الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
129 - ومنها: إخراج ما عسى أن يكون عندهم من أمتعة الدنيا قبل الموت، وخصوصاً عند الموت
.
روى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن أبي عمران الجوني رحمه الله تعالى قال: كان نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام يُطعم المجذومين والأيتام النقي، ويأكل الشعير، ولم يَدَع سليمان بن داود يوم مات ديناراً ولا درهماً (1).
130 - ومنها: تفريغ القلب لمُلاقاة الله من كل ما سواه من زوجة وولد ومال وسائر أمور الدنيا
.
روى ابن أبي الدنيا عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ أَبَاكُمْ آدَمُ عليه السلام كَانَ طوالاً مِثْلَ النَّخْلَةِ السَّحُوْقِ سِتُّون ذِرَاعًا، وَكَانَ طَوِيْلَ الشَّعْرِ مُوَارِي العَوْرَةِ، فَلمَّا أَصَابَ الخَطِيْئَةَ بَدَتْ لَهُ سَوْءَتُهُ فَخَرَجَ هَارِبًا فِيْ الجَنَّةِ، فَلَقِيَتْهُ شَجَرَةٌ فَأَخَذَتْ بِنَاصِيَتِهِ، فَأَوْحَى الله عز وجل إِلَيْهِ: يَا آدَمُ! أَفِرَارًا مِنِّي؟
قَالَ: لا يَارَبِّ، وَلَكِنْ حَيَاءً مِمَّا جَنَيْتُ بِهِ.
قَالَ: فَأَهْبَطَهُ اللهُ عز وجل إِلَىْ الأَرْضِ، فَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاتُهُ بَعَثَ اللهُ عز وجل بِكَفَنِهِ وَحَنُوْطِهِ مِنَ الجَنَّةِ، فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ المَلائِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ دُوْنَهُمْ، فَقَالَ: خَلِّي بَيْنِي وَيَيْنَ رُسُلِ رَبِّى عز وجل فَمَا لَقَيْتُ مَا لَقَيْتُ إِلَاّ مِنْ قِبَلِكِ، وَمَا أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَاّ فِيْكِ.
(1) ورواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 313).
قَالَ: فَغَسَّلَتْهُ المِلائِكَة بِالمَاءِ وَالسِّدْرِ وِتْرًا، وَكَفَّنُوْهُ فِيْ وِتْرٍ مِنَ الثِّيَابِ وَألْحَدُوْا لَهُ وَدَفَنُوْهُ وَقَالُوْا: هَذَهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ" (1).
وقوله هذا يجوز أن يكون إشارة إلى ما فعلوه به من التغسيل والتكفين والدفن، فيكون ذلك مشروعاً في سائر الملل منذ عهد آدم عليه السلام.
ويجوز أن يكون إشارة إلى الموت؛ والمعنى: كما أن الموت نزل بآدم عليه السلام، فهو سنة باقية في أولاده لابدَّ من استقصائهم بالموت، كما قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 35].
وما أحسن قول كعب بن زهير رضي الله عنه: [من البسيط]
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طالَتْ سَلامَتُهُ
…
يَوْماً عَلى آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ (2)
وروى الدينوري في "المجالسة" عن أبي عمرو بن العلاء قال: أول شعر قيل في ذم الدنيا قول يزيد بن حذَّاق بن عبد القيس: [من البسيط]
هَلْ لِلْفَتى مِنْ مَساةِ الدَّهْرِ مِنْ راقِ
…
أَمْ هَلْ لَهُ مِنْ حِمامِ الْمَوْتِ مِنْ واقِ
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"(301).
(2)
انظر: "جمهرة أشعار العرب" لأبي زيد القرشي (ص: 238).