الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ"(1).
وروى البيهقي في "الشعب" عن عبد الحميد بن محمود قال: كنت عند ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فأتاه رجل، فقال: أقبلنا حجَّاجاً حتى إذا كنا في الصفاح توفي صاحب لنا، فحفرنا له، فإذا أسود سالخ قد أخذ اللحد، فحفرنا له قبراً آخر وآخر، فإذا أسود سالخ قد أخذ اللحد، فتركناه، وأتيتك أسألك ماذا تأمرنا به؟
[قال]: ذاك عمله الذي كان يعمل؛ اذهبوا به فادفنوه في بعضها، فو الله لو حفرتم له الأرض كلها لوجدتم ذلك.
قال: فألقيناه في قبر منها، فلما قضينا سفرنا أتينا امرأته فسألناها عنه، فقالت: كان يبيع الطعام فيأخذ قوت أهله كل يوم، ثم يخلط فيه مثله من قصب الشعير، ثم يبيعه (2)؛ فعذب بذلك.
42 - ومنها: الخديعة والمكر
.
ولعل الفرق بينهما وبين الغش: أن الغش إيصال الضرر من فعل الغاش على وجه الإخفاء، وإظهار خلاف ما هو فيه من الضرر، أو تغطية الضرر بما ظاهره نفع.
والمكر والخديعة: تزيين الشيء للممكور به والمخدوع ليقع في الضرر، أو لينتفع الماكر أو الخادع بمأمنه، وإن استضر هو في نفسه.
(1) رواه بهذا اللفظ أبو داود (3452)، وابن ماجه (2224) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5311).
ومنه الخديعة في البيع بتحسين الكلام والإقسام ليشتري بأزيد، وليبيع بأنقص من غير فعل في المبيع، فإن انضم إليه خلط المبيع بدونه أو كتم عيبه مع الاطلاع عليه كان غشاً وخديعة، فإن اقتصر على الخلط والكتم من غير تحسين ويمين فهو غش فقط، ولا شك أن أول المخادعين والماكرين إبليس.
قال قتادة رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 21]: حلف بالله لهما حتى خدعهما -قال: وقد يخدع المؤمن بالله- قال لهما: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني أرشدكما.
قال قتادة: وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا بالله خدعنا. رواه عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ (1).
وفي الحديث: "الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيْمٌ، وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيْمٌ"(2).
وأنشد نفطويه: [من الكامل]
إِنَّ الْكَرِيْمَ إِذا تَشاءُ خَدَعْتَهُ .. وَتَرَىْ اللَّئِيْمَ مُجَرَّبًا لا يُخْدَعُ (3)
وقلت: [من الرجز]
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر: "تفسير الثعلبي"(4/ 224).