الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن أبي شيبة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا نَادَى الْمُنَادِي بِالصَّلاةِ هَرَبَ الشَّيْطَانُ حَتَّى يَكُوْنَ بِالرَّوْحَاءِ"؛ وهي ثلاثون ميلاً منَ المدينَة (1).
وروى مسلم، وابن ماجه عن أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فاتبعه أبو هريرة ببصره حتى خرج من المسجد، فقال: أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (2).
*
تَنْبِيْهٌ:
قد علمت من حديث أبي هريرة السابق، ومن أحاديث أخرى تقدمت أن الشيطان يدخل إلى المسجد ليوسوس للمصلين، ويفرق بين الذاكرين، وقد تظاهرت النصوص على أنه يحدث الحدث الأصغر والأكبر لمَا علمنا أنه يجامع وينزل ويضرط، فَلَنَا أن نعد من قبائحه دخول المسجد والمكث فيه وهو جنب، ودخوله وهو محدث، ودخوله لغير الصلاة بل للفتنة، وتحديث النفوس بحديث الدنيا، وغير ذلك.
فينبغي للعبد أن ينزه نفسه عن هذه الأمور لكونها من أفعال الشيطان، وإن كان بعضها مباحاً.
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2373)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(3/ 316).
(2)
رواه مسلم (655)، وابن ماجه (733)، وكذا أبو داود (536)، والترمذي (204)، والنسائي (683).
ولقد قال الغزالي في "الإحياء": يكره دخول المسجد على غير وضوء (1).
ونقل عن سعيد بن المسيب، والحسن البصري أن المحدث كالجنب يمر في المسجد ولا يجلس، على أن اتخاذ المسجد ممراً مكروه.
وقال المتولي، والروياني من أصحابنا الشافعية: إن القعود في المسجد من غير غرض صحيح من انتظار صلاة، أو اعتكاف، أو قراءة، أو تعليم، أو موعظة، أو نحو ذلك مكروهٌ.
وقال غيرهما: مباح.
قلت: ومحل ذلك فيما لم تتمحض نيته من المكلف في دخول المسجد لأمر دنيوي كبيع أو شراء، أو تحدث مع إخوان في أمور الدنيا، فإذا تمحضت نيته لذلك كان مكروها قطعاً.
وروى ابن حبان عن ابن مسعود، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ ناَسٌ مِنْ أُمَّتِي يَأتُوْنَ الْمَسَاجِدَ فَيَقْعُدُونَ فِيْهَا حِلَقًا ذِكْرُهُمْ الدُّنْيَا وَحُبُّ الدُّنْيَا؛ لا تُجَالِسُوْهُمْ، فَلَيْسَ لِلَّهُ بِهِمْ حَاجَةٌ"(2).
فإن قلت: فما يصنع بما رواه عبد الرحمن بن معقل: أنه قال:
(1) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (1/ 205).
(2)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(6761) عن ابن مسعود رضي الله عنه، والحاكم في "المستدرك"(7916) عن أنس رضي الله عنه، كلاهما بلفظ نحوه.