الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48].
ادعى الشجاعة، وقد بدا لهم في صورة سراقة بن جعشم المدلجي، وأنه يثبت في الحرب عند اللقاء، وأنه يجير القوم إذا كادوا أن يغلبوا، فظهر أنه جبان لا ثبات له عند اللقاء، بل نكص على عقبيه، ثم ادعى الخوف من الله تعالى.
قال قتادة رحمه الله تعالى في قوله: {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: 48]: ذكر لنا أنه رأى جبريل ينزل معه الملائكة عليهم السلام، فعلم عدو الله أنه لا يدانِ له بالملائكة، وقال:{إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} [الأنفال: 48]، وكذب عدو الله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له به، ولا منعة له. رواه ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ (1).
20 - ومنها: تسخط المقدور، وعدم الرضا بالقسمة، والحسد
.
قال قتادة: حسد إبليس آدم على ما أعطاه الله تعالى من الكرامة، فقال: أنا ناري وهذا طيني (2)؛ أي: فأنا أحق بأن يسجد لي منه، فإن الحسد تمني زوال النعمة عن المحسود، وسببه زعم الحاسد أنه أحق بالنعمة منه، وهذا اعتراض على الله تعالى، وتسخط لقضائه.
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 79). ورواه الطبري في "التفسير"(10/ 19).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 311).
ولقد أحسن المعافى بن زكريا في قوله رحمه الله تعالى: [من المتقارب]
أَلا قُلْ لِمَنْ كانَ لِيْ حاسِداً
…
أتدْرِيْ عَلَىْ مَنْ أَسَأْتَ الأَدَبْ
أَسَأْتَ عَلَىْ اللهِ فِيْ فِعْلِهِ
…
لأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِيْ ما وَهَبْ
فَجازاكَ عَنِّيْ بِأَنْ زادَنِيْ
…
وَسَدَّ عَلَيْكَ وُجُوْهَ الطَّلَبْ (1)
قلت: وكذلك فعل الله تعالى بإبليس، فأبَّد لعنته، وتلافى آدم بالتوبة، وغفر زلته.
وروى البيهقي عن الحسن رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5]؛ قال: هو أول ذنب كان في السماء (2).
وروى الدينوري في "المجالسة" عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال: الحسد أول ذنب عُصي الله به في السماء؛ يعني: حسد إبليس آدم، وهو أول ذنب عصي الله به في الأرض؛ حسد ابن آدم أخاه فقتله (3).
وقال ابن عطية رحمه الله تعالى: روى ابن القاسم عن مالك رحمه الله تعالى: أنه قال: بلغني أن أول معصية كانت الحسد،
(1) انظر: "معجم الأدباء" لياقوت الحموي (5/ 509)، و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (13/ 230).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6632).
(3)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 113).
والكبر، والشح؛ حسد إبليس آدم، وتكبر عليه، وشح آدم؛ قيل له: كُلْ من جميع شجر الجنة إلا هذه الشجرة، فشح، فأكلها (1).
وقال ابن أبجر رحمه الله تعالى في بعض الكتب: يقول الله تعالى: الْحَاسِدُ عَدُوُّ نِعْمَتِيْ، مُتَسَخِّطٌ لِقَضَائِيْ، غَيْرُ رَاضٍ بِقِسْمَتِيْ بَيْنَ عِبَادِيْ (2).
قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله تعالى: ذنبك إلى الحاسد دوام نعم الله تعالى عليك (3).
وقيل لابن السَّمَّاك رحمه الله تعالى: أي الأعداء لا يجب أن يعود صديقاً؟ قال: من سبب عداوته النعمة؛ يعني: الحاسد (4).
ثم قال: قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما: كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة؛ فإنه لا يرضيه إلا زوالها (5).
وقال الأصمعي رحمه الله تعالى: رأيت أعرابياً في بني عذرة قد أتت له مئة وعشرون سنة، فقلت له: ما أطولَ عمرَك! فقال: تركت الحسد فبقيت (6). رواها الدينوري في "المجالسة".
(1) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (1/ 125).
(2)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 113).
(3)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 112).
(4)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 112).
(5)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 113).
(6)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 113).