الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْفَعُ مَعَ عَدَمِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ، وَالرِّجْلُ الْوَاحِدَةُ لَا تَنْفَعُ مَعَ عَدَمِ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ.
[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ سَبَّهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ]
ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَضَى بِإِهْدَارِ دَمِ أُمِّ وَلَدِ الْأَعْمَى لَمَّا قَتَلَهَا مَوْلَاهَا عَلَى السَّبِّ.
وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْيَهُودِ عَلَى سَبِّهِ وَأَذَاهُ، وَأَمَّنَ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَّا نَفَرًا مِمَّنْ كَانَ يُؤْذِيهِ وَيَهْجُوهُ، وَهُمْ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَامْرَأَتَانِ. وَقَالَ:«مَنْ لكعب بن الأشرف، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . وَأَهْدَرَ دَمَهُ وَدَمَ أبي رافع.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لِأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، وَقَدْ أَرَادَ قَتْلَ مَنْ
سَبَّهُ: لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَهَذَا قَضَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم وَقَضَاءُ خُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ أَعَاذَهُمُ اللَّهُ مِنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الْحُكْمِ.
وَقَدْ رَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ ": عَنْ علي رضي الله عنه «أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَمَهَا» .
وَذَكَرَ أَصْحَابُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «هَجَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " مَنْ لِي بِهَا "؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهَا: أَنَا، فَنَهَضَ فَقَتَلَهَا، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ» .
وَفِي ذَلِكَ بِضْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مَا بَيْنَ صِحَاحٍ وَحِسَانٍ وَمَشَاهِيرَ، وَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ حَرْبٌ فِي " مَسَائِلِهِ ": عَنْ مجاهد قَالَ: أُتِيَ عمر رضي الله عنه بِرَجُلٍ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَالَ عمر رضي الله عنه: مَنْ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَاقْتُلُوهُ. ثُمَّ قَالَ مجاهد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَدْ كَذَّبَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ رِدَّةٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ رَجَعَ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَأَيُّمَا مُعَاهَدٍ عَانَدَ، فَسَبَّ اللَّهَ أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ جَهَرَ بِهِ، فَقَدْ نَقَضَ الْعَهْدَ فَاقْتُلُوهُ.
وَذَكَرَ أحمد، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ مَرَّ بِهِ رَاهِبٌ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا يَسُبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: لَوْ سَمِعْتُهُ لَقَتَلْتُهُ، إِنَّا لَمْ نُعْطِهِمُ الذِّمَّةَ عَلَى أَنْ يَسُبُّوا نَبِيَّنَا. وَالْآثَارُ عَنِ الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَتْلِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إِجْمَاعِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ