الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُلَمَاءِ إِنَّ نِكَاحَ الْفَقِيرِ لِلْمُوسِرَةِ بَاطِلٌ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَلَا يَقُولُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ: إِنَّ نِكَاحَ الْهَاشِمِيَّةِ لِغَيْرِ الْهَاشِمِيِّ وَالْقُرَشِيَّةِ لِغَيْرِ الْقُرَشِيِّ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَحْكُونَ الْخِلَافَ فِي الْكِفَاءَةِ، هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ؟ وَيُطْلِقُونَ مَعَ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْكَفَاءَةَ هِيَ الْخِصَالُ الْمَذْكُورَةُ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّسَاهُلِ وَعَدَمِ التَّحْقِيقِ مَا فِيهِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ]
وَكَانَ فِي قِصَّةِ بريرة مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ مُكَاتَبَةِ الْمَرْأَةِ، وَجَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ لَمْ يُعْجِزْهُ سَيِّدُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أحمد الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِهِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أبي طالب: لَا يَطَأُ مُكَاتَبَتَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَبِيعَهَا. وَبِهَذَا قَالَ أبو حنيفة ومالك وَالشَّافِعِيُّ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّ عائشة رضي الله عنها عَلَى شِرَائِهَا وَأَهْلَهَا عَلَى بَيْعِهَا، وَلَمْ يَسْأَلْ: أَعَجَزَتْ أَمْ لَا، وَمَجِيئُهَا تَسْتَعِينُ فِي كِتَابَتِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَجْزَهَا، وَلَيْسَ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ مَحْذُورٌ، فَإِنَّ بَيْعَهُ لَا يُبْطِلُ كِتَابَتَهُ، فَإِنَّهُ يَبْقَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، إِنْ أَدَّى إِلَيْهِ عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَدَاءِ فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى الرِّقِّ كَمَا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ، فَلَوْ لَمْ تَأْتِ السُّنَّةُ بِجَوَازِ بَيْعِهِ، لَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ.
وَقَدِ ادَّعَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ. قَالُوا: لِأَنَّ قِصَّةَ بريرة وَرَدَتْ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ. جَرَتْ بَيْنَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَيْنَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَهُمْ مَوَالِي بريرة، ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فِي أَمْرِ بَيْعِهَا خُطْبَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخُطْبَةِ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَشْهَرَ مِنْ هَذَا، ثُمَّ كَانَ مِنْ مَشْيِ زَوْجِهَا خَلْفَهَا بَاكِيًا فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ مَا زَادَ الْأَمْرَ شُهْرَةً عِنْدَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، قَالُوا: فَظَهَرَ يَقِينًا أَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذْ لَا يُظَنُّ بِصَاحِبٍ أَنَّهُ يُخَالِفُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ هَذَا الْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْمُسْتَفِيضِ. قَالُوا: وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُوجِدُوا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يُعْرَفُ لَهَا إِسْنَادٌ.
وَاعْتَذَرَ مَنْ مَنَعَ بَيْعَهُ بِعُذْرَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ بريرة كَانَتْ قَدْ عَجَزَتْ وَهَذَا
عُذْرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ وَرَدَ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى رَقَبَتِهَا وَهَذَا عُذْرُ أَصْحَابِ مالك.
وَهَذَانِ الْعُذْرَانِ أَحْوَجُ إِلَى أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْهُمَا مِنَ الْحَدِيثِ، وَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ شَهِدَهَا العباس وَابْنُهُ عبد الله، وَكَانَتِ الْكِتَابَةُ تِسْعَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةٌ، وَلَمْ تَكُنْ بَعْدُ أَدَّتْ شَيْئًا، وَلَا خِلَافَ أَنَّ العباس وَابْنَهُ إِنَّمَا سَكَنَا الْمَدِينَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَعِشِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا عَامَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ، فَأَيْنَ الْعَجْزُ وَحُلُولُ النُّجُومِ؟! .
وَأَيْضًا، فَإِنَّ بريرة لَمْ تَقُلْ: عَجَزْتُ، وَلَا قَالَتْ لَهَا عائشة: أَعَجَزْتِ؟ وَلَا اعْتَرَفَ أَهْلُهَا بِعَجْزِهَا، وَلَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَجْزِهَا، وَلَا وَصَفَهَا بِهِ، وَلَا أَخْبَرَ عَنْهَا الْبَتَّةَ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا الْعَجْزُ الَّذِي تَعْجِزُونَ عَنْ إِثْبَاتِهِ؟! .
وَأَيْضًا فَإِنَّهَا إِنَّمَا قَالَتْ لعائشة: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةً، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُعِينِينِي، وَلَمْ تَقُلْ: لَمْ أُؤَدِّ لَهُمْ شَيْئًا، وَلَا مَضَتْ عَلَيَّ نُجُومٌ عِدَّةٌ عَجَزْتُ عَنِ الْأَدَاءِ فِيهَا، وَلَا قَالَتْ عَجَّزَنِي أَهْلِي.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَوْ عَجَّزُوهَا لَعَادَتْ فِي الرِّقِّ وَلَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ لِتَسْعَى فِي كِتَابَتِهَا وَتَسْتَعِينَ بعائشة عَلَى أَمْرٍ قَدْ بَطَلَ.
فَإِنْ قِيلَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى عَجْزِهَا قَوْلُ عائشة: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَشْتَرِيَكِ وَأُعْتِقَكِ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:" «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا» " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِنْشَاءِ عِتْقٍ مِنْ عائشة رضي الله عنها، وَعِتْقُ الْمُكَاتَبِ بِالْأَدَاءِ لَا بِإِنْشَاءٍ مِنَ السَّيِّدِ.
قِيلَ هَذَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ لَهُمُ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ الْكِتَابَةِ. قَالُوا: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إِلَّا بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ أَوْ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَعُودُ فِي الرِّقِّ، فَإِنَّمَا وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى رَقِيقٍ لَا عَلَى مُكَاتَبٍ.
وَجَوَابُ هَذَا: أَنَّ تَرْتِيبَ الْعِتْقِ عَلَى الشِّرَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَى إِنْشَائِهِ، فَإِنَّهُ تَرْتِيبٌ لِلْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ، وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ عائشة لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُعَجِّلَ كِتَابَتَهَا جُمْلَةً
وَاحِدَةً كَانَ هَذَا سَبَبًا فِي إِعْتَاقِهَا، وَقَدْ قُلْتُمْ أَنْتُمْ إِنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:( «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» ) .
إِنَّ هَذَا مِنْ تَرْتِيبِ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ، وَأَنَّهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ يُعْتِقُ عَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِنْشَاءِ عِتْقٍ.
وَأَمَّا الْعُذْرُ الثَّانِي: فَأَمْرُهُ أَظْهَرُ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يُبْطِلُهُ، فَإِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا، وَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهَا، وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَمْ تَشْتَرِ الْمَالَ وَالْمَالُ كَانَ تِسْعَ أَوَاقٍ مُنَجَّمَةٍ فَعَدَّتْهَا لَهُمْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمَالِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهَا وَلَا كَانَ غَرَضَهَا بِوَجْهٍ مَا، وَلَا كَانَ لعائشة غَرَضٌ فِي شِرَاءِ الدَّرَاهِمِ الْمُؤَجَّلَةِ بِعَدَدِهَا حَالَّةً.
وَفِي الْقِصَّةِ جَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِالنُّقُودِ عَدَدًا إِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ مِقْدَارُهَا، وَفِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْآخَرِ شَرْطًا يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ "، أَيْ: لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ جَوَازُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُهُ وَإِبَاحَتُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ( «كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» ) .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ صَحَّحَ الْعَقْدَ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَلَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ بِهِ، وَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ يَظْهَرُ الصَّوَابُ مِنْهُ فِي تَبْيِينِ مَعْنَى الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَشْكَلَ عَلَى النَّاسِ قَوْلُهُ " «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» "، فَأَذِنَ لَهَا فِي هَذَا الِاشْتِرَاطِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ. وَالشَّافِعِيُّ طَعَنَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَقَالَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ انْفَرَدَ بِهَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَرَدَّهَا الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يُثْبِتْهَا، وَلَكِنَّ أَصْحَابَ " الصَّحِيحَيْنِ " وَغَيْرَهُمْ أَخْرَجُوهَا وَلَمْ يَطْعَنُوا فِيهَا، وَلَمْ يُعَلِّلْهَا أَحَدٌ سِوَى الشَّافِعِيِّ فِيمَا نَعْلَمُ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: اللَّامُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا، بَلْ هِيَ بِمَعْنَى " عَلَى " كَقَوْلِهِ {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] [الْإِسْرَاءِ: 7] أَيْ فَعَلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46][فُصِّلَتْ 46]
وَرَدَّتْ طَائِفَةٌ هَذَا الِاعْتِذَارَ بِخِلَافِهِ لِسِيَاقِ الْقِصَّةِ وَلِمَوْضُوعِ الْحَرْفِ، وَلَيْسَ نَظِيرَ الْآيَةِ، فَإِنَّهَا قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَ مَا لِلنَّفْسِ وَبَيْنَ مَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ:(اشْتَرِطِي لَهُمْ) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَلِ اللَّامُ عَلَى بَابِهَا، وَلَكِنْ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: اشْتَرِطِي لَهُمْ أَوْ لَا تَشْتَرِطِي، فَإِنَّ الِاشْتِرَاطَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِمُخَالَفَتِهِ لِكِتَابِ اللَّهِ.
وَرَدَّ غَيْرُهُمْ هَذَا الِاعْتِذَارَ لِاسْتِلْزَامِهِ إِضْمَارَ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالْعِلْمُ بِهِ مِنْ نَوْعِ عِلْمِ الْغَيْبِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ هَذَا أَمْرُ تَهْدِيدٍ لَا إِبَاحَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40][فُصِّلَتْ: 40] وَهَذَا فِي الْبُطْلَانِ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ، وَأَظْهَرُ فَسَادًا، فَمَا لعائشة وَمَا لِلتَّهْدِيدِ هُنَا؟ وَأَيْنَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي التَّهْدِيدَ لَهَا؟ نَعَمْ هُمْ أَحَقُّ بِالتَّهْدِيدِ لَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ أَمْرُ إِبَاحَةٍ وَإِذْنٍ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مِثْلِ هَذَا، وَيَكُونُ وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ لِلْبَائِعِ، قَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهَذَا أَفْسَدُ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَصَرِيحُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ وَرَدَّهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا أَذِنَ لَهَا فِي الِاشْتِرَاطِ لِيَكُونَ وَسِيلَةً إِلَى ظُهُورِ بُطْلَانِ هَذَا الشَّرْطِ وَعِلْمِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِهِ، وَتَقَرَّرَ حُكْمُهُ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ عَلِمُوا حُكْمَهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَقْنَعُوا دُونَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَعَاقَبَهُمْ بِأَنْ أَذِنَ لعائشة فِي الِاشْتِرَاطِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَأَذَّنَ فِيهِمْ بِبُطْلَانِ هَذَا الشَّرْطِ، وَتَضَمَّنَ حُكْمًا مِنْ