الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَضَرَّعْ لأَهْلِ الدُّنْيَا فَأَسْخَطَ عَلَيْكَ، وَلَا تَخف بِدِيْنِكَ لِدنْياهمْ فَأُغْلِقَ عَنْكَ أَبْوَابَ رَحْمَتِي، يَا مُوْسَى! قُلْ لِلْمُذْنِبيْنَ النَّادِمِيْنَ: أَبْشِرُوْا، وَقُلْ لِلعَامِلِيْنَ المُعْجَبِيْنَ: اخْسَرُوا" (1).
وذكر أبو طالب المكي في "قوته": أن في أخبار موسى عليه السلام: أنه قال: يا رب، أي الأشياء أحب إليك، وأيها أبغض؟ فقال: أحب الأشياء إليَّ الرضا بقضائي، وأبغضها إليَّ أن تطْري نفسك (2).
78 - ومنها: إيثار محبة الفقراء والصحبة معهم على صحبة الأغنياء لهذا الحديث المذكور
.
وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28].
وروى الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الفُقَرَاءِ! إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَضِيَ أَنْ أَتَأسَّىْ بِمُجَالَسَتِكُمْ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قال: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: 28] فَإِنهَا مَجَالِسُ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَكُمْ"(3).
وفي الحديث: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للفقراء بعد نزول هذه
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 45)، والديلمي في "مسند الفردوس"(509).
(2)
انظر: "قوت القلوب" للمكي (1/ 363)
(3)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(8213).
الآية: "مَعَكُمُ الْمَحْيَا وَمَعَكُمُ المَمَاتُ"(1).
وذكر في "الإحياء" عن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى: أنه قال: حبُّك للفقراء من أخلاق المرسلين، وإيثارك مجالستَهم من أعمال الصالحين، وفرارك من محبتهم من علامات المنافقين (2).
وفي "الصحيحين": أن هرقل عظيم الروم لمَّا سأل أبا سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم. الحديث؛ وفيه قول هرقل: وهم أتباع الرسل (3).
وقال الله تعالى حكاية عن قوم نوح: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} [هود: 27].
وروى الإمام ابن الإمام؛ عبد الله بن أحمد بن حنبل في "زوائد الزهد" عن عبد الله بن رباح الأنصاري قال: كان داود عليه السلام ينظر أغمص مجلس من مجالس بني إسرائيل، فيجلس بين ظهرانيهم، ويقول: يا ربِّ! مسكين بين ظهراني مساكين (4).
وروى والده عن سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال لعيسى بن مريم عليهما السلام أحب إليه من أن يُقال: كان
(1) رواه الطبري في "التفسير"(15/ 236)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 345)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10494) عن سلمان رضي الله عنه.
(2)
انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (4/ 198).
(3)
رواه البخاري (6)، ومسلم (1773).
(4)
رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 73) لكن عن أبي السليل، وقد تقدم.