(4)
انظر: "دلائل النبوة" للبيهقي (5/ 69).
(5)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 391). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 685).
إنَّ الله خيرك بين أن تكون عبداً نبيًّا وبين أن تكون مَلكاً نبيًّا، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير، فأشار جبريل بيده أن تواضع، فقال:"لا، بَلْ أَكُوْنُ عَبْداً نَبِيًّا". رواه الحسن بن سفيان (1).
وقال عكرمة: قال العباس رضي الله عنه: لأعلمن ما بقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقلت: يا رسول الله! لو اتخذت عرشاً فكلمت الناس؛ فإنهم قد آذوك، قال:"لا أَزَالُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يَطَؤونَ عَقِبِي، وَيَتَنَازَعُوْنِي رِدَائِي، وَيُصِيْبُنِي غُبَارُهُمْ، حَتَّى يَكُوْنَ اللهَ يُرِيْحُنِي مِنْهُم". رواه ابن أبي شيبة (2).
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ما رؤي - أو قال: ما رأيت - رسول الله صلى الله عليه وسلم مادًّا رجليه بين أصحابه. رواه أَبو نعيم من طريق ابن خزيمة؛ وإسناده صحيح (3).
وقال أَبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللَّهُمَّ إِنِّيْ أتَخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَمْ تُخْلِفْنِيْهُ، إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ المُؤْمِنِيْنَ آذَيْتُهُ، أَو شَتَمْتُهُ، أَوْ جَلَدْتُهُ، أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ". رواه الشيخان (4).
(1) ورواه النسائي في "السنن الكبرى"(6743).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34426)، وكذا الدارمي في "السنن"(75).
(3)
رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 250). قال الذهبي في "المغني في الضعفاء"(1/ 376): منكر.
(4)
رواه البخاري (6000)، ومسلم (2601) واللفظ له.
وقال صلى الله عليه وسلم لأم سليم رضي الله عنها: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! أَمَا تَعْلَمِيْنَ أَنَّ شَرْطِي عَلَىْ رَبِّي أَنِّيْ اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَىْ كَمَا يَرْضَىْ البَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ البَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بَأَهْلٍ أَن يَجْعَلَهَا لَهُ طُهُوْرًا وَزَكَاةً وَقُرْباً تُقُرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ". رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه (1).
وقال جابر رضي الله عنه: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فقال: لا. رواه الإمام أحمد، والشيخان (2).
ورووا أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. الحديث (3).
وقال جبير بن مطعم رضي الله عنه: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أُناس مَقْفَلَهُ من حنين عَلِقَه الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة، فاختطف رداؤه، فوقف صلى الله عليه وسلم وقال:"ردُّوا عليَّ رِدَائِي أَتَخْشَوْنَ عَلَيَّ البُخْلَ؟ فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدَ هَذِهِ العِضاه (4) نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدَوْنِيْ بَخِيْلاً وَلا كَذَّابًا وَلا جَبَاناً"(5).
(1) رواه مسلم (2603).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 307)، والبخاري (5687)، ومسلم (2311).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 375)، والبخاري (6)، ومسلم (2308).
(4)
العِضَاه: كل شجر ذي شوك.
(5)
رواه البخاري (2666).
وقال عمر رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يُعطيه فقال: "مَا عِنْدِيْ شَيْءٌ، وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ، فَإِذَا جَاءَنِي شَيْءٌ قَضَيْتُهُ".
فقال عمر: يا رسول الله! قد أعطيته وما يكلفك الله ما لا تقدر، فَكَرِه النبي صلى الله عليه وسلم قول عمر، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أَنْفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعُرِف البِشر في وجهه لقول الأنصاري، ثم قال:"بِهَذَا أُمِرْتُ". رواهما الترمذي (1).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس. رواه الشيخان، والترمذي، وابن ماجه (2).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما رأيت أحداً أنجد، ولا أجود، ولا أشجع، ولا أوضأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الدارمي (3).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إنَّا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان علي بن أبي طالب وأبو لبابة زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا: يا رسول الله! اركب حتى نمشي عنك، فقال:"مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّيْ، وَلا أَنَا بِأَغْنَى عَنِ الأَجْرِ مِنْكُمَا". رواه أَبو نعيم (4).
(1) رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 294).
(2)
رواه البخاري (2875)، ومسلم (2307)، والترمذي (1687)، وابن ماجه (2772).
(3)
رواه الدارمي في "السنن"(59).
(4)
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 39)، وأبو يعلى في "المسند"(5359)، وابن حبان في "صحيحه"(4733).
وقال علي رضي الله عنه: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذُ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس بأساً. رواه أَبو الشيخ (1).
وقال رجل من قيس للبراء بن عازب رضي الله عنهما: فررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! يوم حنين، فقال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، كانت هوازن ناساً رماة، وإنَّا لمَّا حملنا عليهم انكشفوا وأكببنا على الغنائم، فاستقبلوا بالسهام، ولقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإنَّ أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول:"أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ". رواه الإمام أحمد، والشيخان (2).
وقال عبد الله بن أبي الحَمْسَاء رضي الله عنه: بايعتُ النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يُبعث، فبقيَتْ له بقية فوعدته آتيه بها في مكانه ذلك، فنسيتُ يومي والغد، فأتيته اليوم الثالث وهو في مكانه، فقال: يا فتى! لقد شققتَ عليَّ إني هاهنا منذ ثلاث. رواه أَبو داود (3).
وما أحسن ما قيل فيه صلى الله عليه وسلم: [من الطويل]
فَما حَمَلَتْ مِنْ ناقَةٍ فَوْقَ رَحْلِها
…
أَتَمَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ (4)
(1) رواه أَبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 313)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(1/ 86).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 281)، والبخاري (4063)، ومسلم (1776).
(3)
رواه أَبو داود (4996). وجاء في النسخ الثلاث: "ابن أبي داود".
(4)
انظر: "المعجم الكبير" للطبراني (6510)، و"جمهرة أشعار العرب" لأبي زيد القرشي (ص: 29). وقد نُسب هذا البيت لكثيرين.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسن بن علي رضي الله عنه، فيرى الصبي حُمرة لسانه فيهش (1) إليه. رواه ابن أبي شيبة (2).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كانت في النبي صلى الله عليه وسلم دعابة (3).
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس (4).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مزَّاحاً، وكان يقول:"إِنَّ اللهَ لا يُؤَاخِذ المَزَّاحَ الصَّادِقَ فِي مُزَاحِهِ"(5). روى الثلاثة ابن الجوزي (6).
وقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّي لأَمْزَحُ وَلا أقوْلُ إِلا حَقًّا". رواه أبو الشيخ (7).
(1) كذا عند ابن حبان، وعدَّها العسكري من تصحيفات المحدثين وأن الصواب:"بهش إليه" وقال: بهش إليه؛ أي: نظر اليه وأعجبه واشتهاه فتناوله بسرعة وأسرع اليه. انظر: "تصحيفات المحدثين" للعسكري (1/ 384).
(2)
ورواه ابن حبان في: "صحيحه"(5569).
(3)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/ 308) وقال: المحفوظ أنه مرسل عن عكرمة.
(4)
رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(ص: 60)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6361) وزاد:"مع صبي"، وقال: تفرد به ابن لهيعة.
(5)
رواه المعافى بن زكريا في "الجليس الصالح"(ص: 31)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/ 37) وقال: ليس هذا الإسناد بمتصل.
(6)
انظر: "الوفا بأحوال المصطفى" لابن الجوزي (ص: 450).
(7)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 485).
وهو عند الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر، وعند الخطيب عن أنس رضي الله عنه (1).
وقال أبو أمامة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس سناً، وأطيبهم نفساً. رواه ابن أبي الدنيا في "المداراة"(2).
وقال جرير رضي الله عنه: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسم في وجهي. رواه الترمذي (3).
وقال عبد الله بن الحارث بن جَزْء رضي الله عنه: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه هو، والإمام أحمد (4).
وقال صهيب رضي الله عنه: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نواجذه.
رواه الإمام أحمد، والشيخان (5).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(13443) عن ابن عمر رضي الله عنه، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(3/ 378) عن أنس رضي الله عنه.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(ص: 122)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(7838)، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 17): فيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف.
(3)
رواه الترمذي (3821)، وكذا البخاري (2871)، ومسلم (2475).
(4)
رواه الترمذي (3641)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 191).
(5)
ورواه البزار في "مسنده"(2095). ولم أقف عليه من حديث صهيب لا في "الصحيحين" ولا في "المسند"، والله أعلم.
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 429)، والبخاري (6978)، ومسلم (2786) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وقال عكرمة رحمه الله: عن ابن عباس رضي الله عنه: كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه مضطجعاً إلى جنب امرأته، فقام إلى جاريةٍ له في ناحية الحجرة فوقع عليها، وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعها، فقامت فخرجت، فرأته على جاريته، فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة ثم خرجت، وفرغ فقام، فلقيها تحمل الشفرة، فقال: مَهْيم، قالت: لو أدْركتكَ حين رأيتك لوجأتُ بين كتفيكَ بهذه الشفرة، قال: وأين رأيتني؟ قالت: رأيتك على الجارية، قال: ما رأيتني وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جُنب، قالت: فاقرأ، فقال:[من الطّويل]
أَتانا رَسُوْلُ اللهِ يَتْلُو كِتابَه
…
كَما لاحَ مَشْهُورٌ مِنَ الْفَجْرِ ساطِعُ
أَتَى بِالْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوْبُنا
…
بِهِ مُوْقِنَاتٌ أنَّ ما قالَ واقِعُ
يَبِيْتُ يُجافِي جَنْبَهُ عَنْ فِراشِهِ
…
إِذا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِيْنَ الْمَضاجِعُ
فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر.
ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فضحك حتى بَدَتْ نواجذه. رواه الدَّارقطني (1).
(1) رواه الدارقطني في "السنن"(1/ 120).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت هذه الآية: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: 59 - 60] ما رُؤِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعدها ضاحكاً حتى ذهب من الدُّنيا. رواه ابن مردويه (1).
والمراد أنه ما ضحك ضحكاً له صوت، كما يدل عليه ما رواه ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد"، وغيرهما عن صالح أبي الخليل قال: لمَّا نزلت هذه الآية ما ضحك النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يتبسم (2).
وقال علي رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى كُل حالٍ"، وإذا رأى ما يسرُّه قال:"الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتِ". رواه أبو الشَّيخ (3).
وروى ابن ماجه عن عائشة نحوه (4)، وزاد بعد:"الحَمْدُ للهِ عَلَىْ كُلِّ حَالٍ، رَبِّ أَعُوْذُ بِكَ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ"(5).
وقال ابن مسعود، وأم سلمة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غضب احمرَّتْ وجنتاه. رواهما الطَّبراني في "الكبير"(6).
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 666).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34356) لكن لفظه: "ما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا أو متبسماً منذ نزلت" وذكر الآيتين.
(3)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 508).
(4)
رواه ابن ماجه (3803).
(5)
رواه ابن ماجه (3804) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(9791) عن ابن مسعود رضي الله عنه، و (23/ 328) عن أم سلمة رضي الله عنها.
وقال البراء رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غضب رُؤِيَ لوجهه ظلال. رواه أبو الشيخ (1).
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم طويل الصَّمت، قليل الضَّحك. رواه الإمام أحمد (2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان كلام النبي صلى الله عليه وسلم كلاماً فَصْلاً يفهمه كل مَنْ يسمعه (3).
وقال أبو طيبة رحمه الله: إن عمرو بن العاص رضي الله عنه قام يوماً وقام رجل فأكثر القول، فقال عمرو: لو قصد في قوله لكان خيراً له، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لَقَدْ رَأَيْتُ - أَوْ أُمِرْتُ - أَنْ أتجَوَّزَ فِيْ القَوْلِ؛ فَإِنَّ الجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ". رواهما أبو داود (4).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بِجَوَامعِ الكَلِم". رواه الشيخان (5).
وقال أبو سعيد رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْرَبُ العَرَبِ". رواه الطبراني (6).
(1) رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 521).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 86).
(3)
رواه أبو داود (4839).
(4)
رواه أبو داود (5008).
(5)
رواه البخاري (2815)، ومسلم (523).
(6)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(5437). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 218): فيه مبشر بن عبيد، وهو متروك.
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كان في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل. رواه أبو داود (1).
وله عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أُريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شيء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكتُ عن الكتابة، وذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فِيْه وقال:"اكْتُبْ؛ فَوَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ"(2).
وقيل لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيءٍ من الشعر؟
قالت: كان يتمثل بشعر ابن رواحة، ويتمثل بقوله:"وَيأْتِيْكَ بِالأَخْبارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ". رواه الترمذي (3).
وقال جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه: أصاب حجر أصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدميَتْ، فقال:"هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبَعٌ دَمِيَتِ وَفِيْ سَبِيْلِ اللهِ مَا لَقِيْتِ". رواه الشيخان، والترمذي (4).
وقال النابغة رضي الله عنه: أنشدتُ النبي صلى الله عليه وسلم: [من الطّويل]
(1) رواه أبو داود (4838).
(2)
رواه أبو داود (3646).
(3)
رواه الترمذي (2848) وصححه.
(4)
رواه البخاري (5794)، ومسلم (1796)، والترمذي (3345).
بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وَجُدُودُنا
…
وإِنَّا لنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرا
فقال: "أَيْنَ الْمَظْهَرُ يا أَبا لَيْلَى؟ " قلت: الجنة، قال:"إِنْ شاءَ اللهُ"، ثم قلت:
وَلا خَيْرَ فِيْ حِلْيم إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ
…
بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرا
وَلا خَيْرَ فِيْ جَهْلٍ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ
…
حَلِيْمٌ إِذا ما أُوْرِدَ الأَمْرُ أَصْدَرا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَجَدْتَ؛ لا يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ"، مرَّتين. رواه أبو القاسم البغوي (1).
والأحاديث التي تشهد بإنشاد الشعر بين يديه صلى الله عليه وسلم كثيرة.
وقالت حفصة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل يمينَه لأكله وشربه، ووضوئه، وثيابه، وأخذه وعطائه، وشمالَه لما سوى ذلك. رواه الإمام أحمد (2).
(1) ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 103)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 232).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 287)، وكذا رواه أبو داود (32).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ التيامن ما استطاع في طهوره، وتنعله، وترجله، وفي شأنه كله. رواه الأئمة الستة (1).
وقال ابن عمر رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه. رواه البخاري، والترمذي (2).
وهو عند مسلم، والنسائي عن أنس رضي الله عنه، وعند الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه (3).
وقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم بالفضة. رواه الطبراني في "الكبير"(4).
وقال أنس، وابن عمر رضي الله عنهم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل مما يلي كفه. رواهما ابن ماجه (5).
(1) رواه البخاري (416)، ومسلم (268)، وأبو داود (4140)، والترمذي (608)، والنسائي (5240)، وابن ماجه (401).
(2)
رواه البخاري (5538)، والترمذي (1741). وكذا مسلم (2091). لكن في حديث ابن عمر وأنس رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم لبس الخاتم في اليمين.
أما عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما فكما جاء عند المؤلف رحمه الله.
(3)
رواه مسلم (2094)، والنسائي (5283) عن أنس رضي الله عنه.
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 205)، والترمذي (1744)، وابن ماجه (3647) عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما.
(4)
كذا عزاه السيوطي في "الشمائل الشريفة"(ص: 278) إلى الطبراني.
(5)
رواه ابن ماجه (3646) عن أنس رضي الله عنه وكذا رواه مسلم (2094).
ورواه ابن ماجه (3645) عن ابن عمر رضي الله عنه.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عَطَسَ وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض بها صوته. رواه أبو داود، والترمذي، والحاكم، وصححه (1).
وقال أبو سعيد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المجلس (2) احتبى بيديه. رواه الترمذي (3).
وله عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على يساره (4).
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنه يتوكأ. رواه أبو الشيخ (5).
وقد قدمنا شيئاً من وصف مَشْيه في التشبه بالصالحين صلى الله عليه وسلم.
وقال أنس رضي الله عنه: كان يُعجب النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا نجيح. رواه الترمذي (6).
(1) رواه أبو داود (5029)، والترمذي (2745) وصححه، والحاكم في "المستدرك"(7796).
(2)
في "الشمائل المحمدية": "في المسجد" بدل "في المجلس".
(3)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 116)، وكذا أبو داود (4846) وقال: عبد الله بن إبراهيم شيخ منكر الحديث.
(4)
رواه الترمذي (2770) وحسنه.
(5)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 20)، وكذا رواه أبو داود (4863).
(6)
رواه الترمذي (1616) وصححه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير، وكان الاسم الحسن. رواه الإمام أحمد (1).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة فأعجبته، فقال:"أَخَذْنا فَأْلَكَ مِنْ فِيْكَ". رواه أبو الشيخ (2).
وهو عند أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه (3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن. رواه أبو الشيخ (4).
وهو عند الترمذي عن عائشة رضي الله عنها (5).
وقالت رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويُثيب عليها. رواه الإمام أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي (6).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 257). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 47): رواه أحمد والطبراني، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف بغير كذب.
(2)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 71).
(3)
رواه أبو داود (3917).
(4)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 83).
(5)
رواه الترمذي (2839). قال الترمذي في "العلل"(ص: 345): سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: إنما يروى هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
(6)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 90)، والبخاري (2445)، وأبو داود (3536)، والترمذي (1953).
وقال أبو هريرة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بطعام يسأل عنه: "أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ " فإن قيل: صدقة قال لأصحابه: "كُلُوا"، ولم يأكل، وإنْ قيل هدية ضربَ بيده فأكل معهم. رواه الشيخان (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو الشيخ (2).
وله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكشف عن رأسه في أول مطر يكون من السماء في ذلك الغمام، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هُوَ أَحْدَثُ عَهْداً بِرَبِّنَا، وَأَعْظَمُهُ بَرَكَةً"(3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بباكورة التمر (4) وضعها على عينيه ثم على شفتيه، وقال:"اللَّهُمَّ كَما أَرَيْتَنا أَوَّلَهُ فَأَرِنا آخِرَهُ"، ثم يُعطيه من يكون عنده من الصبيان. رواه ابن السني (5).
وهو عند الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس، وعند الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنهما (6).
(1) رواه البخاري (2437)، ومسلم (1077).
(2)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 18).
(3)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 128).
(4)
في "عمل اليوم والليلة": "الثمرة" بدل "التمر".
(5)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 247).
(6)
انظر: "الشمائل الشريفة" للسيوطي (ص: 61).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بلبن قال: "بَرَكَة". رواه الحاكم، وصححه (1).
وقال أنس رضي الله عنه: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خِوان (2)، ولا في سُكُرُّجَةٍ (3)، ولا خُبِزَ له مُرَقَّقٌ. رواه البخاري (4).
وسُئِلَ سهل بن سعد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل النقي؟ قال: لا والله ما رُؤِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل النقي حتى لقيَ الله. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(5).
وقال عبد الله بن بُسر رضي الله عنه: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء، يحملها أربعة رجال. رواه أبو الشيخ (6).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعات طاوياً وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير (7).
وقال أبو أمامة رضي الله عنه: ما كان يفضل عن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز
(1) ورواه ابن ماجه (3321).
(2)
الخوان: وهو ما يوضع عليه الطعام ليؤكل.
(3)
السكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم، وهي فارسي معرب.
(4)
رواه البخاري (5099).
(5)
ورواه البخاري (5097).
(6)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 252)، وكذا رواه أبو داود (3773).
(7)
رواه الترمذي (2360) وصححه.
الشعير. رواهما الترمذي (1).
وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: دُعِيَ أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وأنا معه، فرأى صفرة وخضرة فقال: أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تغدى لم يتعش، وإذا تعشى لم يتغد. رواه أبو نعيم (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل لَعَقَ أصابعه الثلاث. رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (3).
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، ويَلْعق يده قبل أن يمسحها. رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود (4).
وقال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه ثلاثاً. رواه الترمذي (5).
وقال عامر بن ربيعة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، ويستعين بالرابعة. رواه الطَّبراني في "الكبير"(6).
(1) رواه الترمذي (2359) وصححه.
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 323).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 290)، ومسلم (2034)، وأبو داود (3845)، والترمذي (1803)، والنسائي في "السنن الكبرى"(6765).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 386)، ومسلم (2032)، وأبو داود (3848).
(5)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 123).
(6)
كذا عزاه السيوطي في "الشمائل الشريفة"(ص: 268) إلى الطبراني.
وقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل لم تَعْدُ يده ما بين يديه. رواه أبو الشيخ (1).
ورُوِيَ من طُرق أخرى.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الطعام مما يليه حتى إذا جاء التمر جالت يده. رواه أبو الشيخ (2).
وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَّا أَنَا فَلا آكُلُ مُتَّكِئاً (3) ". رواه البخاري، والترمذي (4).
(1) رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 210).
(2)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 289). وفيه عبيد بن القاسم، قال ابن أبي حاتم في "المجروحين" (2/ 175): ممن يروي المعضلات عن الثقات، روى عن هشام بن عروة بنسخة موضوعة لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب.
(3)
قال ابن الأثير في "جامع الأصول"(7/ 394): قال الخطابي: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل على أحد شقيه، لا يعرفون غيره
…
وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، إنما المتكئ ها هنا: هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، فكل من استوى قاعداً على وطاء فهو متكئ، والاتكاء مأخوذ من الوكاء، وهو افتعال منه، فالمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته، وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، أراد: أنه إذا أكل لم يقعد على الأوطئة والوسائد، فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة، ويتوسع في الألوان، ولكني آكل علقة، وآخذ من الطعام بلغة، فيكون قعودي مستوفزاً، لا مستوطناً.
(4)
رواه البخاري (5083)، والترمذي (1830).
وقال ابن عمرو رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئاً، ولا يطأ عقبه رجلان (1). رواه الإمام أحمد (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده، ولا يطأ عقبه رجلان. رواه الإمام أحمد.
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده. رواه الخرائطي بسند ضعيف (3).
وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل تمراً، فإذا مرَّت حشفة أمسكها في يده، فقال له قائل: أعطني هذا الذي بقيته، قال:"أَرْضَى لَكُم مَا أَسْخَطُهُ لِنَفْسِي؟ " رواه أبو نعيم (4).
وقالت أم سلمة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعيب مأكولاً؛ إن أعجبه أكله، وإلَاّ تركه. رواه الشيخان.
ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط إذا أُتيَ به؛ إنْ اشتهاه كله، وإلا تركه (5).
وقالت أم هانئ رضي الله عنها: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(1) أي: لا يمشي خلفه رجلان ولا أكثر كما يفعل الملوك يتبعهم الناس كالخدم.
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 165)، وكذا أبو داود (3770).
(3)
رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص: 75).
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 256).
(5)
رواه البخاري (3370)، ومسلم (2064).
"أَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ " فقلت: لا إلا خبز يابس وخَلٌّ، فقال:"هَاتِ؛ مَا افْتَقَرَ بَيْتٌ مِنْ أُدُمٍ فِيْهِ خَلٌ". رواه الترمذي (1).
وهو عند مسلم عن جابر بنحوه، وقال فيه:"هَاتُوْهُ؛ فَنِعْمَ الأدَامُ الخَلُّ".
قال جابر رضي الله عنه: فالخل يُعجبني منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما يقول (2).
وقالت أم سعد رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الخَلِّ؛ فَإِنَّهُ كانَ إِدَامَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيْهِ خَلٌّ". رواه ابن ماجه (3).
وقال الحسن البصري رحمه الله: ما رُفِعَتْ مائدة النبي صلى الله عليه وسلم قط وعليها شيء. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(4).
وقال يزيد بن عبد الله بن قسيط رضي الله عنه: أتي رسول الله بسويق من سويق اللوز، فلما خيض قال:"ما هذا؟ " قالوا: سويق اللوز، قال:"أَخِّرُوْهُ عَنِّيْ، هَذَا شَرَابُ المُتْرَفيْنَ". رواه أبوه في "الزهد"(5).
(1) رواه الترمذي (ص: 145).
(2)
رواه مسلم (2052).
(3)
رواه ابن ماجه (3318).
(4)
رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(ص: 9).
(5)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 6).
وقال مَنْ خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين: إنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرب إليه طعام يقول: "بِسْمِ اللهِ". رواه النسائي (1).
وقال أبو أيُّوب رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب يقول: "الحَمْدُ للهِ الَّذِيْ أَطْعَمَ وَسَقَىْ، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا". رواه أبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان (2).
وقال أبو سعيد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: "الحَمْدُ اللهِ الَّذِيْ أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَجَعَلَنَا مُسْلِمِيْنَ". رواه الإمام أحمد، وأصحاب السنن (3).
وقال رجل من سليم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ، فَأَشْبَعْتَ وَأَرْويتَ، فَلَكَ الحَمْدُ غَيْرَ مَكْفُوْفٍ وَلا مَوَدَّعٍ وَلا مُسْتَغْنى عَنْكَ". رواه الإمام أحمد (4).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإناء
(1) رواه النسائي في "السنن الكبرى"(6898).
(2)
رواه أبو داود (3851)، والنسائي في "السنن الكبرى"(6894)، وابن حبان في "صحيحه"(5220).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 32)، وأبو داود (3855)، والترمذي (3457)، والنسائي في "السنن الكبرى"(15120)، وابن ماجه (3283).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 236)، وعنده:"مكفور" بدل "مكفوف". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 29): فيه عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف.
تنفس ثلاثاً، يُسمي عند نفس، ويشكر في آخرهن. رواه ابن السني، والطبراني في "الكبير"(1).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقي أصحابه، قالوا: يا رسول الله! لو شربت، فقال:"سَاقِي القَوْمِ آخِرُهُمْ". رواه أبو الشيخ (2).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود رضي الله عنه (3). رواه الإمام أحمد بإسناد جيد.
قال عمرو: لا ألبس مشهوراً أبداً، ولا أنام على دِثار أبداً، ولا أركب على مأثور أبداً، ولا أملأ جوفي من طعام أبداً (4).
وقال أبو بردة: أخرجت لنا عائشة رضي الله عنها كساءً ملبداً، وإزاراً غليظاً، فقالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين. رواه الشيخان وأبو داود والترمذي وغيرهم (5).
(1) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 424)، وضعف النووي إسناده في "الأذكار" (ص: 187).
(2)
ورواه مسلم (681) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 18).
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 156).
(5)
رواه البخاري (2941)، ومسلم (2080)، وأبو داود (4036)، والترمذي (1733).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس قميصاً فوق الكعبين مستوي الكُمين بأطراف أصابعه. رواه ابن عساكر (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء. رواه ابن أبي شيبة (2).
وقال الأشعث بن سليم: سمعت عمتي تحدث عن عمها رضي الله عنه قال: بينا أنا أمشي إذا إنسان خلفي يقول: "ارْفَعْ إِزَارَكَ؛ فَإِنَّهُ أَبْقَى وَأَنْقَىْ"، وإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله! إنما هي بردة ملحاء، قال:"أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ " فنظرتُ فإذا إزاره إلى نصف ساقيه. رواه الترمذي (3)، وتقدم من رواية الخطابي.
وقال بديل العقيلي رضي الله عنه: كان كُم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ (4).
وأخرج نحوه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها (5).
وقال جابر رضي الله عنه: ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء. رواه الطبراني، وغيره (6).
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 195).
(2)
ورواه أبو داود (4074).
(3)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 108).
(4)
ورواه النسائي في "السنن الكبرى"(9667).
(5)
رواه الترمذي (1765) وحسنه.
(6)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(680). وأصل الحديث في "السنن".
وقال: كان صلى الله عليه وسلم يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة. رواه البيهقي في "سننه"(1).
وقالت أم سلمة رضي الله عنها: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص. رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي (2).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث قلنس؛ قَلَنْسُوة بيضاء مضربة، وقَلَنْسوة برد حبرة، وقَلَنْسوة ذات آذان يلبسها في الحرب (3). رواه أبو الشيخ (4).
وقال جابر رضي الله عنه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء. رواه الترمذي (5).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتمَّ أسدل عمامته بين كتفيه.
قال نافع: وكان ابن عمر يفعل ذلك. رواه الترمذي وحسنه، وأبو الشيخ (6).
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 280).
(2)
رواه أبو داود (4025)، والترمذي (1762) وحسنه، والنسائي في "السنن الكبرى"(9668).
(3)
في "أخلاق النبي وآدابه": "السفر" بدل "الحرب".
(4)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدبه"(2/ 211).
(5)
رواه الترمذي (1735)، وكذا رواه مسلم (1358).
(6)
رواه الترمذي (1736) وحسنه، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 199).
وقال أنس رضي الله عنه: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف، واحتذى المخصوف، ولبس خشناً، وكل بشعا، فسُئِلَ الحسن: ما البشع؟ قال: غليظ الشعير ما كان يسيغه إلا بجرعة ماء. رواه الحاكم وصححه، وأبو الشيخ (1).
ودخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين رحمهم الله وعليه جبة صوف، وإزار صوف، وعمامة صوف، فاشمأزَّ منه محمد وقال: أظنُّ أنَّ أقواماً يلبسون الصوف يقولون: قد لبسه عيسى بن مريم عليهما السلام، وقد حدثني من لا أتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان، والقطن، واليمنية، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً لبسه يوم الجمعة. رواه أبو الشيخ، والخطيب (3).
وقال أبو سعيد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجدَّ ثوباً - سمَّاه باسمه: عمامة، أو قميصاً، أو رداء - يقول:"اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا كَسَوْتَنِيْهُ، أَسْألكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ".
وفي لفظ: "لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيْه". رواه الإمام أحمد، وأبو
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(4/ 361)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 226)، وكذا ابن ماجه (3348).
(2)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 226).
(3)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 103)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(4/ 136).
داود، والترمذي، والحاكم، وصححه (1).
وقال سهل بن سعد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر القناع (2)، ويُكثر دهن الرأس، ويُسرح لحيته [بالماء]. رواه البيهقي في "الشعب"(3).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر وجهه في المرآة قال: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي حَسَّن خَلْقِي وَخُلُقِي، وَزَانَ مِنَّي مَا شَانَ مِنْ غَيْرِي".
وإذا اكتحل جعل في كل عين اثنتين وواحدة بينهما.
وكان إذا لبس نعليه بدأ باليمين، وإذا خلع خلع اليسرى.
وكان إذا دخل المسجد أدخل رجله اليمنى، وكان يحب التيمن في كل شيء أخذ وأعطى. رواه أبو يعلى، والطبراني في "الكبير"(4).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس شيئاً من الثياب بدأ بالأيمن، وإذا نزع بدأ بالأيسر. رواه أبو الشيخ، وسنده ضعيف (5).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 30)، وأبو داود (4020)، والترمذي (1767) وصححه، والحاكم في "المستدرك"(7408).
(2)
يكثر القناع: المراد هنا تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو بغيره لنحو برد أو حر.
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6465).
(4)
رواه أبو يعلى في "المسند"(2611). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 171): فيه عمر بن حصين، وهو متروك.
(5)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 135).
وقال أبو عبد الله الأغر صلى الله عليه وسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص شاربه، ويأخذ من أظفاره قبل أن يروح إلى الجمعة. رواه أبو الشيخ (1).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَلم أظفاره، ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يروح إلى الصلاة. رواه البيهقي في "الشعب"(2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل كل ليلة، ويحتجم كل شهر، ويشرب الدواء كل سنة. رواه ابن عدي (3).
وقال حذيفة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل شاص فاه بالسواك. رواه الأئمة إلا الترمذي (4).
وقال البراء رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام وضع يده اليمنى تحت خده وقال: "اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ". رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه (5).
(1) رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 226).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(2763) وقال: في هذا الإسناد من يجهل، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(842).
(3)
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(3/ 434). وفيه سيف بن محمد ابن أخت سفيان الثوري وهو كذاب.
(4)
رواه البخاري (242)، ومسلم (255)، وأبو داود (55)، والنسائي (2)، وابن ماجه (286).
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 300)، والترمذي (3399) وحسنه.
وهو عند أحمد، والترمذي عن حذيفة، وعند أحمد، وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنهما (1).
وأدعية النوم والاستيقاظ، والصباح والمساء الواردة عنه كثيرة جداً؛ ذكرنا أكثرها في كتاب "منبر التوحيد".
وقال الحسين رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين. رواه الخطيب (2).
والابتهال: الاجتهاد في الدعاء، وإخلاصه؛ قاله في "القاموس"(3).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه. رواه الطبراني في "الكبير"(4).
وقال بريدة رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه. رواه أبو داود (5).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 328)، والترمذي (3398) عن حذيفة رضي الله عنه. وكذا رواه البخاري (5955) عنه مع اختلاف في اللفظ.
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 443)، وابن ماجه (3877) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وكذا رواه أبو داود (5045) عن حفصة رضي الله عنها.
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/ 62).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1253)(مادة: بهل).
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5226).
(5)
رواه أبو داود (1492) لكن عن السائب بن يزيد عن أبيه رضي الله عنه.
وقال أبو أيوب رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه. رواه الطبراني في "الكبير"(1).
وقال أُبَيٌّ رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحداً بدعائه بدأ بنفسه. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه؛ وصححه ابن حبان، والحاكم (2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدعُ ما سوى ذلك. رواه أبو داود، وصححه الحاكم (4).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ثلاثاً، ويستغفر ثلاثا. رواه البيهقي في "الدعوات"(5).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(4081)، وله شاهد عند أبي داود (3984) باللفظ نفسه عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
(2)
رواه أبو داود (3984)، والترمذي (3385) واللفظ له، وكذا رواه مسلم (2380).
(3)
رواه مسلم (373)، وأبو داود (18)، والترمذي (3384)، وابن ماجه (302).
(4)
رواه أبو داود (1482)، والحاكم في "المستدرك "(1978).
(5)
رواه البيهقي في "الدعوات الكبير"(2/ 38)، وكذا رواه أبو داود (1524).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تُفهم، وإذا أتى على قوم سلم عليهم يُسلم عليهم ثلاثاً. رواه الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه من أدم حشوه ليف.
وفي رواية: كان وساد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتكئ عليه من أدم حشوه ليف. رواه الشيخان، وغيرهما (2).
وقالت: صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم فراشين، فأبى أن يضطجع إلا على واحد (3).
وقالت: دخلت عليَّ امرأة من الأنصار، فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية، فرجعت إلى منزلها فبعثت إليَّ بفراش حشوه الصوف، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:": مَا هَذَا؟ " فقلت: فلانة الأنصارية دخلت علي فرأت فراشك، فبعثت إليَّ بهذا، فقال:"رُدِّيْه"، فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال:"يا عَائِشَةُ! رُدِّيْهِ فَوَاللهِ لَوْ شِئْتُ لأَجْرى اللهُ مَعِيَ جِبَالَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ"،
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 213)، والبخاري (95)، والترمذي (2723).
(2)
رواه البخاري (6091)، ومسلم (2082).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 14).
فرددته. رواهما الإمام أحمد في "الزهد"(1).
وسُئِلَتْ حفصة رضي الله عنها عن فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: مسح ثنيته ثنتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع ثنيات كان أوطأ له، قالت: فثنيناه بأربع ثنيات، فلما أصبح قال:"مَا فَرَشْتُمْ لِيَ اللَّيْلَةَ؟ "قلنا: هو فراشك إلا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ لك، قال:"رُدُّوْهُ لِحَالَتِهِ الأُوْلَى؛ فَإِنَّهُ مَنَعَتْنِيْ وَطَاءَتُهُ صَلَاتِيَ اللَّيْلَةَ". رواه الترمذي (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة مورسة (3) تدور بين نسائه. رواه أبو الشيخ (4).
وقال: دخلت على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف. رواه أبو الشيخ (5).
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 14)، وكذا ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 465).
(2)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 270). قال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ"(3/ 1816) فيه سلام بن أبي خبزة متروك الحديث.
(3)
مِلحفةٌ مورَّسة: مصبوغة بالوَرْسِ، وهو صِبغْ أصفرِ، وقيل نبت طيّب الرائحة يزرع في اليمن.
(4)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(2/ 512).
(5)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 13)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(3/ 139).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، وقد أثر في جنبه قلنا: يا رسول الله! لو اتخذت لك وطاء، فقال:"مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِيْ الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا". رواه ابن ماجه، والترمذي، وصححه (1).
وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: لقد أصبحتم وأمسيتم ترغبون فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه، أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيها، والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلا كان الذي عليه أكثر من الذي له. رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح (2).
وقال أبو أمامة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لَيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذهَبًا، فَقُلْتُ: لا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَجُوْعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا، فَإِذَا شَبِعْتُ حَمَدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ، وَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ". رواه الإمام أحمد، والترمذي (3).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدِ قُوْتاً". رواه الشيخان.
وفي رواية: "كَفافاً"(4).
(1) رواه ابن ماجه (4109)، والترمذي (2377) وصححه.
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 204).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 245)، والترمذي (2347) وحسنه.
(4)
رواه البخاري (6095)، ومسلم (1055).
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا [لغد]. رواه الترمذي (1).
والمعنى: كان لا يدخر لنفسه، وصحَّ أنه كان يدخر لعياله. وفي "الصحيحين" عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم (2).
وقال أنس رضي الله عنه: أُهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة طوائر، فأطعم خادمه طائراً، فلما كان من الغد أتته به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَلَمْ أَنْهَكِ أَنْ تَرْفَعِيْ شَيْئاً لِغَدٍ؛ فَإِنَّ اللهَ عز وجل يَأْتِيْ بِرِزْقِ كُلِّ غَدٍ". رواه الإمام أحمد في "الزهد"(3).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قط عشاء لغداء، ولا غداء لعشاء، ولا اتخذ من شيء زوجين، ولا قميصين، ولا رداءين، ولا إزارين، ولا من النعال، ولا رُؤي قط فارغاً في بيته؛ إما يخصف نعلاً لرجل مسكين، أو يخيطُ ثوباً لأرملة. رواه ابن الجوزي في "الوفا"(4).
(1) رواه الترمذي (2362) وقال: غريب، ويروى مرسلاً.
(2)
رواه البخاري (5042) واللفظ له، ومسلم (1757).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 8). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد"(10/ 303).
(4)
انظر: "الوفا بأحوال المصطفى" لابن الجوزي (ص: 480)، وروى طرفه ابن أبي الدنيا في "القناعة" (ص: 72).
وقال الحسن رحمه الله: كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأتناول سقفها بيدي (1).
وقال داود بن قيس رحمه الله: رأيت الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر، وأظنُّ عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحواً من ستة أذرع أو سبعة أذرع، وأحزر البيت الداخل عَشر أذرع، وأظن سمْكه بين الثمان والسبع. رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن أبي الدنيا، والبيهقي (2).
والمراد بالذراع ذراع الآدمي، جمعا بين قول داود بن قيس: وأظن سمكه بين الثمان والسبع، وقول الحسن: فأتناول سقفها بيدي.
وقال عطاء الخراساني رحمه الله: أدركت حُجَرَ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جريد النخل، على أبوابها المسوح من الشعر أسود، قال: فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ يأمر بإدخال حُجَر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم، فسمعت سعيد بن المسيب يقول يومئذٍ: والله لوددتُ أنهم تركوها على حالها ينشأ ناشئ من أهل المدينة، ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فيكون ذلك مما يزهد
(1) رواه البخاري في "الأدب المفرد"(450)، وابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ص: 163)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10734).
(2)
رواه البخاري في "الأدب المفرد"(451)، وابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ص: 162)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10735).
الناس في التكاثر والتفاخر فيها.
وقال يومئذٍ أبو أمامة بن سهل بن حنيف رحمه الله: ليتها تُركَتْ فلم تُهدم حتى يقتصر الناس عن البناء، وَيرون ما رضي الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ومفاتح خزائن الدُّنيا بيده. رواه ابن سعد في "طبقاته"(1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ عَنِّيْ، أَوْ مَنْ سرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ فَلْينْظُرْ إِلَىْ أَشْعَثَ شَاحِبٍ مُشَمِّرٍ لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَىْ لَبِنَةٍ، وَلا قَصَبَةً عَلَىْ قَصَبةٍ، رُفِعَ لَهُ عَلَمٌ فَشَمَّرَ إلَيْهِ؛ اليوْمَ المِضْمَارُ وَغَدًا السِّباقُ، وَالغَايَةُ الجَنَّةُ أَوِ النَّارُ". رواه الطبراني في "الأوسط"، وسنده ضعيف (2).
وقال أبو سعيد رضي الله عنه: اشترى أسامة بن زيد رضي الله عنهما وليدة بمئة دينار إلى شهر، فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ أُسَامَةَ لَطَوِيْلُ الأَمَلِ، وَالَّذِيْ نفسِي بِيَدِهِ مَا طَرَفَتْ عَيْنَايَ إلا ظَنَنْتُ أَنَّ شفريَّ لا يَلْتَقِيَانِ حَتَّى يَقْبِضَ اللهُ رُوْحِي، وَلا لَقَمْتُ لُقْمَةً إلَاّ ظَنَنْتُ أَنِّي لا أسِيْغَهَا حَتَى أَغُصَّ بِهَا مِنَ المَوْتِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّمَا تُوْعَدُوْن لآتٍ وَمَا أَنتمْ بِمُعْجِزِيْن". رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "قصر الأمل"، وأبو نعيم، والبيهقي (3).
(1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 167).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3241).
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل"(ص: 29)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 91)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10564).
وقال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد. رواه أبو داود (1).
وأخرجه ابن ماجه عن بلال بن الحارث رضي الله عنه، وهو والنسائي عن عبد الرَّحمن بن أبي قراد بلفظ:"إِذا أراد الحاجة أبعد"(2).
وقال أنس، وابن عمر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض. رواهما أبو داود، والترمذي (3).
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" عن جابر رضي الله عنه (4).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: "اللَّهُمَّ إنيِّ أَعوُذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ". رواه الإمام أحمد، والستة (5).
زاد ابن أبي شيبة: "بِسْمِ اللهِ" في أوله، وفي لفظ: "أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ
(1) رواه أبو داود (1)، وكذا الترمذي (20)، وابن ماجه (331).
(2)
رواه ابن ماجه (336) عن بلال بن الحارث رضي الله عنه.
ورواه ابن ماجه (334) والنسائي (16) عن عبد الرَّحمن بن أبي قراد رضي الله عنه.
(3)
رواه أبو داود (14)، والترمذي (14) وقال: كلا الحديثين مرسل.
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5118). قال ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(2/ 364): باطل، وحسين بن عبيد الله العجلي يشبه أن يكون ممن يضع الحديث.
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 101)، والبخاري (142)، ومسلم (375)، وأبو داود (4)، والترمذي (5)، والنسائي (19)، وابن ماجه (298).
الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ" (1).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. رواه الأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم (2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه. رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه"(3).
وأخرجه ابن سعد عن حبيب بن صالح مرسلاً، ولفظه: إذا دخل المرفق لبس حذاءه، وغطى رأسه (4).
وقال المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إليَّ وقال:"إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلَاّ عَلَىْ طُهْرٍ". رواه أبو داود، وغيره (5).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤتى بالصبيان
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(5).
(2)
رواه أبو داود (19) وقال: منكر، والترمذي (1746) وحسنه، والنسائي (5213)، وابن ماجه (303)، وابن حبان في "صحيحه"(1413)، والحاكم في "المستدرك"(670).
(3)
ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 182)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 96) وقال: وهذا الحديث أحد ما أنكر على محمد بن يونس الكديمي.
(4)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 383)، وكذا البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 96).
(5)
رواه أبو داود (17)، وكذا النسائي (38)، ابن ماجه (350).
ليدعو لهم، فأُتي بصبي فَبَالَ على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إيَّاه. رواه الشيخان (1).
زاد مسلم: ولم يغسله (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم النَّاس بالصبيان والعيال. رواه ابن عساكر (3).
وقال عبد الله بن أبي قتادة رحمه الله: كان أبو قتادة رضي الله عنه يصغي الإناء للهرة فتشرب، ثم يتوضأ به، فقيل له في ذلك فقال: ما صنعتُ إلا ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. رواه البيهقي في "سننه"(4).
وقال بهز رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عرضاً، ويشرب مصًّا، ويتنفس ثلاثاً، ويقول:"هُوَ أَهْنأُ، وَأَمْرَأُ، وَأَبْرَأُ". رواه البغوي، وغيره (5).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته بالماء. رواه الإمام أحمد، والحاكم، وصححه (6).
(1) رواه البخاري (5994)، ومسلم (286).
(2)
ورواها البخاري كذلك.
(3)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 88).
(4)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 246)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(5/ 309).
(5)
رواه ابن قانع في "معجم الصحابة"(1/ 105)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1242). قال ابن أبي حاتم: رواه ثبيت بن كثير الضبي وهو منكر الحديث.
(6)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 234)، والحاكم في "المستدرك"(531).
وأخرجه هو والترمذي عن عثمان، وعن عمار بن ياسر، والحاكمُ عن بلال، وعن أنس، والطبرانيُّ في "الأوسط" عن ابن عمر، وفي "الكبير" عن أبي أمامة، وعن أبي الدرداء، وعن أم سلمة رضي الله عنهم (1).
وقال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. رواه الدارقطني (2).
وقال أبو رافع رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ حرَّك خاتمه. رواه ابن ماجه (3).
وقال المستورد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4).
(1) رواه الترمذي (31) وصححه عن عثمان رضي الله عنه.
ورواه الترمذي (29) وكذا ابن ماجه (429) عن عمار بن ياسر رضي الله عنه.
ورواه الحاكم في "المستدرك "(530) وكذا ابن ماجه (431) عن أنس رضي الله عنه.
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط "(1363) عن ابن عمر رضي الله عنه.
ورواه في "المعجم الكبير"(8070) عن أبي أمامة رضي الله عنه، و (26/ 298) عن أم سلمة رضي الله عنها.
(2)
رواه الدارقطني في "السنن"(1/ 83) وقال: ابن عقيل ليس بقوي.
(3)
رواه ابن ماجه (449)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير" (956). قال ابن عدي في "الكامل" (6/ 450): معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه منكر الحديث.
(4)
رواه أبو داود (148)، والترمذي (40) وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة، وابن ماجه (446). وابن لهيعة ضعيف.
وقال سفينة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع. رواه مسلم (1).
واتفق عليه هو والبخاري عن أنس رضي الله عنه بزيادةِ: إلى خمسة أمداد (2).
وقال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إِليَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيْبُ، وَجُعِلَتْ قرَّةُ عَيْنِيَ فِي الصَّلَاةِ". رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم، وصححه (3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَرُدُّ الطِّيب. رواه الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي (4).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون في المصلين إلا كان أكثرهم صلاة، ولا يكون في الذاكرين إلا كان أكثرهم ذكراً. رواه الخطيب، وابن عساكر (5).
وقال عطاء بن يسار رحمه الله مرسلاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان
(1) رواه مسلم (326).
(2)
رواه مسلم (325)، والبخاري (198).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 133)، والبخاري (2443)، والترمذي (2789)، والنسائي (5258).
(5)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(10/ 93)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 153).
في قومٍ يصلون كان آخرهم، وإذا كان في قوم يذكرون كان آخرهم.
وقال يحيى بن أبي كثير رحمه الله: قيل لابن عمر رضي الله عنه: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته؟ قال: لا، ولا في غيرها. رواهما الإمام أحمد في "الزهد".
وقال عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المِرجل. رواه ابنه في "زوائده"، وغيره (1).
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الفجر قَعَد في مُصَلَاّه حتى تطلع الشمس. رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الغداة في سفر مشى عن راحلته قليلاً. رواه أبو نعيم، والبيهقي (3).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى صلاة أثبتها (4). رواه مسلم (5).
(1) ورواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 25)، والنسائي (1214).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 91)، ومسلم (670)، وأبو داود (1294) والترمذي (585)، والنسائي (1357).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 180)، والبيهقي في "الآداب"(2/ 375).
(4)
قال إسماعيل بن جعفر - وهو أحد رواه الحديث -: يعني: داوم عليها.
(5)
رواه مسلم (835).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته. رواه مسلم، وأبو داود (1).
وقالت هي وأم سلمة رضي الله عنه: كان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دُوْوِمَ عليه وإنْ قَلَّ. رواه الترمذي، والنسائي (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام. رواه مسلم، والترمذي، والنسائي (3).
وقال أبو واقد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة على الناس، وأطول الناس صلاةً لنفسه. رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى (4).
وقال عبد الله بن أبي أوفى، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر الذكر، ويقل اللغو، ويُطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، وكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته. رواهما الحاكم.
وحديث ابن أبي أوفى عند النسائي (5).
(1) رواه مسلم (746)، وأبو داود (1368).
(2)
رواه الترمذي (2856)، والنسائي (1655)، وتقدم تخريجه من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
رواه مسلم (469)، والترمذي (237)، والنسائي (824).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 218)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(3310).
(5)
رواه النسائي (1414)، والحاكم في "المستدرك"(4225) عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه.=
وقال أنس رضي الله عنه: تعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار كالشَّنِّ البالي (1).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ، إِنَّ اللهَ جَعَلَ لِكُلِّ نبيٍّ شَهْوَةً، وإِنَّ شَهْوَتِي قِيَامُ هَذَا اللَّيْلِ". رواهما أبو الشيخ (2).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أَفَلا أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ عَبْدًا شَكُوْرًا؟ " رواه الشيخان، وتقدم من طريق آخر (3).
وقال أبو ذر رضي الله عنه: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فلما أصبح قلت: يا رسول الله! مازِلْتَ تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال:"إِنِّي سَأَلْتُ اللهَ عز وجل الشَّفَاعَةَ لأُمَّتِي فَأَعْطَانِيْهَا، وَهِيَ نَائِلَةٌ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَىْ - مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً". رواه الإمام أحمد (4).
= ورواه الحاكم في "المستدرك"(4226) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(1)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 165). وفيه عبد الحكم القسملي منكر الحديث.
(2)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 126)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(12552).
(3)
رواه البخاري (4557)، ومسلم (2820).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 149)، وكذا النسائي (1010)، وابن ماجه (1350).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طوراً ويخفض طوراً. رواه أبو الشيخ (1).
وقال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتدَّ غضبه كأنه منذر جيشٍ يقول:"صَبَّحَكُم مَسَّاكُم". رواه ابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وصححاه (2).
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قصداً وخطبته قصداً. رواه مسلم (3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة. رواه أبو داود، والحاكم، وصححه (4).
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغدو يوم الفطر والأضحى في طريق، ويرجع في آخر (5).
وقال بريدة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى
(1) رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 148)، وكذا أبو داود (1328).
(2)
رواه ابن ماجه (45)، وابن حبان في "صحيحه"(3062)، والحاكم في "المستدرك"(8595)، وكذا رواه مسلم (867).
(3)
رواه مسلم (866).
(4)
رواه أبو داود (1107)، والحاكم في "المستدرك"(1067).
(5)
رواه البخاري (943)، ولفظه:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيدٍ خالف الطريق".
يَطْعَم، ولا يَطْعَم يوم النحر حتى يذبح. رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، والدارقطني، وصححه ابن القطان (1).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. رواه البخاري.
زاد تعليقاً: ويأكلهنَّ إفراداً (2).
ووصل هذه الزيادة أحمد (3).
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل سبع تمرات (4).
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كان للنبي صلى الله عليه وسلم بردٌ يلبسه في العيدين والجمعة. رواه البيهقي في "سننه"(5).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما هبت ريحٌ قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 360)، والترمذي (542) وقال: غريب، وابن ماجه (1756)، وابن حبان في "صحيحه"(2812)، والحاكم في "المستدرك"(1088)، والدارقطني في "السنن"(2/ 45)، وصححه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 356).
(2)
رواه البخاري (910).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 126).
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(2039).
(5)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 247).
ركبته وقال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا ريحًا". رواه الشافعي في "الأم"، والطبراني في "الكبير"، ولفظه: كان إذا هاجت الريح استقبلها بوجهه، وجثا على ركبتيه، ومدَّ يديه، وقال:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألكَ مِنْ خَيْرِ هَذه الرِّيْحِ وَخَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً" إلى آخره (1).
وقال عباد بن تميم: عن عمه - وهو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالنَّاس يستسقي لهم، فصلَّى ركعتين جَهَرَ فيهما بالقراءة، وحوَّل رداءه، ودعا، واستسقى، واستقبل القبلة. رواه البخاري، وأبو داود (2).
وقال جابر رضي الله عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وحوَّل رداءه ليتحول القحط. رواه الحاكم (3).
وقال أنس رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السَّماء.
رواه مسلم (4).
(1) رواه الإمام الشافعي في "الأم"(1/ 253)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11533).
(2)
رواه البخاري (979)، وأبو داود (1161) واللفظ له، وكذا رواه مسلم (894).
(3)
رواه الحاكم في "المستدرك"(1216).
(4)
رواه مسلم (896).
وقال خلاد بن السائب، عن أبيه رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرها إليه. رواه الإمام أحمد (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا ناَفِعًا". رواه البخاري (2).
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر. رواه الشيخان (3).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضب احمرت وجنتاه. رواه الطبراني في "الكبير"(4).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كره شيئاً رُؤِيَ ذلك في وجهه. رواه الطبراني في "الأوسط"(5).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 56).
(2)
رواه البخاري (985).
(3)
رواه البخاري (3363)، ومسلم (2769).
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(9791). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 278): فيه إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي، وهو ضعيف.
(5)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(2756)، وكذا أبو يعلى في "المسند"(3124)، والبزار في "المسند" (7182) وقال: إنما يعرف هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وقال أبو بكرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يُسَرُّ به خرَّ ساجداً شُكراً لله تعالى. رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الحاكم (1).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتمَّ أخذ لحيته بيده ينظر فيها. رواه الشيرازي في "الألقاب"(2).
وقال هو وعائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اهتمَّ أكثر من مسِّ لحيته. رواهما أبو نعيم في "الطِّب"(3).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أهمَّه الأمر رفع رأسَهُ إلى السَّماء وقال: "سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ"، وإذا اجتهد في الدّعاء قال:"يَا حَيُّ يَا قَيُّوْمُ". رواه الترمذي (4).
وقال حذيفة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبه أمر صلَّى. رواه الإمام أحمد، وأبو داود (5).
(1) رواه أبو داود (2774)، وابن ماجه (1394)، والحاكم في "المستدرك"(1025)
(2)
انظر: "الشمائل الشريفة" للسيوطي (ص: 94).
(3)
ورواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(1/ 425) عن عائشة رضي الله وحسن إسناده العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 677).
ورواه البزار في "المسند"(7914) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
الترمذي (3436) وحسنه.
(5)
الإمام أحمد في "المسند"(5/ 388)، وأبو داود (1319).
وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصَّلاة، وتلا:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: 132] الآية.
رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم، والبيهقي في "الشعب" بسند صحيح (1).
وقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حزبه أمر قال: "لا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ الحَلِيْمُ الكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَرْشِ العَظِيْمِ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ". رواه الإمام أحمد (2).
وقال البراء بن عازب رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابته شدة فدعا رفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه. رواه أبو يعلى.
وقال قتادة رحمه الله: ما بعث الله نبياً إلا حسن الصوت، وكان نبيكم صلى الله عليه وسلم حسن الوجه حسن الصوت. رواه الترمذي مرسلاً، وأوصله بعضهم (3).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(886)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 176)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3180).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 206)، وكذا النسائي في "السنن الكبرى"(10482).
(3)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 261) مرسلاً. قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 565): ورويناه متصلاً في "الغيلانيات" من رواية قتادة عن أنس رضي الله عنه، والصواب الأول، قاله الدارقطني، ورواه ابن مردويه في "التفسير" من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وطرقه كلها ضعيفة.
وقال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدُّ صوته بالقراءة مداً. رواه الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، وصححه (1).
وسئل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنكم لا تستطيعونها، فقيل لها: أخبرينا بها، فقرأت قراءة ترسلَتْ فيها. رواه ابن أبي شيبة عن ابن أبي مليكة رحمه الله (2).
ونعتت أم سلمة رضي الله عنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً. رواه أبو داود، والترمذي وصححه، والنَّسائي (3).
وقال حذيفة رضي الله عنه: صليت مع النَّبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المئة، ثم مضى فقلت: يُصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح سورة النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرَّ بآية سؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول:"سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيْم"، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: "سَمعَ اللهُ لِمَنْ
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 192)، والنسائي (1014)، وابن ماجه (1353).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(8734)، وكذا الإمام أحمد في "المسند" (6/ 288) وقال: قال أبو عامر - أحد رواة الحديث -: أراها حفصة رضي الله عنها.
(3)
رواه أبو داود (1466)، والترمذي (2923) وصححه، والنسائي (1022).
حَمِدَهُ"، ثم قام قياماً طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: "سُبْحَانَ رَبّيَ الأَعْلَىْ"، وكان سجوده قريباً من قيامه.
وفي رواية: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ"(1).
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ختم جمع أهله ودعا. رواه أبو نعيم (2).
وقال داود بن قيس - وهو من تابعي التابعين رحمهم الله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند ختم القرآن: "اللَّهُمَّ ارْحَمني بِالقُرآنِ، وَاجْعَلْهُ لِيْ إِمَامًا وَنُوْرًا، وَهُدًى وَرَحْمَةً، اللَّهُمَّ ذَكِّرْنيْ مِنْهُ مَا نُسِّيْتُ، وَعَلِّمْنِيْ مِنْهُ مَا جَهِلْتُ، وَارْزُقْنِيْ تِلاوَتَهُ آناءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَاجْعَلْهُ لِيْ حُجَّةً يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ". رواه أبو منصور المظفر بن الحسين الأرجاني في "فضائل القرآن"، وأبو بكر بن الضحاك في "الشَّمائل"(3).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه. رواه ابن ماجه (4).
(1) رواه مسلم (772).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 260)، وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف"(30038).
(3)
انظر: "تخريج أحاديث الإحياء" للعراقي (1/ 226).
(4)
رواه ابن ماجه (362)، وضعف ابن الملقن إسناده في "البدر المنير"(2/ 245)، وكذلك ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 97).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم إذا صام حتى يقول القائل: لا يفطر، ويفطر إذا أفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم. رواه الشيخان (1).
ولهما نحوه عن ابن عباس (2).
وقال أسامة بن زيد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام حتى يُقال: لا يفطر، ويفطر الأيام حتَّى لا يكاد يصوم إلا يومين من الجمعة إن كانا في صيامه وإلا صامهما، فقلت: يا رسول الله! إنك تصوم لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما، قال:"أَيُّ يَوْمَيْنِ؟ " قلت: الاثنين والخميس، قال:"ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فَيْهِمَا الأَعْمَالُ عَلَىْ رَبِّ العَالَمِيْنَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ". رواه الإمام أحمد (3).
وقال علي رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء، ويأمر به. رواه أبو نعيم (4).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن
(1) رواه البخاري (1090)، ومسلم (1158).
(2)
رواه البخاري (1870)، ومسلم (1157).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 201)، وكذا النسائي (2358).
(4)
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 129)، والبزار في "المسند"(601).
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 184): فيه جابر الجعفي، وثقه شعبة والثوري، وفيه كلام كثير.
يُصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حَسَا حَسَوات من ماء. رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي (1).
وقال ابن عمر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: "ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ العُرُوْقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ الله". رواه أبو داود، والحاكم (2).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم قال: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُوْنَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ". رواية الإمام أحمد، والبيهقي (3).
وعند الطبراني نحوه عن ابن الزبير رضي الله عنهما، وقال:"وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ"(4).
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أمراً قال: "اللَّهُمَّ خِرْ لِي، وَاخْتَرْ". رواه الترمذي (5).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 164)، وأبو داود (2356)، وكذا الترمذي (696) وحسنه.
(2)
رواه أبو داود (2357)، والحاكم في "المستدرك"(1536).
(3)
رواية الإمام أحمد في "المسند"(3/ 118)، والبيهقي. وكذا أبو داود (3854).
(4)
رواه الطبراني في "الدعاء"(927)، وكذا ابن ماجه (1747).
(5)
رواه الترمذي (3516) وضعفه.
الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. رواه الشيخان (1).
وقال علي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً قال: "اللَّهُمَّ بِكَ أَصُوْلُ، وَبكَ أَحُوْلُ، وَبِكَ أَسِيْرُ". رواه الإمام أحمد (2).
وقال عبد الله بن سَرْجس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحَور بعد الكَور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال. رواه مسلم (3).
وله عن ابن عمر بمعناه (4).
وقال فَضَالة بن عبيد رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلاً في سفر، أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين. رواه الطبراني في "الكبير"(5).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يُصلي فيه ركعتين. رواه البيهقي في "السنن"(6).
(1) رواه البخاري (1922)، ومسلم (1172).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 150).
(3)
رواه مسلم (1343).
(4)
رواه مسلم (1342).
(5)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 300). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 283): فيه الواقدي، وقد وثقه مصعب الزبيري وغيره، وضعفه جماعة كثيرون من الأئمة.
(6)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 253).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصر في السفر ويتم، ويصوم ويفطر. رواه الدارقطني، والبيهقي في "سننهما"(1).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع ركعتي الفجر في السَّفر ولا في الحضر، ولا في الصحة ولا في السَّقم. رواه الخطيب (2).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فبكى حتى سقط، فقرأها عشرين مرَّة؛ كل ذلك يبكي حتى يسقط، ثم قال في آخر ذلك:"لَقَدْ خَابَ مَنْ لا يَرْحَمُهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيْمُ"، فبكى حتى سقط. رواه أبو الشيخ (3).
وقال أنس رضي الله عنه: حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل - أو قال: على راحلة، أو كانت زاملته (4)، وفي لفظ: على راحلته وكان تحته رحلٌ - رث وقطيفة قيمتها أربعة دراهم. رواه باللفظ الأول الشيخان، وبالثاني الترمذي في "الشَّمائل"، وابن ماجه بسند ضعيف، ولفظه: حجَّ على رحلٍ رث وقطيفة تسوى أربعة دراهم ولا تسوى.
(1) رواه الدارقطني في "السنن"(2/ 189) وصحح إسناده، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 141).
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(6/ 285).
(3)
رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(3/ 181).
(4)
الزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، وعادة الكبراء أن تكون الزاملة غير الراحلة.
ثم قال: "اللَّهُمَّ حَجَّةً لا رِيَاءَ فِيْهَا وَلا سُمْعَةَ"(1).
وقال ابن عمر رضي الله عنه: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحَجَرَ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب رضي الله عنه[يبكي]، فقال:"يَا عُمَرُ! هَاهُنَا تُسْكَبُ العَبَرَاتُ". رواه ابن ماجه (2).
وقال قتادة رحمه الله: سألتُ أنساً رضي الله عنه: كم حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حجة واحدة، واعتمر أربع عمر (3).
وقال أبو إسحاق رحمه الله: سألتُ زيد بن أرقم رضي الله عنه: كم غَزَوْتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سبع عشرة (4).
قال: وحدثني زيد بن أرقم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حجَّ بعد ما هاجر حجة واحدة حجة الوداع؛ قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى. رواهما الشيخان (5).
وقال جابر رضي الله عنه: أفاض النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وعليه السكينة والوقار وأمرهم أن يرمُوا بمثل حصى الخذف، وأوضع في وادي مُحَسِّرٍ، وقال: "لِتَأْخُذُوْا عَنيْ نُسُكَهَا؛ فإني لا أَدْرِيْ لَعَلِّيْ لا ألقَاهُمْ
(1) رواه البخاري (1445)، والترمذي في "الشمائل المحمدية" (ص: 275)، وابن ماجه (2890).
(2)
رواه ابن ماجه (2945)، وكذا ابن خزيمة في "صحيحه"(2712).
(3)
رواه البخاري (1687)، ومسلم (1253) واللفظ له.
(4)
رواه البخاري (4201)، ومسلم (1254).
(5)
رواه البخاري (4142)، ومسلم (1254).
بَعْدَ عَامِيَ هَذَا" (1).
وقال قدامة بن عبد الله العامري رضي الله عنه: رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر على ناقةٍ له صهباء (2)، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك (3). رواهما ابن ماجه، وغيره (4).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدفع عنه الناس، ولا يضربون عنه. رواه الطبراني في "الكبير"(5).
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يطأ أحدٌ عقبه، ولكن يمين وشمال. رواه الحاكم (6).
وقال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشى أصحابه أمامه، وتركو اظهره للملائكة. رواه ابن ماجه، والحاكم (7).
وقال جارية الأنصاري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يحفظ اسم الرجل قال: يا ابن عبد الله. رواه ابن السني (8).
(1) رواه ابن ماجه (3023)، وكذا أبو عوانة في "المسند"(3543).
(2)
صهباء: الذي يخالط بياضها حُمرة.
(3)
ولا إليك: اسم فعل بمعنى ابتعد وتنحَّ. ويفسره الحديث التالي.
(4)
رواه ابن ماجه (3035)، وكذا النسائي (3061).
(5)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10628).
(6)
رواه الحاكم في "المستدرك"(7744).
(7)
رواه ابن ماجه (246)، والحاكم في "المستدرك"(3544).
(8)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 355)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(3436).
وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُواجه أحداً في وجهه شيء يكرهه. رواه الإمام أحمد، والبخاري في "تاريخه"، وأبو داود، والنسائي (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيءُ لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: ما بال أقوامٍ يقولون كذا وكذا. رواه أبو داود (2).
وقالت: كان أبغض الخُلُق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب. رواه البيهقي في "الشعب"(3).
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزلْ معرضاً عنه حتى يحدث توبة. رواه الإمام أحمد، والحاكم (4).
وقال أنس رضي الله عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار، ويُسلم على صبيانهم، ويمسح برؤوسهم. رواه النسائي، وصححه البغوي في "شرح السنة"(5).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 133)، والبخاري في "الأدب المفرد"(437)، وأبو داود (4789)، والنسائي في "السنن الكبرى"(10065).
(2)
رواه أبو داود (4788).
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(4817) وقال: قال البخاري: هو مرسل.
(4)
ورواه العقيلي في "الضعفاء"(1/ 9).
(5)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(8349)، وصححه البغوي في "شرح السنة"(12/ 264).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده. رواه أبو يعلى (1).
وقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً عليه إكاف تحته قطيفة فَدَكِيَّةٌ، وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يَعُود سعد بن عبادة رضي الله عنه في بني الحارث بن الخزرج - وذلك قبل وقعة بدر - حتى مرَّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أُبي وفي المجلس عبد الله بن أبي رواحة رضي الله عنه، فلما غشيت المجلس عَجَاجَةُ الدابة فخمر عبد الله بن أُبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وقف فنزل، ودعا إلى الله عز وجل، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أُبيٍّ: أيها المرء! لا أحسن من هذا؛ إن كان ما تقول حقاً فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه.
فقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: اغشنا في مجالسنا؛ فإنا نحبُّ ذلك.
فاستبَّ المسلمون والمشركون حتى هموا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة رضي الله عنه، فقال: "أَيْ سَعْدُ! ألمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُوْ حُبَاب؟ - يُرِيْدُ: عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ -
(1) رواه أبو يعلى في "المسند"(3429).
قَالَ كَذَا وَكَذَا".
قال: اعفُ عنه واصفح يا رسول الله، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصائب، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شَرِقَ بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الشَّيخان (1).
والبحيرة: تصغير البحرة، وهي القرية؛ يعني: المدينة.
وقوله: فيعصبوه؛ أي: يسودوه، والعرب يسمون السيد معصباً. وقال عبد الله بن بُسْرِ رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قومٍ لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول:"السَّلَامُ عَلَيْكُم، السَّلَامُ عَلَيْكُم"، وذلك أن الدُّور لم يكن عليها يومئذٍ ستور. رواه الإمام أحمد، وأبو داود (2).
وقال أنس رضي الله عنه: لم يكن شخص أحب إليهم رؤيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. رواه الترمذي، وصححه (3).
وقال: عطس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان، فشمَّت أحدهما
(1) رواه البخاري (5899)، ومسلم (1798).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 189)، وأبو داود (5186) واللفظ له.
(3)
رواه الترمذي (2754) وصححه.
ولم يُشمِّت الآخر، فقال الرجل: يا رسول الله! شَمَّتَّ فلاناً ولم تُشمِّتني، فقال:"إِنَّ هَذا حَمِدَ اللهَ وَأَنْتَ لَمْ تَحْمَد". رواه الشيخان، وغيرهما (1).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا بَعَثتمْ إِلَيَّ رَسُوْلاً فَابْعَثُوْا حَسَنَ الوَجْهِ، حَسَنَ الاسمِ". رواه البزار، والطبراني في "الأوسط"، وأبو الشيخ (2).
وقال: كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يُغير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن. رواه البغوي في "شرح السنة"(3).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كانت جويرية اسمها برَّة، فحوَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية، وكان يكره أن يُقال: خرج من عند برة. رواه مسلم، وغيره (4).
وقال يزيد بن جارية الأنصاري رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يحفظ اسم الرجل قال: "يا ابْنَ عَبْدِ اللهِ". رواه الطبراني في "الكبير"،
(1) رواه البخاري (5871)، ومسلم (2991).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7747)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه" (4/ 91). قال ابن القيم في "المنار المنيف" (ص: 63): فيه عمر بن راشد، قال ابن حبان: يضع الحديث، وذكر أبو الفرج بن الجوزي هذا الحديث في "الموضوعات".
(3)
رواه البغوي في "شرح السنة"(12/ 342).
(4)
رواه مسلم (2140).
و"الأوسط " وسنده جيد (1).
وقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي أبا طلحة كثيراً، قال: فجاءه يوماً وقد مات نُغَيْرٌ لابنه، فوجده حزينا، فسألهم عنه فأخبروه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ "(2).
وفي لفظ: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: "يَا أَبَا عُمَيْر! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ ". رواهما الشيخان (3).
وقال ابن عباس رضي الله عنه في حديث: وكان من خُلُقِه صلى الله عليه وسلم أن يسمي سلاحه، ودوابه، ومتاعه. رواه الروياني، وابن عساكر (4).
وقال سهل بن سعد رضي الله عنه: كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس يُقال لها: اللحيف. رواه البخاري (5).
وقال: كان له صلى الله عليه وسلم فرس يسمى الضرب، وآخر يسمى اللِّزاز. رواهما البيهقي في "السنن"(6).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط "(3436)، وفي "المعجم الصغير"(360)، وقد تقدم لكن عزاه هناك إلى ابن السني فقط.
(2)
رواه بهذا اللفظ النسائي في "السنن الكبرى"(10164).
(3)
رواه البخاري (5778)، ومسلم (2150).
(4)
انظر: قي الشمائل الشريفة" للسيوطي (ص: 367).
(5)
رواه البخاري (2700).
(6)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 25).
وقال علي رضي الله عنه: كان فرسه صلى الله عليه وسلم يقال له: الْمُرتجز، وناقته: القصواء، وبغلته: الدلدل وحماره: عفيره، ودرعه: ذات الفضول، وسيفه: ذو الفقار. رواه أبو داود (1).
وأخرج الإمام أحمد منه: كان له حمار اسمه عفير (2).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان له صلى الله عليه وسلم سيف محلى قائمته من فضة، ونعله من فضة، وفيه حلق من فضة، وكان يسمى: ذا الفقار.
وكان له قوس يُقال له: ذا السداد.
وكان له كنانة تسمى: ذا الجمع.
وكان له درع موشحة بنحاس تسمى: ذات الفضول.
وكان له حربة تسمى: النبغاء (3).
وكان له مِجَنُّ تسمى: الذقن.
وكان له فرس أشقر يسمى: المرتجز.
وكان له فرس أدهم يسمى: السكب.
وكان له سرج يسمى: الداج.
وكان له بغلة شهباء تسمى: دُلدل.
وكان له ناقة تسمى: القصواء.
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 26).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 111).
(3)
في "المعجم الكبير": "النعباء".
وكان له حمار يسمى: يعفور.
وكان له بساط يسمى: الكز.
وكان له عنزة تسمى: النمر.
وكان له ركوة تسمى: الصادر.
وكان له مرآة تسمى: المدلة.
وكان له مقراض يسمى: الجامع.
وكان له قضيب من شوحط يسمى: الممشوق. رواه الطبراني في "الكبير"(1).
وقال عبد الله بن بسر رضي الله عنه: كان للنَّبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء، يحملها أربعة رجال. رواه أبو داود (2).
وقال حنظلة بن حِذْيَم رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعجبه أن يدعى الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كُناه. رواه أبو يعلى، والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، وغيرهما (3).
وروى أبو هريرة، وأبو ذر رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف مجلسه من مجالس أصحابه، وكان يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11208).
(2)
رواه أبو داود (3773).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(3499)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(819).
الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل. رواه أبو داود، والنَّسائي (1).
وقالت قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهو قاعد القرفصاء.
قالت: فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع أرعدت من الفَرَق. رواه الترمذي (2).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المجلس احتبى بيديه. رواه أبو داود (3).
وقال قرة بن إياس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس إليه أصحابه حِلَقاً حِلقاً. رواه البزار (4).
وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع بصره إلى السَّماء. رواه أبو داود (5).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريضٍ
(1) رواه أبو داود (4698)، والنسائي (4991).
(2)
رواه الترمذي في "الشمائل المحمدية"(ص: 115)، وكذا أبو داود (4847).
(3)
تقدم تخريجه، لكن عزاه هناك إلى الترمذي فقط.
(4)
رواه البزار في "المسند"(3311) وقال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن خالد بن ميسرة إلا سعيد بن سلام، وسعيد لين الحديث، وإنما يكتب من حديثه ما ينفرد به ويبين العلة في ذلك.
(5)
رواه أبو داود (4837).
يعوده قال: "لا بأْسَ، طَهُورٌ إن شاءَ اللهُ". رواه البخاري (1).
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد جنازة رُؤيت عليه كآبة، وأكثر حديث النفس. رواه الطبراني في "الكبير"(2).
وقال أنس رضي الله عنه: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيب التمرة فيقول: "لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنَّهَا مِنَ الصَّدَقَةِ لأكلْتُهُا" رواه الإمام أحمد، والشيخان (3).
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أَرِقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فقال له بعض نسائه: أرقتَ يا رسول الله؟ قال: "أَجَلْ؛ وَجَدْتُ تَمْرَةً فَأَكَلْتُهَا فَخَشِيْتُ أَنْ تَكُوْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ". رواه الإمام أحمد بإسناد حسن (4).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة - وكان صغيراً - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كخْ كخْ ألقِهَا". رواه البخاري (5).
وقال عمر رضي الله عنه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم غَيضة مع بعض أصحابه،
(1) رواه البخاري (5338).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11189).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 184)، والبخاري (2299)، ومسلم (1071).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 193). وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 441).
(5)
رواه البخاري (1420). وكذا مسلم (1069).
فاجتنى منها سواكين - أحدهما معوج، والآخر مستقيم - فدفع المستقيم إلى صاحبه، فقال له: يا رسول الله! كنتَ أحقَّ بالمستقيم، فقال صلى الله عليه وسلم:"مَا مِنْ صَاحِبٍ يَصْحَبُ صَاحِبًا سَاعَةً مِنْ نهارٍ إِلَاّ سُئِلَ عَنْ صُحْبَتِهِ: هَلْ أقامَ مِنْهَا حَقَّ اللهِ أَمْ أَضَاعَهُ". رواه إبراهيم بن الجنيد في كتاب "الصحبة والإخاء" بسند ضعيف (1).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: "رَبِّ اغْفِرْ لِيْ وتُبْ عَلَيَّ؛ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُوْرُ" مئة مرة. رواه الإمام أحمد، وغيره (2).
وقال عبد الله الحضرمي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من المجلس استغفر الله عشرين مرة، فأعلن. رواه ابن السني (3).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مجلس إلا قال: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوْبُ إِلَيْكَ".
وقال: "لا يَقُوْلُهُنَّ أَحَدٌ حَيْثُ يَقُوْمُ مِنْ مَجْلِسِهِ إِلَاّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْهُ فِيْ ذَلِكَ المجْلِسِ". رواه الحاكم، وصححه (4).
(1) ورواه ابن حبان في "المجروحين"(1/ 143).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 21). وكذا أبو داود (1516)، وابن ماجه (3814).
(3)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 401).
(4)
رواه الحاكم في "المستدرك"(1827).
وقال أبو معبد الخزاعي رضي الله عنه: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلةَ هاجرَ هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنهما، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي، فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية رضي الله عنها، وكانت أم معبد امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، فتطعم وتسقي، فسألوها هل معها لحم أو لبن يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئاً من ذلك، فقالت: لو كان عندها شيء ما أعوزكم القرى، وإذا القوم مرملون مسنتون، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا شاة في كسر الخيمة، فقال:"مَا هَذهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ ".
قالت: شاة خلَّفَها الجَهْد عن الغنم.
قال: "فَهَلْ بِها مِنْ لَبَنٍ؟ ".
قالت: بأبي أنت هي أجهد من ذلك.
قال: "تَأْذَنِيْنَ لِيْ أَنْ أَحْلِبَهَا؟ ".
قالت: إن كان لها حلب فاحلبها.
قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسحها، وذكر اسم الله ودعا بإناء لها تربض الرَّهط، فتفاجت ودرت واجترت، فحلب فيه ثجاً حتى علاه الثُّمال، فسقاها، وسقى أصحابه فشربوا عللاً بعد نهل حتى أراضوا وشرب آخرهم، وقال:"سَاقِي القَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا"، ثم حلب فيه ثانياً عوداً على بدء فغادره عندها، ثم ارتحلوا.
قال: فقَلَّ ما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حِيَلاً عِجافاً ما تُساوك هُزلاً لا نقيَّ بهنَّ، مخهن قليل، فلما رأى اللبن
عَجِبَ، وقال: من أين اللبن يا أم معبد ولا حَلُوبة في البيت والشاة عازبة؟
فقالت: لا والله، إلا أنه مرَّ بنا رجلٌ مبارك وكان من حديثه كيت وكيت.
فقال: صِفِيْه يا أم معبد؛ فوالله أراهُ صاحب قريش الذي تطلب.
فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة حسن الخَلْق، مليح الوجه، لم تَعِبْه ثُجْلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وَطَف، وفي صوته صَحَل، أَحْوَر، أكْحَل، أَزَجَّ، أقْرَن، في عنقه سطَع، وفي لحيته كثافة، إذا صمَت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البَهَاء، حُلُو المنطق، فَصْلٌ لا نزْر ولا هذْر، كأن منطقه خرزات نَظْم ينحدرن، أجهر الناس وأجمله من بعيد وأحسنه من قريب، رَبْعَةٌ لا تَشْنَؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، وهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وان أمر تباروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مُفند.
قال: هذا والله صاحب قريش الذي يطلب، ولو صادفتهُ لالتمست أني أصحبه، ولأجهدن إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً.
قال: وأصبح صوت بمكة عالياً بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقوله، وهو يقول:[من الطويل]
جَزى اللهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزائِه
…
رَفِيْقَيْنِ حَلَاّ خَيْمَتَي أُمِّ مَعْبَد
هُما نَزَلا بِالْبِرِّ وَارْتَحَلا بِه
…
فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيْقَ مُحَمَّد
فَيا لِقُصَيٍّ ما زَوَى اللهُ عَنْكُمُ
…
بِهِ مِنْ فِعالٍ لا تُجازَى وَسُؤْدَدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَأْنِها وَإِنائِها
…
فَإِنَّكمُ إِنْ تَسْألوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعاها بِشاة حائِل فتَحَلَّبَت
…
لَهُ بِصَرِيْحٍ صَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِد
فَغادرَهُ رَهْناً لَدَيْها لِحالِبٍ
…
بِدَرَّتها فِي مُصْدِرٍ ثُمَّ مُوْرِدِ
قال: فأصبح الناس قد فقدوا نبيهم، فأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه: [من الطويل]
لَقَدْ خابَ قَوْمٌ زالَ عَنْهُمْ نبَيُّهُمْ
…
وَقُدَّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَزالَتْ عُقُوْلُهُمْ
…
وَحَلَّ على قَوْمٍ بِنُوْرِ مُجَدِّدِ
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَاّلُ قَوْمٍ تَسَكَّعُوا
…
عَمًى وهُداةٌ يَهْتَدُوْنَ بِمُهْتَد
نبِيٌّ يَرَى ما لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ
…
وَيَتْلُو كِتابَ اللهِ فِيْ كُلِّ مَشْهَدِ
وَإِنْ قالَ فِيْ يَوْمٍ مَقالَةَ غائِبٍ
…
فَتَصْدِيْقُها فِيْ ضَحْوَةِ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
لِيَهْنِ أَبا بَكْرٍ سَعادَةُ جَدِّهِ
…
بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللهُ يَسْعَدِ
وَيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكانُ فَتاتِهِمْ
…
وَمَقْصِدُها لِلْمُسْلِمِيْنَ بِمَرْصَد
أخرجه ابن السَّمعانيِّ في "أماليه" بهذا اللفظ، ورواه البخاري في "تاريخه" مختصراً" (1).
قوله: كانت امرأة برزة؛ أي: خلالها سن، فهي تبرز لا تتحجب لصغرها.
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 84)، وكذا ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 231)، والحاكم في "المستدرك"(4274).
جلدة؛ أي: قوية.
مرملون؛ أي: نفِدَ زادهم.
مسنتون؛ أي: داخلون في السنة، وهي الجدب والمجاعة.
وروي مشتون: داخلون في الشتاء.
كسر الخيمة - بالفتح، أو الكسر لغتان -: أسفل الشقة التي تلي الأرض.
تفاجات - بالجيم -: فتحت ما بين رجليها للحلب.
تربض الرهط - بالموحدة، والمعجمة - أي: ترويهم حتى يشبعوا فيربضوا.
والثج - بالمثلثة، والجيم -: السيلان.
والثمال - بضم المثلثة -: جمع ثمالة، وهي الرغوة.
والنهل: الشرب الأول.
والعلل: الثاني.
وأراضوا: رووا، وامتلئوا.
والحيل: جمع حائل؛ أي: لم تحمل.
ما تساوك هزلاً؛ أي: لا تتمايل من الضعف، وروي: ما تساق - بالقاف -.
والشاء عازبة؛ أي: بعيدة في المرعى.
متبلج الوجه: مضيئه كالصبح.
والثجلة - بضم المثلثة، وبالجيم -: عظم البطن واسترخاء أسفله.
وفي رواية: نحلة - بالنون، والحاء المهملة -: الرقة والضمور.
والصعل - بالمهملتين؛ مفتوحة فساكنة -: صغر الرأس.
وسيم قسيم: أي: حسن وضيء.
والدعج: سواد العينين.
أزج أقرن: كثير شعر الحاجبين مقرونهما.
والوَطَف: الطول.
والصحل كالبُحَّة.
والسطع: طول العنق.
إذا تكلم سما؛ أي: علا برأسه أو يديه.
فصل لا نزر ولا هذر؛ أي: وسط لا قليل ولا كثير؛ أي: كلامه بقدر الحاجة.
لا تشنؤه؛ أي: لا تبغضه ولا تعيبه.
لا تقتحمه عين من قصر؛ أي: لا تزدريه ولا تحتقره.
محفود محشود؛ أي: له حفدة؛ أي: خدم تجتمع عليه.
والمفند: الملوم، وروي: ولا معتد؛ أي: ظالم.
والصريح في قول الهاتف: الخالص من اللبن.
والصرة - بمهملتين -: لحم الضرع، وهي فاعلُ فَتَحَلَّبَتْ.
وتسكعوا: تحيروا (1).
وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: سألت خالي هند بن أبي هالة رضي الله عنه عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وصَّافاً - وأنا أرجو أن يصف لي منها شيئاً أتعلق به؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخماً مفخماً، يتلألأ وجهه تلألؤَ القمر ليلة البدر، أطولَ من المربوع، وأقصرَ من المشذَّب، عظيمَ الهامة، رَجِلَ الشعر؛ إن انفرقت عقيقته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهرَ اللون، واسمعَ الجبين، أزجَّ الحاجبين سوابغ من غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقْنَى العِرْنين، له نور يعلوه، ويحسبه من تأمله (2) أشم، كثَّ اللحية، أدعجَ، سهلَ الخدين، ضليعَ الفم، أشنبَ، مفلجَ الأسنان، دقيقَ المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدلَ الخلق، بادناً متماسكاً، سواءَ البطن والصدر، مشيحَ الصدر، بعيدَ ما بين المنكبين، ضخمَ الكراديس، أنورَ المتجرد، موصولَ ما بين اللِّبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاريَ الثديين ما سوى ذلك أشعرَ الذراعين والمنكبين وأعالي الصَّدر، طويلَ الزندين، رحبَ الراحة، شَثْنَ الكفين والقدمين، سائلَ الأطراف - أو قال: سائن -، سبطَ العصب، خمصانَ الأخمصين، مسيحَ القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال تقلعاً، ويخطو تكفؤاً ويمشي هوناً، ذريعَ المشية إذا مشى كأنما ينحط
(1) التسكع: التمادي في الباطل.
(2)
في "الشفا": "لم يتأمله" بدل "تأمله".
من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً خافضَ الطرف، نظرُهُ إلى الأرض أطولُ من نظره إلى السماء، جلُّ نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويَبْدأ من لَقِيَه بالسَّلام.
قلت: صف لي مَنْطِقَهُ.
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويلَ السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا المَهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئاً، لم يكن يذم ذواقاً ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قَلَبَها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب بإبهامه اليمنى راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضَّ طرفه، جُلُّ ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام.
قال الحسن: فكتمتها عن الحسين بن علي رضي الله عنهما زماناً، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأل أباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه، ومجلسه وشكله، فلم يدع منه شيئاً.
قال الحسين رضي الله عنه: سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك، وكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء؛ جزعاً لله تعالى، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزَّأ جزءَه بينه وبين النَّاس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر
عنهم شيئاً، وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمته على قدر فضلهم في الدين؛ منهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم أذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمةَ من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول:"لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيع إِبْلاغِي حاجَتَهُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطاناً حاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيع إِبْلاغَها ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيامَةُ"؛ لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحدٍ غيره.
وقال في رواية: يدخلون رواداً، ولا يتفرقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة؛ يعني: فقهاء.
قال: فأخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا بما يُعينهم ويؤلفهم ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي بشره وخلقه، ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عمَّا في الناس، ويحسِّن الحسن ويصوبه، ويُقبِّح القبيح ويُوهنه، معتدلَ الأمر غيرَ مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حالٍ عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه إلى غيره، الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلةً أحسنهم مواساة ومؤازرة.
قال: فسألته عن مجلسه عمَّا كان يصنع فيه.
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا عن ذكر،
ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويُعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أنَّ أحداً أكرم عليه منه، مَنْ جالسه أو قاومه لحاجة صابرة حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسَّع للناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً وصاروا عنده في الحق متقاربين متفاضلين بالتقوى - وفي الرواية الأخرى: صاروا عنده في الحق سواء - مجلسُه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، متعاطفون بالتقوى، متواضعون، يُوقرون فيه الكبير ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب.
قال: فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمَ البشر، سهلَ الخلق، لينَ الجانب، ليس بفظٍ ولا غليظ ولا سَخَّاب ولا فحَّاش، ولا عيَّاب ولا مدَّاح، يتغافل عما لا يشتهى ولا يؤسى منه، قد ترك نفسه من ثلاث؛ [الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلَّم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق ويقول: "إِذا رَأَيْتُمْ صاحِبَ الْحاجَةِ يَطْلُبُها
فارْفِدُوْه"، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحدٍ حديثه حتى يتجاوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام.
قلت له: كيف كان سكوته صلى الله عليه وسلم؟
قال: كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكير.
فأما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس.
وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى.
وجمع له الحلم في الصَّبر، وكان لا يغضبه شيء يستفزه.
وجمع له في الحذر أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينهى عنه، واجتهاد الرأي بما أصلح أمته، والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة. رواه القاضي عياض في "الشفا" مجموعاً هكذا من روايتين، ورواه الترمذي، وأبو الشيخ كلاهما في "الشَّمائل" مفرقاً (1).
وقوله: المشذب: البائن الطويل في نحافة.
والشعر الرجل: هو الذي كأنه مشط فتكسر قليلاً.
والعقيقة: شعر الرأس، ويروى: عقيصته بالصاد.
وأزهر اللون: نيِّرُه، أو: أحسنه.
(1) رواه القاضي عياض في "الشفا"(1/ 123)، ورواه الترمذي في "الشمائل المحمدية" (ص: 35) و (ص: 276)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي وآدابه"(4/ 282).
والأزج: المقوس الطويل.
والقرن - بفتحتين -: اتصال شعر الحاجبين.
وأقنى العرنين: سائل الأنف المرتفع وسطه.
والأشم: الطويل قصبة الأنف.
والأدعج: الشديد سواد الحدق.
والضليع: الواسع.
والشنب: ريق الأسنان، وقيل: دقتها.
والفلج: الفرق بين الثنايا.
والمسربة: الشعر الذي بين الصَّدر والسُّرة.
والدمية - بضم المهملة، وبالتحتية -: الصورة من العاج.
مشيح - بضم الميم: وكسر المعجمة - كذا في الرواية؛ من أشاح؛ أي: أقبل بادي الصدر.
قال القاضي عياض: ولعلَّ اللفظة: مسيح - بالسين؛ أي: المهملة، وفتح الميم - بمعنى: عريض كما في الرواية الأخرى.
والكراديس: رؤوس العظام.
وشثن الكفين والقدمين؛ أي: فخيمهما.
وخُمصان - بضم المعجمة - الأخمصين: أي: متجافي أخمص القدم، وهو ما لا تتناوله الأرض من وسطه.
والتقلع: رفع الرِجل بقوة.
والتكفؤ: الميل إلى سنن المشي.
والهون: الرفق.
والذريع: الواسع الخطو.
وحب الغمام: البَرَد.
ويدخلون رواداً؛ أي: محتاجين إليه طالبين لما عنده.
والعتاد - بفتح المهملة، والمثناة فوق -: العدة.
ولا يوطن الأماكن؛ أي: لا يتخذ لمصلاه موضعاً معلوماً.
ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ؛ أي: مقتصد في المدح، وقيل: من مسلم، وقيل: من مكافئ على يد سبقت.
وبقية الألفاظ التي في الحديث قريبة؛ والله الموفق.
القسم الثاني من الكتاب فِي النَّهي عَن التَّشَبُّه بمَن وَرَدَ النَّهي عَن التَّشَبُه بهم وَالنَّهي عَن طُرقهم