الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاطِنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ أَصْحَابُ أحمد وَالشَّافِعِيِّ: وَإِنْ أَعْطَى صَاحِبَ الْفَحْلِ هَدِيَّةً، أَوْ كَرَامَةً مِنْ غَيْرِ إِجَارَةٍ جَازَ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ أنس رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:( «إِذَا كَانَ إِكْرَامًا فَلَا بَأْسَ» ) ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَلَا أَعْرِفُ حَالَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا مَنْ خَرَّجَهُ، وَقَدْ نَصَّ أحمد فِي رِوَايَةِ ابن القاسم عَلَى خِلَافِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطَى، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؟ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا كَمَا بَلَغَنَا فِي الْحَجَّامِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَمْلِ كَلَامِ أحمد رحمه الله عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ تَأْوِيلِهِ، فَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ، لَكِنْ تُرِكَ مُقْتَضَاهُ فِي الْحَجَّامِ، فَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ. وَقَالَ أبو محمد فِي " الْمُغْنِي ": كَلَامُ أحمد يُحْمَلُ عَلَى الْوَرَعِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالْجَوَازُ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ، وَأَوْفَقُ لِلْقِيَاسِ.
[ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْمَاءِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم " مِنْ حَدِيثِ جابر رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» .
وَفِيهِ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْفَحْلِ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ لِتُحْرَثَ» ، فَعَنْ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» ) وَفِي لَفْظٍ آخَرَ ( «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ
الْكَلَأَ» ) ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ:( «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَإِ» )
وَفِي " الْمُسْنَدِ " مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ، أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) .
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» ) .
وَفِي " سُنَنِهِ " أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلَأِ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» ) .
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامَهُ لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا كَذَا
وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] » ) الْآيَةَ.
وَفِي " سُنَنِ أبي داود "( «عَنْ بهيسة قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ أَبِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْهُ وَيَلْتَزِمُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: الْمَاءُ قَالَ: " يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: الْمِلْحُ، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ» ) .
الْمَاءُ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْعِبَادِ وَالْبَهَائِمِ، وَجَعَلَهُ سَقْيًا لَهُمْ، فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَخَصَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ، وَتَنَأَ عَلَيْهِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: ابْنُ السَّبِيلِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ مِنَ التَّانِئِ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ أبو عبيد عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ( «ابْنُ السَّبِيلِ أَوَّلُ شَارِبٍ» ) .
فَأَمَّا مَنْ حَازَهُ فِي قِرْبَتِهِ أَوْ إِنَائِهِ، فَذَاكَ غَيْرُ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ إِذَا حَازَهَا إِلَى مِلْكِهِ، ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا كَالْحَطَبِ وَالْكَلَأِ وَالْمِلْحِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:( «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " ( «عَنْ علي رضي الله عنه قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ