الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صائمًا، فلما كان عند إفطاره أتى بشربة لبن، فقال: من أين لكم هذا اللبن؟ قالوا: من شاتنا، قال: ومن أين ثمنها؟ قالوا: يا نبي الله! من أين تسأل؟ قال: إنَّا معاشرَ الرسل أُمرنا أن نأكل طيباً ونعمل صالحاً (1).
وفي "صحيح مسلم"، و "مسند الإمام أحمد"، و"جامع الترمذي" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ وَلَا يَقْبَلُ إِلَاّ الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِيْنَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَىْ السَّمَاءِ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ، أَشْعَثَ أَغْبَر (2)، مَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّىْ يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ"(3).
37 - ومنها: الاهتمام بأمور الآخرة، والتفرغ عن أمور الدنيا إلا ما لابُدَّ منه
.
قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص: 45 - 46].
روى ابن أبي الدنيا في "كتاب الحزن" عن قتادة رحمه الله في
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5769).
(2)
في مصادر التخريج: قوله: "أشعث أغبر" جاء بعد قوله: "يطيل السفر".
(3)
رواه مسلم (1515)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 328)، والترمذي (2989).
قوله: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ} [صَ: 46]؛ قال: بِهَمِّ الآخرة (1).
وروى ابن جرير عن مجاهد رحمه الله تعالى قال في الآية: بذكر الآخرة ليس لهم همٌّ ولا ذكرٌ غيرها (2).
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "النية والإخلاص" عن بعض الحكماء قال: ما رأيت عاقلاً قط إلا والآخرة أكثر همه (3).
وروى هو في كتاب "الحزن"، وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَعْظَمُ النَّاسُ هَمًّا الْمُؤْمِنُ؛ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَأَمْرِ آخِرِتهِ"(4).
وروى ابن أبي الدنيا عن الربيع بن خثيم رحمه الله تعالى قال: ما أجد في الدنيا أشدَّ همًّا من المؤمن؛ شارك أهل الدنيا في همِّ المعاش، وتفرَّد بهمِّ آخرته (5).
وروى الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِيْ قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأتَتَهُ الدُّنْيَا وَهِيَ
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 47).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(23/ 171).
(3)
وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين"(4/ 451) عن الحسن، ولفظه: ما رأيت عاقلاً قط إلا أصبته من الموت حَذِراً وعليه حزيناً.
(4)
رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 75)، وابن ماجه (2143).
وفيه يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف.
(5)
رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 75).
رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدنيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ مَا قُدِّرَ لَهُ" (1).
وروي نحوه عن زيد بن ثابت، وأبي الدرداء رضي الله عنهما (2).
وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ جَعَلَ الْهُمُوْمَ هَمًّا وَاحِدًا -هَمَّ الْمَعَادِ- كَفَاهُ اللهُ تَعَالَى هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُوْمُ [في] أَحْوَالَ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللهُ فِيْ أَيِّ أَوْدِيَتِهِ (3) هَلَكَ"(4).
وفي المعنى قيل: [من مجزوء الخفيف]
لَذَّ قَوْمٌ فَأَسْرَفُوا
…
وَرِجالٌ تَخَوَّفُوا (5)
جَعَلُوا الْهَمَّ واحِداً
…
وَمَضَوْا ما تَخَلَّفُوا
يا لفِتِيْانِ جَنَّةٍ (6)
…
آثَرُوْها فَأَسْعَفُوا (7)
(1) رواه الترمذي (2465).
(2)
انظر: "مجمع الزوائد" للهيثمي (10/ 247).
(3)
في "مسند البزار": "أوديتها" بدل "أوديته".
(4)
رواه ابن ماجه (4106)، وكذا رواه البزار في "المسند" (1638). قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، ونهشل بن سعيد متروك الحديث. انظر:"علل الحديث" لابن أبي حاتم (2/ 122). لكن للحديث شواهد قد يتقوى بها.
(5)
في "حلية الأولياء": "تقشفوا" بدل "تخوفوا".
(6)
في "حلية الأولياء": "طالبين" بدل "يا لفتيان".
(7)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 384) من قول ذي النون.