الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها، وحديث الاستخارة وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياها في "صحيح البخاري" و"سنن الأربعة" رحمهم الله تعالى، وهما قرينتان (1).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ، ولَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ". رواه الطبراني في "الكبير" عن أنس رضي الله عنه (2).
وروى ابن أبي شيبة، والبيهقي عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله تعالى قال: قال سليمان بن داود لابنه عليهم السلام: يابني! لا تقطع أمرًا حتى تؤامر مرشداً؛ فإنك إذا فعلت لم تحزن عليه (3).
وقال الحسن رحمه الله: ما تشاور قومٌ إلا هدوا لأرشد أمرهم (4).
*
تَنْبِيْهٌ:
لا يلزم أن يكون المستشار أفضل من المستشير ولا أعلم منه، بل يستشيره وإن كان دونه؛ ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستشير أصحابه وهم دونه؟
وروى ابن عساكر عن محمد ابن الإمام عبد الرحمن الأوزاعي رحمهما الله: أنه سمع أباه يقول: ما من أحدٍ يشاور من هو دونه في
(1) رواه البخاري (6019)، وأبو داود (1538)، والترمذي (480)، والنسائي (3253)، وابن ماجه (1383) عن جابر رضي الله عنه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف "(26272)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8393).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(26275).
العلم والرأي والعقل تواضعًا له واستكانة إلا عزم الله له بأرشد أموره. قال محمد: فلقد رأيت أبي وهو يشاور الخادم (1).
نعم، العاقل العارف أولى بالمشاورة، وإذا تعارضت إشارته وإشارة من دونه فإشارته أولى بالاتباع.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: استشر في أمرك الذين يخشون الله؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28)} [فاطر: 28].
رواه الحاكم في "تاريخه"، والخطيب في "المتفق والمفترق"(2).
ويرجع كلام عمر إلى أنَّ الأولى بأن يستشار أهل العلم العاملون لأنهم الذين يخشون الله تعالى؛ فإن الخشية تدعوهم إلى العمل، والعمل بالعلم ينتج النطق بالحكمة وإملاء الصواب، وهم الألباء أصحاب العقول السديدة والآراء الحميدة.
ولقد أحسن أبو الفتح البستي الكاتب الأديب في قوله: [من الوافر]
خَصائِصُ مَنْ تُشاوِرُهُ ثَلاثٌ
…
فَخُذْ مِنْها جَمِيْعاً بِالْوَثيْقَةْ
وِدادٌ خالِصٌ وَوُفُورُ عَقْلٍ
…
وَمَعْرِفَةٌ بِحالِكَ فِيْ الْحَقِيْقَةْ
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(54/ 95).
(2)
ورواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 491)، وابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص: 98)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9442).