الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة، فناداه ربه: أمني تفر؟ قال: لا، ولكني أستحييك يا رب (1).
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الرقة والبكاء" عن علي بن أبي طلحة رحمه الله قال: أول شيء كله آدم حين أُهبط - إلى الأرض الكُمَّثرى، وإنه لما أراد أن يتغوط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة، فذهب شرقاً وغرباً لا يدري كيف يصنع، حتى نزل إليه جبريل عليه السلام فأقعى آدم، فخرج ذلك منه، فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة (2).
وسيأتي وصف موسى عليه السلام بالحياء والتستر قريباً.
74 - ومنها: الاغتسال من الجنابة، والتستر عند الاغتسال وعند قضاء الحاجة حياءً، والحياء في سائر الأحوال، بل كذلك الاستتار مطلقاً، وحفظ العورة، والوضوء والتثليث فيه والمحافظة عليه، والخضاب في محله بالصفرة والحمرة
.
روى البخاري، والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مُوْسَى عليه السلام كَانَ رَجُلاً حَييِّاً سِتِّيرًا، لَا يُرَىْ مِنَ جِلْدِهِ شَيء اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فآدَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِيْ إسْرَائِيلَ، فَقَالَ: مَا يَتَسَتَّرُ هَذَا
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 403). وكذا الطبري في "التاريخ"(1/ 83).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"(326).
التَسَتُّرُ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ؛ إِمَّا بَرَصٍ، وَإِمَّا أُدْرَةٍ (1)، وَإِمَّا آفَةٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَىْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوْا، فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَىْ الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَىْ ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنْ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوبِهِ، فَأَخَذَ مُوْسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثُوْبِي حَجَرُ، حَتَّىْ انتهَىْ إِلَىْ مَلأٍ مِنْ بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَاناً أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُوْلُوْنَ، وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنُدَبَا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثاً أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قُوْلُهُ تَعَالَىْ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69] " (2).
وروى الإمام أحمد، وابن ماجه بإسناد حسن، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماءٍ فتوضأ مرة مرة فقال: "هَذَا وَظِيْفَةُ الوُضُوْءِ"، أو قال:"هَذَا وُضُوْء، مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْهُ لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ صَلَاةً"، ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال:"هَذَا وُضُوْءٌ، مَنْ تَوَضَّأَهُ أَعْطَاهُ اللهُ كِفْلَيْنِ مِنَ الأَجْر"، ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً ثم قال:"هَذَا وُضُوْئِي وَوُضُوْءُ الْمُرْسَلِيْنَ قَبْلِي"(3).
وروى ابن ماجه بسند ضعيف، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: توضأ
(1) الأدرة: انتفاخ الخصية.
(2)
رواه البخاري (3223)، والترمذي (3221).
(3)
رواه ابن ماجه (420). وضعف الحافظ ابن حجر إسناده في "الدراية"(1/ 25).
رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة فقال: "هَذَا وُضُوْءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ الله لَهُ صَلَاةً إِلَاّ بِهِ"، ثم توضأ ثنتين فقال:"هَذَا وُضُوْءُ العَدْلِ مِنَ الوُضُوْءِ"، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال:"هَذَا أَسْبَغُ الوُضُوْءِ، وَهُوُ وُضُوْئي وَوُضُوْءُ خَلِيْلِ اللهِ إِبْرَاهِيْمَ عليه السلام، وَمَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ فَتَحَ اللهُ لَهُ ثَمَانِيَةَ أَبْوابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"(1).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن يزيد بن بشر، عن بعض أهل الكتاب: أنَّ الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام: يا موسى! إن جاءك الموت وأنت على غير وضوء فلا تلومنَّ إلا نفسك (2).
وروى ابن أبي شيبة عن يزيد بن بشر رحمه الله أيضاً: أنَّ الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام: أن توضأ؛ فإن لم تفعل فأصابتك مصيبة فلا تلومن إلا نفسك (3).
وفيه إشارة إلى أن الطهارة وقاية من السوء والمصائب، وهذا من الأسرار الخفية.
وروى الديلمي، وابن النجار في "تاريخه" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِالحِنَّاءِ وَالكَتْمِ إبْرَاهِيْمُ عَلَيْهِ
(1) رواه ابن ماجه (419)، وكذا أبو يعلى في "المسند"(5598).
(2)
كذا في "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 541) لكن عن قسي.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(47).