الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - ومنها: الحيلولة بين العبد وبين التفكر في آيات الله تعالي، ومخلوقاته، ومصنوعاته
.
روى الإِمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيْ لَمَّا انتهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَنَظَرْتُ فَوْقيَ فَإِذَا أَنَا بِرَعْدٍ وَبَرْقٍ وَصَوَاعِقَ، فَأَتَيْتُ عَلَى قَوْمٍ بُطُوْنهم كَالْبُيُوْتِ فِيْهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِم، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاء يَا جِبْرِيْلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ أكَلَةُ الرِّبَا، فَلَمَّا نزَلتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نَظَرْتُ أَسْفَلَ مِنِّيْ فَإِذَا أَنَا بِوَهْجٍ وَدُخَانٍ وَأَصْوَاتٍ فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيْلُ؟ قَالَ: هَذهِ الشَّيَاطِيْنُ يَحُوْمُوْنَ عَلَى أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ أَنْ لا يتَفَكَّرُوا فِيْ مَلَكُوْتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَرَأَوُا الْعَجَائِبَ"(1).
14 - ومنها: التشكيك في الدين
.
روى البيهقي في "الدلائل" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أقبح الناس وجهًا،
= "الأوسط"(3943) عن سديسة عن حفصة رضي الله عنها. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 70): رواه الطبراني في "الكبير" في ترجمة سديسة، من طريق الأوزاعي عنها، ولا نعلم الأوزاعي سمع أحدًا من الصحابة، ورواه في "الأوسط" عن الأوزاعي عن سالم عن سديسة، وهو الصواب، وإسناده حسن، إلا أن عبد الرحمن بن الفضل بن موفق لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا.
(1)
تقدم تخريجه.
وأقبحه ثوبا، وأنتنه ريحًا، يتخطَّى رقاب الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من خلقك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله"، قال: من خلق السماء؟ قال: "اللهُ"، قال: من خلق الأرض؟ قال: "الله"، قال: من خلق الله؟ قال: "سُبْحَانَ اللهِ"، وأمسك بجبهته، وطأطأ رأسه، وقام الرجل فذهب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال:"عَلَيَّ بِالرَّجُلِ"، فطلبناه فكأن لم يكن، فقال:"هَذَا إِبْلِيْسُ جَاءَ يُشَكِّكُمْ فِيْ دِيْنكُمْ"(1).
قلت: أين حسن الصورة التي جاء فيها جبريل عليه السلام سائلاً من النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور الدين، وبياض ثوبه، وجلوسه بين يديه على نعت الأدب، كما تقدم في حديث عمر رضي الله تعالى عنه في القسم الأول، من قبح صورة إبليس، ونتن ريحه، وقبح سؤاله، وقلة أدبه؟
وأين قوله صلى الله عليه وسلم: "هَذا جِبْرِيْلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ"(2)[من قوله صلى الله عليه وسلم]: "هَذا إِبْلِيْسُ جاءَ يُشَكِّكُمْ فِيْ دِيْنكُمْ".
وقد اشتمل هذا الحديث على أخلاق قبيحة من أخلاق إبليس ينبغي للعبد التنزه عنها؛ منها: قبح الثياب وتقذرها، ونتن الريح
(1) رواه البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 125)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 35). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 70): رواه الطبراني وفي إسناده عبد الله بن جعفر المديني، والد علي بن المديني، وقد رماه الناس بالوضع.
(2)
تقدم تخريجه.
الناشئ غالبًا عن ترك تعاهد المعاطف بالتنظيف ونحوه، والحفاء المستلزم لترك التوقي عن القاذورات، وتخطي رقاب الناس، وقلة الأدب، والتعنت في السؤال، والتغليط في المسائل.
وقد روى الإِمام أحمد، وأبو داود عن معاوية رضي الله تعالى عنهم: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الأُغْلُوْطَاتِ (1).
قال الخطابي وغيره: وأراد بها المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا، فيهيج بذلك شرٌّ وفتنة (2).
وروى الطبراني عن ثوبان رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سَيَكُوْنُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يتَعَاطَوْنَ فُقَهَاءَهُمْ عَضُلَ الْمَسَائِلِ؛ أُوْلَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِيْ"(3).
وعضل المسائل: جمع عضلة -بضم المهملة، وإسكان المعجمة فيها -؛ وهي المسألة الصعبة المشكلة.
وروى البيهقي عن مالك رحمه الله تعالى قال: قال رجل للشعبي: إني خبأت لك مسائل، قال: خبئها لإبليس حتى تسأله عنها (4).
(1) رواه الإِمام أحمد في "المسند"(5/ 435)، وأبو داود (3656).
(2)
انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 354).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(1431). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 155): فيه يزيد بن ربيعة، وهو متروك.
(4)
رواه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(1/ 230).