الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَشَفَةَ، طَلَقَتْ مِنْهُ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ هَؤُلَاءِ وَيَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: ادْخُلْ دَارِي وَلَا تُقِمْ، اسْتَبَاحَ الدُّخُولَ لِوُجُودِهِ عَنْ إِذْنٍ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِمَنْعِهِ مِنَ الْمُقَامِ، وَيَكُونُ الْخُرُوجُ وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْحَظْرِ مُبَاحًا؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ، كَذَلِكَ هَذَا الْمُؤْلِي يَسْتَبِيحُ أَنْ يُولِجَ، وَيَسْتَبِيحُ أَنْ يَنْزِعَ وَيَحْرُمَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْإِيلَاجِ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِيلَاجِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالنَّزْعِ بَعْدَهُ لِلصَّائِمِ كَالْخِلَافِ فِي الْمُؤْلِي، وَقِيلَ يَحْرُمُ عَلَى الصَّائِمِ الْإِيلَاجُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُؤْلِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى الصَّائِمِ بِغَيْرِ الْإِيلَاجِ، فَجَازَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ الْإِيلَاجُ، وَالْمُؤْلِي لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ بِغَيْرِ الْإِيلَاجِ فَافْتَرَقَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ، وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ، بَلْ يُوقَفُ، وَيُقَالُ لَهُ: مَا أَمَرَ اللَّهُ؟ إِمَّا أَنْ تَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ. قَالُوا: وَكَيْفَ يَكُونُ مُؤْلِيًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الْفَيْئَةِ، بَلْ يَلْزَمُ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ مُكِّنَ مِنْهَا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ، فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ بِهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ مُؤْلِيًا؟ فَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ بَلْ يُقَالُ لِهَذَا: إِنْ فَاءَ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَفِئْ أُلْزِمَ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ يَرَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ لَا يُوجِبُ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وطاووس، وعكرمة، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ.
[حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي اللِّعَانِ]
وَثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، «أَنَّ عويمرا العجلاني
قَالَ لعاصم بن عدي: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَسَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عاصم مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ عويمرا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:" قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا " فَتَلَاعَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ) . قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ.
قَالَ سهل: وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا.
وَفِي لَفْظٍ: ( «فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ» )
وَقَوْلُ سهل: وَكَانَتْ حَامِلًا إِلَى آخِرِهِ، هُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، وَلِلْبُخَارِيِّ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسَبُ عويمرا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسَبُ عويمرا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا " فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَصْدِيقِ عويمر» )
وَفِي لَفْظٍ: " وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا
وَفِي " صَحِيحِ مسلم " «مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ
تَكَلَّمَ بِأَمْرِ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، قَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ، فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا» .
وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ: " وَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ".»
وَفِيهِمَا عَنْهُ: ( «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ»
وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": ( «مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ
الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَذَهَبَتْ لِتَلْعَنَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَهْ " فَأَبَتْ فَلَعَنَتْ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ: لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا " فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا» .
وَفِي " صَحِيحِ مسلم " مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( «أَنَّ هلال بن أمية قَذَفَ امْرَأَتَهُ بشريك ابن سحماء ـ وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ ـ وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لهلال بن أمية، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لشريك ابن سحماء، قَالَ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ» )
ولأبي داود فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ، وَلَا تُرْمَى وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَضَى أَلَّا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا قُوتَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مُتَوَفًّى عَنْهَا» .
وَفِي الْقِصَّةِ، قَالَ عكرمة: فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ وَمَا يُدْعَى لِأَبٍ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا، فَقَالَ سعد: بَلَى وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ» . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: " نَعَمْ» . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أُهِجْهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ "، قَالَ كَلَّا وَالَّذِي