الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
تَنْبِيْهٌ:
قال كعب رحمه الله تعالى: أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه السلام، وقال: لا تصلح المعيشة إلا بهما (1).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ خَوَاتِيْمُ اللهِ فِيْ أَرْضِهِ، مَنْ جَاءَ بِخَاتمِ مَوْلاهُ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ". رواه الطبراني في "الأوسط"(2).
فالدرهم والدينار إنما ضربا لإصلاح المعاش وقضاء الحوائج، ومن هذا الوجه هما من نعم الله تعالى على العباد، ولم يضربا للاكتناز والادخار حرصًا عليهما ومحبة لهما إلا من حيث لا يصرفان إلا في مصلحة، فإذا ادخرا للمصلحة فلا يضر، كما قيل:[من الوافر]
لَمالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي
…
مَفاقِرَهُ آتمُّ مِنَ الْقُنُوْعِ (3)
فأما حبهما لذاتهما أو ليصرفا في الهوى فهو الخلق الشيطاني، فأكثر الناس حملهم الشيطان على حبهما حتى آثروهما على أمر الله تعالى.
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(36042).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6507). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 316): فيه أحمد بن محمد بن مالك بن أنس، وهو ضعيف.
(3)
البيت للشماخ بن ضرار، انظر:"تفسير الطبري"(17/ 168).
ومن هذا الوجه هما مذمومان لأنهما ينقلبان نقمتين على صاحبهما في الدنيا وفي الآخرة.
أما في الدنيا فإن من غلب عليه حب الدنيا والدرهم استولى على قلبه حتى يجتهد في تحصيلهما، ويتألم قلبه بصرفهما ومفارقتهما، فلا يصلح له بهما معيشة ولا تطيب له بهما عيشة، لا في طعام ولا في شراب ولا في غير ذلك من متاعات الدنيا.
وأما في الآخرة فإن غلبة حب الدرهم والدينار يحملان صاحبهما على منع الزكاة، ومنع الحقوق، وتضييع العيال، وعدم المبالاة بالعقوبة على ذلك، بل ربما أدَّى به الحال إلى القتل، والغصب، والسرقة، والربا، والرشاء، والمكس، والقمار، وأكل مال اليتيم وأموال الأوقاف، وغير ذلك، وإذا منع من الدنيا وقع في السخط والكفر والحسد، وتناول الأعراض طلباً لها وانكلابًا عليها، بل قد يطلبها بالدين والتزي بزي العلماء والصالحين، فهو هالك بها لا محالة.
ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَعُوْا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا؟ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا فَوْقَ مَا يَكْفِيهِ أَخَذَ حَتْفَهُ وَهُوَ لا يَشْعُرُ". رواه البزار عن أنس رضي الله تعالى عنه (1).
(1) ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(363). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 890): رواه البزار من حديث أنس، وفيه هانئ بن المتوكل، ضعفه ابن حبان.