الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - ومنها: النكاح، خصوصاً للمرأة الصالحة، والإنكاح، خصوصاً للرجل الكامل الصالح
.
قال الله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام يُخاطب موسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27].
وتقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مُوْسَى آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِيْنَ أَوْ عَشْراً عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ"، الحديث (1).
وروى الإمام أحمد، والترمذي وحسنه، عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِيْنَ: الْحِنَّاءُ، وَالتَعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ"(2).
وقال بعض الرواة: "الحياء" - بالياء المثناة تحت - (3).
وقالت جماعة من المفسرين في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} [النساء: 54]: إنَّ المراد بالملك العظيم ما أوتيه سليمان من الملك وكثرة النساء، وإنَّ الآية نزلت تكذيباً لليهود وردًّا عليهم في قولهم: لو كان نبياً ما رغب في كثرة النساء ولشغلته النبوة عن ذلك، فأخبر الله سبحانه عن ما كان لداود وسليمان عليهما السلام، ووبخهم
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 421)، والترمذي (1080) وحسنه.
(3)
رواية الإمام أحمد والترمذي: "الحياء".
فأقروا بأنَّه اجتمع عند سليمان ألف امرأة فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ألفُ امْرَأَةٍ" قالوا: نعم، مئة مَهْرِيَّة، وتسع مئة سَرِية، وعند داود مئة امرأة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلْفٌ عِنْد رَجُلٍ وَمِئَهٌ عِنْدَ رَجُلٍ أَكْثَرُ أَوْ تِسْعُ نِسْوَةٍ؟ " فسكتوا، وكان له يومئذٍ تسع (1).
ونقل حجة الإسلام في "الإحياء" عن سفيان بن عيينة رحمه الله: أنه قال: كثرة النساء ليست من الدنيا؛ لأن علياً رضي الله عنه كان أزهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له أربع نسوة وسبع عشرة سرية.
قال: فالنكاح سنة ماضية وخلق من أخلاق الأنبياء عليهم السلام (2).
وقوله: "إن كثرة النساء ليست من الدنيا": أراد الدنيا المذمومة، فلا مُنافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم:"حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطّيْبُ"(3).
وبذلك أجاب شيخ الإسلام الوالد رحمه الله عما نقله عن الأوزاعي رحمه الله: أنَّ حب النساء ليس من حب الدنيا، فقال في كتابه "فصل الخطاب":[من الرجز]
وَقالَ الأَوْزاعِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنْ
…
هُوَ ابْنُ عَمْرٍو لَيْسَ حُبُّ النِّسْوانْ
(1) انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 202)، و"تفسير الثعلبي"(3/ 329)، و"تفسير القرطبي"(5/ 252).
(2)
انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (2/ 23).
(3)
تقدم تخريجه.
مِنْ حُبِّ دُنْيَا وَالْمُرادُ ما يُذَمْ
…
مِنْ حُبِّها أَوْ هُوَ مِنْها وَاتَّسَمْ
بِكَوْنِهِ مِنْ عَمَلِ الأُخْرى لِما
…
فِيْهِ مِنَ الْعَوْنِ عَلَيْها فَهْوَ ما
نافَى الْحَدِيْثَ الْمارَّ بَلْ وَنُقِلا
…
أَرْبَعةٌ هِيَ مِنَ الدُّنْيا وَلا
يَكُوْنُ مِنْها كِسْرَةٌ لِجَوْعَتِهْ
…
سَرَتْ وَخِرْقَةٌ لِسَتْرِ عَوْرَتِهْ
وَلِلْمَصِيْفِ وَالشِّتاءِ مَسْكَنُ
…
وَزَوْجَةٌ لَها يَصُوْنُ يَسْكُنُ
وَهْوَ حَدِيْثٌ رَفَعُوْهُ مُسْندا
…
إِلَىْ النَّبِيِّ الْهاشِمِيِّ أَحْمَدا
وأراد بالحديث المار حديث: "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيْبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِيْ فِي الصَّلَاةِ"؛ فإنه عقده في نظمه قبل ذلك.
وقد رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم، والبيهقي عن أنس رضي الله عنه (1).
(1) تقدم تخريجه.