المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وهذه خاتمة لطيفة لهذا الكتاب - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٥

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌35 - ومنها: التواضع

- ‌36 - ومنها: أكل الحلال، وتجنب الحرام في المآكل والمشارب، والملابس، وسائر الأمور

- ‌37 - ومنها: الاهتمام بأمور الآخرة، والتفرغ عن أمور الدنيا إلا ما لابُدَّ منه

- ‌38 - ومنها: الرجاء والطمع في رحمة الله تعالى

- ‌39 - ومنها: الخوف والخشية، والهيبة والحياء:

- ‌40 - ومنها: الخشوع، وخصوصاً في الصلاة والدعاء:

- ‌41 - ومنها: الاستعاذة من النار، والتأوُّه عند ذكرها أو التأوه مطلقًا

- ‌42 - ومنها: البكاء من خشية الله تعالى، وأسفاً من الذنوب

- ‌43 - ومنها: الحزن

- ‌44 - ومنها: الرجاء والطمع في رحمة الله، والرغبة فيما عنده

- ‌45 - ومنها: المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى الأعمال الصالحات

- ‌46 - ومنها: التوبة والاستغفار

- ‌47 - ومنها: الورع، والحذر من الشبهات

- ‌48 - ومنها: الصيانة مع حسن الوجه وجمال الصورة

- ‌49 - ومنها: ذم الدنيا وتحقيرها

- ‌50 - ومنها: الزهد والتقلل من الدنيا، وإيثار الخشن من الثياب والعيش

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام:

- ‌51 - اليقين

- ‌52 - ومنها: التوكل والتفويض والتسليم

- ‌53 - ومنها: الاكتساب والأكل من كد اليمين وعرق الجبين

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ أَيْضاً:

- ‌54 - ومنها: الاستشارة

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌55 - ومنها: مداراة الناس ومخالقتهم بأخلاقهم من غير إثم إذا احتيج إلى مخالقتهم، وخصوصاً لأجل تعليمهم وإرشادهم؛ فإن ذلك أيضًا من أخلاق الأنبياء عليهم السلام

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌56 - ومنها: الصبر على جور الحكام

- ‌57 - ومنها: النصيحة للخلق، ووعظهم وتذكيرهم، ووصيتهم بالتقوى وقبول النصيحة والوصية

- ‌58 - ومنها: العزلة والانفراد عن الناس إلا في حال الدعوة والتعليم، والاختلاء بالله على كل حال

- ‌59 - ومنها: الصمت إلا عن خير

- ‌60 - ومنها: التنزه عن خائنة الأعين

- ‌61 - ومنها: الحب في الله تعالى، والبغض في الله، والاجتماع على الله، والهجرة في الله سبحانه وتعالى

- ‌62 - ومنها: الرحمة والشفقة على خلق الله تعالى، وخصوصاً الضعفاء كاليتيم والمسكين والأرملة والخادم

- ‌63 - ومنها: العدل والقضاء بالحق

- ‌64 - ومنها: قول الحق عند من يخاف أو يُرجى بحيث لا تأخذهم في الله لومة لائم

- ‌65 - ومنها: القوة في دين الله تعالى، وأعمال الخير والأمانة والعفة

- ‌66 - ومنها: الغضب لله وعدم الغضب للنفس

- ‌67 - ومنها: النكاح، خصوصاً للمرأة الصالحة، والإنكاح، خصوصاً للرجل الكامل الصالح

- ‌ وإنما خُصت الأنبياء عليهم السلام بكثرة النساء والنكاح لما استودعه الله تعالى في النكاح من الفوائد والأسرار التي الأنبياء بها أحرى:

- ‌ تنبِيْهانِ:

- ‌ ومن أخلاقهم أيضاً:

- ‌68 - المحافظة على سائر الآداب في سائر الأمور؛ كآداب الطهارة، والصلاة، والسفر، والجهاد، والحج، والأكل والشرب، واللباس، والنوم، وغير ذلك

- ‌69 - ومنها: التعطر واستعمال الطيب

- ‌70 - ومنها: الاكتحال وسائر أنواع الزينة الشرعية

- ‌71 - ومنها: المحافظة على خصال الفطرة

- ‌72 - الاستغفار عند الخروج من الخلاء، وحمد الله على إذهاب الأذى

- ‌73 - ومنها: بقية آداب قضاء الحاجة؛ كالاستتار، والإبعاد، وقعود القرفصاء

- ‌74 - ومنها: الاغتسال من الجنابة، والتستر عند الاغتسال وعند قضاء الحاجة حياءً، والحياء في سائر الأحوال، بل كذلك الاستتار مطلقاً، وحفظ العورة، والوضوء والتثليث فيه والمحافظة عليه، والخضاب في محله بالصفرة والحمرة

- ‌75 - ومنها: لبس القميص، والسراويل، والكساء، والجبة، والقَلَنْسُوَة، والنعل، وسائر أنواع اللباس مما لا يكون فيه إسراف ولا مَخِيلة

- ‌76 - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام: التؤدة والتأني إلا في أمور الآخرة، والاقتصاد في المعيشة، والسَّمْت الحسن

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌وهنا لَطِيفَتانِ:

- ‌ الأُوْلَى:

- ‌ اللَّطِيفَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌77 - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام: الرضا بقضاء الله تعالى

- ‌78 - ومنها: إيثار محبة الفقراء والصحبة معهم على صحبة الأغنياء لهذا الحديث المذكور

- ‌79 - وكذلك من أعمالهم: تشييع الجنائز، وتعزية الحي بالميت

- ‌80 - ومنها: مساعدة الضعفاء وقضاء حوائج المسلمين

- ‌81 - ومنها: أنَّ الأنبياء عليهم السلام لا يتطلعون في عمل صالح إلى عرض من الدنيا - قلَّ أو جَلَّ - سواء في ذلك التبليغ وغيره

- ‌82 - ومنها: أنهم حيث لا يريدون بأعمالهم إلا وجه الله تبارك وتعالى فلا يتقربون من كل نوع من أنواع القربات إليه إلا بأحسنها وأحبها إليه، ولا يؤثرون أنفسهم عليه بشيء لأنَّ رغبتهم إليه وحرصهم عليه؛ فإنَّهم أخيار الأبرار

- ‌83 - ومنها: البداءة بالسلام ورده

- ‌84 - ومنها: مصافحة الأخ والقريب عند اللقاء، ومعانقته وإظهار البشاشة والبشر والهشاشة

- ‌85 - ومنها: التبسم في محله من غير قهقهة ولا رفع صوت

- ‌ فائِدَةٌ زائِدةٌ:

- ‌86 - ومنها: الخطبة، والتذكير والتحذير من الدجال والفتن والأمور المحذورة

- ‌87 - ومنها: اتخاذ المنبر والعصا

- ‌88 - ومنها: اتخاذ الكلب للحراسة ونحوها

- ‌89 - ومنها: اتخاذ القَذَّافة

- ‌90 - ومنها: اتخاذ القوس، والرمي عنها بالسهام، وتعلم الرماية للحرب

- ‌91 - ومنها: ارتباط الخيل في سبيل الله، وركوبها لذلك، وإعدادها للحرب

- ‌92 - ومنها: الجهاد في مجيل الله تعالى

- ‌93 - ومنها: التفكر والاعتبار، والمسافرة لذلك، والضرب في الأرض لمطالعة آيات الله والتماس رزقه، وتنفيذ أقضيته وأحكامه

- ‌94 - ومنها: المهاجرة خوفاً من الفتنة في الدين

- ‌95 - سكنى الشام

- ‌96 - ومنها: المجاورة بمكة المشرفة

- ‌97 - ومنها: زيارة بيت المقدس

- ‌ فائِدَة لَطِيْفَةٌ:

- ‌98 - ومنها: بناء المساجد

- ‌99 - ملازمة المساجد للصلاة والعلم والتعليم والخير

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌100 - ومنها: تعظيم المساجد وتجهيزها وتنظيفها

- ‌101 - ومنها: السفر للحج، والجهاد، والهجرة، والزيارة، وطلب الصالحين والعلماء، وطلب العلم، وإعداد الزاد، وحسن النية، وصُحبة الرفيق، واتباع الطريق، وحفظ الأوقات وسائر آداب السفر

- ‌102 - ومنها: قراءة القرآن، وتحسين الصوت به، والتخشع والتحزن عند قراءته

- ‌103 - ومنها: صلاة الضحى، والمحافظة على الذكر في الصباح والمساء

- ‌104 - ومنها: كثرة الذكر على كل حال وفي كل حين والجلوس في مجالس الذكر

- ‌105 - ومنها: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌106 - ومنها: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به وبما جاء به

- ‌107 - ومنها: كتابة العلم

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌108 - ومن خصال الأنبياء عليهم السلام: الشكر

- ‌109 - ومن خصال الأنبياء عليهم السلام: الصبر بأقسامه الثلاثة

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌110 - ومن أعمال الأنبياء عليهم السلام: الدعاء

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ أُخْرَى:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌111 - ترصد أوقات الإجابة، والأحوال الشريفة، والأمكنة العظيمة للدعاء، والمحافظة على آداب الدعاء

- ‌112 - ومن آدابهم: رفع اليدين وبسطهما في الدعاء

- ‌113 - ومن آدابهم: تصدير الدعاء باسم من أسماء الله تعالى يليق بالترحم والتلطف، أو بما يوافق الدعاء المدعو به

- ‌114 - ومن آدابهم: الإشارة إلى الحاجة دون التصريح في الدعاء إلا أن يكون الحال يقتضى الانبساط إلى الله تعالى، كما في قول أيوب عليه السلام: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]

- ‌115 - ومن آدابهم: الاختصار في الدعاء والاختيار لجوامعه، وأدعية الأنبياء عليهم السلام في القرآن كلها جوامع

- ‌116 - ومن آدابهم: تكرار الدعاء ثلاثاً كما في هذا الأثر

- ‌117 - ومن آدابهم: أنهم يسألون الحاجات عند الاضطرار

- ‌118 - ومن آدابهم: الإسرار في الدعاء والتملق إلى الله تعالى بضعف الحال، والتقرب إلى الله تعالى في الدعاء بما له عليهم من سوابق

- ‌119 - ومن آدابهم: التوسل إلى الله تعالى بصالح أعمالهم إذا كان الوقت يقتضي الادلال والانبساط:

- ‌120 - ومن آدابهم: البداءة في الدعاء بنفس الداعي، وتعميم الدعاء للمؤمنين

- ‌121 - ومن آدابهم: التأمين على الدعاء

- ‌ تَنْبِيْهٌ لَطِيْفٌ:

- ‌122 - ومن خصال الأنبياء عليهم السلام: الاستمطار والاستسقاء لكافة الخلق

- ‌123 - ومنها: الاستسقاء بالصالحين كما تقدم قريباً عن عيسى عليه السلام

- ‌124 - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام: ترك التداوي ثقةً بالله تعالى، واعتماداً عليه، وفعل التداوي تنفيذاً لحكم الله تعالى، وإظهاراً لما استودعه في الأدوية من المنافع من غير اعتماد عليها ولا على من يشير بها من طبيب ونحوه

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌125 - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام: ترك التضجر والتأوه في المرض

- ‌126 - ومنها: قصر الأمل، وتوقع الموت خصوصاً للمريض

- ‌127 - ومنها: الوصية عند الموت للأولاد والأهل بالمحافظة على الدين

- ‌128 - ومنها: الحذر من الموت على غرَّة، والدعاء بتهوين سكرات الموت

- ‌129 - ومنها: إخراج ما عسى أن يكون عندهم من أمتعة الدنيا قبل الموت، وخصوصاً عند الموت

- ‌130 - ومنها: تفريغ القلب لمُلاقاة الله من كل ما سواه من زوجة وولد ومال وسائر أمور الدنيا

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ وهنا تَنْبِيْهاتٌ:

- ‌الأول:

- ‌ الثانِيْ:

- ‌ الثَّالِثُ:

- ‌ الرَّابعُ:

- ‌وهَذِه خَاتِمَةٌ لَطِيفَةٌ لِهَذَا الكِتَاب

- ‌ فائِدَتانِ:

- ‌الأُوْلَى:

- ‌ الثَّانِيَةُ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌(7) بَابُ ذِكْرِ أَخْلاقِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ومن هنا نذكر أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌القسم الثاني من الكتاب فِي النَّهي عَن التَّشَبُه بمَن وَرَدَ النَّهي عَن التَّشَبُه بهم، وَالنَّهي عَن طُرقهم

- ‌النوع الأول من القسم الثاني فِي النَّهي عَن التَّشَبه بالشَّيطَانِ "لَعَنَهُ الله تَعَالَى

- ‌1 - فمنها: الكفر بكل أنواعه:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌2 - ومن أعمال فجرة الجن: مسيس بني آدم بالصرع، والقتل، والأمراض، وغير ذلك

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌3 - ومن أخلاق الشيطان - لعنه الله تعالى - الدعاء إلى الكفر، بل هو أشد من الكفر

- ‌4 - ومن أخلاق الشيطان الرجيم: نية السوء، وإضماره للعباد

- ‌5 - ومنها - وهو أخصها وأجمعها -: الإغراء، والأمر بالمعاصي

- ‌6 - ومنها: الاستزلال، والتغرير

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌7 - ومن أخلاق الشيطان لعنه الله تعالى: الرضا بالمعصية، والسخط بالطاعات، والغيظ منها

- ‌8 - ومنها: الابتداع في الدين

- ‌9 - ومنها: إنكار البعث، والجنة، والنار

- ‌10 - ومنها: التكذيب بالقضاء والقدر

- ‌11 - ومنها: اعتقاد كون الأسباب مؤثرة بأنفسها في المسببات، وأنها هي الفاعلة، واعتقاد المسلمين أن الله تعالى يوجد الأشياء عند

- ‌12 - ومنها: إنكار قدرة الله تعالى على كل الممكنات، كما يفهم من اقتراح اللعين على عيسى عليه السلام أن يرد الله الجبل خبزاً

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌13 - ومنها: الحيلولة بين العبد وبين التفكر في آيات الله تعالي، ومخلوقاته، ومصنوعاته

- ‌14 - ومنها: التشكيك في الدين

- ‌15 - ومن أخلاق الشيطان: كفران النعم

- ‌16 - ومنها: التكبر الحامل للعبد على الامتناع، والخروج عن الطاعة، واتباع الحق

- ‌ لَطِيْفَتانِ:

- ‌ الأُوْلَى:

- ‌ الثَّانِيَةُ:

- ‌17 - ومن أخلاق الشيطان: رؤية النفس وتزكيتها، والأعجاب بها

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌18 - ومن أخلاق اللعين: دعاء الغير إلى تزكية النفس، ورؤيتها، والإعجاب بها

- ‌19 - ومنها -وهو من جنس ما تقدم -: دعوى الأحوال الشريفة والمقامات العالية، وهو على خلافها

- ‌20 - ومنها: تسخط المقدور، وعدم الرضا بالقسمة، والحسد

- ‌21 - ومنها: الحقد؛ وهو غاية الحسد

- ‌22 - ومنها: اللجاج؛ وهو ملازمة الأمر وعدم الانصراف عنه

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌23 - ومن أخلاق الشيطان: العجلة، والطيش، والإنسان بطبعه عجول

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌24 - ومن أفعال الشيطان الرجيم: قتل النفس التي حرم الله، والدعاء إليه، والمعاونة فيه

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌25 - ومن أخلاق اللعين: كراهية النكاح والتزوج، ومحبة العزوبة من كل أحد؛ لأنه يتمكن بالخواطر الشهوانية إذا لم يكن له حليلة

- ‌26 - ومن قبائح الشيطان: الزنا والأمر به

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌27 - ومن قبائح الشيطان: التلوط به، والدعاء إلى نكاح نفسه

- ‌28 - ومنها: العبث بمذاكير نفسه، أو بمذاكير غيره اجتلاباً للمني

- ‌29 - ومنها: العبث بدبر نفسه أو بدبر غيره بقصد الشهوة

- ‌30 - ومن قبائح الشيطان: التشبه بالنساء

- ‌31 - ومنها: القيادة بين الرجال والنساء، وبين الرجال والمرد، وكلاهما من الكبائر، والثاني أقبح

- ‌32 - ومنها: صحبة الأحداث، والنظر إلى الجميل منهم

- ‌33 - ومن أخلاق الشيطان لعنه الله: الكذب

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌34 - ومنها: التلبس بزي غيره إيهامًا أنه غيره

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌35 - ومنها: الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو على غيره من الأنبياء عليهم السلام وهو -وإن كان داخلًا في الكذب- إلا أني نبهت عليه على حدة لمزيد الاعتناء بالزجر عنه، والتنفير منه

- ‌36 - ومنها: التكذيب بالحق

- ‌37 - ومنها: مجادلة الناس بغير حق

- ‌38 - ومنها: مصادمة النص بالقياس، وتقديم الرأي على النص

- ‌39 - ومنها: محبة البدعة، والدعاء إليها، وذلك من الكبائر، ومجالسة أهل البدعة ومعاشرتهم لغير ضرورة

- ‌40 - ومنها: محبة الفتنة، والإشارة بها وبقتل المؤمن، والسعي في إهلاك خيار العباد والمكر بهم

- ‌41 - ومنها: الغش

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌42 - ومنها: الخديعة والمكر

- ‌43 - ومنها: اليمين الغموس

- ‌44 - ومنها: الحلف بغير الله تعالى

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌45 - ومنها: التصميم على اليمين وغيرها خير منها، فإن كانت اليمين على محرم فتركها واجب، وإلا فسنة، والكفارة فيهما

- ‌46 - ومنها: قلة المبالاة بحنث اليمين إلا في خير، وترك تكفير اليمين المحنوث فيها

- ‌47 - ومنها: إيقاع الناس في الكذب والحنث

- ‌48 - ومنها: أن يحول بين العبد وبين الوفاء بالعهد أو باليمين أو بالنذر، وبينه وبين إخراج ما نوى أن يتصدق به، وإذا خلا رجل بامرأة كان ثالثهما، ويلازم المعجبين بآرائهم، ويصوب إعجابهم، فالمؤمن عليه أن يحذر هذه الأخلاق الشيطانية

- ‌49 - ومنها: النذر في المعصية

- ‌50 - ومنها: الجهل بالله تعالى وبعظمته، وهذه أخص أوصاف الرجيم

- ‌51 - ومنها: الفحش، والبَذَاء، والوقاحة، وقلة الحياء، بل عدمه بالكلية، وهذا مما لا شك فإن الشيطان أول من ألقى جلباب الحياء من الله ومن الناس

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌52 - ومن أخلاق الشيطان: الامتناع من السجود لله تعالى، وإن شئت فقل: الامتناع من الصلاة، فتارك الصلاة أشبه الناس بالشيطان لأنه أمر بالسجود فلم يسجد

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌53 - ومن أخلاق اللعين: كراهية السجود من غيره، وعيبه واستقباحه

- ‌54 - ومن أعماله لعنه الله تعالى: الصد عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة، أو عن غيرها من الطاعات وأعمال الخير

- ‌ محذرة:

- ‌55 - ومنها -وهو نوع مما تقدم-: القعود على عقيصة شعر المصلي، ولذلك كره أن يصلي الرجل وشعره معقوص

- ‌56 - ومنها: المرور بين يدي المصلي، وهو حرام على من مر بين المصلي وبين سترته، إذا كان بينه وبين السترة قدر ثلاثة أذرع فما دونها

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌57 - ومن أعمال الشيطان -لعنه الله- العبث بكل طائع في كل طاعة أمكنه العبث به ليشغله عن طاعته أو يفسدها

- ‌58 - ومن أخلاقه -لعنه الله-: الغفلة عن ذكر الله تعالى، ولا سيما إذا استقلت الشمس

- ‌59 - ومنها: الفرار من الأماكن التي يقرأ فيها القرآن العظيم، مع الإقبال على المجالس التي يضرب فيها بالآلات، ويتغنى فيها بأنواع التلحينات

- ‌60 - ومنها: الفرار من الأذان وعدم إجابة المؤذن واستماعه، والتلهي عن سماعه، والخروج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة لغير ضرورة، وكل ذلك مكروه، وفاعله متشبه بالشيطان

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌61 - ومن أخلاق اللعين: إنساء العبد أن يذكر ربه في شدائده وحاجاته، فيلقي في قلب العبد طلب الغوث والحاجة من العبد لما له من الجاه أو الكلمة أو القوة

- ‌62 - ومن قبائح أخلاق الشيطان: حب الدنيا، والدرهم والدينار، وتحبيبها إلى الخلق

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌63 - ومن قبائح أخلاق الشيطان: البخل، وحمل الناس عليه

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌64 - ومن أخلاق الشيطان - وهو من جنس ما تقدم -: النهي عن الصدقة لمن تطلب منه الصدقة لا سيما الزكاة

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌65 - ومن أعمال الشيطان: التبذير والإسراف، والأمر بذلك

- ‌ تَنْبِيْهانِ:

الفصل: ‌وهذه خاتمة لطيفة لهذا الكتاب

‌وهَذِه خَاتِمَةٌ لَطِيفَةٌ لِهَذَا الكِتَاب

من الجاري على ألسنة الناس ما ذكره بعضهم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عُلَمَاءُ أُمَّتِيْ كَأَنْبِيَاءِ بَنيْ إسْرَائِيلَ"(1).

وممن نقله جازما به أنه حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الإمام فخر الدين الرازي، والشيخ موفق الدين بن قدامة، والإسنوي، والبارزي، واليافعي.

وأشار إلى الأخذ بمعناه الإمام سعد الدين التفتازاني، والشيخ فتح الدين الشهيد، والشيخ العارف بالله سيدي أَبو بكر الموصلي، والحافظ المسند الشيخ جلال الدين السيوطي في "الخصائص الكبرى".

وقال الشيخ تاج الدين ابن عطاء الله الإسكندري في "لطائف المنن" بعد أن أورد الحديث جازماً به: أي: إن علماء أمتي يأتون مقررين ومؤكدين وآمرين بما جئت به، لا أنهم يأتون بشرع جديد؛ فأشار بذلك إلى وجه التشبيه بين علماء هذه الأمة وأنبياء بني إسرائيل.

قلت: ومن وجه التشبيه أيضاً: أنَّ هذه الأمة شهداء على الناس،

(1) قال السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص: 459): قال شيخنا - يعني ابن حجر - ومن قبله الدميري والزركشي: إنه لا أصل له، زاد بعضهم: ولا يعرف في كتاب معتبر.

ص: 269

كما أنَّ الأنبياء شهداء على قومهم، وأن الله تعالى لم يجعل على هذه الأمة في الدين من حرج، وأنَّ دعوتهم مستجابة كدعوة الأنبياء عليهم السلام.

وقد قدمت حديثاً في ثبوت ذلك لعموم الأمة، وإنما يكون ذلك لخواصهم، وعامتهم فيه تَبَع.

وللشبه وجوهٌ أخر ستعرف بعضاً كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

ولا يلزم من كون علماء هذه الأمة كأنبياء بني إسرائيل أن يكونوا مثلهم في كل وصف هو لهم.

وكذلك لا يلزم منه أن يكونوا أفضل من الأنبياء كما فهمه الشيخ برهان الدين الناجي رحمه الله فألجأه ذلك إلى تأليف جزء ردَّ فيه على من قال: إنَّه حديث، وأشار إلى تخطئة من ذكرناهم آنفا محتجاً بأنه لم يُوجد في كتب الحديث المعتبرة، وبأنه يلزم منه تسوية علماء الأمة بالأنبياء، وقد وقع الإجماع من أهل السنة على أنَّ الأولياء لا يبلغون درجة الأنبياء.

وقد علمت أنه لا يلزم من اللفظ التسوية المذكورة، وقد أطبق البلغاء والعقلاء على أن المشبه لا يفضل المشبه به في وجه التشبيه المشترك بينهما، فإذا قلت: زيد كالأسد، لا يلزم منه تفضيل زيد في الشجاعة على الأسد، بل مفهومه أن الأسد أبلغ منه في الشجاعة.

فقوله صلى الله عليه وسلم - إنْ صحَّ عنه -: "عُلُماءُ أُمَّتِي كَأَنْبِياءِ بَنِي إِسْرائِيْلَ"؛ أي: في تقرير الشرائع وفهم الأحكام، لا في النبوة؛ لأن ذلك غير لازم.

ثم إنَّ الأنبياء فيما ذُكر أتم حالاً وأبلغ أمراً من علماء هذه الأمة، كما يفهم من صيغة التشبيه، فهذا اللفظ معناه صحيح.

وأما من حيث النقلُ فإنَّ العلماء الذين نقلوه حديثاً ثقات،

ص: 270

فالأولى حمل أمرهم على أنهم ظَفِروا به مسنداً، ولم نظفر نحن به (1).

على أن لهذا الحديث شواهد سنوردها قريباً - إن شاء الله تعالى -.

(1) ما قاله المصنف هنا ليس بحسن؛ إذ لو اعتمدنا ما أقره المصنف أن نصحح الحديث بناء على ثقة من ذكره في كتابه، لضاعت جهود علماء الحديث سدى طوال قرون طويلة في بحثهم عن الرجال وتقصي أحوالهم، ولما كان لعلم الجرح والتعديل كبير فضل، ولضاعت خصيصة هذه الأمة في الإسناد، وكما قال ابن المبارك:"الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء". "مقدمة صحيح مسلم"(ص: 15).

وقال الزهري عندما سمع أبا فروة - يحدث بأحاديث دون إسنادها -: قاتلك الله يا ابن أبي فروة! ما أجرأك على الله! لا تسند حديثك! تحدثنا بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة. كما في "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص: 6) وقال شعبة بن الحجاج: كل حديث ليس فيه: حدثنا وأخبرنا، فهو خل وبقل. كما في "الكامل" لابن عدي (1/ 34).

وأما قول المصنف: "إن العلماء الذين نقلوه حديثا ثقات" فنحن لا نشك في ثقتهم ولكن عمن رووه! ؟

قال عبد الله بن عون: ذكر أيوب لمحمد حديث أبي قلابة، فقال: أَبو قلابة إن شاء الله ثقة رجل صالح، ولكن عمن ذكره أَبو قلابة؟ ! . كما في "الكامل" لابن عدي (1/ 147).

وقال أَبو إسحاق الطالقاني: سألت ابن المبارك قلت: الحديث الذي يروى "من صلى على أبويه" فقال: من رواه؟ قلت: شهاب بن خراش. فقال: ثقة، عمن؟ قلت: عن الحجاج بن دينار، فقال: ثقة، عمن؟ قلت: عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إن ما بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل. كما في "مقدمة صحيح مسلم"(ص: 16).

قلت: هذا بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بمن ذكرهم المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم؟ ! .

ص: 271

وإذا تقرر لك أن المشبَّه به أفضل من المشبه في العادة، فأي مانع من تشبيه المفضول بالفاضل لتشبه بعض الصحابة ببعض الأنبياء في السمت.

وقد روى أَبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى تَواضُعِ عيسى عليه السلام فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ"(1).

وروى الطبراني في "الكبير" عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَسِيْحِ عِيْسَى بْنِ مَرْيَمَ؛ إِلَى بِرِّهِ وَصِدْقِهِ وَجِدِّهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ"(2).

وروى الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم وصححاه، عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ كانَ بَعْدِيْ نبِيٌّ لَكانَ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ"(3).

وروى ابن عساكر عن مسلم بن يسار رحمه الله مرسلاً، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: "شَبِيهُ إبْراهِيمَ، وإنَّ الملائكةَ لَتَسْتَحْيي مِنْهُ"(4).

وروى الطبراني بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح، وصححه الحاكم وغيره، عن مسروق قال: قال عبد الله - يعني: ابن مسعود رضي الله عنه:

(1) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(32267).

(2)

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 330): رواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 154)، والترمذي (3686) وحسنه، والحاكم في "المستدرك"(4495).

(4)

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(39/ 96).

ص: 272

إن معاذاً كان أمة قانتاً لله حنيفاً، ولم يكُ من المشركين، فقال فروة - رجل من أشجع -: نسي أن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً، فقال: ومن نسي؟ إنا كنا نشبه معاذاً رضي الله عنه بإبراهيم.

قال: وسُئِلَ - يعني: ابن مسعود - عن الأمة، قال: معلم الخير، وسئل عن القانت فقال: مطيع الله ورسوله (1).

وروى ابن المبارك عن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن الناس كانوا يقولون عن عامر بن عبد قيس رحمه الله: إنه مثل إبراهيم عليه السلام (2).

وروى الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِنْ نَبِيٍّ قَطُّ إِلَاّ وَلَهُ نظِيْرٌ فِيْ أُمَّتِي؛ أَبُو بَكْرٍ نَظِيْرُ إِبْراهِيْمَ، وَعُمَرُ نَظِيْرُ مُوسَى، وَعُثْمانُ نَظِيْرُ هارُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طالِبٍ نَظِيْرِي، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيْسَى بْنِ مَرْيَمَ فَلْيَنْظُرْ إِلى أَبِي ذَرٍّ"(3).

وعن أبي الحمراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلى آدَمَ فِيْ وَقارِهِ، وَإِلى مُوْسَى فِيْ شِدَّةِ بَطْشِهِ، وَإِلَى عِيْسَى فِيْ زُهْدِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذا الْمُقْبِلِ"، فأقبل علي رضي الله عنه (4).

(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(9944)، والحاكم في "المستدرك" (5189). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 49): رواه الطبراني بأسانيد ورجال، بعضها رجال الصحيح.

(2)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 298).

(3)

رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(6124). وكذا رواه ابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 66) وقال: أخاف أن يكون الغلابي كذبه.

(4)

قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"(ص: 367): رواه الحاكم عن أبي الحمراء مرفوعاً، قال ابن الجوزي: موضوع، وفي إسناده =

ص: 273

وروى ابن أبي شيبة عن الماجشون بن أبي سلمة رحمه الله قال: قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: ثلاث أنا فيما سواهنَّ ضعيف؛ ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قولاً إلا علمت أنه حق من الله تبارك وتعالى، ولا صليت صلاةً قط فألهاني عنها غيرها حتى أنصرف عنها، ولا سمعت جنازة قط فحدثت نفسي بغيرها هي قائلة أو مقول لها.

قال: فحدثت بذلك الزهري قال: إن كان لمأموناً على ما قال، وما كنتُ أرى أنَّ أحداً من الناس يكون هكذا إلا نبي (1).

وفي "سنن أبي داود": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: "أَنْتَ مِنِّىْ وَأَنا مِنْكَ".

وقال لجعفر رضي الله عنه: "أَشْبَهْتَ خَلْقِيَ وَخُلُقِي".

وقال لزيد بن حارثة رضي الله عنه: "أَنْتَ أَخُونا وَمَوْلانا"(2).

وروى أَبو نعيم عن ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس رضي الله عنه يقول: قال عيسى بن مريم عليهما السلام: تأتي أمة محمد علماء حكماء كأنَّهم من الفقه أنبياء.

قال مالك: أراهم صدور هذه الأمة (3).

= أَبو عمر الأزدي متروك، قال في "اللآلئ": له طريق أخرى عند الديلمي، ثم ذكرها، ورواه ابن شاهين عن أبي سعيد مرفوعاً.

(1)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34796).

(2)

روى أَبو داود (2278) أصل الحديث عن علي رضي الله عنه دون لفظ المؤلف، وأما الحديث كما ذكره المؤلف فقد رواه البخاري (4005) عن البراء رضي الله عنه.

(3)

رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 320).

ص: 274

قلت: إنما قال مالك هذا لأنَّ الصدر الأول مظنة هذه الأخلاق ما كادوا يخرجون عنها، فأراد أن يرى رأياً يسلمه له كل أحد، وإلا فإنا نعد بعد الصدر الأول خلائق كانوا متخلقين بهذه الخلائق، وناهيك بالأئمة الأربعة وأقرانهم وأصحابهم، وبأبي الحسن الأشعري وأقرانه من أهل السنة، وبالإمام أبي إسحاق الشيرازي، وإمام الحرمين، والشيخ نصر المقدسي، والقشيري، والغزالي، والنووي، والطحاوي، والكرخي، والقاضي عياض، والشيخ أبي عمر بن قدامة، وأخيه الموفق، وأمثالهم مما لا يُعد كثرة.

وروى أَبو نعيم عن سعيد بن هارون البرجمي رحمه الله قال: رأيت في المنام كأني في موضع علمتُ أنه ليس من الدنيا، فإذا أنا برجل لم أر قط أجمل منه، فقلت: مَنْ أنت يرحمك الله؟

قال: أنا يوسف بن يعقوب.

فقلت: قد كنت أحبُّ أن ألقى مثلك فأسأله.

قال: سَلْ.

فقلت: ما الرافضة؟

قال: يهود.

وقلت: والإباضية؟

قال: يهود.

قلت: فقوم عندنا نصحبهم.

قال: من هم؟

ص: 275

قلت: سفيان الثوري وأصحابه.

قال: أولئك يُبعثون على ما بعثنا الله عليه معاشرَ الأنبياء (1).

وروى أَبو الحسن بن جهضم في "بهجة الأسرار" عن سهل التستري رحمه الله قال: من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء عليهم السلام فلينظر إلى مجالس العلماء، يجيء الرجل فيقول: يا فلان! إيش تقول في رجل حلف على امرأته في كذا وكذا؟ فيقول: طلقت امرأته، ويجيئه آخر فيقول: ما تقول في رجُل حلف على امرأته في كذا وكذا؟ فيقول: ليس يحنث بهذا القول، وليس هذا إلا لنبي أو لعالم، فاعرفوا لهم ذلك (2).

وروى ابن المبارك في "الزهد" عن محمود بن الربيع قال: كنا عند عبادة بن الصامت رضي الله عنه فاشتكى، فأقبل الصُّنَابِحِيُّ، فقال عبادة: من سرَّه أن ينظر إلى رجل كأنما رقي به من فوق سبع سماوات فعمل ما عمل على ما رأى فلينظر إلى هذا، فلما انتهى الصنابحي إليه قال عباده: لئن سُئِلْتُ عنك لأشهدنَ لك، ولئن شفعت لأشفعنَّ لك، ولئن استطعت لأنفعنك (3).

فتأمل في شهادة عبادة للصنابحي؛ واسمه عبد الرحمن بن عُسَيْلَةَ

(1) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 385).

(2)

ورواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 149).

(3)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 293). والشطر الأخير منه عند مسلم (29).

ص: 276

من كبار التابعين وعبادهم، قدم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس ليال، وكان عبد الملك يجلسه معه على السرير، شهد له عبادة بأن يقينه كيقين أولي العزم من المرسلين.

وروى أَبو نعيم عن الأعمش قال: ما زال الحسن البصري يعي الحكمة حتى نطق بها.

قال: وكان إذا ذُكر عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء (1).

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن العوام بن حوشب رحمه الله تعالى قال: ما أشبه الحسن إلا بنبي أقام في قومه ثلاثين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل.

وأخرجه أَبو أحمد العسكري، ولفظه: أقام في قومه ستين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل (2).

وروى العسكري عن مجاهد رحمه الله قال: سمعت عائشة رضي الله عنها كلام الحسن، فقالت: من هذا الذي يُشبه كلامه كلام الأنبياء عليهم السلام (3)؟

وروى أَبو نعيم عن سفيان بن عُيينة قال: رأيتُ منصور بن المعتمر - يعني: في المنام -، فقلت: ما فعل الله بك؟

(1) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 147).

(2)

وانظر: "تهذيب الكمال" للمزي (6/ 105).

(3)

وانظر: "ربيع الأبرار" للزمخشري (1/ 129).

ص: 277

قال: كدتُ أن ألقى الله بعمل نبي.

قال سفيان: إن منصوراً رحمه الله صام ستين سنة يقوم ليلها ولصوم نهارها (1).

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد، ومن طريقه أَبو نعيم عن أبي يحيى القتات رحمه الله قال: قدمت مع حبيب بن أبي ثابت الطائف وكأنما قدم عليهم نبي (2).

وقال اليافعي في "الإرشاد": وقد بلغنا عن بعض الأولياء الأكابر والعلماء الجامعين بين الباطن والظاهر أنه قال: لو كان نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكان الغزالي، وكان يجعل ثبوت معجزاته ببعض مصنفاته.

قلت: ولعل هذا لا يختص بالغزالي رضي الله عنه، ولعل كل من خرقت له عادة من علماء هذه الأمة في تصنيف أو إملاء أو حفظ، فإن تلك الخارقة صالحة لأن تكون معجزة لو كان باب النبوة منفتحاً، وهو مسدود الآن لختمه بالنبي صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب والسنة.

وقال بعض فضلاء القاهرة في شيخ الإسلام والدي رضي الله عنه وأقره عليه ولم يُنكره: [من البسيط]

مَوْلًى هُوَ النَّاسِ وَالدُّنْيا بِما رَحُبَتْ

فَضْلاً وَعِلْماً فَكَيْفَ النَّاسُ تَعْدِلُهُ

(1) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 41).

(2)

رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 60).

ص: 278

لَوْ يُرْسِلُ اللهُ بَعْدَ الْمُصْطَفى أَحَداً

لَكانَ فِيْ أَهْلِ هَذا الْعَصْرِ يُرْسِلُهُ

وروى ابن السمعاني: أنَّ إمام الحرمين ناظر فيلسوفاً في مسألة خلق القرآن، فقذف بالحق على باطله ودمغه دمغاً، ودحض شبهته دحضاً، وأوضح كلامه في المسألة حتى اعترف الموافق والمخالف له بالغلبة، فقال الأستاذ أَبو القاسم القشيري: لو ادعى إمام الحرمين النبوة لاستغنى بكلامه هذا عن إظهار المعجزة (1).

وما ذكره الإمام مالك عن عيسى عليه السلام رواه ابن عساكر وغيره بزيادة فيه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّ عيسى ابن مريم عليهما السلام قال: يا رب! أنبئني عن هذه الأمة المرحومة، فقال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم علماء حنفاء حكماء كأنهم أنبياء، يرضون مني بالقليل من العطاء، وأرضى منهم باليسير من العمل، وأدخلهم الجنة بلا إله إلا الله.

يا عيسى! هم أكثر سكان الجنة لأنه لم تذل ألسنة قوم قط بلا إله إلا الله كما ذلت ألسنتهم، ولم تذل رقاب قومٍ قط بالسجود كما ذلت رقابهم (2).

وروى أَبو نعيم عن أبي سليمان الداراني رحمه الله قال: حدثني

(1) وانظر: "ذيل تاريخ بغداد" لابن النجار (16/ 93).

(2)

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(47/ 382).

ص: 279

شيخ بساحل الشام يقال له: علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي قال: حدثني أبي عن جدي سويد بن الحارث رضي الله عنه قال: وفدتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة من قومي، فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه ما رأى من سمتنا وزيتا، فقال:"ما أَنْتُمْ؟ "

قلنا: مؤمنون.

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيْقَةً، فَمَا حَقِيْقَةُ قَوْلِكُمْ وَإِيْمَانِكُمْ؟ "

قال سويد: قلنا: خمس عشرة خصلة؛ خمس منها أمرتْنَا رسلُك أن نؤمن بها، وخمس منها أمرتنا رسلك أن نعمل بها، وخمس منها تخلَّقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئاً.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَمَا الخَمْسُ الَّتِيْ أَمَرَتْكُمْ رُسُلِيْ أَنْ تُؤْمِنُوْا بِهَا؟ "

قلنا: أمرتنا رسلك أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت.

قال: "وَمَا الخَمْسُ الَّتِيْ أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَعْمَلُوْا بِهَا؟ "

قلنا: أمرتنا رسلك أن نقول: لا إله إلا الله، ونُقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت من استطاع إليه سبيلاً.

قال: "وَمَا الخَمْسُ الّتِيْ تَخَلَّقْتُمْ بِهَا أَنْتُمْ فِيْ الجَاهِلِيَّةِ؟ "

قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق عند اللقاء، والرضا بمرِّ القضاء، والصبر عند شماتة الأعداء.

ص: 280

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ كَادُوْا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُوْنُوْا أَنْبِيَاءَ"(1).

وروى الديلمي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم! قال: "كَادَ حَمَلَةُ القُرْآنِ أَنْ يَكُوْنُوا أَنْبِيَاء"(2).

وروى أَبو عمر بن عبد البر، والهروي في "ذم الكلام" عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَىْ خُلَفَائِي رَحْمَةُ اللهِ"، قيل: ومن خلفاؤك؟ قال: "الَّذِيْنَ يُحْيُوْنَ سُنَّتِيْ وَيُعَلِّمُوْنها عِبَادَ اللهِ"(3).

قيل: الحسن المذكور هو ابن علي رضي الله عنهما.

وقيل: البصري، فيكون الحديث مرسلاً.

لكن يؤيد الأول: أن الحديث رواه ابن السني، وأبو نعيم في "رياض المتعلمين" من حديث علي رضي الله عنه (4).

وروى أَبو نعيم في "فضل العالم العفيف" عن ابن عباس رضي الله عنهما

(1) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 279).

(2)

رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(221). قال السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص: 143): فيه من لا يعرف، وأحسبه غير صحيح.

(3)

رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 46)، والهروي في "ذم الكلام وأهله"(4/ 228).

(4)

رواه أَبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 251)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص: 163). قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(1/ 270): هذا باطل.

ص: 281

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ أَهْلُ العِلْمِ وَالجِهَادِ"(1).

بل قال الله تعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68].

وقوله: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 68] معناه: إن أحق الناس بنصرته واتباعه، أو أقربهم شبهاً به؛ فإنَّ الآية نزلت رداً على أهل الكتاب القائلين: إن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً، فقال تعالى مبرئاً له عن ذلك {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67]، والنبي والمؤمنون حنفاء مسلمون، فهم أولى به ممن سواهم.

وروى أَبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ مِنْ عَالِمٍ إِلَاّ وَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيْثَاقَهُ يَوْمَ أَخَذَ مِيْثَاقَ النَّبِيِّيَن يَدْفَعُ عَنْه مَسَاوِئَ عَمَلِهِ بِمَحَاسِنَ عمله (2) إِلَاّ أَنَّهُ لا يُوْحَىْ إِلَيْهِ"(3).

وروى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأَبْدَالُ فِيْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثَلَاثُوْنَ مِثْلُ إِبْرَاهِيمِ خَلِيْلِ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ

(1) قال العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء"(1/ 12)؛ رواه أَبو نعيم في "فضل العالم العفيف" من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف.

(2)

في "مسند الفردوس": "بمجالس علمه" بدل "بمحاسن عمله".

(3)

ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(5161).

ص: 282

السَّلامُ، كُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ رَجُلاً" (1).

وروى الطبراني عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ تَخْلُوَ الأَرَضُ مِنْ أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً مِثْلَ خَلِيْلِ الرَّحْمنِ، فَبِهِمْ تُسْقَوْن وَبِهِمْ تُنْصَرُوْنَ، مَا مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَا أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ آخَرَ"(2).

وروى أَبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للهِ فِيْ الخَلْقِ ثَلَاثَ مِئَةٍ قُلُوْبُهُمْ عَلَى قَلْبِ آدَمَ عليه السلام، وللهِ فِيْ الخَلْقِ أَرْبَعُوْنَ قُلُوْبُهُمْ عَلَىْ قَلْبِ مُوْسَىْ عليه السلام، وَللهِ فِي الخَلْقِ سَبْعَةٌ قُلُوْبُهُمْ عَلَىْ قَلْبِ إبْراهِيْم عليه السلام، وَللهِ فِيْ الخَلْقِ خَمْسَةٌ قُلُوْبُهُم عَلَىْ قَلْبِ جِبْرِيل عليه السلام، وللهِ فِيْ الخَلْقِ ثَلَاثةٌ قُلُوبُهُم عَلَىْ قَلْبِ مِيْكَائِيْلَ عليه السلام، وَللهِ فِيْ الخَلْقِ وَاحِدٌ قَلْبُهُ عَلَىْ قَلْبِ إِسْرَافِيْلَ عليه السلام، بِهِمْ يُحْيِي وُيمِيْتُ وَيُمْطِرُ وُينْبِتُ وَيرْفَعُ البَلاءَ"(3).

فلا يقال: يلزم من كون الأبدال مثل إبراهيم أو قلوبهم على قلبه أن يكونوا في رتبته في الفضل، وإنما جعل الله تعالى هؤلاء أبدالاً عن الأنبياء وخلفاء عنهم بطريق النيابة والوراثة، والأنبياء مفضلون عليهم بالنبوة

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 322) وقال: منكر.

(2)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(4101). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 63): إسناده حسن.

(3)

رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 9). قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(5/ 64): قاتل الله من وضع هذا الإفك.

ص: 283

والدرجة الرفيعة، وكذلك من كان من أولياء الله تعالى على قلب آدم أو موسى لا يكون في رتبتهما، وإنما ينوبان عنهما في النصيحة والمنفعة.

وروى أَبو نعيم، والبيهقي عن كعب الأحبار رحمه الله تعالى: أنه سمع رجلاً يقول: رأيت في المنام كأنَّ الناس جُمعوا للحساب، فَدُعِيَ الأنبياء، فجاء مع كل نبي أمته، ورأى لكل نبي نورين، ولكل من اتبعه نوراً يمشي به، فدعي محمد صلى الله عليه وسلم فإذا لكل شعرة من رأسه ووجهه نور على حدة يثبته من نظر إليه، ولكل من اتبعه نوران يمشي بهما كنور الأنبياء، فقال كعب: والله الذي لا إله إلا هو! لقد رأيتُ هذا في منامك؟ قال: نعم.

قال: والذي نفسي بيده إنها لصفة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة (1).

وروى أَبو نعيم عن كعب رحمه الله قال: قال موسى عليه السلام: إني لأجد في الألواح صفة قومٍ على قلوبهم من النور مثل الجبال الرواسي، تكاد الجبال والرمال أن تخرَّ لهم سجداً من النور، فسأل ربه وقال: اجعلهم من أمتي، قال الله تعالى: يا موسى! إني اخترت أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعلتهم أئمة الهدى، وهؤلاء طوائف من أمته.

قال: يا رب! فبمَ بلغ هؤلاء حتى آمر بني إسرائيل يعملوا مثل عملهم وأبلغ نعتهم؟

قال: يا موسى! إنَّ الأنبياء كادوا يعجزون عمَّا أعطيت أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

(1) رواه البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 39).

ص: 284

يا موسى! بلغوا أنهم تركوا الطعام الذي أحللت لهم رغبةً فيما عندي، وكان عيشهم في الفلق من الخبز، والخلِقِ من الثياب، أيسوا من الدنيا وأيست الدنيا منهم، أقربهم مني وأحبهم إلي أشدهم جوعاً وأشدهم عطشاً (1).

وروى البيهقي عن وهب بن منبه رحمه الله قال: إن الله أوحى في الزبور: يا داود! إنه سيأتي بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقاً نبياً، لا أغضب عليه أبداً، ولا يغضبني أبداً، وقد غفرتُ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته أمة مرحومة، أعطيهم من النوافل مثلما أعطيت الأنبياء، وأفترض عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا في كل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغُسل من الجنابة كما أمرتُ الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الأنبياء قبلهم.

يا داود! إني فضلت محمداً وأمته على الأمم كلهم، أعطيتهم ست خصال لم أُعطها غيرهم من الأمم، لا أُؤاخذهم بالخطأ والنسيان، وكل ذنبٍ ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته، وما قدموه لإخوتهم من شيءٍ طيبةً به أنفسهم عجلت لهم أضعافاً مضاعفة، ولهم عندي أضعاف مضاعفة، وأفضل من ذلك أعطيهم على المصائب والبلايا إذا

(1) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 388).

ص: 285