الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الأصبهاني في "الترغيب" عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: كان يُقال: من أخلاق الأنبياء [و] لأصفياء الخيار، الطاهرةِ قلوبُهم خلائقُ ثلاث؛ الحلم، والأناة، وحظ من قيام الليل (1).
وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الهَدْيَ الصَّالح وَالسَّمْتَ الصَّالح جُزْءٌ مِنْ سَبْعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النّبُوّةِ"(2).
والفرق بين السمت والهدي: أنَّ السمت عبارة عن الهيئة، والهدي عبارة عن الطريقة والمذهب فهو أشمل من السمت وأعم منه.
وإنما كان حسن السمت في الحديثين السابقين جزءاً من أربعة وعشرين جزءاً من حيث انضمامُه إلى التؤدة والاقتصاد، وأما من حيث انفرادُه وانضيافُه إلى الهدي الصالح فهو جزء من سبعين جزءاً من النبوة؛ فافهم!
*
تنبِيْهٌ:
أما العجلة في أمور الآخرة والمسارعة إليها فإنها من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، كما تقدم بيانه.
قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90].
(1) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 95).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12608)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد" (791). وهو عند أبي داود (4776) لكن بلفظ:"من خمسة وعشرين" بدل "من سبعين".
وقال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]؛ أي: شوقاً إليك.
أجاب موسى بذلك ربه لما مسألة عن سبب عجلته بقوله: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} [طه: 83] وذلك أنَّ موسى عليه السلام اختار من قومه سبعين رجلاً ليذهبوا معه إلى الطُّور ليأخذوا التوراة، فسار بهم ثم عجل موسى من بينهم شوقاً إلى ربه وخلف السبعين، وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل، فقال الله تعالى له:{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} [طه: 83] الآية.
وهذا يدل أنَّ من أخلاق النبيين عليهم السلام الشوق والمحبة لأنها مستلزمة له.
وروى ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} إلى قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]؛ قال: اشتاق إلى لقاء الله تعالى وأحب أن يلحق بآبائه، فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم.
قال ابن عباس: ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف فقال: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} [يوسف: 101] الآية.
قال ابن جريج: وأنا أقول في بعض القراءة: من قال من الأنبياء: توفني (1).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(13/ 73).