الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا» ) .
ولأحمد: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحَنَّ ثَيِّبًا مِنَ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» ) . وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ": قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ( «إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ، أَوْ عَتَقَتْ فَلْتُسْتَبْرَأْ بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ» ) .
وَذَكَرَ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ عمرو بن مسلم، عَنْ طَاوُوسٍ:( «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: لَا يَقَعَنَّ رَجُلٌ عَلَى حَامِلٍ وَلَا حَائِلٍ حَتَّى تَحِيضَ» ) .
وَذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زكريا، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ ( «أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا يَوْمِ أَوْطَاسٍ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَقَعُوا عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا عَلَى غَيْرِ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ» ) .
[لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيَّةِ حَتَّى يُعْلَمَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا]
فَصْلٌ
فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً. أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيَّةِ حَتَّى يُعْلَمَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَبِأَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَلَا نَصَّ فِيهَا، وَاخْتُلِفَ فِيهَا وَفِي الْبِكْرِ وَفِي الَّتِي يُعْلَمُ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا بِأَنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ بَاعَهَا عَقِيبَ الْحَيْضِ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِهِ، أَوْ كَانَتْ عِنْدَ امْرَأَةٍ وَهِيَ مَصُونَةٌ فَانْتَقَلَتْ عَنْهَا إِلَى رَجُلٍ، فَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ، وأبو
حنيفة، وأحمد الِاسْتِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَخْذًا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَاعْتِبَارًا بِالْعِدَّةِ حَيْثُ تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَاحْتِجَاجًا بِآثَارِ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرَ عبد الرزاق. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عطاء: تَدَاوَلَ ثَلَاثَةٌ مِنَ التُّجَّارِ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِأَحَدِهِمْ، ثُمَّ قَالَ عمر رضي الله عنه (مَنِ ابْتَاعَ جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ فَلْيَتَرَبَّصْ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ فَلْيَتَرَبَّصْ بِهَا خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
قَالُوا: وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ الْعِدَّةَ عَلَى مَنْ يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْمَحِيضِ وَجَعَلَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَالِاسْتِبْرَاءُ عِدَّةُ الْأَمَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْآيِسَةِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْمَحِيضِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ الْعِلْمُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَحَيْثُ تَيَقَّنَ الْمَالِكُ بَرَاءَةَ رَحِمِ الْأَمَةِ فَلَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ أيوب، عَنْ نافع (، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إِنْ شَاءَ) وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْهُ.
وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أيوب بن عبد الله اللخمي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولَاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ جَعَلْتُ أُقَبِّلُهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ)
وَمَذْهَبُ مالك إِلَى هَذَا يَرْجِعُ، وَهَاكَ قَاعِدَتُهُ وَفُرُوعُهَا: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ، وَقَدْ عَقَدَ قَاعِدَةً لِبَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فَنَذْكُرُهَا بِلَفْظِهَا: وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ أُمِنَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهَا حَامِلًا، أَوْ شَكَّ فِي حَمْلِهَا، أَوْ تَرَدَّدَ
فِيهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ فِيهَا، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ الظَّنُّ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، لَكِنَّهُ مَعَ الظَّنِّ الْغَالِبِ يَجُوزُ حُصُولُهُ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِبْرَاءِ وَسُقُوطِهِ.
ثُمَّ خَرَّجَ عَلَى ذَلِكَ الْفُرُوعَ الْمُخْتَلِفَةَ، فِيهَا كَاسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَالْآيِسَةِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مالك، قَالَ صَاحِبُ (الْجَوَاهِرِ) : وَيَجِبُ فِي الصَّغِيرَةِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ قَارَبَ سِنَّ الْحَمْلِ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَفِي إِيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ وَعَشْرٍ، رِوَايَتَانِ، أَثْبَتَهُ فِي رِوَايَةِ ابن القاسم، وَنَفَاهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا.
قَالَ: وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِيمَنْ جَاوَزَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، وَلَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْآيِسَةِ، مِثْلَ ابْنَةِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ.
وَأَمَّا الَّتِي قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ، وَيَئِسَتْ عَنْهُ، فَهَلْ يَجِبُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، أَوْ لَا يَجِبُ؟ رِوَايَتَانِ لابن القاسم، وابن عبد الحكم.
قَالَ المازري: وَوَجْهُ اسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَالْآيِسَةِ، أَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِمَا الْحَمْلُ عَلَى النُّدُورِ، أَوْ لِحِمَايَةِ الذَّرِيعَةِ، لِئَلَّا يُدْعَى فِي مَوَاضِعِ الْإِمْكَانِ أَنْ لَا إِمْكَانَ.
قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ زَنَتْ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ، وَفِيهِ قَوْلَانِ وَالنَّفْيُ لأشهب.
قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ الْوَخْشِ، فِيهِ قَوْلَانِ، الْغَالِبُ: عَدَمُ وَطْءِ السَّادَاتِ لَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي النَّادِرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ مَنْ بَاعَهَا مَجْبُوبٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مالك.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْمُكَاتَبَةِ إِذَا كَانَتْ تَتَصَرَّفُ ثُمَّ عَجَزَتْ، فَرَجَعَتْ إِلَى سَيِّدِهَا، فابن القاسم يُثْبِتُ الِاسْتِبْرَاءَ، وأشهب يَنْفِيهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْبِكْرِ، قَالَ أبو الحسن اللخمي: هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى
وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مالك: هُوَ وَاجِبٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِذَا اسْتَبْرَأَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ، وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِ اسْتَبْرَأَهَا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ عَنِ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي.
وَمِنْ ذَلِكَ إِذَا أَوْدَعَهُ أَمَةً، فَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ حَيْضَةً، ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ، وَأَجْزَأَتْ تِلْكَ الْحَيْضَةُ عَنِ اسْتِبْرَائِهَا، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَخْرُجَ، وَلَا يَكُونُ سَيِّدُهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ زَوْجَتِهِ، أَوْ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ فِي عِيَالِهِ وَقَدْ حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، فابن القاسم يَقُولُ: إِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وأشهب يَقُولُ: إِنْ كَانَ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي دَارٍ وَهُوَ الذَّابُّ عَنْهَا، وَالنَّاظِرُ فِي أَمْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَتْ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ غَائِبًا، فَحِينَ قَدِمَ، اشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ، أَوْ خَرَجَتْ وَهِيَ حَائِضٌ، فَاشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ، فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِذَا بِيعَتْ وَهِيَ حَائِضٌ فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا، فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ اسْتِبْرَاءً لَهَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَيْضَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ، الشَّرِيكُ يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الْجَارِيَةِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا، وَقَدْ حَاضَتْ فِي يَدِهِ، فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ.
وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا مِنْ مَذْهَبِهِ تُنْبِيكَ عَنْ مَأْخَذِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ حَيْثُ لَا يُعْلَمُ وَلَا يُظَنُّ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، فَإِنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ، فَلَا اسْتِبْرَاءَ، وَقَدْ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ سُرَيْجٍ وأبو العباس ابن تيمية: إِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْبِكْرِ، كَمَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَبِقَوْلِهِمْ نَقُولُ، وَلَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَصٌّ عَامٌّ فِي وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ كُلِّ مَنْ تَجَدَّدَ لَهُ عَلَيْهَا مِلْكٌ عَلَى أَيِّ
حَالَةٍ كَانَتْ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ وَطْءِ السَّبَايَا حَتَّى تَضَعَ حَوَامِلُهُنَّ، وَتَحِيضَ حَوَائِلُهُنَّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعُمُومُهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ وَطْءِ أَبْكَارِهِنَّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، كَمَا يَمْتَنِعُ وَطْءُ الثَّيِّبِ؟
قِيلَ: نَعَمْ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عُمُومٌ أَوْ إِطْلَاقٌ ظَهَرَ الْقَصْدُ مِنْهُ، فَيَخُصُّ أَوْ يُقَيَّدْ عِنْدَ انْتِفَاءِ مُوجِبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَيَخُصُّ أَيْضًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ رويفع:( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحْ ثَيِّبًا مِنَ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» ) . وَيَخُصُّ أَيْضًا بِمَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مُخَالِفٌ.
فَهَذِهِ الْجَارِيَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا فَلَمْ يَرَ عَلِيٌّ وُجُوبَ اسْتِبْرَائِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ حَيْضِهَا، فَاكْتَفَى بِالْحَيْضَةِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ لَهَا. وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَحَقَّقَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا بِحَيْثُ أَغْنَاهُ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ.
فَإِذَا تَأَمَّلْتَ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَجَدْتَ قَوْلَهُ:( «وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَى تَحِيضَ» ) ، ظَهَرَ لَكَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ ذَاتِ الْحَمْلِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَأَنْ لَا تَكُونَ، فَيُمْسِكُ عَنْ وَطْئِهَا
مَخَافَةَ الْحَمْلِ، لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ رَحِمُهَا، وَهَذَا قَالَهُ فِي الْمَسْبِيَّاتِ لِعَدَمِ عِلْمِ السَّابِي بِحَالِهِنَّ.
وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَنْ مَلَكَ أَمَةً لَا يُعْلَمُ حَالُهَا قَبْلَ الْمِلْكِ، هَلِ اشْتَمَلَ رَحِمُهَا عَلَى حَمْلٍ أَمْ لَا؟ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، هَذَا أَمْرٌ مَعْقُولٌ، وَلَيْسَ بِتَعَبُّدٍ مَحْضٍ لَا مَعْنَى لَهُ، فَلَا مَعْنَى لِاسْتِبْرَاءِ الْعَذْرَاءِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا، وَالَّتِي اشْتَرَاهَا مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ فِي بَيْتِهِ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا، وَنَحْوِهَا مِمَّنْ يُعْلَمُ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا، فَكَذَلِكَ إِذَا زَنَتِ الْمُرَأَةُ وَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ، اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، وَكَذَلِكَ إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ، أَمْسَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا، اعْتَدَّتْ بِحَيْضَةٍ.
قَالَ عبد الله بن أحمد: سَأَلْتُ أَبِي، كَمْ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا؟ قَالَ: عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَةٌ فِي كُلِّ أَحْوَالِهَا، إِنْ جَنَتْ، فَعَلَى سَيِّدِهَا قِيمَتُهَا، وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا، فَعَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا. وَإِنْ مَاتَتْ، فَمَا تَرَكَتْ مِنْ شَيْءٍ فَلِسَيِّدِهَا، وَإِنْ أَصَابَتْ حَدًّا، فَحَدُّ أَمَةٍ، وَإِنْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا فَمَا وَلَدَتْ فَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي عِدَّتِهَا، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَهَذِهِ عِدَّةُ الْحُرَّةِ وَهَذِهِ عِدَّةُ أَمَةٍ خَرَجَتْ مِنَ الرِّقِّ إِلَى الْحُرِّيَّةِ، فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَنْ يُوَرِّثَهَا، وَأَنْ يَجْعَلَ حُكْمَهَا حُكْمَ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَامَهَا فِي الْعِدَّةِ مَقَامَ الْحُرَّةِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَهَذَا قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ، إِنَّمَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَيْسَتْ هِيَ بِمُطَلَّقَةٍ وَلَا حُرَّةٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ الْعِدَّةَ فَقَالَ:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234][الْبَقَرَةِ: 234] ، وَلَيْسَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِحُرَّةٍ وَلَا زَوْجَةٍ، فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ. قَالَ:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]
، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَةٌ خَرَجَتْ مِنَ الرِّقِّ إِلَى الْحُرِّيَّةِ، وَهَذَا لَفْظُ أحمد رحمه الله.
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ صالح: تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا مَوْلَاهَا، أَوْ أَعْتَقَهَا حَيْضَةً، وَإِنَّمَا هِيَ أَمَةٌ فِي كُلِّ أَحْوَالِهَا.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ محمد بن العباس: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي (الْمُغْنِي) : وَحَكَى أبو الخطاب رِوَايَةً ثَالِثَةً عَنْ أحمد: أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ. قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أحمد رحمه الله فِي (الْجَامِعِ) وَلَا أَظُنُّهَا صَحِيحَةً عَنْ أحمد رحمه الله وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عطاء وطاووس وقتادة؛ لِأَنَّهَا حِينَ الْمَوْتِ أَمَةٌ فَكَانَتْ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْأَمَةِ، كَمَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ، فَعَتَقَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ رِوَايَةَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أحمد.
قَالَ أبو بكر عبد العزيز فِي (زَادِ الْمُسَافِرِ) : بَابُ الْقَوْلِ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ. قَالَ أبو عبد الله فِي رِوَايَةِ ابن القاسم: إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ عِنْدَ زَوْجٍ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، كَيْفَ تَعْتَدُّ وَهِيَ مَعَ زَوْجِهَا؟ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ، فَلَا يَتَزَوَّجُ أُخْتَهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِدَّتِهَا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ: وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْأَمَةِ فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ: عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، مَا رَوَاهُ أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ لَا تُفْسِدُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. وَهَذَا قَوْلُ السَّعِيدَيْنِ،
وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، ومجاهد، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وإسحاق. قَالُوا: لِأَنَّهَا حُرَّةٌ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، فَكَانَتْ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، كَالزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ.
وَقَالَ عطاء، والنخعي، وَالثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَحُكِيَ عَنْ علي، وَابْنِ مَسْعُودٍ، قَالُوا: لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عِدَّةٍ، وَلَيْسَتْ زَوْجَةً، فَتَدْخُلُ فِي آيَةِ الْأَزْوَاجِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ، وَلَا أَمَةً، فَتَدْخُلُ فِي نُصُوصِ اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ بِحَيْضَةٍ، فَهِيَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُطَلَّقَةِ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ.
وَالصَّوَابُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وعائشة، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، والحسن، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وأبي قلابة، ومكحول، ومالك، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ أبي عبيد، وَأَبِي ثَوْرٍ، وابن المنذر، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِبْرَاءِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنِ الرَّقَبَةِ فَكَانَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، كَسَائِرِ اسْتِبْرَاءَاتِ الْمُعْتَقَاتِ، وَالْمَمْلُوكَاتِ، وَالْمَسْبِيَّاتِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ ابن المنذر: ضَعَّفَ أحمد وأبو عبيد حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
وَقَالَ محمد بن موسى: سَأَلْتُ أبا عبد الله عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الميموني: رَأَيْتُ أبا عبد الله يَعْجَبُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا؟ وَقَالَ: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] إِنَّمَا هِيَ عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنَ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ أَمَةٌ خَرَجَتْ مِنَ الرِّقِّ إِلَى الْحُرِّيَّةِ، وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهَذَا أَنْ يُوَرِّثَهَا، وَلَيْسَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَجْهٌ إِنَّمَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ المنذري: فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ عمرو، مَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ أَبُو رَجَاءٍ الْوَرَّاقُ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أبو الحجاج الْحَافِظُ فِي كِتَابِ (التَّهْذِيبِ) قَالَ أبو طالب: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ. فَقَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ عَنْ عطاء، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُشَبِّهُ حَدِيثَ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ بابن أبي ليلى فِي سُوءِ الْحِفْظِ، قَالَ عبد الله: فَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ؟ فَقَالَ مَا أَقْرَبَهُ مِنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي عطاء خَاصَّةً، وَقَالَ مطر فِي عطاء: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، قَالَ عبد الله: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: مَطَرٌ الْوَرَّاقُ؟ فَقَالَ: ضَعِيفٌ فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَبَعْدُ، فَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ، وَاحْتَجَّ بِهِ مسلم، فَلَا وَجْهَ لِضَعْفِ الْحَدِيثِ بِهِ.
وَإِنَّمَا عِلَّةُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَمْ يَقُلْ: لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالصَّوَابُ: لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا دِينَنَا. مَوْقُوفٌ. وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ اضْطِرَابُ الْحَدِيثِ، وَاخْتِلَافُهُ عَنْ عمرو عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْحُرَّةِ.
وَالثَّالِثُ: عِدَّتُهَا إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، فَإِذَا أُعْتِقَتْ، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَالْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ عَنْهُ ذَكَرَهَا البيهقي.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ حَكَاهُ البيهقي عَنْهُ، وَقَدْ رَوَى خلاس، عَنْ علي مِثْلَ رِوَايَةِ قبيصة عَنْ عمرو، أَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَكِنَّ خِلَاسَ بْنَ عَمْرٍو قَدْ تُكُلِّمَ فِي حَدِيثِهِ، فَقَالَ أيوب: لَا يُرْوَى عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ صُحُفِيٌّ، وَكَانَ مُغِيرَةُ لَا يَعْبَأُ بِحَدِيثِهِ.
وَقَالَ أحمد: رِوَايَتُهُ عَنْ علي يُقَالُ: إِنَّهُ كِتَابٌ، وَقَالَ البيهقي: رِوَايَاتُ خلاس عَنْ علي ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ: هِيَ مِنْ صَحِيفَةٍ. وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى مالك، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا، قَالَ: تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ.
فَإِنْ ثَبَتَ عَنْ