الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 169].
وقال تعالى حكاية عنه: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39 - 40]، وهذه الآية تدل على أن الإخلاص من الحصون المانعة من كيد الشيطان.
6 - ومنها: الاستزلال، والتغرير
.
وقد علمت ما فعل الشيطان الأبيض مع برصيصا.
قال القرطبي: اللام في: {لِتَصْغَى} لام كي، والعامل فيه: يوحي؛ تقديره: يوحي بعضهم إلى بعض ليغروهم، ولتصغى، انتهى (1).
ومعنى الآية الكريمة على هذا - والله سبحانه وتعالى أعلم -: أن شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض بالشيء، ويأمره به كأنه ناصح له، وما يريده له، ولكنه يتكلم معه في سورة النصيحة ليغر السامع بكلامه، ويصغي السامع إليه فيستحسنه، ويرضى به، ويفعله،
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(7/ 69).
فمن فعل من هذه الأفعال فهو متشبه بالشيطان لا محالة، بل سماه الله تعالى في هذه الآية شيطاناً.
قال قتادة، ومجاهد، والحسن رحمهم الله تعالى: إن من الإنس شياطين (1).
والشيطان: العاتي المتمرد من كل شيء.
وروى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال: "يَا أَبَا ذَرٍّ! هَلْ صَلَّيْتَ؟ " فقلت: لا، قال:"قُمْ فَصَلِّ"، قال: فقمت وصلَّيت ثمَّ جلست، فقال:"يَا أَبَا ذَرٍّ! تَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِيْنِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ"، فقلت: يا رسول الله! وللإنس شياطين؟ قال: "نعمْ"(2).
وقال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، قال: وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً (3).
وروى أبو نعيم عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان - يعني: الداراني رحمه الله تعالى - يقول: ما خلق الله خلقاً أهون علي من إبليس، لولا أن الله تعالى أمرني أن أتعوذ منه ما تعوذت منه أبداً.
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 342).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 178) وكذا النسائي (5507).
(3)
انظر: "تفسير البغوي"(2/ 124).