الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه عَنْ شِرَاءِ صَدَقَتِهِ وَقَالَ: (لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» ) .
[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَاقِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ وَقَضَائِهِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى مَا مَعَ الزَّوْجِ مِنَ الْقُرْآنِ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم ": عَنْ عائشة رضي الله عنها: ( «كَانَ صَدَاقُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا، فَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ» ) .
وَقَالَ عمر رضي الله عنه: ( «مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً» ) . قَالَ الترمذي حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. انْتَهَى.
وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ": مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: (تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ» ) .
وَفِي " سُنَنِ أبي داود ": مِنْ حَدِيثِ جابر، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقٍ مِلْءَ كَفَّيْهِ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدِ اسْتَحَلَّ» ) .
وَفِي الترمذي: ( «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " رَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَجَازَهُ» ) . قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ": مِنْ حَدِيثِ عائشة رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ( «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَئُونَةً» ) .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": ( «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَقَامَتْ طَوِيلًا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا " قَالَ: لَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: " فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ " فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» ) .
وَفِي النَّسَائِيِّ ( «أَنَّ أبا طلحة خَطَبَ أم سليم، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ يَا أبا طلحة مَا مِثْلُكَ يُرَدُّ وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ كَافِرٌ وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ، فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي وَمَا أَسَالُكَ غَيْرَهُ. فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا. قَالَ ثابت فَمَا سَمِعْنَا بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أم سليم فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ» ) .
فَتَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ، وَأَنَّ قَبْضَةَ السَّوِيقِ وَخَاتَمَ الْحَدِيدِ وَالنَّعْلَيْنِ يَصِحُّ تَسْمِيَتُهَا مَهْرًا وَتَحِلُّ بِهَا الزَّوْجَةُ.
وَتَضَمَّنَ أَنَّ الْمُغَالَاةَ فِي الْمَهْرِ مَكْرُوهَةٌ فِي النِّكَاحِ وَأَنَّهَا مِنْ قِلَّةِ بَرَكَتِهِ وَعُسْرِهِ.
وَتَضَمَّنَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا رَضِيَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ وَحِفْظِهِ لِلْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ مَهْرِهَا جَازَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَا يَحْصُلُ لَهَا مِنِ انْتِفَاعِهَا بِالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ هُوَ صَدَاقُهَا، كَمَا إِذَا جَعَلَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَكَانَ انْتِفَاعُهَا بِحُرِّيَّتِهَا وَمِلْكِهَا لِرَقَبَتِهَا هُوَ صَدَاقُهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَتْهُ أم سليم مِنِ انْتِفَاعِهَا بِإِسْلَامِ أبي طلحة، وَبَذْلِهَا نَفْسَهَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيْهَا مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَبْذُلُهُ الزَّوْجُ.
فَإِنَّ الصَّدَاقَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ تَنْتَفِعُ بِهِ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ وَقِرَاءَتِهِ لِلْقُرْآنِ كَانَ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْمُهُورِ وَأَنْفَعِهَا وَأَجَلِّهَا، فَمَا خَلَا الْعَقْدُ عَنْ مَهْرٍ وَأَيْنَ الْحُكْمُ بِتَقْدِيرِ الْمَهْرِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عَشَرَةٍ مِنَ النَّصِّ؟ .
وَالْقِيَاسُ إِلَى الْحُكْمِ بِصِحَّةِ كَوْنِ الْمَهْرِ مَا ذَكَرْنَا نَصًّا وَقِيَاسًا وَلَيْسَ هَذَا مُسْتَوِيًا بَيْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الْمَوْهُوبَةِ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ خَالِصَةٌ لَهُ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ تِلْكَ وَهَبَتْ نَفْسَهَا هِبَةً مُجَرَّدَةً عَنْ وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ نِكَاحٌ بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ جَعَلَتْهُ عِوَضًا عَنِ الْمَالِ لِمَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا مِنْ نَفْعِهِ، وَلَمْ تَهَبْ نَفْسَهَا لِلزَّوْجِ هِبَةً مُجَرَّدَةً كَهِبَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا بِخِلَافِ