الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَظُمَ حَقُّهُ حَرُمَ نِسَاؤُهُ بَعْدَهُ وَبِهَذَا اخْتُصَّ الرَّسُولُ؛ لِأَنَّ أَزْوَاجَهُ فِي الدُّنْيَا هُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ زَوْجِهَا تَضَرَّرَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَرُبَّمَا كَانَ الثَّانِي خَيْرًا لَهَا مِنَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوَّلِ لَكَانَتْ مَحْمُودَةً عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا لَهَا
وَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِتَحْرِيمِهَا قَائِمًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُدَّةٍ تَتَرَبَّصُهَا، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَتَرَبَّصُ سَنَةً فَخَفَّفَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: مَا بَالُ الْعَشْرِ؟ قَالَ فِيهَا يُنْفَخُ الرُّوحُ فَيَحْصُلُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ حَيْثُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَقَضَاءُ حَقِّ الزَّوْجِ إِذَا لَمْ يُحْتَجْ إِلَى ذَلِكَ.
[فصل حِكْمَةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَهِيَ الَّتِي أَشْكَلَتْ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْمَسِيسِ، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ قَطْعٌ لِلنِّكَاحِ، وَلِهَذَا يَتَنَصَّفُ فِيهِ الْمُسَمَّى وَيَسْقُطُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ.
فَيُقَالُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ - عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَجَبَتْ لِيَتَمَكَّنَ الزَّوْجُ فِيهَا مِنَ الرَّجْعَةِ، فَفِيهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَحَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْوَلَدِ وَحَقٌّ لِلنَّاكِحِ الثَّانِي. فَحَقُّ الزَّوْجِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ، وَحَقُّ اللَّهِ لِوُجُوبِ مُلَازَمَتِهَا الْمَنْزِلَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ مَنْصُوصُ أحمد وَمَذْهَبُ أبي حنيفة. وَحَقُّ الْوَلَدِ لِئَلَّا يَضِيعَ نَسَبُهُ، وَلَا يُدْرَى لِأَيِّ الْوَاطِئَيْنِ. وَحَقُّ الْمَرْأَةِ لِمَا لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ زَمَنَ الْعِدَّةِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةً تَرِثُ وَتُورَثُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ} [الأحزاب: 49]
{مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49][الْأَحْزَابِ 49] فَقَوْلُهُ: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228][الْبَقَرَةِ 228]
فَجُعِلَ الزَّوْجُ أَحَقَّ بِرَدِّهَا فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا حَقٌّ لَهُ. فَإِذَا كَانَتِ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ طَالَتْ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ هَلْ يُمْسِكُهَا، أَوْ يُسَرِّحُهَا، كَمَا جَعَلَ سُبْحَانَهُ لِلْمُؤْلِي تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ هَلْ يُمْسِكُ وَيَفِيءُ، أَوْ يُطَلِّقُ، وَكَانَ تَخْيِيرُ الْمُطَلِّقِ كَتَخْيِيرِ الْمُؤْلِي، لَكِنَّ الْمُؤْلِيَ جَعَلَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا جَعَلَ مُدَّةَ التَّسْيِيرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِيَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232][الْبَقَرَةِ 231] وَبُلُوغُ الْأَجَلِ هُوَ الْوُصُولُ وَالِانْتِهَاءُ إِلَيْهِ، وَبُلُوغُ الْأَجَلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُجَاوَزَتُهُ، وَفِي قَوْلِهِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] مُقَارَبَتُهُ وَمُشَارَفَتُهُ، ثُمَّ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَدٌّ مِنَ الزَّمَانِ، وَهُوَ الطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ انْقِطَاعُ الدَّمِ مِنْهَا، أَوْ مِنَ الرَّابِعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ مَقْدُورًا لَهَا، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ فِعْلُهَا، وَهُوَ الِاغْتِسَالُ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ بِالِاغْتِسَالِ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا وَيَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَالِاغْتِسَالُ عِنْدَهُمْ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ، وَفِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ.
وَلِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لَا فِي هَذَا، وَلَا فِي هَذَا كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ أحمد وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ عَنْهُمْ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ شَرْطٌ فِي نِكَاحِ الْوَطْءِ لَا فِي نِكَاحِ الْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ مالك، وَالشَّافِعِيُّ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِمَا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ الْحُكْمُ بِالطُّهْرِ بِمُضِيِّ وَقْتِ صَلَاةٍ وَانْقِطَاعِهِ لِأَكْثَرِهِ كَمَا يَقُولُهُ أبو حنيفة، فَإِذَا ارْتَجَعَهَا قَبْلَ غُسْلِهَا كَانَ غُسْلُهَا لِأَجْلِ وَطْئِهِ لَهَا، وَإِلَّا كَانَ لِأَجْلِ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ وَبِالِاغْتِسَالِ
يَتَحَقَّقُ كَمَالُ الْحَيْضِ وَتَمَامُهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222][الْبَقَرَةِ 222] وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ بَلَغَتْ أَجَلَهَا، وَهُوَ سُبْحَانُهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهَا عَقِيبَ الْقَرْأَيْنِ تَبِينُ مِنَ الزَّوْجِ، خَيَّرَ الزَّوْجَ عِنْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالتَّسْرِيحِ، فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ كَمَا فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم أَنَّهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْقُرُوءِ الثَّلَاثَةِ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوِ التَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ بُلُوغُ الْأَجَلِ فِي الْقُرْآنِ وَاحِدًا لَا يَكُونُ قِسْمَيْنِ، بَلْ يَكُونُ بِاسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِكْمَالِهَا.
وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا، عَنْ أَهْلِ النَّارِ {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} [الأنعام: 128] [الْأَنْعَامِ 128] وَقَوْلِهِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234][الْبَقَرَةِ 234] . وَإِنَّمَا حَمَلَ مَنْ قَالَ إِنَّ بُلُوغَ الْأَجَلِ هُوَ مُقَارَنَتُهُ أَنَّهَا بَعْدَ أَنْ تَحِلَّ لِلْخُطَّابِ لَا يَبْقَى الزَّوْجُ أَحَقَّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا حَلَّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا صَارَ هُوَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ. وَمَنْشَأُ هَذَا ظَنُّ أَنَّهَا بِبُلُوغِ الْأَجَلِ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ، وَالْقُرْآنُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى هَذَا، بَلِ الْقُرْآنُ جَعَلَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَذَكَرَ أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ أَجَلَهَا فَإِمَّا أَنْ تُمْسَكَ بِمَعْرُوفٍ، وَإِمَّا أَنْ تُسَرَّحَ بِإِحْسَانٍ. وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْإِمْسَاكَ، أَوِ التَّسْرِيحَ عَقِيبَ الطَّلَاقِ فَقَالَ {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] [الْبَقَرَةِ 229]، ثُمَّ قَالَ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] [الْبَقَرَةِ 232] ، وَهَذَا هُوَ تَزَوُّجُهَا بِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الْمُطَلِّقِ الَّذِي كَانَ أَحَقَّ بِهَا، فَالنَّهْيُ عَنْ عَضْلِهِنَّ مُؤَكِّدٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهَا بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ تَحِلُّ لِلْخُطَّابِ، بَلْ فِيهِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ إِمَّا أَنْ يُمْسِكَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ يُسَرِّحَ بِإِحْسَانٍ، فَإِنْ سَرَّحَ بِإِحْسَانٍ حَلَّتْ حِينَئِذٍ لِلْخُطَّابِ، وَعَلَى هَذَا فَدَلَالَةُ الْقُرْآنِ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ أَجَلَهَا، وَهُوَ انْقِضَاءُ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَتَغْتَسِلَ عِنْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُسَرِّحَهَا فَتَغْتَسِلَ وَتَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ قَدْرُ فَهْمِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَأَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ
غَايَةُ اجْتِهَادِهِ أَنْ يَفْهَمَ مَا فَهِمُوهُ وَيَعْرِفَ مَا قَالُوهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ، فَلِمَ قَيَّدَ التَّخْيِيرَ بِبُلُوغِ الْأَجَلِ؟ قِيلَ: لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ كَانَتْ مُتَرَبِّصَةً لِأَجْلِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَالتَّرَبُّصُ الِانْتِظَارُ، وَكَانَتْ مُنْتَظِرَةً هَلْ يُمْسِكُهَا، أَوْ يُسَرِّحُهَا؟ ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ ثَابِتٌ لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ إِلَى آخِرِهَا، كَمَا خُيِّرَ الْمُؤْلِي بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَعَدَمِ الطَّلَاقِ، وَهُنَا لَمَّا خَيَّرَهُ عِنْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ كَانَ تَخْيِيرُهُ قَبْلَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى، لَكِنَّ التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانٍ إِنَّمَا يُمْكِنُ إِذَا بَلَغَتِ الْأَجَلَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ هِيَ فِي الْعِدَّةِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ تَسْرِيحَهَا بِإِحْسَانٍ مُؤَثِّرٌ فِيهَا حِينَ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانٍ عِنْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا التَّرْكَ ثَابِتٌ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ، فَالصَّوَابُ أَنَّ التَّسْرِيحَ إِرْسَالُهَا إِلَى أَهْلِهَا بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا، فَإِنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ حَبْسَهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَجَلَهَا فَحِينَئِذٍ إِنْ أَمْسَكَهَا كَانَ لَهُ حَبْسُهَا وَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] [الْأَحْزَابِ 49] فَأَمَرَ بِالسَّرَاحِ الْجَمِيلِ وَلَا عِدَّةَ، فَعُلِمَ أَنَّ تَخْلِيَةَ سَبِيلِهَا إِرْسَالُهَا كَمَا يُقَالُ سَرَّحَ الْمَاءَ وَالنَّاقَةَ إِذَا مَكَّنَهَا مِنَ الذَّهَابِ، وَبِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَالسَّرَاحِ يَكُونُ قَدْ تَمَّ تَطْلِيقُهَا وَتَخْلِيَتُهَا، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الْإِطْلَاقُ تَامًّا، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَأَنْ يُسَرِّحَهَا، وَكَانَ مَعَ كَوْنِهِ مُطَلِّقًا قَدْ جُعِلَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ، وَجُعِلَ التَّرَبُّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِأَجْلِهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَشْيَاءُ.
أَحَدُهَا: أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةً كَمَا ثَبَتَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَأَقَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم، وَحَكَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي " نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ " إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ إسحاق وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ دَلِيلًا كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ عَنْ قُرْبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ رَجْعَةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، بَلِ
اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهَا لَمَّا افْتَدَتْ مِنْهُ وَبَانَتْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهَا فَلَا مَعْنَى لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، بَلِ الْمَقْصُودُ الْعِلْمُ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِبْرَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُهَاجِرَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجُ كَمَا سَيَأْتِي.
الثَّالِثُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَشْرَعْ لَهَا طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ الدُّخُولِ إِلَّا الثَّالِثَةَ، وَكُلُّ طَلَاقٍ فِي الْقُرْآنِ سِوَاهَا فَرَجْعِيٌّ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا ذَكَرَ الْقُرُوءَ الثَّلَاثَةَ فِي هَذَا الطَّلَاقِ الَّذِي شَرَعَهُ لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ. وَأَمَّا الْمُفْتَدِيَةُ فَلَيْسَ افْتِدَاؤُهَا طَلَاقًا بَلْ خُلْعًا غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنَ الثَّلَاثِ وَالْمَشْرُوعُ فِيهِ حَيْضَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَنْتَقِضُ عَلَيْكُمْ بِصُورَتَيْنِ.
إِحْدَاهُمَا: بِمَنِ اسْتَوْفَتْ عَدَدَ طَلَاقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَا يَتَمَكَّنُ زَوْجُهَا مِنْ رَجْعَتِهَا.
الثَّانِيَةُ: بِالْمُخَيَّرَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، فَإِنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عائشة رضي الله عنها:( «أُمِرَتْ بريرة أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ» ) وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ": ( «أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَلَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا» )
فَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُحَرِّمَ لِلزَّوْجَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرَبُّصُ لِأَجْلِ رَجْعَةِ
الزَّوْجِ، بَلْ جُعِلَ حَرِيمًا لِلنِّكَاحِ وَعُقُوبَةً لِلزَّوْجِ بِتَطْوِيلِ مُدَّةِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ سُوِّغَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مُجَرَّدِ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ لَأَمْكَنَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَيُطَلِّقَهَا بِسُرْعَةٍ، إِمَّا عَلَى قَصْدِ التَّحْلِيلِ أَوْ بِدُونِهِ، فَكَانَ تَيْسِيرُ عَوْدِهَا إِلَى الْمُطَلِّقِ، وَالشَّارِعُ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ عُقُوبَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ إِنَّمَا أَبَاحَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الثَّلَاثُ، وَحَرَّمَ الْمَرْأَةَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَكَانَ مِنْ تَمَامِ الْحِكْمَةِ أَنَّهَا لَا تَنْكِحُ حَتَّى تَتَرَبَّصَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَهَذَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا بِهِ، فَإِنَّهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنَ الطَّلَاقِ لَا تَنْكِحُ حَتَّى تَتَرَبَّصَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، فَكَانَ التَّرَبُّصُ هُنَاكَ نَظَرًا فِي مَصْلَحَتِهِ لَمَّا لَمْ يُوقِعِ الثَّلَاثَ الْمُحَرِّمَةَ، وَهُنَا التَّرَبُّصُ بِالثَّلَاثِ مِنْ تَمَامِ عُقُوبَتِهِ، فَإِنَّهُ عُوقِبَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ حَبِيبَتُهُ وَجُعِلَ تَرَبُّصُهَا ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْظَى بِهَا غَيْرُهُ حُظْوَةَ الزَّوْجِ الرَّاغِبِ بِزَوْجَتِهِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا، وَفِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ مُؤْلِمَةٌ عَلَى إِيقَاعِ الْبَغِيضِ إِلَى اللَّهِ الْمَكْرُوهِ لَهُ.
فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ تَرَبُّصٍ وَتَزَوُّجٍ بِزَوْجٍ آخَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِ ذَلِكَ الزَّوْجِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا، عَلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَيْأَسَ مِنْهَا فَلَا تَعُودَ إِلَيْهِ إِلَّا بِاخْتِيَارِهَا لَا بِاخْتِيَارِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ إِذَا كَانَ قَدْ نَكَحَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ، وَهُوَ النِّكَاحُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ وَجَعَلَهُ سَبَبًا لِمَصَالِحِهِمْ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَسَبَبًا لِحُصُولِ الرَّحْمَةِ وَالْوِدَادِ، فَإِنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا لِأَجْلِ الْأَوَّلِ بَلْ يُمْسِكُ امْرَأَتَهُ فَلَا يَصِيرُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ اخْتِيَارٌ فِي عَوْدِهَا إِلَيْهِ، فَإِذَا اتَّفَقَ فِرَاقُ الثَّانِي لَهَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ كَمَا يَفْتَرِقُ الزَّوْجَانِ اللَّذَانِ هُمَا زَوْجَانِ أُبِيحَ لِلْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ نِكَاحُهَا كَمَا يُبَاحُ لِلرَّجُلِ نِكَاحُ مُطَلَّقَةِ الرَّجُلِ ابْتِدَاءً، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ الْمُهَيْمِنَةِ عَلَى جَمِيعِ الشَّرَائِعِ بِخِلَافِ الشَّرِيعَتَيْنِ قَبْلَنَا، فَإِنَّهُ فِي شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا مَتَى تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ أَبَدًا.
وَفِي شَرِيعَةِ الْإِنْجِيلِ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا الْبَتَّةَ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ الْكَامِلَةُ الْفَاضِلَةُ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَحْسَنِهَا وَأَصْلَحِهَا لِلْخَلْقِ، وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ التَّحْلِيلُ مُبَايِنًا لِلشَّرَائِعِ كُلِّهَا
وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ، ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَعْنُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ. وَلَعْنُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمَا إِمَّا خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِوُقُوعِ لَعْنَتِهِ عَلَيْهِمَا، أَوْ دُعَاءٌ عَلَيْهِمَا بِاللَّعْنَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إِيجَابَ الْقُرُوءِ الثَّلَاثِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ مِنْ تَمَامِ تَأْكِيدِ تَحْرِيمِهَا عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعٌ، فَذَهَبَ ابن اللبان الفرضي صَاحِبُ "" الْإِيجَازِ "" وَغَيْرِهِ إِلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ ذَكَرَهُ عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فَقَالَ: مَسْأَلَةٌ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَقَالَ ابن اللبان عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ دَلِيلُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلَمْ يَقِفْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَّقَ تَسْوِيغَهُ عَلَى ثُبُوتِ الْخِلَافِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ نِزَاعٌ كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى الْمُعْتَقَةِ الْمُخَيَّرَةِ إِلَّا الِاسْتِبْرَاءُ قَوْلًا مُتَوَجِّهًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَازِمُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْآيِسَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى عِدَّةٍ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ. قَالَ: وَهَذَا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ أبو الحسين فَقَالَ: مَسْأَلَةٌ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَكَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ خِلَافًا لابن اللبان أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، دَلِيلُنَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] .
قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ عَلَى هَذِهِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهَا، وَلَوْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهَا فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَعَ السُّنَّةِ إِجْمَاعٌ؟ قَالَ: وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: اعْتَدِّي قَدْ فَهِمَ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ قَدْ يُسَمَّى