الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَكَتَ عَنْهُ دَلِيلُ الْحِلِّ مِنَ الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الْوَطْءِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا الْمَمْلُوكَتَيْنِ، فَإِنَّ نَصَّ التَّحْرِيمِ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ شُمُولًا وَاحِدًا، وَأَنَّ إِبَاحَةَ الْمَمْلُوكَاتِ إِنْ عَمَّتِ الْأُخْتَيْنِ عَمَّتِ الْأُمَّ وَابْنَتَهَا.
الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» ) وَلَا رَيْبَ أَنَّ جَمْعَ الْمَاءِ كَمَا يَكُونُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ يَكُونُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْإِيمَانُ يَمْنَعُ مِنْهُ.
[فَصْلٌ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا]
فَصْلٌ ( «وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» ) ، وَهَذَا التَّحْرِيمُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لَكِنْ بِطَرِيقٍ خَفِيٍّ، وَمَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَلَكِنْ هُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ دَلَالَةِ الْكِتَابِ.
وَكَانَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى اسْتِنْبَاطِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَقَرَعَ بَابَهُ، وَوَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَيْهِ، وَاعْتَنَى بِهِ بِفِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ، وَقَلْبٍ ذَكِيٍّ، رَأَى السُّنَّةَ كُلَّهَا تَفْصِيلًا لِلْقُرْآنِ، وَتَبْيِينًا
لِدَلَالَتِهِ، وَبَيَانًا لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ، وَهَذَا أَعْلَى مَرَاتِبِ الْعِلْمِ، فَمَنْ ظَفِرَ بِهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ فَاتَهُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَهِمَّتَهُ وَعَجْزَهُ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمِّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا، أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ لَمْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَهَلْ يُكْرَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَهَذَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ عُمُومِ تَحْرِيمِهِ سُبْحَانَهُ الْمُحَرَّمَاتِ الْمَذْكُورَةَ: أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ حَرُمَ نِكَاحُهَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إِلَّا إِمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ نِكَاحَهُنَّ حَرَامٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَوَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ جَائِزٌ، وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا، فَأَبَاحَ نِكَاحَهُنَّ كَمَا يُبَاحُ وَطْؤُهُنَّ بِالْمِلْكِ.
وَالْجُمْهُورُ: احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْإِمَاءِ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ. فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} [النساء: 25][النِّسَاءِ: 25] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221][الْبَقَرَةِ: 221] . خَصَّ ذَلِكَ بِحَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَقِيَ الْإِمَاءُ عَلَى قَضِيَّةِ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ فَهِمَ عمر رضي الله عنه وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِدْخَالَ الْكِتَابِيَّاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ:( «لَا أَعْلَمُ شِرْكًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تَقُولَ: إِنَّ الْمَسِيحَ إِلَهُهَا» ) .
وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ، فَمَنْ عَدَاهُنَّ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، وَلَيْسَ تَحْرِيمُهُنَّ مُسْتَفَادًا مِنَ الْمَفْهُومِ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ وَمَدْلُولِهَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ حَرُمَتْ حَرُمَتِ ابْنَتُهَا إِلَّا الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ وَحَلِيلَةُ الِابْنِ وَحَلِيلَةُ الْأَبِ وَأُمِّ الزَّوْجَةِ، وَأَنَّ كُلَّ الْأَقَارِبِ