الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُخْرِجَ مِنْها ثُمَّ لَمَّا يَعُدْ
…
وَأَصْبَحَتْ مِنْهُ قُوًى بَلْقَعا
حُقَّتْ يَمِيْنُ الْمَيْنِ مِنْ أَجْلِ ذا
…
فِيْ الْعَكْسِ وَالنَّكْسِ بِأَنْ تُسْرِعا
44 - ومنها: الحلف بغير الله تعالى
.
روى الطبراني في "الكبير" بإسناد جيد، عن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَحْلِفُوْا بِالطَّوَاغِيْتِ، وَلا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَاحْلِفُوا بِاللهِ؛ فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ أَنْ تَحْلِفُوا بِهِ، وَلا تَحْلِفُوا بِحَلْفِ الشَّيْطَانِ"(1).
وروى هو وأبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: أنه قال: لا تحلفوا بحلف الشيطان أن يقول أحدكم: وعزة الله، ولكن قولوا كما قال الله تعالى:[والله] رب العزة (2).
وإنما أراد ابن مسعود رضي الله عنه المبالغة في التنفير من أعمال الشيطان -وإن كان بعضها مباحاً- وإلا فإن العزة من صفات الله تعالى، واليمين بها منعقدة سائغة.
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(7531). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 177): رواه الطبراني والبزار، وفي إسناد الطبراني مساتير، وإسناد البزار ضعيف.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(8890)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/ 251). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 77): فيه عبد الرحمن المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اخلتط.
وفي الحديث: "إِنَّ جِبْرِيْلَ عليه السلام لَمَّا نَظَرَ إِلَىْ الْجَنَّةِ رَجَعَ إِلَىْ اللهِ تَعالَىْ فَقالَ: وَعِزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بِها أَحَدٌ إِلَاّ دَخَلَها"، الحديث. رواه الترمذي، والنسائي، وغيرهما (1).
ويقال: إن العزة اسم حية محيطة بجبل (ق)(2) المحيط بالدنيا؛ فإن كان هذا صحيحاً فلعل الشيطان قصدها بيمينه، فيكون حالفاً بغير الله تعالى.
وروى الطبراني عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مُعَاذُ! إِنِّي مُرْسِلُكَ إِلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فِإِذَا سُئِلْتَ
(1) رواه الترمذي (2560) وصححه، والنسائي (3763)، وكذا أبو داود (4744) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
قال ابن كثير في "تفسيره"(4/ 222): روي عن بعض السلف أنهم قالوا: (ق) جبل محيط بجميع الأرض، يقال له: جبل قاف. وكأن هذا من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس، لما رأى من جواز الرواية عنهم، مما لا يصدق ولا يكذب، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمر دينهم، كما افترى في هذه الأمة، مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته، وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله:"وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه البطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم.