الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال حكاية عن زكريا ويحيى وأمهما، أو عن الأنبياء المذكورين في سورة الأنبياء:{كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
وروى ابن أبي شيبة والمفسرون والحاكم وصححه، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي في "الشعب" عن عبد الله بن عكيم قال: خطبنا أبو بكر رضي الله عنه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، فإن الله أثنى على زكريا وعلى أهل بيته، فقال:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء"90](1).
39 - ومنها: الخوف والخشية، والهيبة والحياء:
قال الله تعالى بعد أن ذكر موسى، وهارون، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ولوطًا، ونوحًا، وداود، وسليمان، وأيوب، وإسماعيل، وإدريس، وذا الكفل، وذا النون، وزكريا، ويحيى عليهم السلام:{إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
وروى ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34431)، والحاكم في "لمستدرك"(3447)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 35)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10594).
"كانَ النَّاسُ يَعُوْدُوْنَ داوُدَ عليه السلام، وَيَظنّوْنَ أَنَّ بِهِ مَرَضاً، وَما بِهِ إِلَاّ شِدَّةُ الْخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعالَىْ"(1).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن سفيان بن عيينة قال: كان عيسى عليه السلام إذا ذكرت عنده الساعة يصيح كما تصيح المرأة (2).
وعن الشعبي قال: كان عيسى عليه السلام إذا ذُكرت عنده الساعة صاح، وقال: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت (3).
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الخوف" عن أبي عمر الضرير قال: بلغني أن عيسى عليه السلام كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دماً (4).
وعن خالد بن دركل رحمه الله قال: لقي داود لقمان عليهما السلام فقال داود: كيف أصبحت يا لقمان؟ قال: أصبحت في يد غيري، ففكر فيها داود فصعق.
وروى أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كانَ النَّاسُ يَعُوْدُوْنَ داوُدَ عليه السلام يَظُنُّوْنَ بِهِ مَرَضاً، وَما بِهِ شَيْء إِلَاّ الْخَوْفُ مِنَ اللهِ وَالْحَياءُ"(5).
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(51/ 23) وقال: غريب جدًّا، ومحمد ابن عبد الرحمن هذا هو ابن غزوان بن أبي قراد الضبي ضعيف.
(2)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 57).
(3)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 58)، وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف"(34244).
(4)
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(47/ 469).
(5)
رواه عنه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 137). وقد تقدم قريبًا لكنه عزاه هناك إلى ابن عساكر.
والمروي عن الأنبياء عليهم السلام في ذلك كثير، وإنما كان هذا حالهم وهم معصومون؛ زيادةً في شرف مقامهم، وتوفيراً لحظهم من الرضا والسرور والخير في دار البقاء، وتشريعًا للأمم، وتنبيهاً لمن اقترف الكبائر ليخاف مما اجترم.
وقد قيل: [من مجزوء الكامل]
الْخَوْفُ أَوْلَىْ بِالْمُسِيْ
…
ءِ وَإِذا تَأَلَّهَ وَالْحَزَنْ
وَالْحُبُّ يجملُ بالتَّقي
…
وَبِالنَّقِيِّ مِنَ الدَّرَنْ (1)
فينبغي التشبه بالأنبياء الكرام عليهم السلام في الخوف والخشية للملك العلام، ومن خاف طار منامه، وطال في طاعة الله مقامه، وقلَّ فيما لا يعنيه كلامه.
ولقد أحسن ابن المبارك في قوله -وقد ذكر الْعُبَّاد- كما رواه ابن أبي الدنيا وغيره: [من الطويل]
وما فُرْشُهُمْ إِلا أَيامِنُ أُزْرِهِم
…
وما وُسْدُهُمْ إِلا ملاءٌ وَأَذْرُعُ
وما لَيْلُهم فِيْهِنَّ إلا تَحَزُّنٌ
…
وما نوْمُهم إلا غِشَاشٌ مُرَوَّعُ
(1) البيتان لعبد العزيز بن عبد الله، كما في "حلية الأولياء" لأبي نعيم (10/ 79).