الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا جُوعًا وَعَطَشًا كَمَا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَوَلِيِّ الْمَقْتُولِ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم ": عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ، فَاعْتَرَفَ، فَقَالَ: " دُونَكَ صَاحِبَكَ "، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ: " إِنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ "، فَرَجَعَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟ " فَقَالَ: بَلَى، فَخَلَّى سَبِيلَهُ» .
وَفِي قَوْلِهِ: " فَهُوَ مِثْلُهُ "، قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَاتِلَ إِذَا قِيدَ مِنْهُ، سَقَطَ مَا عَلَيْهِ، فَصَارَ هُوَ وَالْمُسْتَقِيدُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا قَالَ: إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ بَعْدَ قَتْلِهِ، فَلَا إِشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْرِيضُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَمْ يُرِدْ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ بَهْ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ مِثْلَهُ إِذْ كَانَ الْقَاتِلُ مُتَعَدِّيًا بِالْجِنَايَةِ، وَالْمُقْتَصُّ مُتَّعَدٍ بِقَتْلِ مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدِ الْقَتْلَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأَوِيلِ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ ": مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْوَلِيِّ: