الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّلَامُ، وَأَوَّلُ مَنْ اخْتَضَبَ بِالسَّوَادِ فِرْعَونُ" (1).
75 - ومنها: لبس القميص، والسراويل، والكساء، والجبة، والقَلَنْسُوَة، والنعل، وسائر أنواع اللباس مما لا يكون فيه إسراف ولا مَخِيلة
.
قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].
أحق الناس بالعمل بهذه الآية الأنبياء عليهم السلام ومن على آثارهم، وأول من عمل بها آدم عليه السلام، ثم أمر الله تعالى بنيه (2) أن يتخلقوا بما تخلق به من ذلك.
وقال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18].
وقال تعالى حكاية عنه: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} [يوسف: 93].
وروى الطبراني في "الكبير" عن أبي رهُم السَّمَعِيِّ رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث: "وإِنَّ مِنْ لبسَةِ الأَنْبِيَاءِ القَمِيْصَ قَبْلَ السَّرَاوِيْلِ"(3).
(1) رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(47).
(2)
أي: بني آدم.
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 336).
وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كَانَ عَلَىْ مُوْسَى عليه السلام يَوْمَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ كِسَاءُ صُوْفٍ وَجُبَّةُ صُوْفٍ، وَكمةُ صُوْفٍ، وَسَرَاوِيلة صُوْفٍ، وَكَانَتْ نَعْلَاهُ مِنْ جِلدِ حِمارٍ مَيْتٍ"(1).
قال الترمذي: والكمة: القَلَنْسُوَة الصغيرة.
وقال الجوهري: المدورة، وأطلق صاحب "المحكم": أنها القَلَنْسُوَة (2).
قال القاضي أبو بكر بن العربي: القَلَنْسُوَة من لباس الأنبياء والصالحين، تصون الرأس وتمكن العمامة، وهي من السنة.
وروى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَ السَّراوِيلَ إِبْراهِيْمُ عليه السلام".
قيل: وهذا هو السبب في أنه أول من يُكسى يوم القيامة، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (3)؛ لأن السراويل من أشد الملابس للعورة (4).
وروى وكيع في "الغرر" عن واصل مولى أبي عيينة رحمه الله تعالى قال: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام: يا إبراهيم! إنَّكَ
(1) تقدم تخريجه.
(2)
انظر: "المحكم" لابن سيده (6/ 672).
(3)
رواه البخاري (4463)، ومسلم (2860).
(4)
انظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (6/ 390).
أكرم أهل الأرض عليَّ، فإذا سجدت فلا تُرِي الأرض عورتك؛ قال: فاتَّخَذ سراويل (1).
قلت: وفيه إشارة إلى أنَّ للأرض إدراكًا بحيث ينبغي للعاقل أن يستحي منها، فيستر عنها عورته، كيف لا وقد ثبت أنها تشهد على العبد يوم القيامة بما يعمل عليها.
وقد قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4].
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] قال: "أتدْرُونَ ما أَخْبارُها؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"فَإِنَّ أَخْبارَها أَنْ تَشْهَدَ على كُلِّ عَبدٍ أو أمة بِما عَمِلَ على ظَهْرِها، تَقُولُ: عَمِلَ كَذا وَكَذا فِي يَوْمِ كَذا وَكَذا، فَهَذهِ أَخْبارُها". رواه الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي، والحاكم، وصححاه (2).
وقال مجاهد رحمه الله في الآية: تُخبر الناس بما عملوا عليها. رواه الفريابي، والمفسرون (3).
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 281).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 374)، والنسائي في "السنن الكبرى"(11693)، والترمذي (2429) وصححه، والحاكم في "المستدرك"(3012).
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(30/ 267)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(10/ 3455).