الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ وَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْ طَلَبِ حَقِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الضَّرَرِ إِلَى أَكْمَلِ حَالَتَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ صُلْحًا، بَلْ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ أَسْبَابِ الْمُعَادَاةِ، وَالشَّرِيعَةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ أَنَّهُ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَالْقَضَاءُ النَّبَوِيُّ يَرُدُّ هَذَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرَّةِ كَمَا قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علي رضي الله عنه، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ مالك أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَبِهَا قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَدْلُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا فِي الْحَدِّ، وَلَا فِي الْمِلْكِ، وَلَا فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا فِي الْحَجِّ، وَلَا فِي مُدَّةِ الْكَوْنِ عِنْدَ الزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ - بَلْ جَعَلَ نِكَاحَهَا بِمَنْزِلَةِ الضَّرُورَةِ - وَلَا فِي عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:(يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ وَيُطَلِّقُ ثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ حَيْضَتَيْنِ) وَاحْتَجَّ بِهِ أحمد وَرَوَاهُ أبو بكر عبد العزيز عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ثِنْتَانِ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: (سَأَلَ عمر رضي الله عنه النَّاسَ كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ؟ فَقَالَ عبد الرحمن ثِنْتَيْنِ وَطَلَاقُهُ ثِنْتَيْنِ) . فَهَذَا عمر وعلي وعبد الرحمن رضي الله عنهم، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ انْتِشَارِ هَذَا الْقَوْلِ وَظُهُورِهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ.
[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ الْحُبْلَى مِنْ غَيْرِ الْوَاطِئِ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم ": مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ( «أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ، فَقَالَ:" لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا ". فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ، كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ» ) .
قَالَ أبو محمد ابن حزم: لَا يَصِحُّ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَامِلِ خَبَرٌ غَيْرُ هَذَا. انْتَهَى وَقَدْ رَوَى أَهْلُ " السُّنَنِ " مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد رضي الله عنه ( «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: " لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَى تَحِيضَ حَيْضَةً» ) .
وَفِي الترمذي وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ» ) قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَفِيهِ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:( «حَرَّمَ وَطْءَ السَّبَايَا حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ» ) .
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ( «كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ» ) كَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ فِي مَعْنَاهُ: كَيْفَ يَجْعَلُهُ عَبْدًا مَوْرُوثًا عَنْهُ وَيَسْتَخْدِمُهُ اسْتِخْدَامَ الْعَبِيدِ وَهُوَ وَلَدُهُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ زَادَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْوَطْءُ يَزِيدُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ. قَالَ: فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ فَوَطِئَهَا قَبْلَ وَضْعِهَا، فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ بِالْمُشْتَرِي وَلَا يَتْبَعُهُ، لَكِنْ يُعْتِقُهُ لِأَنَّهُ قَدْ شَرِكَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي