الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
104 - ومنها: كثرة الذكر على كل حال وفي كل حين والجلوس في مجالس الذكر
.
قال الله تعالى لموسى عليه السلام: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].
وقال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144]؛ يعني: يونس عليه السلام.
وقال تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3].
قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى: إنَّ نوحاً عليه السلام كان إذا أكل قال: الحمد لله، وإذا شرب قال: الحمد لله، وإذا لبس قال: الحمد لله، وإذا ركب قال: الحمد لله، فسمَّاه الله عبداً شكوراً. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(1).
وروى أبوه عن عطاء بن يسار رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "قالَ نُوْحٌ عليه الصلاة والسلام لابْنِهِ: يا بُنَيَّ! إِنِّي مُوْصِيْكَ بِوَصِيَّةٍ وَقاصِرُها عَلَيْكَ حَتَّى لا تَنْساها، أُوْصِيْكَ بِاثْنتَيْنِ وَأَنْهاكَ عَنِ اثْنتَيْنِ؛ فَأَمَّا اللَّتانِ أُوْصِيْكَ بِهِما فَإِنِّي رَأَيْتُهُما يُكْثِرانِ الْوُلُوْجَ عَلى اللهِ، وَرَأَيْتُ اللهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِما وَصالِحِ خَلْقِهِ؛ قَوْلُ: سُبْحانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ؛ فَإِنَّها صَلاةُ الْخَلْقِ وَبِها يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَقَوْلُ: لا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ؛
(1) رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"(ص: 50).
فَإِنَّ السَّماواتِ وَالأَرْضَ لَوْ كُنَّ حَلَقَةً لَقَمَّتْهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ فِيْ كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ، وَأَمَّا اللَّتانِ أَنْهاكَ عَنْهُما فَالشِّرْكُ وَالْكِبْرُ" (1).
وروى عبد الرزاق، والإمام أحمد في "الزهد" عن كعب رحمه الله تعالى قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام: يا رب! أقريبٌ أنت فأُناجيك، أم بعيدٌ فأُناديك؟
قال: يا موسى! أنا جليس من ذكرني.
قال: يا رب! فإنَّا نكون من الحال على الحال، نجلك ونعظمك أن نذكرك؟
قال: وما هي؟
قال: الجنابة والغائط.
قال: يا موسى! اذكرني على كل حال (2).
قلت: يكفي في مثل الحال الذي ذكره موسى عليه السلام ذكر القلب ويكون بذلك ذاكراً، والمراد بالذكر في الأحوال المذكورة ذكر اسم الله عند مقاربتها، وحمده بعد الخروج من الخلاء.
ويشهد للأول: ما رواه عبد الرزاق عن الأعرج أنَّ الله تعالى قال لموسى عليه السلام: اذكرني في نفسك إذا كنت على الخلاء (3).
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 51).
(2)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 68). وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف"(1224).
(3)
تقدم تخريجه.
وللثاني: ما رواه عبد الرزاق - أيضاً - عن سعيد المقبري رحمه الله تعالى: أنَّ موسى عليه السلام قال: يا رب! أخبرني بأحب العمل إليك.
قال: يا موسى! اذكرني كثيراً.
قال: يا رب! أُجلك أن أذكرك في مواطن.
قال: ما هي؟
قال: عند الغائط.
قال: يا موسى! اذكرني كثيراً.
قال: يا رب! ماذا أقول إذا ذهبت إلى الغائط؟
قال: قُل: غفرانك، فجنبني الأذى (1).
وروى عبد الرزاق - أيضاً - عن يزيد بن أبي منصور رحمه الله قال: قال داود النبي: ألا ذاكرٌ الله فأذكرَ معه؟ ألا مذكرٌ فأذكرَ معه؟ ولوددت إذا جزت قوماً يذكرون الله عز وجل فأنفدهم إلى غيرهم أنَّ الرِّجْل التي تليهم تتكسر (2).
وعن أبي الجلد رحمه الله قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام: أن يا موسى! إذا دعوتني فاجعل لسانك من وراء قلبك، وكن
(1) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34288) عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه. وقد تقدم مختصراً.
(2)
انظر "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 171).