الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى البزار، والطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أتىْ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ؛ فَإِنَّهُ إِنْ لمْ يَسْتَتِرْ اسْتَحْيَتِ الْمَلائِكَةُ فَخَرَجَتْ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ كَانَ لِلشَّيْطَانِ فِيْهِ نَصِيْبٌ"(1).
وذكر بعض العلماء: أن آسية بنت مزاحم رضي الله عنها خرجت من الدنيا وهي عذراء لم يصل إليها فرعون، وإنما كان يتمثل الشيطان في صورتها لفرعون، وكان يأتي الشيطان وهو يحسب أنه أتى آسية.
وعليه: فالزانية -أيضًا- متشبهة بالشيطان.
*
لَطِيْفَةٌ:
قال القرطبي في "تفسيره": روى الأعمش عن عبد الله قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُقْبِل عَلَى شَخْصٍ فِيْ صُوْرَةِ الْفِيْلِ، وَهُوَ يَلْعَنُهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِيْ يَلْعَنُهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: "إِبْلِيْسُ"، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللهِ! لأَقتلَنَّكَ، وَلأَرِيْحَنَّ الأُمَّةَ مِنْكَ، فَقَالَ: مَا هَذَا جَزَائِيْ مِنْكَ؟ قُلْتُ: وَمَا جَزَاؤُكَ مِنّيْ يَا عَدُوَّ اللهِ؟ قَالَ: وَاللهِ مَا أَبْغَضَكَ أَحَدٌ قَط إلا وَقَدْ شَرِكْتَ أَبَاهُ فِيْ أُمّهِ (2).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(176)، وضعف ابن حجر إسناده في "الدراية"(2/ 228).
(2)
انظر: "تفسير القرطبي"(1/ 91). قال ابن حجر في "لسان الميزان"(1/ 371): وهذا لعله من وضع إسحاق الأحمر، فروايته إثم مكرر، فاستغفر الله العظيم، بل روايتي له لهتك حاله، وقد سرقه منه لص، ووضع له إسنادًا.
قلت: بغض علي رضي الله تعالى عنه لا شك أنه خلق شيطاني، ولذلك إذا شارك الشيطان في الولد أباه كان مبغضاً لعلي رضي الله تعالى عنه، فالشيطان لا يستحق من علي إلا تمام النكال، فطلبه الجزاء منه مغالطة ومخادعة.
ودل هذا الأثر أن الشيطان يتظاهر في صورة فيل.
وذكر حجة الإِسلام في "الإحياء" عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: أن رجلًا سأل ربه عز وجل أن يريه موضع الشيطان من قلب ابن آدم، فرأى في النوم جسد رجل شبه البلور يرى داخله من خارجه، ورأى الشيطان في صورة ضفدع قاعدًا على منكبه الأيسر بين منكبه وأذنه، وله خرطوم طويل، وقد أدخله من منكبه الأيسر يوسوس إليه، فإذا ذكر الله خنس (1).
قال: وقد رآه بعض الكاشفين في صورة كلب جاثم على جيفة يدعو الناس إليها، وكانت الجيفة مثال الدنيا، انتهى (2).
وقال الثعلبي: قال قتادة: إن الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان، فإذا ذكر العبد ربه عز وجل خنس (3).
(1) قال ابن حجر في "فتح الباري"(6/ 563): وقد ورد في خبر مقطوع -وذكر الخبر، ثم قال: - أخرجه ابن عبد البر بسند قوي إلى ميمون بن مهران عن عمر بن عبد العزيز فذكره، وذكره أيضًا صاحب "الفائق".
(2)
انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (3/ 40).
(3)
ورواه عبد الرزاق في "التفسير"(3/ 410).
قال: وروى الفرج بن فضالة عن عروة بن رويم رحمه الله تعالى: أن عيسى بن مريم عليهما السلام دعا ربه عز وجل أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم فجلى له، فإذا رأسه رأس الحية واضعا رأسه على ثمرة القلب، فمنَّاه وحدثه (1).
وذكر صاحب "البهجة" في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى: أن الشيخ عبد القادر عرض له الشيطان وهو يصلي، ورده في صورة ثعبان عظيم فاغر فاه، ثم تطوق على عنقه وهو ثابت، ثم عرفه أنه الشيطان، وأنه استزل بذلك سبعين صديقًا.
قلت: وقد رأيته في المنام في صورة بين صورة الحمار وصورة الكلب، وأشوه منهما، وجثته دون جثة الحمار وفوق جثة الكلب، وقد وثب علي فأمسكته بيديه، ثم صرعته إلى الأرض، وعلوت على صدره، وأردت أن أستعين عليه بشخص فألهمت أن أعظم ما يستعان به عليه الذكر، فأخذت في ذكر الله تعالى، فما زال يضعف حتى صار كالأديم الملقى، فلما أمنت بطشه تركته، وكثيراً ما رأيته في صورة كلب وأُذيبه بالذكر.
وقد يتظاهر في صورة الآدمي كما ظهر لقريش في صورة الشيخ النجدي كما سيأتي، وكما ظهر لهم في صورة سراقة يوم بدر، وكما ظهر للصحابة في أقبح صورة رجل ليشككهم في دينهم كما تقدم.
(1) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 123).