الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُوَافِقِ لَهُ أَصَحَّ وَأَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ الْمُخَالِفِ لَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهَا حِينَ كَانَ الْأَمْرُ بِقَتْلِهَا، فَلَمَّا حَرُمَ قَتْلُهَا وَأُبِيحَ اتِّخَاذُ بَعْضِهَا، نُسِخَ النَّهْيُ، فَنُسِخَ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ.
قِيلَ: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ لَيْسَ مَعَ مُدَّعِيهَا لِصِحَّتِهَا دَلِيلٌ، وَلَا شُبْهَةٌ، وَلَيْسَ فِي الْأَثَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهَا: أَنَّ أَحَادِيثَ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا وَأَكْلِ ثَمَنِهَا مُطْلَقَةٌ عَامَّةٌ كُلُّهَا، وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا وَالنَّهْيِ عَنِ اقْتِنَائِهَا نَوْعَانِ: نَوْعٌ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ، وَنَوْعٌ مُقَيَّدٌ مُخَصَّصٌ وَهُوَ الْمُتَأَخِّرُ، فَلَوْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِهَا مُقَيَّدًا مَخْصُوصًا، لَجَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ كَذَلِكَ فَلَمَّا جَاءَتْ عَامَّةً مُطْلَقَةً، عُلِمَ أَنَّ عُمُومَهَا وَإِطْلَاقَهَا مُرَادٌ، فَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل تَحْرِيمُ بَيْعِ السِّنَّوْرِ]
فَصْلٌ
الْحُكْمُ الثَّانِي: تَحْرِيمُ بَيْعِ السِّنَّوْرِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ الَّذِي رَوَاهُ جابر، وَأَفْتَى بِمُوجَبِهِ، كَمَا رَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا محمد بن آدم، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أبي الزبير، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَرِهَ ثَمَنَ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ قَالَ أبو محمد: فَهَذِهِ فُتْيَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَرِهَ بِمَا رَوَاهُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ مَذْهَبُ طَاوُوسٍ، ومجاهد، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَجَمِيعِ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَهِيَ اخْتِيَارُ أبي بكر عبد العزيز، وَهُوَ الصَّوَابُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ، وَعَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ.
قَالَ البيهقي: وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حِينَ كَانَ مَحْكُومًا بِنَجَاسَتِهَا، فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( «الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» ) صَارَ ذَلِكَ